تبين ان التفاهم الذي حصل بين العماد ميشال عون وحزب الله هو الاقوى وهو الاثبت ولم يتغير رغم 10 سنوات مرت عليه، وقد تجاوز كل المحن والمشاكل والامتحانات، واهمها معركة رئاسة الجمهورية حيث كان الجميع يراهن على ان حزب الله سيصل الى نقطة يضطر فيها التخلي عن عون لكن حزب الله لم يتخل عن عون رغم ان حليفه الوزير سليمان فرنجية وحليف سوريا رُشح لرئاسة الجمهورية ومع ذلك بقي حزب الله الى جانب عون ملتزما تأييد عون دون اي تغيير.
وتقول مصادر قريبة من اجواء حزب الله ان العرض الذي قدمه الوزير فرنجية عن اجتماعه بالرئيس الحريري وكيفية التفاهم على التعيينات وعلى تشكيل الحكومة وعلى رئاسة الحريري للحكومة، اظهر ان الوزير سليمان فرنجية وقع في سرعة بين ايدي الرئيس سعد الحريري وهو ما لم يعجب حزب الله ورأى ان الوزير فرنجية تسرع في خطواته وكان عليه العودة الى حركة 8 اذار للبحث في اعادة الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وفي البحث في قانون الانتخابات وغيرها، واعتبرت هذه المصادر القريبة من اجواء حزب الله ان الوزير سليمان فرنجية اعطى الرئيس سعد الحريري اكثر مما يلزم، وانه اعطى السعودية في تصريحاته في المقابلة التلفزيونية اكثر مما تستأهل، وبالتالي ليست هذه هي سياسة 8 اذار التي ينطلق منها الوزير سليمان فرنجية. لذلك احجم حزب الله عن دعم الوزير سليمان فرنجية وفي كل الاحوال حزب الله مصر على الاستمرار بدعم العماد ميشال عون، لان المسألة هي مسألة مواجهة 14 اذار ومواجهة الجهات السياسية التي تطالب بنزع سلاح المقاومة او هي معادية لموقف المقاومة سواء من ناحية السلاح ام من ناحية القتال في سوريا، وموقف حزب الله في المقاومة والممانعة. وان حزب الله لا يرى اي فائدة الا في تأمين الاستقرار والامان في لبنان في الدخول في الحكومة مع 14 اذار، الا انه سياسياً لا يرى اي فائدة من 14 اذار، لانها سعودية الهوى، اميركية النزعة، وستبقى معادية لسلاح حزب الله، كما كانت منذ عام 2000 وحتى الان.
وبالتالي لا فائدة من عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، ولا الى الاتفاق معه كما يريد الوزير سليمان فرنجية، ولا اعطاء الرئيس سعد الحريري حجم اختيار رئيس جمهورية لبنان، وهذا ما لا يقبل به العماد ميشال عون وما لا يقبل به حزب الله بشكل كامل، وبالتالي فان ترشيح الوزير سليمان فرنجية على مستوى حزب الله والعماد ميشال عون مغلق كلياً، هذا اضافة الى تقارب الدكتور سمير جعجع من العماد ميشال عون وقراره بأنه سيرشح العماد ميشال عون اذا رشح الرئيس سعد الحريري الوزير سليمان فرنجية، وقال في شرحه للاعلاميين في جهاز التواصل في القوات اللبنانية، انه بين الوزير فرنجية والعماد عون اختار العماد عون لان العماد عون حليف حزب الله وحليف سوريا، بينما الوزير سليمان فرنجية هو ابن المدرسة السورية وابن مدرسة حزب الله، وخاصة ابن المدرسة السورية وآل الاسد ولذلك فهو يفضل الحليف العماد ميشال عون مع سوريا وحزب الله على ابن المدرسة السورية مع حزب الله.
