انقضّت "المنار" على رافضي إطلاق ناقل الرعب من سوريا إلى لبنان، ميشال سماحة، وزجّت، كالعادة، العداء مع إسرائيل في معادلة العدل. تساءلت: "أين كان هؤلاء يوم أصدرت المحكمة العسكرية أحكامها المخففة بحق عملاء إسرائيل؟". وسؤالٌ آخر:"ماذا يريدون من القضاء؟".
تكاتف الإعلام "الممانع" لإظهار إطلاق سماحة عدلاً، وكادت "المنار" أن تحتفي به بطلاً يُهلّل له لعظيم أعماله. كُتبت مقدّمة نشرة الأخبار لتكيل الإرهاب بمكيالين، فأوشكت المحطة على التلفّظ بالآتي: "يحقّ لسماحة ما لا يحقّ لغيره". ازدواجية النظرة إلى أمن الوطن. وأكملت المقدّمة التساؤل: "ماذا يريدون أن يمرّروا تحت هذه النار على القضاء؟ فمتى يرفع الساسة أيديهم عن القضاء؟". المسألة ليست صوغ المقدّمات السوريالية في لحظات الأزمة. ولا قراءتها بطمأنينة كأنّ مصاباً لم يقع. المسألة في الإعلام حين يؤدّي دور مُبسّط الخطر، والسياسة حين تساير الضمائر. وفي استسهال اقناع الجماهير بأنّ الآخرين هم الجحيم ونحن لسنا على خطأ.
أنكرت "أن بي أن" أهمية إطلاق سماحة كحدث، وحذفت الخبر كلياً من مقدّمة النشرة. الأولويات مزاج. نظّرت في إشكالية النفايات: "المسؤولية تقضي أولاً بمنع الحرق العشوائي على مساحة المناطق، تحت الجسور، وفي الأودية والسهول وضمن مستوعبات النفايات عند كل زاروب، وما ينتج عنها من تلوث لا يقف عند صحة مواطن، ولا عند أثر بيئي". وأكملت تحاكي المصائر: "في الخارج أولويات أخطر بحجم إرهاب يمتدّ ليطال أندونيسيا أكبر بلاد المسلمين، عولمة الإرهاب ترعب العواصم وتؤكد مرة جديدة وجوب رصّ الصفوف لمواجهة الإرهابيين". الإرهاب الأندونيسي أولوية وإرهاب لبنان تسالي أطفال. لا خجل ولا حرج.
تذاكت "أو تي في" في محاولة النأي بالنفس. حشرت اسم ميشال سماحة في نهاية مقدّمة الأخبار كمن يؤدّي قسطه للعُلا، وتساءلت: "ماذا يقول مؤيدو الخطوة ومعارضوها؟"، وبهدوء أجابت. "الجديد" كسرت ثم جبّرت. وحارت أيّهما الأولى بالرجم: سماحة أم جعجع؟ برأيها، جعجع طبعاً.