إخلاء سبيل سماحة يُربك 14 آذار , فتنزل إلى الشارع
السفير :
مرة ثانية عاد السعوديون والفرنسيون الى طاولة الهبة الملكية لتسليح الجيش اللبناني.
قبل ايام قليلة من أفول العام 2015، وفي غياب من يمثل اللبنانيين، اجتمع ممثلون عن شركة «أوداس» الفرنسية المشرفة على تنفيذ الاتفاق بممثلين عن وزارة المال السعودية يتقدمهم محمد حمد الزير (رئيس مجموعة «ماز» السعودية للطيران)، الذي لعب دورا استشاريا وتفاوضيا، وذيلوا مجددا بتواقيعهم، في 27 كانون الاول الماضي، اتفاقا جرى توقيعه، قبل عامين، لاطلاق الهبة السعودية من سباتها.
عمليات التسليم، ستبدأ في نيسان 2016، على ان تكتمل ما بين العامين 2022 و2023، وربما تمتد عاما اضافيا اذا احتاج الامر لذلك وما لم تحصل مفاجآت على طريق التنفيذ. سبعة اعوام عوضا من خمسة متفق عليها في الاتفاق الاولي، هذا هو الاتفاق الجديد.
ولاخراج الهبة السعودية من سباتها، قال مصدر فرنسي واسع الاطلاع لـ «السفير» ان السعوديين استعادوا شروطا قديمة: تقوية الجيش اللبناني، انعدام الحاجة الى اي وسيط او دفع عمولات، الحصول على اسعار منصفة، التزام فرنسا بالانخراط في تنفيذ البرنامج تدريبا وصيانة، ولكن تحرير الصفقة احتاج ايضا الى الاستجابة الى هاجس سعودي كبير يتمثل بالخشية من وقوع الاسلحة او بعضها بيد «حزب الله».
المصدر الفرنسي قال ان السعوديين اضافوا شرطا اساسيا للاتفاق، لكي تهدأ مخاوفهم من ان تقع بيد «حزب الله» بعض الاسلحة او المعدات الالكترونية المتطورة او صواريخ «ميسترال» المضادة للطائرات او مناظير الرؤية الليلية او منظومة الاتصال «بي ار جي 4» او صواريخ «ميلان» المضادة للمدرعات: «قلنا للسعوديين ان اكثر المعدات التي ستسلم للجيش اللبناني، لا يحتاجها «حزب الله» كونه يمتلك افضل منها او ما يعادلها فعالية، او يتفوق عليها، فهو يملك مثلا، ما يتجاوز «ميسترال» الجيل الثاني (4 كلم)، كصواريخ «اوسا» (من 6 الى 9 كلم)، بالإضافة الى مخزون كبير من صواريخ «ستريلا» و «ايغلا» الروسية.
على هذا الأساس، حصل كل طرف على ما يريده: تنفيذ الهبة للفرنسيين، وتعهدات واضحة بتنفيذ الصفقة، ودفع ما تبقى عبر ثلاث مراحل، لقاء ضمانات للسعوديين الا تقع الاسلحة بيد «حزب الله»: «اتفقنا على ضمانات الكترونية وعملية، تمكننا من تعطيل اي سلاح عن بعد، عن طريق ادخال برامج خاصة لمتابعة سير الاسلحة والمعدات ومعرفة اماكن تواجدها.. الاميركيون اتخذوا اجراءات مماثلة في بعض الصفقات، وهم يقومون احيانا بتفتيش مستودعات الزبائن للتأكد من عدم وصول اسلحتهم الى طرف ثالث».
الضمانة المالية، بعد السياسية، سهلت اطلاق الصفقة، لكي ياخذ الفرنسيون بالاعتبار الاولويات السعودية المستجدة ماليا، بالاضافة الى تركيز الانفاق العسكري السعودي على حرب اليمن، من دون اغفال البعد الاقليمي لتسليح الجيش اللبناني والمتمثل بالحفاظ على التوازن المطلوب مع اللاعب الاقليمي الكبير: «حزب الله».
تمديد عمليات الدفع من خمس الى سبع سنوات، يسهّل، حسب المصدر نفسه، على المملكة دفع المستحقات التي ترافق ثلاث مراحل للتسليم: المعدات الاقل كلفة نسبيا والاسرع تسليما او تصنيعا في المرحلة الاولى التي تمتد من نيسان 2016 الى نيسان 2017. وتشمل هذه المرحلة تسليم المعدات الالكترونية، الخوذ، السترات الواقية، مناظير الرؤية الليلية، تجهيزات القوات الخاصة (معدات نزع الالغام وكاشفات الغازات السامة)، الزوارق السريعة، وشبكة اتصالات «تاترا».
المرحلة الثانية وتبدأ في 2018 وتمتد حتى نهاية 2019. وتشمل تسليم المعدات البرية من عربات مصفحة من طراز «شيربا»، صواريخ «ميسترال»، الذخائر، مدافع 155 ملم.
الثالثة، وتشمل المعدات التي تتطلب وقتا اطول للتصنيع، وتبدأ نهاية 2019، وتمتد حتى 2023 وربما اكثر، وتشمل المروحيات، ناقلات الجند، 3 زوارق من طراز «ادورا»، الواحد منها بطول 45 مترا وانظمة الرقابة والردارات.
الفرنسيون لم يتسلموا دفعة مالية جديدة، اذ أن السعوديين طلبوا منهم استخدام رصيد مودع في البنوك الفرنسية بقيمة 480 مليون يورو، لابرام الاتفاقات مع شركات التصنيع. وقد أنجزت شركة «اوداس» المشرفة على التنفيذ العملية المطلوبة منها. تم التوقيع للتنفيذ والتصنيع مع شركات «تالس» لصنع الردارات والصواريخ، «رينو تراكس» لصنع عربات «الشيربا» المدرعة، «ايرباص هليكوبتر» لصنع مروحيات «غوجر»، «نكستر» لصنع المدافع وشركة «النورماندي» الميكانيكية لصنع الزوارق الحربية.
في سياق اية استراتيجية دفاعية تندرج هذه الصفقة وهل كان بالامكان افضل مما كان؟
لن يتسلم الجيش اللبناني اية اسلحة هجومية لا جوا ولا برا ولا بحرا. الردارات التي سيتسلمها لن تكون متزاوجة مع نظام دفاعي صاروخي، والمروحيات برغم تعدد مهامها مبدئيا الا انها لن تكون اكثر من مروحيات لنقل الجنود (من 10 الى 20) فضلا عن ان عددها لن يتجاوز السبع مروحيات. لا مصفحات او دبابات مدولبة، كما جرى التداول بداية، وانما عربات مصفحة مطورة عن «هامفي» الاميركية، اقل تصفيحا، وباستثناء المدفعية الثقيلة، «سيكون الجيش اللبناني اقرب الى «سوبر» قوة حفظ نظام منه الى جيش قادر على الانخراط في إستراتيجية دفاعية» على حد تعبير المصدر الفرنسي.
