سرقَ حدثُ إطلاق القضاء العسكري الوزيرَ السابق ميشال سماحة الأضواءَ من الملفات الأخرى المطروحة، من الاستحقاق الرئاسي الى تفعيل العمل الحكومي، وما بينهما من استحقاقات ضاغطة. وقد أحدث هذا القرار القضائي الذي قابَله كثيرون باستغراب واستهجان وصَل الى حدّ التشكيك بعدالته، موجةً من ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة، خصوصاً لدى قيادات «14 آذار» التي ذهبَت الى حدّ «نعي» المحكمة العسكريّة واعتبار قرارها «تشريعاً للجريمة والقتلِ والإرهاب». في حين استغربَ رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد تصريحات 14 آذار ووجَد فيها «تعبيراً عن النكد والكيدية والاستنسابية التي ما انفكّ فريق المصرّحين يمارسها في السلطة وفي التعاطي مع القضاء والإدارة والمال العام». ويبدو أنّ خطوات 14 آذار ستتصاعد اليوم بالنزول الى الشارع مساءً والتظاهر أمام منزل سماحة في الأشرفية رفضاً لإطلاقه. وفي هذه الأثناء عَقد مجلس الوزراء جلسته في غياب وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» و»حزب الله»، في وقتٍ لاحت في الأفق إشارات اتفاق على التعيينات العسكرية سيتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري تظهيرَه في الأيام المقبلة ليقَرّ في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. أمّا لِجهة الاستحقاق الرئاسي فلم يسجّل أيّ جديد على كلّ المستويات، في وقتٍ رجّحت مصادر مطلعة أن يكون قد حصل اتّصال بين الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تناولَ لقاءَ باريس وجديدَ المعطيات حول الاستحقاق الرئاسي.
وكانت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف وافقت على طلب تخلية سماحة، مقابل كفالة مالية مقدارها 150 مليون ليرة، ولاقى هذا القرار ردود فعل عنيفة لدى فريق 14 آذار ووسطيين. وفي هذا السياق رأى الرئيس سعد الحريري «أننا نخشى أن يكون وصمةَ عارٍ على جبين القضاء العسكري».
بدوره، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «بئسَ هذا الزمن، لكنّنا لن نرضخ، وإنّنا كلَّ شيء فاعلون حتى الخروج منه إلى زمنٍ أفضل».
مِن جهته، وجَد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في القرار «إستباحةً لشعور الناس، وطعناً عميقاً في العمل الجبّار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، وهو تشريع للجريمة إنْ لم يكن تشجيعاً لها». أمّا وزير العدل أشرف ريفي فقال: «مرّةً جديدة أجدُ نفسي مضطرّاً لأن أنعى المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني».
وعلّق النائب أحمد فتفت على إطلاق سماحة، فقال لـ»الجمهورية»: «إنّها جريمة كبيرة بحق الشعب اللبناني، وكأنّها تشجيع للناس على الإرهاب والتطرف، وفعلاً لم يعد هناك ثقة بالقضاء العسكري الذي هو من الأساس غير جدير بالثقة، لكن هذه المرّة أُثبت أنّ هذا القضاء مسَيّس ولا يلتزم بمنطق العدالة، فهناك أشخاص ينتظرون الحكم عليهم منذ عشر سنوات بعد أن وجَدوا لديهم قطعة سلاح، وفي الوقت نفسه هناك أشخاص يرتكبون جرائم ضخمة وينقلون 24 متفجرة من الشام لكي يرتكبوا 24 جريمة ضخمة في لبنان، يُطلق سراحُهم بـ100 ألف دولار، فلو قسَمنا هذا المبلغ على عدد سكّان لبنان تكون قيمة كلّ فرد 30 ليرة».