لقد اثبت تحالف عون - حزب الله انه الاثبت والاقوى وانه لا يتغير كما تغير تحالف جعجع - الحريري او تغيرت قوى كثيرة في تحالفاتها، وانه لا يكون في الوسط تارة وتارة اخرى يكون في الطرف كما يلعب ورقته الوزير وليد جنبلاط، بل التحالف ثابت ولا يتغير ولذلك ادى الى نتائج هامة في السياسة اللبنانية. وهو صاحب الورقة الكبرى في انتخابات رئاسة الجمهورية ولن يعطي هذه الورقة الى الرئيس سعد الحريري مهما كلف الامر. ومع ان الرئيس سعد الحريري اخذ موافقة ملك السعودية على ترشيح الوزير فرنجية واتصلت السعودية بفرنسا واميركا وطلبت منهما دعم هذا الترشيح، فقام الرئيس الفرنسي هولاند بالاتصال لمدة ربع ساعة بالوزير سليمان فرنجية بعد اعلان ترشيحه، وهو امر يعطي اشارة كاملة الى ان القوى الدولية تؤيد ترشيح الوزير فرنجية، لكن وقوف حزب الله الى جانب العماد ميشال عون، اضافة الى وقوف الدكتور سمير جعجع الى جانب العماد ميشال عون عطل القرار السعودي وعطل الدعم الدولي للوزير سليمان فرنجية، وادى الى تجميد انتخابات الرئاسة الى أجل غير معروف.
وتبين ان الرئيس سعد الحريري ضائع، ولا يعرف ان كان عليه ترشيح الوزير سليمان فرنجية علنا، ام يبقى ساكتا كما يتصرف حاليا، بالخجل، وهو تلقى ضربة قوية من الدكتور سمير جعجع في تقارب الدكتور جعجع مع العماد ميشال عون وتلقى ضربة قوية من قوة تحالف حزب الله مع العماد عون وتأثير حزب الله على الرئيس بري الذي يؤيد الوزير فرنجية لكن بري لن يخرج عن تحالفه مع حزب الله ولن يسير ابدا عكس حزب الله بل سيؤيد العماد ميشال عون اذا قام حزب الله بتأييد عون وهو امر حاصل ذلك ان حزب الله اعلن اكثر من مرة انه ملتزم نهائيا بترشيح العماد ميشال عون، لا بل ان حزب الله يقول ان للعماد عون دين في رقبة حزب الله لن يوفيه اياها طوال عمره.
اما على صعيد السفراء الغربيين خاصة سفراء اميركا وفرنسا وروسيا وبريطانيا فقد التقوا مع بعضهم في جلسة رباعية وبحثوا الوضع في لبنان وانتخابات الرئاسة، وخرجوا بنتيجة الى ان انتخابات الرئاسة في لبنان لن تتم الا بعد انتهاء الحرب في سوريا، وان كل بحث في ترشيح اسم لرئاسة الجمهورية يتعرض للحرق ويتعرض للاستبعاد لان المرحلة ليست مرحلة انتخاب رئيس جمهورية، واكد السفير الاميركي ان واشنطن راغبة هي وفرنسا في استعجال انتخاب رئيس جمهورية، لكن الوضع في سوريا له الاولوية على الموضوع اللبناني، والدول الكبرى ليست منشغلة حالياً في ورقة رئاسة الجمهورية التي حاول الرئيس سعد الحريري وضعها على الطاولة، بل هي منصرفة الى امرين، الاول موقف الكونغرس الاميركي من الاتفاق النووي مع ايران، والثاني الموقف من سوريا وتحضير المفاوضات بين النظام والمعارضة التكفيرية. وبالتالي فان اجتماع جنيف - 3 هو الاساس الان لدى واشنطن وفرنسا وبقية الدول، وعندما يحين زمن انتخابات رئاسة لبنان، سوف تتدخل واشنطن مع موسكو وفرنسا وبريطانيا ويتم فرض رئيس جمهورية على لبنان وعلى الاطراف بالوسائل المتاحة، وهي الضغط المعنوي والسياسي على ايران والسعودية، والرئيس بشار الاسد، وبالتالي عندها يتم انتخاب رئيس جمهورية خلال 24 ساعة.
لعب حزب الله لعبة ذكية في السياسة وفي الانتخابات وحصد الايجابية بأنه تلف ورقة رئاسة الجمهورية وبأنه جمّدها لحين التوقيت الذي يريد بينما خسر الرئيس سعد الحريري ورقة رئاسة الجمهورية بعدما انتزع موافقة ملك السعودية على ترشيح الوزير سليمان فرنجية وانتزع موافقة الرئيس الفرنسي هولاند بدعم سعودي لترشيح الوزير سليمان فرنجية ومع ذلك خسر الرئيس سعد الحريري ورقة رئاسة الجمهورية، وهو ضائع الان لا يعرف من اين يبدأ وانصرف الى التعليق على الافراج عن ميشال سماحة، وشد العصب السنّي، لان ليس لديه اي ورقة سياسية اخرى.