سيدفع السعوديون 350 مليون يورو لتزويد الجيش اللبناني بسبع مروحيات «غوجر» التي جرى تصميمها في السبعينيات، وبدأ إنتاجها في الثمانينيات. النموذج الذي سيصبح بحوزة الجيش متعدد المهام، ينقل ما بين 10 الى 20 جنديا، وستكلف الواحدة منها 50 مليون يورو، وهي مزودة بقذائف لحماية المروحية، بتوجيه يدوي من الطيار.
لن يحصل الجيش على دبابات بل على مئة عربة «شيربا» لنقل الجنود مزودة بمدافع رشاشة عيار 12.7 ملم بقيمة مئة مليون يورو، وستصنّع شركة «نكستر» الفرنسية 24 مدفعا من طراز «سيزار» عيار 155 ملم مقابل 150 مليون يورو، اي 4 مليون يورو للمدفع الواحد الذاتي الحركة والمحمول على شاحنة «شيربا» مع طاقم من خمسة جنود، ترافقه شاحنة اخرى للتلقيم اليدوي بالقذائف.
وستصنّع «تالس» للجيش صواريخ «ميسترال» من الجيل الثاني (بطاريتان)، تحتوي كل منها على ثماني منصات، يديرها جندي واحد، وتحمل كل منصة صاروخين مداهما 4 كيلومترات تستهدف على الاغلب المروحيات، من دون تهديد الاختراق الاسرائيلي المتواصل للسماء اللبنانية. وستدفع السعودية ثمن المنصات ومعها 100 صاروخ «ميسترال» بقيمة 150 مليون يورو.
وستعيد «تالس» بناء القاعدة التحتية للرادارات العسكرية اللبنانية عبر ثلاث منظومات. الاولى، «ترافيك مانجمانت»، وهو نظام كلاسيكي ستزود به المطارات العسكرية، ويشبه في عمله نظام الرادار المدني في مطار بيروت لادارة النقل الجوي واقلاع الطائرات وهبوطها.
الثانية، نظام مراقبة الشواطئ وسيكلف ما بين 50 الى 60 مليون يورو.
الثالث والاهم هو «غراوند ماستر 200» للرقابة الجوية المركب من ثلاثة رادارات، تبلغ كلفتها مع المنظومة المدنية الاولى 200 مليون يورو. وسيغطي الاراضي اللبنانية كافة، ويبلغ مداه 300 كلم، وتمتد قدرته على ملاحقة الاهداف المحلقة حتى 100 كلم. هذا النظام لن يكون مرتبطا باي نظام دفاعي جوي حقيقي، وليس معروفا ما اذا كان قادرا على مقاومة التشويش.
النهار :
كان مفترضا ان يشكل انعقاد مجلس الوزراء في جلسته أمس عنواناً لانفراج نسبي على الاقل يتيح للبنانيين رؤية الحكومة تستعيد امساك زمام الامور ببعض الملفات الأشد إلحاحاً بما يعوض الفراغ السياسي بإجراءات وقرارات تعنى بقضايا الناس. ولكن سرعان ما جرى تحوير مجريات الوضع الداخلي برمته نحو خطوة صادمة كادت تتحول الى فتيل مثير للفتنة مع صدور قرار مباغت لمحكمة التمييز العسكرية بتخلية الوزير السابق ميشال سماحة الذي بات ليلته أمس في منزله في الاشرفية وسط حال صدمة وذهول وعدم تصديق واسعة سادت شرائح كبيرة من اللبنانيين. ذلك ان سماحة المتهم والمثبتة اعترافاته في ملف نقل المتفجرات بالتواطؤ مع المسؤول الاستخباري في النظام السوري علي المملوك كاد يرفع اشارة النصــــر "السيــــاسيــــة" والشخصيــة عصر أمس لدى وصوله الى منزله عقب موافقة محكمة التمييز العسكرية على تخليته بكفالة 150 مليون ليرة لان ابعاد اطلاقه وتوقيته وملابساته لم تقف عند حدود الغضب الواسع الذي اشتعل في وجه القضاء العسكري وألهب الحملة السياسية الأعنف في وجه هذا القضاء بل تجاوزت ذلك الى الاخطر أي البعد السياسي وربما الرئاسي. وحتى في البعد الشعبي المباشر فإن تخلية سماحة ألهبت سخطاً في الشارع كاد يتسبب باثارة حساسيات معروفة اذ قطعت ليلاً طرق عدة في بيروت امتداداً الى خلدة، كما تمدد قطع الطرق الى طرابلس واقليم الخروب ومناطق أخرى، وقت تتهيأ التنظيمات الشبابية لقوى 14 آذار لاقامة تظاهرة حاشدة في السابعة مساء اليوم في ساحة ساسين أمام منزل سماحة تعبيراً عن الاحتجاج العارم على تخليته ورفضا لقرار المحكمة العسكرية.
ويبدو واضحاً أن تداعيات هذا التطور المفاجئ تكتسب خطورة استثنائية ان لجهة تعميق أزمة الثقة لدى فئات لبنانية واسعة في القضاء العسكري الذي نالته عقب تخلية سماحة حملة سياسية مركزة غير مسبوقة من قوى 14 آذار وخصوصاً على لسان الوزير المعني الأول أي وزير العدل اللواء اشرف ريفي الذي سارع الى "نعي المحكمة العسكرية التي تميز بين اجرام صديق واجرام عدو" ليبلغ الى القول: "بئس هذا الزمن الذي يتآمر فيه قاض وضابط على أمن وطنه". أما في البعد السياسي، فإن ردود كل من الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة من جهة ورئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع من جهة أخرى، رسمت اطاراً متقدماً للغاية في اطار المواجهة السياسية التي أعاد هذا التطور الهابها على المستوى الداخلي. واذ تميّز الرد الاولي للحريري بوصفه "اجماع الضباط على القرار بأنه عار ومشبوه ومكافأة للمجرم لن اسكت عنه"، عاود الحريري ليلاً الرد ضمنا على تصريح لرئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد هاجم فيه منتقدي قرار المحكمة وقال الحريري إن "المدافعين عن المجرم أكثر اجراما منه". وأضاف ان "أول الغيث الرد على هذه الهرطقة القانونية بمشروع تعديل صلاحيات المحكمة العسكرية".
واعتبر الرئيس السنيورة قرار المحكمة العسكرية "ضرباً بعرض الحائط لكل القوانين والأسس القضائية التي يفترض انها تحقق العدالة وجاء ليقدم هدية للمجرم على طبق من ذهب".
