يافعة، جميلة، ومثقفة إنها ابنة الثلاثين عامًا والتي تنحدر من بلدة جنوبية، لم تعرف طعم الراحة منذ أن كانت في الخامسة والعشرين من عمرها.
فبعد أن تخرّجت من الجامعة بدأت تتغيّر، واصبحت شديدة الإنفعال والغضب وهي المعروفة بهدوئها واتزان تصرفاتها، جسدها الرائع أصبح شيئا فشيئا هزيلا حتى أنها بدأت تشعر بآلام غريبة في جسدها وهنا وقع والداها في حيرة إذ أنّ مريم لم تكن يوما بهذه الحال، ترفض الخروج وتبقى اليوم بأكمله في الفراش متألمة من صداع مفاجىء أو ألم في المعدة والأكتاف.
وبعد سيطرة الخوف على الوالدين قرر “أبو حسين” أن يأخذ ابنته إلى أشهر الأطباء ومن طبيب إلى طبيب كان يتنقّل ويدفع الأموال لقاء الأدوية الكثيرة التي كان يتم وصفها لها بحجّة أنها “ليست مريضة” إنّما هذه الأودية فقط للتخفيف من ألمها. 4
سنوات مرّت على هذه الحال ومريم تتلوّى من العذاب والألم حتى أخيرا بدأ الأهل يظنّون أنه ربما “دلع فتيات” حتى جاء يوم الفرج حين قال أحد الجيران لأم حسين عن رجل في بلدة قريبة جدّا “بيفتح بالقرآن” دون أيّ مقابل مادّي. وكأيّ أهل يحاولون التمسّك ببقعة من الأمل لشفاء ابنتهم، أخذوها إليه وكما هو معروف (إسم الفتاة واسم الأم) ليتبيّن للرجل أن هذه الفتاة “متلبسها جن” يفعل ما أُمر به من أصحاب السحر وتحديدًا تعذيبها عبر هذه الطريقة حتى الموت. في البداية لم تصدّق الأم إذ أنّ الساحر قريب منهم وبحكم الحفاظ على السرية لم يقل إسم الساحر إنما إكتفى بأنه من أحد الأقارب ويريد بمريم الأذية فأسقاها جرعة من السحر ليحقق مآربه.
ولكي ينهوا مأساة مريم سارعت الأم إلى ترجّيه ليبدأ العمل “وقد ما بدّك بعطيك” فكانت المفاجأة أن الفتاة لا تستطيع سماع الآيات القرآنية إلاّ أنه أجبرها على ذلك وسط صراخها الذي ملأ أرجاء البيت.
وبعد ساعتين من عذابها اقترب الرجل وبدأ يتلفّظ بكلمات غريبة بأذنها ليخرج هو من رجليها دخان كأنه يحاول الهرب بسرعة.
تقول مريم “في البداية لم أعلم ما يجري وعنما هدأت وراجعت الأحداث تيقّنت أن هناك شيئا غريبا قد حصل فسألت الرجل وهو إنسان مؤمن ووقور ليقول لي بإذن الله حتصيري أحسن” وحتى الآن يبدو أن هذا الرجل كان صادقًا في كلامه وتضيف مريم “الحمدالله كتير تغيّرت والله لا يوفق اللي كان السبب” وإن كانت قصّة مريم تدلّ على شيء فإنها تؤكد على أن السحر موجود فعلا ورغم ذكر هذا الموضوع في آيات من القرآن الكريم إلا أن بعض المنجمين والدجالين اعتمدوا هذا الأسلوب لسرقة أموال الذين يصدّقون هذه الأفعال باعتبار أنها تجارة مربحة جدا.
القصة روتها لموقعنا مريم (إسم مستعار) وهي قصة حقيقية وفق تأكيدها.
(LIBAN8 )