الأموات المسيحيون يعودون أحياء في إبل السقي ويبيعون أرضهم من غير أبناء البلدة! ليسوا مذنبين، فهم في ديار الحق، لكنّ الطمع أعمى بصيرة بعض ضعاف النفوس، فاستغلوا موت هؤلاء في المهجر لإعادتهم أحياء بهويات مزوّرة يستغلونها، ليبيعوا بموجبها الأرض من ضمن حملة ممنهجة للاستيلاء على أراض واسعة تعود الى مسيحيين في البلدة (المختلطة مسيحيا ودرزيا)، معظمهم متوفّ في المهجر وله ورثة في لبنان.
وبما أن قانون الإرث اللبناني المعقّد بتشعّباته ورسوم تنفيذه يدفع البعض الى الإهمال والتنازل عن حقوقه وترك الأرض في مهب النسيان، ينفد البعض الآخر من هذه الثغرة لاستغلال الإهمال والسيطرة على الأرض عبر التزوير والنصب والاحتيال...
جورج أبو سمرا من المالكين الكبار في البلدة تُوفّي في المهجر منذ زمن وورثته لم يفرزوا الأرض بعد، فجاء من يحرّرها بالنصب والاحتيال ليبيعها عبر وسطاء من أشخاص خارج البلدة. وما يثير الدهشة أن "بطل" هذه العملية ن. م. من إبل السقي كان خرج لتوّه من السجن حيث أمضى عقوبة سبع سنوات بالتهمة عينها، ليعود مجدّدا الى ممارسة "جرمه"، قبل أن يفتضح أمره ويتوارى، فيما جرى القبض على شريكيه اللذين استخدمهما وسيطين لبيع الارض، وهما أ. أ. ش من البلدة نفسها، وج. ي. من دبين، وقد أنجزا صفقة بيع ثلاثة عقارات في مرحلة أولى - أو على الأقل هذا ما جرى كشفه حتى الساعة - وقع ضحيتها مواطنون من الخيام ودبين وشبعا، بمبلغ قارب مئة الف دولار، قبل أن تفتضح مصادفة عملية التزوير والنصب والاحتيال، إذ زوّروا بطاقة هوية تحمل اسم مالك الأرض المتوفي وبياناته، وعليها صورة أ. أ. فتمكّنوا بواسطتها من عقد اتفاق البيع عند الكاتب العدل، وإجراء المقتضيات القانونية الضرورية قبل نحو شهرين، الى أن اكتُشف التزوير وتابعته الأجهزة الأمنية، ولا سيما منها قوى الامن الداخلي التي لا تزال تبحث عن المتورّط الرئيسي في القضية بعد توقيف شريكيه. وما توقّف عنده البعض هو طريقة إقدام السماسرة "الوسطاء" على التسويق لبيع الأراضي في البلدة عبر الترغيب وتقديم التسهيلات، وخصوصاً في أوساط المتمولين والمقتدرين.
وفيما لا تزال التحقيقات مستمرة لكشف كلّ ما يتعلّق بهذه القضية، وإعادة الأرض الى أصحابها، علما أن القانون يُبطل كلّ مفاعيل العقود المزوّرة وتعود الأرض تلقائيا الى مالكها، أثارت هذه القضية حفيظة كثيرين لجهة الاستيلاء على الارض وتغيير معالمها الديموغرافية، رغم إصرار البعض على التأكيد أن لا خلفيات طائفية أو فئوية للمسألة التي لا تتعدّى إطارها التجاري البحت. وفي هذا الاطار، لفت المختار سليمان الجدع الى أن القضية باتت في عهدة الأجهزة الأمنية والقضاء، نافيا أي أبعاد طائفية لها.
ولفت الى أن الجميع باتوا أكثر حرصاً ووعياً، خصوصا أن للبلدة أراضي واسعة، وان عددا من ملاكها في الاغتراب. واستغرب المواطن الياس اللقيس كيف أنّ "من يدخل السجن عقابا على إثم اقترفه، يخرج لمزاولة إثمه مجددا"، مشيرا الى "أن نحو 60% من أراضي البلدة معرّضة لهذا النوع من "القرصنة" بسبب هجرة العديد من ملّاكها، وعدم إنجاز معاملات نقل التركة" وإذ شدّد على "ضرورة حماية الدولة لأراضي المهاجرين"، أسف "أن تكون أراضي المسيحيين دائما هي المستهدفة"، سائلاً: "هل لأنّهم الحلقة الأضعف تُستباح أرضهم؟".
"الأرض": تراخيص البناء للبلديات وليس للمحافظ والقائمقام تعليقاً على موضوع شراء الأراضي في دير ميماس الصادر في "النهار" أمس، أصدرت حركة "الأرض اللبنانية" بيانا، رفضت فيه "تحدي قرارت البلديات المنتخبة"، مشيرة الى "ضرورة مراعاة القوانين مع حيثية التغيير الديموغرافي والواقع المذهبي بين القرى والبلدات"، معتبرة ان "تدخل المحافظين يجب ان يكون لمصلحة احترام رأي المجالس البلدية المنتخبة والتي تمثل خصوصيه كل بلدة لبنانية". واشارت الى "ان الدولة اخذت من البلديات حق اعطاء براءة الذمة، وأخذت من الناس حق الشفعة، واليوم أخذت من بلدية دير ميماس حق إعطاء الترخيص بالبناء او عدمه.
وإذا اعتمدت الحكومة اصدار تراخيص البناء عن المحافظين والقائمقامين، فماذا تترك للبلديات من اجل الاهتمام بالازدهار؟". وناشدت الحركة وزير الداخليه والبلديات نهاد المشنوق "التدخل لحماية حق البلديات في ادارة شؤون بلداتها ومراعاة قوانينها وظروف واقعها".
النهار