جعجع: الرئاسة؟
أما الرد السياسي لجعجع، فاتسم ببعد مهم للغاية اذ أعلن مساء "أن قرار المحكمة العسكرية بتخلية سبيل ميشال سماحة سيترك أثراً على الجهة التي تقف وراءه"، وقال: "لا نريد انتخابات رئاسية اذا ستكون الدولة على هذا الشكل". ووصف هذا اليوم بـ"اليوم الأسود في تاريخ لبنان، بعيداً عن السياسة"، متسائلاً: "كيف يمكن مواطناً لبنانياً تآمر مع جهة خارجية ونقل متفجرات من عندها ليقوم بأعمال تفجير وقتل في الداخل اللبناني، وحاول تجنيد أشخاص في الداخل لتنفيذ هذا المخطط، ثم اكتشفه جهاز أمني محدد وتوقفت العملية عند هذا الحد، فكيف يمكن أحداً منّا أن يستوعب أو يقبل أو يُسامح القرار الذي صدر اليوم؟". وأضاف "ان هذا القرار غير لبناني وغير قضائي، ولا أستطيع تصديقه بأي شكل من الأشكال، فنحن نتحدث عن واقعات مثبتة، ومتأكد ان هناك تدخلاً سياسياً في القرار وقد لعبت السياسة دوراً بارزاً فيه من جانب الجهة السياسية التي ينتمي اليها سماحة".
ريفي
وزير العدل أشرف ريفي "النهار" ليلاً أنه لا زال في إطار البحث مع المستشارين القانونيين لمعرفة ما يمكن إتخاذه من خطوات في مواجهة حكم تخلية سماحة. وقال: "أننا أيضا ندرس الخيارات السياسية في مواجهة هذا الحكم وإعتماد ما نراه مناسباً".
وتعليقاً على اطلاق سماحة قال رئيس المحكمة العسكرية العميد الطيار خليل ابرهيم رداً على سؤال لـ"النهار" إن "محكمة التمييز طبقت القانون ونقطة على السطر وحكمها غير قابل للطعن". ويُذكر ان هذه المحكمة تضم قاضياً مدنياً في موقع الرئيس اضافة الى خمسة عمداء وجاءت خلاصة حكمهم بالاجماع.
وأفادت معلومات من مصادر قانونية مطلعة انه منتصف أيلول الماضي جرى تعديل في هيكلية محكمة التمييز العسكرية المؤلفة من القاضي طوني لطوف رئيسا والاعضاء العمداء: طوني شهوان، احمد الحصني، علي ابي رعد وسامي خوري، فجرى استبدال العميدين شهوان والحصني بالعميدين غبريال خليفة وأسامة عطشان. واعتبرت ان لهذا التبديل علاقة بتأمين الاجماع على القرار.
وكان النائب محمد رعد رد على ما وصفه بـ"بالتصريحات الصاخبة والمبرمجة التي تعترض على قرار تخلية سماحة وليست إلا تعبيراً عن النكد والكيدية والاستنسابية".
حمادة
وفي المقابل صرح النائب مروان حمادة لـ"النهار" ليلا قائلاً: "لقد أثبت القضاء العسكري في لبنان ضرورة اللجوء الى المحكمة الدولية للتحقيق والحكم في الاغتيالات التي طالت الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقادة ثورة الاستقلال، وآخر من يحقّ له أن يتفوّه بكلمة هو النائب محمد رعد الذي لا يزال يحمي أمثال ميشال سماحة".
المستقبل :
عذراً وسام الحسن. في وطن دفعت حياتك من أجل منعته وعدله وعدالته، ثمة من يرفع لواء الإرهاب والترهيب فوق قوس العدالة ولا يقيم أي وزن للحق والحقيقة في ميزان العدل. إنه الخميس الأسود في تاريخ الوطن والقضاء سطّرته أيدي ضباط محكمة التمييز العسكرية، قراراً مشيناً مداناً بدم الشهداء الأحمر، حين أطلقت المجرم الإرهابي الموصوف والمضبوط بالجرم الأسدي المشهود ميشال سماحة في صفقة مريبة أخلت سبيله بثمن بخس ووضعت المحكمة العسكرية بحد ذاتها في قفص الاتهام والمساءلة اقتباساً من سؤال شهيد الإرهاب الأسدي نفسه سمير قصير حين حاصر «عسكرتاريا» الوصاية بسؤاله الشهير: عسكر على مين؟ لتعود علامة الاستفهام مجدداً اليوم برسم فلول ضباط الوصاية ومحكمتها: «عسكرية».. على مين؟ طالما أنها أثبتت بأحكامها المبتورة المبرمة كونها محكمة غير صالحة للاقتصاص القانوني العادل «باسم الشعب اللبناني» من مجرمي الإرهاب والقتل والعمالة والتآمر على الوطن وأبنائه العزّل والعسكريين، على شاكلة مجرم الأسد سماحة، ومجرم «حزب الله» قاتل الضابط سامر حنا، والعميل العوني لإسرائيل فايز كرم!
ولعلّ ما عزّز دوافع الاشتباه بقرار إخلاء محكمة التمييز العسكرية سبيل سماحة مقابل كفالة مالية مقدارها 150 مليون ليرة بغض النظر عن شريط إدانته وتجريمه الذي يوثّق بالصوت والصورة وقائع مؤامرته التفجيرية الدموية الدنيئة مع اللواء علي مملوك، «سابقة» تبديل ضابطين من أعضاء المحكمة الأربعة قبل شهر ونصف الشهر تمهيداً وتوطئة لضمان إصدار هذا القرار بإجماع أعضائه أمس وفق ما أفادت مصادر عدلية «المستقبل»، بحيث تم حينها استبدال العميد طوني شهوان بالعميد غبريال خليفة، والعميد أحمد الحصني بالعميد أسامة عطشان.
الحريري
وإزاء قرار «إطلاق مجرم متورط بواحدة من أقذر الجرائم بحق لبنان»، وصف الرئيس سعد الحريري إجماع الضباط على اتخاذه بأنه «إجماع على تقديم مكافأة مجانية للمجرم باسم القانون وانتهاك لمشاعر معظم اللبنانيين»، مشدداً على أنه إجماع «عار ومشبوه» تعهّد بعدم السكوت عنه. وأضاف في سلسلة تغريدات عبر موقع «تويتر»: «نشعر في هذا اليوم بالقرف من عدالة منقوصة وبالخوف على أمن اللبنانيين طالما ستبقى الأبواب مفتوحة للمجرمين للهروب من الحكم العادل»، متوجهاً في المقابل بالتحية إلى روح الشهيد وسام الحسن وإلى أبطال شعبة المعلومات الذين يقومون بدورهم في حماية الوطن، وختم: «رحم الله الشهداء الذين سقطوا فداء للبنان وحريته وسلامته، ولعن الله المجرمين ومن يقف وراءهم».
