أكد رئيس المحكمة العسكرية القاضي طوني لطوف، لـ"الشرق الأوسط"، أن "قرار اطلاق الوزير السابق ميشال سماحة الذي اتخذته المحكمة بإجماع أعضائها، هو قرار قضائي معلّل بالأسباب الموجبة التي حملته على إخلاء سبيل سماحة". وأشار إلى أن القرار "بعيد عن الاعتبارات السياسية، وهو اتخذ في مذاكرة سرية حصلت داخل أروقة المحكمة". مشددًا على أن "لا سبيل لدخول أي عوامل خارجية إلى صلب العمل القضائي للمحكمة".
هيمنة "حزب الله"
في المقابل، قالت أوساط سياسية لبنانية لـ"العرب" اللندنية إن إطلاق سماحة يشكّل دليلا آخر على هيمنة "حزب الله" على القرار السياسي والعسكري والقضائي في لبنان.
وربطت هذه الأوساط بين إخلاء سبيل سماحة، المدان في قضية ذات طابع إرهابي تمسّ الأمن الوطني، وبين الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب في القاهرة والذي خرج فيه عن الإجماع العربي برفضه إدانة إيران ردّا على إحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد.
الشعار: الاشارة تغني عن الايضاح
أما مفتي الشمال مالك الشعّار، قال لـ"الجمهورية" إنّه يتمنّى "أن يتّخذ القضاء دورَه في كلّ الأمور وألّا يَصدر حكم إلّا من القضاة، وأحترم أيّ حكمٍ يَصدر من القضاء اللبناني فقط"، متمنّياً أن يأخذ القضاء دورَه بكلّ أبعاده من دون أن يتأثر بأيّ أمر سياسي.
وفي سؤالنا عمّا إذا كان خائفاً بعدما أصبح سماحة حرّاً، أكّد أنّه "دائماً يتوكّل على الله"، آملاً أن يعمّ الأمن والسلام في هذا الوطن، مفضّلاً عدمَ التعليق أكثر بالقول: "الإشارة تغني عن الإيضاح".
هل تردّ "14 آذار"؟
كذلك، اعتبرت اوساط مطلعة لـ"الجمهورية" أنّ عدم الرد على "سقوط" المحكمة العسكرية في ما خص اطلاق سراح سماحة، من قوى "14 آذار"، سيعني تعبيد الطريق أمام تنفيذ عمليات امنية جديدة، لشعور المرتكبين والمنفذين أنهم باتوا في بيئة آمنة كلياً، وانهم محميّون الى درجة تمنع العقاب والمساءلة، وتشرّع الباب أمام الفوضى والاغتيال.
وتضيف هذه الاوساط أنّ ما قاله قادة "14 آذار" حول عدم السكوت عمّا حصل يجب ان يترجم بعمل جماعي، يعيد الى "14 آذار" وحدتها وتضامنها، في مرحلة انتقالية خطرة، لا يستبعد أن تتكرر فيها محاولات الاغتيال، وعمليات التفجير.
لم يكن في الحسبان!
توازيًا، قال مصدر قانوني لـ"الشرق الأوسط": "قرار اطلاق سماحة مفاجئ، ولم يكن في الحسبان أن تقدم محكمة التمييز التي يرأسها قاضٍ مشهود له بخبرته على إخلاء سبيل ميشال سماحة، خصوصًا وأن المحكمة وضعت يدها على كامل اعترافاته المسجلة بالصوت والصورة، والتي أقرّ بها أثناء استجوابه في الجلسة الماضية"، مستغربًا كيف "سارعت إلى اتخاذ هذا القرار، حتى قبل أن تنتهي من استجواب المتهم في قضية لو قدّر لها أن تتحقق لكانت أحدثت فتنة طائفية في لبنان، خصوصًا وأن القرار خالف رأي النيابة العامة التمييزية التي دعت إلى ردّ طلب إخلاء السبيل وإبقاء سماحة موقوفًا، سيما وأن الجرائم التي تتطابق مع الجرم الذي ارتكبه سماحة تنص على عقوبة الأشغال الشاقة 20 سنة".
أضاف المصدر: "إذا ضبط شخص ينقل غرامين من المخدرات يحكم عليه بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات وأحيانا تشدد العقوبة أكثر، أما سماحة الذي نقل 24 متفجرة من سوريا إلى لبنان، ووضع مع المخبر ميلاد كفوري المخطط والأهداف التي سيفجرها ومنها اغتيالات وإثارة فتنة، يحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات ونيف". برأي المصدر أن "الاعتبارات التي دفعت بالمحكمة العسكرية إلى إصدار حكم مخفف على سماحة الصيف الماضي (4 سنوات ونصف السنة، لكنها فعليًا 3 سنوات و5 أشهر، لأن السنة السجنية هي تسعة أشهر بدلاً من 12 شهرًا)، ما زالت قائمة".
(الشرق الاوسط - العرب - الجمهورية)