وكشفَ عن «تحرّك مشترك لشباب «14 آذار» أمام منزل سماحة، إلّا أنّ القضية أكبر من ذلك، وهو ما يعمل عليه وزير العدل أشرف ريفي لإلغاء القضاء العسكري الذي أثبتَ أنه غير جدير بالحكم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بـ»حزب الله»، كالذي اغتال الشهيد سامر حنا ولا نعلم أين هو، أو مثل محمود الحايك الذي يرفض الحزب تسليمَه، فعلاً ما حصلَ اليوم جريمة بحق المنطق الوطني، وستكون ردة الفعل قاسية حياله».
مجلس الوزراء
بنِصاب عدَديّ وبمقاطعةٍ منظمة من وزراء «التيار الوطني الحر» وتضامن وزراء حزب الله معهم انعقَد مجلس الوزراء في أوّل جلسة له بعد قرار تفعيل الحكومة المدعوم من الحوارَين الوطني بين قادة الكتل النيابية والثنائي بين حزب الله وتيار «المستقبل».
وسبَق الجلسة اتصالات حثيثة اوّل من امس لتأمين اتفاق على التعيينات العسكرية في المراكز الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري واستمرّت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، قادَها الوزير علي حسن خليل بتكليف من بري، لكنّ المحركات أطفِئت بعدما تعذّر الاتفاق النهائي لضيقِ الوقت.
وعلمت «الجمهورية» أنّ هذه الاتصالات تقدّمت وذلّلت عقبات كثيرة وتمّ تجاوز المراكز العسكرية الممَدّد لها، وبقيَ الخلاف حول الاسمين: الأرثوذكسي والكاثوليكي وآلية التسمية، فوزير الدفاع ومِن خلفه الرئيس ميشال سليمان تمسّك بحقه في اقتراح الأسماء بحسب قانون الدفاع والأقدمية، في حين طلب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون اقتراحَ الأسماء وتأمين التوافق حولها، ومع استمرار هذه العقدة الى ما قبل موعد
الجلسة أبلغَ الوزير جبران باسيل صباح أمس إلى رئيس الحكومة أنّ وزراء التيار الوطني الحر سيقاطعون الجلسة، لكنّه أكّد له في المقابل عدمَ الاعتراض على جدول الأعمال وعلى تفعيل العمل الحكومي، فتمنّى سلام في كلمته أمام الوزراء أن تثمر المساعي التي يشكّل رئيس مجلس النواب نبيه بري محورَها تفاهماً على التعيينات ليكتملَ نصاب مكوّنات الحكومة قبل الجلسة المقبلة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ أجواء الاتصالات إيجابية، والمساعي اقتربت من الحل بعد تجاوز مشكلة قيادة الجيش، وسينتقل البحث في الساعات المقبلة الى مرحلة تسويق الأسماء التي اقترحها عون لأخذِ موافقة الجميع عليها.
وقال رئس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره إنّه اتّصل ليل أمس الأوّل بسلام وجنبلاط وقائد الجيش العماد جان قهوجي وآخرين، وتقرّر في ضوء هذه الاتصالات تأجيل التعيينات العسكرية الى الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في انتظار اقتراح الأسماء وجَوجلتها، على أن لا يطعن وزراء «التيار» وحزب الله بالقرارات ويُصار الى توقيع المراسيم لِتُبَتَّ هذه التعيينات في الجلسة المقبلة، من دون أن يُطرَح أيّ موضوع من خارج جدول الأعمال.
وشدّد بري على إنجاح الاتفاق وإنْ بنصف اتفاق، أي الاقتصار على تعيين 3 أعضاء في المجلس العسكري، واستثناء قائد الجيش من هذا الملف.
سلام مرتاح
وعبّرَ رئيس الحكومة تمام سلام أمام زواره مساء أمس عن ارتياحه الى الأجواء التي رافقت جلسة مجلس الوزراء، معتبراً أنّها كانت جلسىة عادية شهدَت البتّ بعدد من القضايا الحيوية التي تعني شؤون أكثرية اللبنانيين.