ومساءً، إثر ارتفاع بعض أصوات المدافعين عن إجرام سماحة وقرار إطلاق سراحه وفي مقدمهم «حزب الله»، رد الحريري بشكل مقتضب على هذه الأصوات قائلاً في تغريدتين متتاليتين: «المدافعون عن المجرم أكثر إجراماً منه، أول الغيث: الرد على هذه الهرطقة القانونية بمشروع قانون تعديل صلاحيات المحكمة العسكرية».
جنبلاط
بدوره، دان رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط قرار إخلاء سماحة بوصفه «استباحة لشعور الناس وطعناً عميقاً في العمل الجبّار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب»، لافتاً الانتباه إلى أنه يأتي بمثابة «تشريع للجريمة إن لم يكن تشجيعاً لها».
السنيورة
كذلك، وضع رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة قرار المحكمة العسكرية في خانة تقديم «هدية للمجرم على طبق من ذهب»، مضيفاً: «لن نقبل بهذا القرار الظالم وسنلجأ الى الوسائل الشرعية والسلمية والديموقراطية حتى تأخذ العدالة طريقها في معاقبة المجرمين».
الجميل
أما رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل فدعا رداً على قرار إخلاء سماحة إلى إلغاء المحكمة العسكرية، وسأل: «هل يجوز أن يتساوى (في مدة الحكم) شخص أعطى شكاً بلا رصيد مع شخص كان يريد تفجير البلد؟»، مذكّراً في هذا السياق بأنّ «جريمة ميشال سماحة حصلت بالجرم المشهود وحجمها كبير وخطير ضمن إطار عملية تمّت بناء على تعليمات خارجيّة».
جعجع
بدوره، استغرب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إطلاق سماحة بعدما «تآمر مع جهة خارجية لارتكاب أعمال قتل وتفجير في بلاده ونقل متفجرات لهذه الغاية وجنّد أشخاصاً لتنفيذها»، وسأل: «أي رسالة بعثها رئيس المحكمة والضباط المعاونون إلى اللبنانيين بهكذا قرار؟»، خاتماً بالقول متأسفاً: «بئس هذا الزمن لكننا لن نرضخ».
ريفي
وكان وزير العدل أشرف ريفي قد علّق على قرار إخلاء المجرم سماحة بالقول لدى خروجه من جلسة مجلس الوزراء: «مرة جديدة أجد نفسي مضطراً لأن أنعي المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني (...) بئس هذا الزمن التي يتآمر فيه قاضٍ وضابط على أمن وطنه»، متعهداً في المقابل القيام بما يمليه عليه ضميره وواجبه الوطني تجاه هذه القضية، مع دعوته اللبنانيين إلى «العمل على دعم وإقرار مشروع القضاء المختص البديل» عن المنظومة القضائية الاستثنائية التي يبدو أنها «تميز بين إجرام تعتبره صديقاً وإجرام تعتبره عدواً»، بغية الوصول إلى «معيار واحد من دون تفرقة أو تمييز» بين المجرمين.
المشنوق
كذلك، وصف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يوم أمس بأنه «يوم أسود في تاريخ القضاء»، مؤكداً أنّ قرار إخلاء سبيل سماحة إنما يشكل «إدانة واضحة ومؤكّدة لمحكمة التمييز العسكرية بكلّ المعايير الوطنية والقانونية والمنطقية»، وختم: «سيكون لنا موقف أعلى بكثير ممّا يظن زبانية تبرير القتل والتفجير من قبل النظام السوري».
الديار :
هز الافراج عن ميشال سماحة المتهم بجلب متفجرات من سوريا وتسليمها الى ميلاد الكفوري وتصوير كل ذلك من قبل شعبة المعلومات 14 اذار هزا عنيفا، فقال الرئيس سعد الحريري ان هذا الموضوع لن يسكت عنه مهما كلف الامر، وقال وزير العدل اشرف ريفي بئس وطن يتآمر فيه قاض وضابط على سلامة بلاده وضد مصلحة بلاده. كذلك هاجم الوزير وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع قرار المحكمة العسكرية وهيئة التمييز العسكرية التي افرجت عن ميشال سماحة مقابل كفالة بـ 150 مليون ليرة لبنانية اي 100 الف دولار، على ان يحاكم لاحقا ميشال سماحة حرا امام المحكمة العسكرية خاصة ان محكوميته نفذها ببقائه في السجن طوال سنوات.
وكانت قضية ميشال سماحة قد هزت البلاد عندما اعلنت شعبة المعلومات في فيلم مصور ان ميشال سماحة جاء بالمتفجرات ليسلمها الى ميلاد كفوري من اجل تفجيرها في شمال لبنان. وقال ميشال سماحة لميلاد كفوري في فيلم مصور لدى شعبة المعلومات ان 3 يعرفون بموضوع المتفجرات فقط، الرئيس بشار الاسد واللواء علي المملوك وانا، ولذلك لا تخف قم وخذ المتفجرات.
واثر ذلك وبعد فترة اشهر، تم اغتيال الشهيد اللواء وسام الحسن رئيس شعبة المعلومات التي اتفقت مع العميل ميلاد كفوري على جرّ ميشال سماحة الى جلب المتفجرات من سوريا، وطبخ الموضوع على مستوى علي المملوك واطلاع الرئيس بشار الاسد عليه وفق ما جاء في الفيلم المصور من قبل شعبة المعلومات في مخزن بناية ميشال سماحة.
وعندما عبرت السيارة التي فيها متفجرات من سوريا الى لبنان، كان اللواء جميل السيد برفقة سماحة والمتفجرات في السيارة. ويومذاك، حصل تحقيق مع جميل السيد وقال عبارته الشهيرة «السيارة لا تحمل حمارين»، وهو يقصد ان ميشال سماحة وقع في الفخ على ايدي شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي.
واستشهد اللواء وسام الحسن رئيس شعبة المعلومات واصيبت شعبة المعلومات بضربة قاضية بفقدان اللواء وسام الحسن، وجرى التحقيق ويقول اللواء اشرف ريفي انه مثلما تم قتل الشهيد الرئيس رفيق الحريري تم استعمال الاسلوب نفسه لقتل الشهيد اللواء وسام الحسن، وان التحقيق جاهز والمعلومات كلها تملكها شعبة المعلومات، وعند اللزوم سنقدمها للقاضي من اجل المحاكمة. ومع ان اللواء اشرف ريفي وهو وزير العدل فحتى الامن لم يقدم ملف وسام الحسن الى القضاء لمحاكمة مرتكبي الجريمة ضد الشهيد اللواء وسام الحسن.
