جرى التحرك في الشارع بقوة وقطع الطرقات وبرز في هذا الامر تحرك الطائفة السنية الكريمة من عكار الى اقليم الخروب الى صيدا الى طريق المصنع، والبقاع الاوسط، احتجاجا على الافراج عن ميشال سماحة ومحاكمته وهو ليس موقوفا، من قبل هيئة التمييز العسكرية، والمعلوم ان المحكمة العسكرية وهيئة التمييز العسكرية تابعتان لوزارة الدفاع، ووزارة الدفاع تلوذ بالصمت ولا تتكلم شيئا عن هذه المسألة، كأن وزير الدفاع سمير مقبل غير موجود.
وقد اطلق الرئيس سعد الحريري العنان لجمع كلمة أهل السنّة حول موضوع معيّن، فأوعز الى تيار المستقبل بتحريك الطائفة السنيّة، لقطع الطرقات والتظاهر فجرى هذا الامر في منطقة الطريق الجديدة وفي منطقة قصقص، وعلى طريق المدينة الرياضية، وفي فردان وفي طرابلس وفي اقليم الخروب وفي صيدا وفي البقاع الاوسط وعلى طريق المصنع - دمشق.
وصدرت بيانات عن علماء في الطائفة السنيّة يستنكرون محاكمة ميشال سماحة وهو حرّ دون ان يكون موقوفا، وطالبوا باستقالة الضباط من هيئة التمييز، لا بل طالب البعض باستقالة هيئة التمييز العسكرية كلها، وأدى قطع الطرقات الى ازمة سير خانقة امس، ويوم الاثنين هنالك تحركات اضافية لاجبار هيئة التمييز العسكرية على التراجع عن قرارها، ففي طرابلس سيحصل تجمع امام مسجد التقوى، وفي بيروت، هنالك تحرك ايضا في اتجاه منزل ميشال سماحة، ومنه الى قبر الشهيد اللواء وسام الحسن، وهنالك دائما قطع طرقات، كذلك هنالك تحرك لاهالي الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية، مطالبين بالافراج عن ابنائهم مثلما تم الافراج عن ميشال سماحة، خاصة وان لهم 7 سنوات و8 سنوات دون محاكمة ودون تحقيق.
واعلن الرئيس سعد الحريري انه لن يسكت عن الموضوع وسيواصل التحرك حتى النهاية، فيما اعلن الوزير اشرف ريفي وزير العدل ومن تيار المستقبل انه سيقدم الى مجلس الوزراء اقتراح قرار بنقل القضية الى المجلس العدلي بدلا من هيئة التمييز العسكرية لكن مكونين اثنين سيرفضان ذلك هما حزب الله والتيار الوطني الحر، وهو ما يعطل هذا القرار - اي نقل المحاكمة الى المجلس العدلي لان الاتفاق تم على ان تعقد الحكومة اجتماعاتها برئاسة الرئيس تمام سلام شرط ان يلتزم الرئيس تمام سلام عندما يعارض مكونان اي قرار يتم اسقاطه ولا يصدر هذا القرار عن مجلس الوزراء، وهذا ما هو معرّض له قرار نقل القضية الى المجلس العدلي، وفق اقتراح الوزير اشرف ريفي.


ويبدو ان حركة 14 اذار التي تفككت قليلا بسبب ترشيح الرئيس سعد الحريري للوزير فرنجية وترشيح الدكتور جعجع للعماد ميشال عون دون الاعلان عن ذلك، ارادت ان تجتمع مجددا حول قضية، فرأت في الافراج عن ميشال سماحة القضية السياسية التي تستطيع فيها تحريك الشارع السني وتحريك شارع 14 اذار مجددا، ولذلك تم الايعاز لمظاهرات في الاشرفية وطرابلس وفي بيروت والطريق الجديدة وقصقص والمدينة الرياضية وصيدا وفي اقليم الخروب والبقاع الاوسط.