ونَقل زوار سلام الى «الجمهورية» عنه قوله أن «ليس من بين البنود التي تمّ البت بها ما يثير الخلافات بين اللبنانيين، وأنّ الذين غابوا عن الجلسة لم يكونوا في صَدد الاختلاف حولها أو تأجيل البتّ بها».
وحول قول البعض إنّ غياب وزراء «حزب الله» عن الجلسة بعد تأكيد حضورهم أرفِقَ برسالة الى سلام للمضيّ بالجلسة، قالت مصادر سلام «لربّما كانت هنالك مثل هذه الأجواء لكنّ الرئيس سلام لم يتبلّغ بها، وإنّ تغيُّبَ وزراء حزب الله شكّلَ بالنسبة إليه مفاجأة، ذلك أنّ ممثلي الحزب كانوا من بين الذين رحّبوا بالدعوة الى الجلسة وشجّعوا على المضيّ في كلّ الخطوات التي تؤدي الى تفعيل العمل الحكومي».
وحول طريقة ترجمة ارتياحه لأجواء الجلسة ومسار تفعيل العمل الحكومي قالت المصادر إنّ سلام ماضٍ في توجيه الدعوات الى جلسات متتالية، وإنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء باشرَت منذ بداية الأسبوع التحضير لجدول اعمال الجلسة المقبلة التي سيدعو اليها قريباً.
ولفتَت الى انّ مهلة الـ 96 ساعة تسمَح له بتأجيل الدعوة الى بداية الأسبوع المقبل ما لم تصدر اليوم أو غداً السبت على أبعد تقدير، معتبرةً أنّ لدى الأمانة العامة اكثر من 800 بند تحتاج الى قرارات في مجلس الوزراء.
التوافق قبل التعيينات
وحول المطالبة بأن تكون التعيينات العسكرية في أوّل بنود الجلسة المقبلة، قالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» إنّ جدول أعمال الجلسة المقبلة لن يتضمن ايّ بنود خلافية، وإذا بقي هذا العنوان مدارَ جدل بين الوزراء المعنيين فلن يُدرج على جدول الأعمال، وإنّ التوافق حول شكله وتوقيته ومضمونه هو الطريق الأسرع للبتّ بها، لأنّ التوافق سيَدفع الى هذه الخطوة، سواءٌ أكانت بنداً أوّلاً أو في آخر جدول الأعمال أو خارجه. ذلك أنّ عقدة تحديده في البند الأول ليست سوى شرط شكلي لن يؤدي الى النتيجة المطلوبة لمن أراد إقفال هذا الملف.
وخَتمت المصادر مؤكدةً «أنّ التعاطي مع هذا الملف بالطريقة عينها التي اعتُمدت في الصيف الماضي لن يغيّر في مسار الأمور، وإنْ أرادوا حلّاً سريعاً فلن يكون إلّا بتسهيل انتخاب الرئيس العتيد، فتتحرّك التعيينات على مختلف المستويات في الشواغر كما في تلك التي شغرَت بإحالة قادتها الى التقاعد».
«إستفاقة موَقّتة»
ووصَف الوزير وائل ابو فاعور الجلسة بأنّها «استفاقة مؤقّتة يَجري العمل على جعلها دائمة بعد الاتفاق على التعيينات الأمنية». وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ الامور ماشية، وحَلّت النعمة على الوزراء». وأشار الى الجهود «التي يبذلها الرئيس بري لحلّ الخلافات ليكتمل شمل الحكومة».
الحراك الرئاسي
على صعيد الحراك الرئاسي الجاري محلياً وفي الخارج، لم يرشح ايّ جديد عن اللقاء الباريسي بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، كذلك لم يسجّل ايّ جديد ايضاً في التواصل الجاري بين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي التقى أمس في معراب القائمَ بالأعمال الاميركي ريتشارد جونز وعرضَ معه التطورات الجارية محلياً وإقليمياً ودولياً. وعلِم انّ البحث تناول في جانب منه الاستحقاقَ الرئاسي وما يجري من حراك في شأنه.