الرئيس سعد الحريري انتفض على قرار هيئة التمييز العسكرية بالافراج عن سماحة، وقال ان الموضوع كبير ولن اسكت عنه ابدا. اما اللواء اشرف ريفي وزير العدل، فقال بئس وطن يتآمر فيه قاض وضابط على مصلحة بلاده، وسأتخذ الاجراءات المناسبة من ضمن مسؤوليتي. اما الوزير وليد جنبلاط فقال ان الافراج عن ميشال سماحة هو تشريع للجريمة. كذلك هاجم بعنف الدكتور سمير جعجع قرار الافراج عن ميشال سماحة، لكن اللواء جميل السيد رد على الدكتور سمير جعجع بالقول انت مجرم ولم تخرج من السجن الا بالعفو، وكنت محكوماً مؤبد، فيما لم تصرح حركة 8 اذار بأي شيء، وتوجه أهل ميشال سماحة واصدقاؤه الى سجن الريحانية لمواكبته للخروج من السجن، ولم يعرف ما اذا كان اخلاء السبيل يتضمن منع سماحة من السفر او منعه من التصريحات السياسية حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن يبدو ان القرار يشمل منع السفر ويشمل منع اعطاء تصريحات صحافية او التواصل على وسائل التواصل الاجتماعي.
ميشال سماحة اصبح حرا خارج السجن، وسيحضر من وقت الى اخر جلسات للمحكمة، لكنها لم تعد تفيد فهو قضى مسجونيته في السجن. وكان قرار رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل ابراهيم ارحم من قرار هيئة التمييز العسكرية، حيث انه عندما حكم عليه العميد خليل ابراهيم بالسجن لمدة 5 سنوات قامت القيامة وقالوا سنلجأ الى التمييز العسكري، وجاء قرار التمييز العسكري لمصلحة سمحة فقامت القيامة اكثر وبات رئيس المحكمة العسكرية خارج الجدال السياسي حول الاعتقال والافراج عن ميشال سماحة.
ـ مجلس الوزراء ـ
هذا وانعقدت جلسة مجلس الوزراء في غياب وزراء التيار الوطني الحر ووزراء حزب الله. ويبدو ان هنالك خلافا حول تعيينات المجلس العسكري بين الرئيس ميشال سليمان عبر وزير الدفاع سمير مقبل الذي يخص الرئيس ميشال سليمان، ومع العماد ميشال عون، رئيس التيار الوطني الحر ومع الجنرال جان قهوجي قائد الجيش الحالي. ومع ان الرئيس نبيه بري يقول ان التعيينات ستحصل في الاسبوع المقبل الا ان خلافا كبيرا يدور حول الموضوع، فالعماد ميشال عون يريد تعيينات المجلس العسكري ان تأتي مع قائد الجيش الجديد، اما الرئيس ميشال سليمان فيريد من الوزير سمير مقبل ان يقترح اعضاء المجلس العسكري هو وقائد الجيش دون الرجوع الى احد ودون المحاصصة واما العماد جان قهوجي فيريد ممارسة صلاحياته باقتراح الاسماء للمجلس العسكري.
ولذلك، فان تعيينات المجلس العسكري الناقصة قد لا يتم اقرارها في الاسبوع المقبل، رغم انها على جدول اعمال مجلس الوزراء.
وقد كانت جلسة مجلس الوزراء هادئة في شأن امور كثيرة، وتم التأكيد على ترحيل النفايات بعدما كان الجو امس بأنه لن يتم ترحيلها اثر تصريح النائب ناجي غاريوس بأن الرئيس نبيه بري او كما قال غاريوس أن كلفة ترحيل النفايات هي نصف مليار دولار وان بري يرفض ذلك.
لكن بعد ساعات صدر بيان من عين التين تم فيه النفي ان يكون الرئيس نبيه بري يرفض ترحيل النفايات، وانه لم يستعمل كلمة نصف مليار دولار لترحيلها. واكد غاريوس انه صرح برأيه في هذا المجال، ولم ينقل الكلام عن الرئيس نبيه بري.
لكن من المؤكد ان ترحيل النفايات سيتم وسيكلف مبلغ 300 مليون دولار سنويا الى 400 مليون دولار، وهو مبلغ سيزيد العجز في الموازنة بعدما كانت المحارق فيها افضل حل للانتهاء من قضية النفايات. ومع ان الوزير الياس ابو صعب والوزير السابق فادي عبود جاءا بمحرقة الى ضهور الشوير، وهي علمية وفق المواصفات الاوروبية والدولية، فان وزير البيئة محمد المشنوق قام بختمها بالشمع الاحمر، ورفض ان تعمل. وقال ان كل محرقة يتم الاتيان بها من دون اذن من وزارة البيئة سيتم ختمها بالشمع الاحمر. وهنالك خلاف كبير بين التيار الوطني والحر والوزير نهاد المشنوق على قضية المحارق، مع العلم ان الوزير نهاد المشنوق وزير البيئة يريد تسهيل الصفقات المالية عبر ترحيل النفايات، فهنالك 4 رؤساء احزاب سيحصلون على حوالى 170 مليون دولار من ترحيلها، النفايات، اهمهم الرئيس سعد الحريري الذي قال انه لم يعد يستطيع ان يصرف من رأسماله في السعودية نتيجة تكبير عمله وتوسيعه، وان السعودية لم تعطه اموالا كي يوزعها على اهل السنة. ورأى ان افضل حل هي الغرف من ميزانية الدولة، خاصة في مجال النفايات وبوجود الوزير تمام سلام ووزير البلديات والداخلية نهاد المشنوق وزير البيئة محمد المشنوق، والثلاثة هم من السنّة ويريدون دعم الرئيس سعد الحريري، اصروا على ترحيل النفايات بسعر 260 دولاراً للطن بدل 60 دولاراً للمحارق، وذلك من اجل تأمين الاموال لـ 4 جهات حزبية، اهمها تيار المستقبل او مصاريف الرئيس سعد الحريري التي سيحصل عليها سنويه وتقدر بما بين 30 مليون دولار و50 مليون دولار، وهو مبلغ جيد لحملته السياسية في لبنان ولجمع السنّة في لبنان، هذا اضافة الى جهات سياسية، منها الوزير وليد جنبلاط ومنها جهات اخرى ستستفيد من النفايات بنسب معقولة، اذ يقال ان الوزير وليد جنبلاط سيحصل على 20 مليون دولار، لكن كل ذلك لم يأت بعد بدراسة دقيقة، لان الارقام لم تحسم وعندما تحسم ويتم ترحيل النفايات ستتم، من خلال الحسابات الدقيقة، معرفة حصة الحريري وجنبلاط وحصة بقية الاطراف السياسية التي ستحصل على 10 ملايين دولار بينما الحصة الكبرى تكون للرئيس سعد لحريري والحصة الثانية للوزير وليد جنبلاط.