ومن هنا فان القرار لم يعد قضائيا بل بات يسيطر عليه الجو السياسي، ذلك ان قرار القضاء مستقل، وليس لهيئات سياسية تدخل فيه، الا عليها بالنتيجة ان تخضع لاعلى هيئة هي هيئة التمييز العسكرية اذا كان قرار المحكمة العسكرية لا يناسبها، وهذا ما حصل اذ تم الاعتراض على قرار المحكمة العسكرية الذي اصدره العميد خليل ابراهيم رئيس المحكمة العسكرية مع هيئة المحكمة، فقامت هيئة التمييز العسكرية بتجميد قرار المحكمة العسكرية، ومحاكمة ميشال سماحة مجددا لكن وهو حر غير موقوف، ويمكن ان تعطيه هيئة التمييز العسكرية حقوقه المدنية التي اصدرت المحكمة العسكرية قرارا بحرمان ميشال سماحة من حقوقه المدنية، اما هيئة التمييز العسكرية فتتجه الى اعادة الحقوق المدنية الى ميشال سماحة. وعندها ليس هنالك هيئة قضائية اعلى من هيئة التمييز العسكرية لتقرر في الامر، وبالتالي فان هنالك مشكلة سياسية قضائية في البلاد، اذا كان وزير العدل يتهم قاضياً وضابطاً بالتآمر على مصلحة الوطن، واذا كانت هيئة التمييز العسكرية تحاكم ميشال سماحة وهو حر غير موقوف، واذا كان وزير الدفاع سمير مقبل ملهواً بالمقاولات وبناء الابراج، ولا يتابع في وزارة الدفاع الا التمديد والاستدعاء من الاحتياط، وفق ما يتم القول له ويشار عليه، فانه بالفعل، لا يوجد مقومات دولة لبنانية في ظل مسألة من هذا النوع، لا يتم فيها احترام الاصول، فاما ان تكون المحكمة العسكرية صالحة مع هيئة التمييز العسكرية للحكم، واما تكون غير صالحة فيتم الغاؤها، ولذلك بدلا من قطع الطرقات وبدلا من الازمة الكبرى التي يمر فيها لبنان بسبب محاكمة ميشال سماحة وهو غير موقوف، لا بد من الوصول الى قرار، اما تثبيت المحكمة العسكرية، اما الغاؤها، وبالتالي، لا يجب ان يدفع الشعب اللبناني ثمن عدم وجود مسؤولين يتحملون مسؤولياتهم. فأين هو وزير الدفاع لا يتكلم. وكيف يتهم وزير العدل قاضياً وضابطاً بالتآمر على مصلحة الوطن. وكيف يجري قطع الطرقات كلها نتيجة قرار قضائي، وما ضمانة اهل القضاء من اعتداء عليهم، كذلك اذا كان يجب حبس ميشال سماحة فلماذا لم تتخذ هيئة التمييز العسكرية هذا القرار وتبقي على سجنه، اما اذا كانت مقتنعة باكتمال «محبوسيته»، فيكون انه من حق القضاء ان يكون مستقلا عن السياسة، ولذلك لا بد من حل للموضوع، لانه يجري بهدلة المؤسسات وبهدلة السياسيين فيما بينهم، وخلق الازمات في الشارع، وخلق الازمات السياسية لان الرئيس سعد الحريري فشل في ان يكون رئيسا للحكومة، وقام بتحريك الطائفة السنيّة ردا على ذلك.
وما كلام النائب محمد رعد عن انه لا مكان للرئيس سعد الحريري في لبنان، الا كلام أدّى الى استفزاز الرئيس سعد الحريري فحرك الطائفة السنية عند اول مفرق طريق وهو محاكمة ميشال سماحة وهو غير موقوف. فاذا كان بكبسة زر يقوم الرئيس سعد الحريري بتحريك الشارع السني في هذا الشكل، من الرياض او من باريس، فانها مشكلة كبرى للبنان ان يعيش في ظل هذه الاجواء.
اما اذا كان ميشال سماحة قد قام بعمل يلزم سجنه مؤبداًًً او 10 سنوات او غير ذلك، فلا بد من توضيح الى الرأي العام ان المحكمة متآمرة وعندها يجب محاكمة القضاة محاكمة كاملة وليقم بذلك وزير العدل ويحوّلهم الى المجلس التأديبي القضائي ليحاسبهم على الافراج عن ميشال سماحة، بدل البقاء في الضياع وعدم معرفة الحقيقة.