الجمهورية :
سرقَ حدثُ إطلاق القضاء العسكري الوزيرَ السابق ميشال سماحة الأضواءَ من الملفات الأخرى المطروحة، من الاستحقاق الرئاسي الى تفعيل العمل الحكومي، وما بينهما من استحقاقات ضاغطة. وقد أحدث هذا القرار القضائي الذي قابَله كثيرون باستغراب واستهجان وصَل الى حدّ التشكيك بعدالته، موجةً من ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة، خصوصاً لدى قيادات «14 آذار» التي ذهبَت الى حدّ «نعي» المحكمة العسكريّة واعتبار قرارها «تشريعاً للجريمة والقتلِ والإرهاب». في حين استغربَ رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد تصريحات 14 آذار ووجَد فيها «تعبيراً عن النكد والكيدية والاستنسابية التي ما انفكّ فريق المصرّحين يمارسها في السلطة وفي التعاطي مع القضاء والإدارة والمال العام». ويبدو أنّ خطوات 14 آذار ستتصاعد اليوم بالنزول الى الشارع مساءً والتظاهر أمام منزل سماحة في الأشرفية رفضاً لإطلاقه. وفي هذه الأثناء عَقد مجلس الوزراء جلسته في غياب وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» و»حزب الله»، في وقتٍ لاحت في الأفق إشارات اتفاق على التعيينات العسكرية سيتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري تظهيرَه في الأيام المقبلة ليقَرّ في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. أمّا لِجهة الاستحقاق الرئاسي فلم يسجّل أيّ جديد على كلّ المستويات، في وقتٍ رجّحت مصادر مطلعة أن يكون قد حصل اتّصال بين الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تناولَ لقاءَ باريس وجديدَ المعطيات حول الاستحقاق الرئاسي. وكانت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف وافقت على طلب تخلية سماحة، مقابل كفالة مالية مقدارها 150 مليون ليرة، ولاقى هذا القرار ردود فعل عنيفة لدى فريق 14 آذار ووسطيين. وفي هذا السياق رأى الرئيس سعد الحريري «أننا نخشى أن يكون وصمةَ عارٍ على جبين القضاء العسكري».
بدوره، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «بئسَ هذا الزمن، لكنّنا لن نرضخ، وإنّنا كلَّ شيء فاعلون حتى الخروج منه إلى زمنٍ أفضل».
مِن جهته، وجَد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في القرار «إستباحةً لشعور الناس، وطعناً عميقاً في العمل الجبّار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، وهو تشريع للجريمة إنْ لم يكن تشجيعاً لها». أمّا وزير العدل أشرف ريفي فقال: «مرّةً جديدة أجدُ نفسي مضطرّاً لأن أنعى المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني».
وعلّق النائب أحمد فتفت على إطلاق سماحة، فقال لـ»الجمهورية»: «إنّها جريمة كبيرة بحق الشعب اللبناني، وكأنّها تشجيع للناس على الإرهاب والتطرف، وفعلاً لم يعد هناك ثقة بالقضاء العسكري الذي هو من الأساس غير جدير بالثقة، لكن هذه المرّة أُثبت أنّ هذا القضاء مسَيّس ولا يلتزم بمنطق العدالة، فهناك أشخاص ينتظرون الحكم عليهم منذ عشر سنوات بعد أن وجَدوا لديهم قطعة سلاح، وفي الوقت نفسه هناك أشخاص يرتكبون جرائم ضخمة وينقلون 24 متفجرة من الشام لكي يرتكبوا 24 جريمة ضخمة في لبنان، يُطلق سراحُهم بـ100 ألف دولار، فلو قسَمنا هذا المبلغ على عدد سكّان لبنان تكون قيمة كلّ فرد 30 ليرة».
وكشفَ عن «تحرّك مشترك لشباب «14 آذار» أمام منزل سماحة، إلّا أنّ القضية أكبر من ذلك، وهو ما يعمل عليه وزير العدل أشرف ريفي لإلغاء القضاء العسكري الذي أثبتَ أنه غير جدير بالحكم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بـ»حزب الله»، كالذي اغتال الشهيد سامر حنا ولا نعلم أين هو، أو مثل محمود الحايك الذي يرفض الحزب تسليمَه، فعلاً ما حصلَ اليوم جريمة بحق المنطق الوطني، وستكون ردة الفعل قاسية حياله».
مجلس الوزراء
بنِصاب عدَديّ وبمقاطعةٍ منظمة من وزراء «التيار الوطني الحر» وتضامن وزراء حزب الله معهم انعقَد مجلس الوزراء في أوّل جلسة له بعد قرار تفعيل الحكومة المدعوم من الحوارَين الوطني بين قادة الكتل النيابية والثنائي بين حزب الله وتيار «المستقبل».
وسبَق الجلسة اتصالات حثيثة اوّل من امس لتأمين اتفاق على التعيينات العسكرية في المراكز الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري واستمرّت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، قادَها الوزير علي حسن خليل بتكليف من بري، لكنّ المحركات أطفِئت بعدما تعذّر الاتفاق النهائي لضيقِ الوقت.
وعلمت «الجمهورية» أنّ هذه الاتصالات تقدّمت وذلّلت عقبات كثيرة وتمّ تجاوز المراكز العسكرية الممَدّد لها، وبقيَ الخلاف حول الاسمين: الأرثوذكسي والكاثوليكي وآلية التسمية، فوزير الدفاع ومِن خلفه الرئيس ميشال سليمان تمسّك بحقه في اقتراح الأسماء بحسب قانون الدفاع والأقدمية، في حين طلب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون اقتراحَ الأسماء وتأمين التوافق حولها، ومع استمرار هذه العقدة الى ما قبل موعد
الجلسة أبلغَ الوزير جبران باسيل صباح أمس إلى رئيس الحكومة أنّ وزراء التيار الوطني الحر سيقاطعون الجلسة، لكنّه أكّد له في المقابل عدمَ الاعتراض على جدول الأعمال وعلى تفعيل العمل الحكومي، فتمنّى سلام في كلمته أمام الوزراء أن تثمر المساعي التي يشكّل رئيس مجلس النواب نبيه بري محورَها تفاهماً على التعيينات ليكتملَ نصاب مكوّنات الحكومة قبل الجلسة المقبلة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ أجواء الاتصالات إيجابية، والمساعي اقتربت من الحل بعد تجاوز مشكلة قيادة الجيش، وسينتقل البحث في الساعات المقبلة الى مرحلة تسويق الأسماء التي اقترحها عون لأخذِ موافقة الجميع عليها.
وقال رئس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره إنّه اتّصل ليل أمس الأوّل بسلام وجنبلاط وقائد الجيش العماد جان قهوجي وآخرين، وتقرّر في ضوء هذه الاتصالات تأجيل التعيينات العسكرية الى الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في انتظار اقتراح الأسماء وجَوجلتها، على أن لا يطعن وزراء «التيار» وحزب الله بالقرارات ويُصار الى توقيع المراسيم لِتُبَتَّ هذه التعيينات في الجلسة المقبلة، من دون أن يُطرَح أيّ موضوع من خارج جدول الأعمال.
وشدّد بري على إنجاح الاتفاق وإنْ بنصف اتفاق، أي الاقتصار على تعيين 3 أعضاء في المجلس العسكري، واستثناء قائد الجيش من هذا الملف.
سلام مرتاح
وعبّرَ رئيس الحكومة تمام سلام أمام زواره مساء أمس عن ارتياحه الى الأجواء التي رافقت جلسة مجلس الوزراء، معتبراً أنّها كانت جلسىة عادية شهدَت البتّ بعدد من القضايا الحيوية التي تعني شؤون أكثرية اللبنانيين.
ونَقل زوار سلام الى «الجمهورية» عنه قوله أن «ليس من بين البنود التي تمّ البت بها ما يثير الخلافات بين اللبنانيين، وأنّ الذين غابوا عن الجلسة لم يكونوا في صَدد الاختلاف حولها أو تأجيل البتّ بها».
وحول قول البعض إنّ غياب وزراء «حزب الله» عن الجلسة بعد تأكيد حضورهم أرفِقَ برسالة الى سلام للمضيّ بالجلسة، قالت مصادر سلام «لربّما كانت هنالك مثل هذه الأجواء لكنّ الرئيس سلام لم يتبلّغ بها، وإنّ تغيُّبَ وزراء حزب الله شكّلَ بالنسبة إليه مفاجأة، ذلك أنّ ممثلي الحزب كانوا من بين الذين رحّبوا بالدعوة الى الجلسة وشجّعوا على المضيّ في كلّ الخطوات التي تؤدي الى تفعيل العمل الحكومي».
وحول طريقة ترجمة ارتياحه لأجواء الجلسة ومسار تفعيل العمل الحكومي قالت المصادر إنّ سلام ماضٍ في توجيه الدعوات الى جلسات متتالية، وإنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء باشرَت منذ بداية الأسبوع التحضير لجدول اعمال الجلسة المقبلة التي سيدعو اليها قريباً.
ولفتَت الى انّ مهلة الـ 96 ساعة تسمَح له بتأجيل الدعوة الى بداية الأسبوع المقبل ما لم تصدر اليوم أو غداً السبت على أبعد تقدير، معتبرةً أنّ لدى الأمانة العامة اكثر من 800 بند تحتاج الى قرارات في مجلس الوزراء.
التوافق قبل التعيينات
وحول المطالبة بأن تكون التعيينات العسكرية في أوّل بنود الجلسة المقبلة، قالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» إنّ جدول أعمال الجلسة المقبلة لن يتضمن ايّ بنود خلافية، وإذا بقي هذا العنوان مدارَ جدل بين الوزراء المعنيين فلن يُدرج على جدول الأعمال، وإنّ التوافق حول شكله وتوقيته ومضمونه هو الطريق الأسرع للبتّ بها، لأنّ التوافق سيَدفع الى هذه الخطوة، سواءٌ أكانت بنداً أوّلاً أو في آخر جدول الأعمال أو خارجه. ذلك أنّ عقدة تحديده في البند الأول ليست سوى شرط شكلي لن يؤدي الى النتيجة المطلوبة لمن أراد إقفال هذا الملف.
وخَتمت المصادر مؤكدةً «أنّ التعاطي مع هذا الملف بالطريقة عينها التي اعتُمدت في الصيف الماضي لن يغيّر في مسار الأمور، وإنْ أرادوا حلّاً سريعاً فلن يكون إلّا بتسهيل انتخاب الرئيس العتيد، فتتحرّك التعيينات على مختلف المستويات في الشواغر كما في تلك التي شغرَت بإحالة قادتها الى التقاعد».
«إستفاقة موَقّتة»
ووصَف الوزير وائل ابو فاعور الجلسة بأنّها «استفاقة مؤقّتة يَجري العمل على جعلها دائمة بعد الاتفاق على التعيينات الأمنية». وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ الامور ماشية، وحَلّت النعمة على الوزراء». وأشار الى الجهود «التي يبذلها الرئيس بري لحلّ الخلافات ليكتمل شمل الحكومة».
الحراك الرئاسي
على صعيد الحراك الرئاسي الجاري محلياً وفي الخارج، لم يرشح ايّ جديد عن اللقاء الباريسي بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، كذلك لم يسجّل ايّ جديد ايضاً في التواصل الجاري بين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي التقى أمس في معراب القائمَ بالأعمال الاميركي ريتشارد جونز وعرضَ معه التطورات الجارية محلياً وإقليمياً ودولياً. وعلِم انّ البحث تناول في جانب منه الاستحقاقَ الرئاسي وما يجري من حراك في شأنه.
اللواء :
غطى قرار اخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، والذي اوقف وحوكم بجريمة نقل أسلحة ومتفجرات من سوريا لتفجيرها في شمال لبنان، بالتنسيق مع أجهزة أمنية سورية، على ما عداه، سواء ما حصل داخل وخارج مبنى وزارة البيئة بين شبان من الحراك المدني والقوى الأمنية، أو انعقاد مجلس الوزراء الذي شكل حدثاً بعد تعطيل تجاوز الخمسة اشهر، وتمكن على الرغم من غياب خمسة وزراء (هم وزراء التيار العوني والطاشناق وحزب الله) مع الإشارة إلى ان غياب الوزير روني عريجي (المردة) له أسباب أخرى متصلة بوجوده خارج لبنان.
وبقدر ما شكلت العودة إلى مجلس الوزراء تحت عنوان «تسيير مصالح الناس»، صدم المجتمع السياسي اللبناني، وحتى القضائي، بخطوة «اخراج سماحة من السجن»، ولو جاءت عبر قرار صدور عن محكمة التمييز العسكرية، وبالعودة إلى أصل القرار الذي صدر عن المحكمة العسكرية قبل أشهر.
ولعل مرد الصدمة والغضب الذي سارع قادة 14 آذار إلى الاعراب عنه، يتعلق بمعادلة تسهيل التآمر على الاستقرار مقابل احكام قضائية لا تتناسب مع حجم الجرائم، ولا تتناسب مع تضحيات القادة الأمنيين الذين سقطوا في سبيل توفير الحماية والأمن لكل اللبنانيين، وفي مواجهة الجرائم الإرهابية التي لا يمكن اعتبار تورط سماحة الا واحداً منها.
ولم يخف الرئيس سعد الحريري حنقه على القرار بإطلاق ما وصفه «مجرم متورط بواحدة من اقذر الجرائم في حق لبنان»، واصفاً اجماع الضباط على القرار في شأن سماحة بأنه «عار ومشبوه ومكافحة لمجرم»، مؤكداً «لن أسكت عنه»، واصفاً ما حصل «بالعدالة المنقوصة»، موجهاً التحية إلى روح الشهيد وسام الحسن.
ورأى الرئيس فؤاد السنيورة بأن القرار جاء «مناقضاً للعدل والعدالة والحق والمنطق»، وليقدم هدية للمجرم على طبق من ذهب، فيما رأى النائب وليد جنبلاط في القرار «استباحة لشعور النّاس وتشريعاً للجريمة، وطعناً في عمل الأجهزة الأمنية الجبار في مكافحة الارهاب».
ووصفه رئيس الكتائب النائب سامي الجميل بأنه رسالة القضاء للارهابيين بأن عقوبة تهريب متفجرات والتخطيط لتفجير اللبنانيين بأوامر خارجية هو السجن ثلاث سنوات فقط.
وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان إطلاق سماحة مرفوض بكل المقاييس، واصفاً القرار بأنه «يوم أسود في تاريخ القضاء» ولكن لن نرضخ.
ووصف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق القرار بأنه إدانة واضحة ومؤكدة لمحكمة التمييز العسكرية بكل المعايير، كاشفاً ان الموقف سيكون أعلى مما يظن زبانية تبرير القتل والتفجير من قبل النظام السوري.
ونعى وزير العدل اللواء اشرف ريفي المحكمة العسكرية التي تضرب بعرض الحائط الأمن الوطني اللبناني، كاشفاً عن تقديمه اقتراح بابدال هذه المحكمة، محملاً كل من شارك في قرارات هذه المنظومة (المحكمة العسكرية) مسؤوليته الوطنية، وأن اللبنانيين يدينون هذه القرارات المشبوهة.
وختم: «بئس هذا الزمن الذي يتآمر فيه قاض على أمن وطنه».
ورأى وزيرالشؤون الاجتماعية رشيد درباس في القرار «فضيحة سياسية واخلاقية وقضائية»، مشيراً إلى ان «القرار كان مباغتاً، ولا أحد يصدق ان المحكمة العسكرية التي كسرت القرار البدائي لتدني العقوبة بالسجن ثلاثة سنوات تعود وتحكم بإخلاء سبيله».
قطع طرقات واستبدال قضاة
اما ميدانياً، واحتجاجاً على أطلاق سماحة الذي أصبح اعتباراً من الخامس من غروب أمس طليقاً في منزله، تحرّكت مجموعات غاضبة من الشبان وقطعت الطرق عند اوتوستراد خلدة في اتجاه بيروت والمدينة الرياضية وقصقص وكورنيش المزرعة والبربير وتقاطع فردان بالاطارات المشتعلة، وكذلك في الشمال حيث قطعت طريق التبانة - القبة، في طرابلس، ثم اعيد فتح هذه الطرقات في جميع المناطق.
في هذا الوقت، نسب الموقع الرسمي لتيار «المستقبل» إلى ما وصفه بـ«مصادر قضائية» أنه جرى استبدال الضباط الأعضاء في محكمة التمييز العسكرية منذ شهر لتمرير ما وصفه الموقع «قرار العار» بإطلاق سماحة.
وجاء في خبر الموقع الرسمي لتيار «المستقبل»، أنه استبدل كل من أحمد الحسني بأسامة عطشان وطوني شهوان بجبرايل خليفة (وهو مقرّب من التيار الوطني الحر).
أما على جبهة قوى 8 آذار، فعكست كل من محطتي «المنــار» وO.T.V ترحيباً بإطلاق سماحة، واقتصر الرد على رافضي قرار الإطلاق، على رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد الذي وصف المواقف بأنها «مزاجية متقلّبة».
مجلس الوزراء
على صعيد جلسة مجلس الوزراء، أكد الرئيس تمام سلام في مستهلها على أن الدعوة إلى تفعيل الحكومة كان لا بدّ منه، وعلى هذا الأساس دعا إلى عقد الجلسة، حيث تمّ إقرار جدول الأعمال بسلاسة نادرة، وهو تضمن أموراً مالية وإدارية وحياتية ومعيشية.
وأشارت مصادر وزارية لـ«اللواء» إلى أن الجلسة تمكّنت من تمرير أكثر من 130 بنداً من أصل 140 أطلقت الصفارة نحو تسيير مصالح المواطنين التي كانت متوقفة منذ مُـدّة، ورأت أنه خلال جلستين أو أكثر بالإمكان معالجة ما تبقى من بنود تحمل عنوان «مصالح الناس».
وشددت المصادر على أن لا عودة إلى الوراء في ما خصّ جلسات الحكومة وأن هناك جلسات مقبلة ستعقد، مؤكدة أن سفر الرئيس تمام سلام إلى الخارج قد يحول دون انعقاد المجلس الأسبوع المقبل.
وأكدت أنه عندما يصبح وزير الدفاع سمير مقبل جاهزاً لطرح موضوع الشغور في التعيينات العسكرية فسيطرحها في أقرب وقت ممكن، مشيرة إلى أن المسألة تحتاج إلى توافق وأن الصورة لا تزال غير واضحة.
وذكرت بأن الوزير مقبل سينصرف إلى متابعة الموضوع في الأيام المقبلة مع قيادة الجيش.
وقبيل انعقاد الجلسة، تلقى الرئيس سلام من وزير الخارجية جبران باسيل إتصالاً أبلغه فيه أنه وحليفه «حزب الله» لن يشاركا في الجلسة ولا يعترضان على جدول الأعمال، وجلّ ما في الأمر أن الغياب هو موقف مبدئي لعدم إدراج التعيينات العسكرية، وهو ما تفهّمه الرئيس سلام، على أن يُدرج هذا الموضوع في جلسة مقبلة.
وترددت معلومات أن هذا المخرج جاء بعد اتصالات تمّت بين كل من الحاج حسين الخليل (حزب الله) والوزير باسيل (التيار الوطني الحر) والوزير علي حسن خليل (حركة أمل)، وامتدت لتشمل كل من الرئيس سلام والنائب جنبلاط ومدير مكتب الرئيس الحريري السيّد نادر الحريري حيث ذكرت أوساط قريبة من المفاوضات أنه اتفق، بعد الاتصال مع اليرزة أيضاً، أي مع قائد الجيش العماد جان قهوجي أن يسمّي النائب ميشال عون الضابطين في المجلس العسكري الأرثوذكسي والكاثوليكي، على أن يُقفل البحث في ملف قيادة الجيش إلى حين انتهاء مُـدّة التمديد للعماد قهوجي، وأن يبتّ بهذا الموضوع في أول جلسة جديدة لمجلس الوزراء.