بكركي
في هذه الأثناء لا تزال بكركي تنتظر ما سيَرشح من هذه الاتصالات لتبنيَ على الشيء مقتضاه. وعَلمت «الجمهورية» انّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يواصل اتصالاته الخارجية، خصوصاً مع فرنسا التي تشهد لقاءات رئاسية وتستعدّ لاستقبال الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني نهاية الشهر الجاري. وتشمل هذه الاتصالات عدداً من المسؤولين الفرنسيين الكبار، وكذلك تشمل الفاتيكان الذي ينسّق مع باريس في شأن مساعدة اللبنانيين على إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
فتفت
في ظلّ التطورات التي يشهدها الملف الرئاسي وعدم إعلان أيّ مِن الحريري أو جعجع موقفَيهما رسمياً، يتريّث أعضاء الفريقين بإعطاء تعليقات واضحة عن موقف الطرف الآخر. في هذا السياق علّق النائب أحمد فتفت على ترشيح جعجع المرتقَب لعون، فقال لـ«الجمهورية»: «عندما يتمّ هذا الترشيح نعلّق عليه، فلا يمكننا الحديث عن شيء لم يَحدث، إذ يُبنى على الشيء مقتضاه».
وعن لقاء باريس بين الحريري وفرنجية أكد فتفت أن «لا علم لي به، حتى إنني لا أعلم ما إذا كان حصل أم لا، وأعتقد أنه لو تمّ لأُعلِن عنه».
نديم الجميّل
ومِن جهته، قال النائب نديم الجميّل لـ«الجمهورية»، إنه «حتى اليوم ليس هناك أيّ طرح جدّي لرئاسة الجمهورية على الطاولة، بل تداوُل أسماء فقط «، ورأى أنّ «من غير المقبول أن يُطرح أيّ مرشّح من قوى 8 آذار من قبَل أيّ طرَف من قوى 14 آذار»، مؤكّداً: «إذا تمّ التوافق على مرشّح من 8 آذار نكون أمام استسلام كامل وانتحار سياسي لـ 14 آذار».
الحراك المدني
وتزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، شهدَ الحراك المدني عودةً «خجولة» إلى الشارع، إذ نفّذت أمس حملة «بدنا نحاسب» و»طلعِت ريحتكم» اعتصاماً أمام السراي الحكومي، احتجاجاً على تفشّي الفساد في مفاصل الدولة ومراوحة أزمة النفايات مكانها.
وسرعان ما انحرَف الحراك عن أهدافه، وخيمت حالٌ من الهرج والمرج في ساحة رياض الصلح بعدما حاولَ الناشطون نَزع التعزيزات الأمنية ورشقَ السراي بالبيض.
ولم تنتهِ الامور عند هذا الحد، إذ عَمدت مجموعة من الشباب للتسَللِ إلى وزارة البيئة والاعتصام في أروقتها، قبل أن تحضر قوّة مكافحة الشغب وتعمد إلى إخراجهم واقتيادهم للتحقيق معهم في ثكنة الحلو.
مرجع أمني
وتعليقاً على مجريات اليوم الأمني في رياض الصلح ومحيط مبنى اللعازارية حيث وزارة البيئة، قال مرجع أمني لـ«الجمهورية» إنّ التدابير الأمنية التي اتّخِذت راهنَت في البداية على الهدوء والتوجّه لدى مجموعات الحراك المدني بالحفاظ على سِلمية التحرّك ووقف أيّ اعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وليس الاعتداء على الوزارات والمباني الرسمية، معتبرةً أنّ ما جرى شكّلَ خرقاً لِما تعهّدَ به مثيرو الشغب وانحرافاً للحراك المدني الهادئ والهادف الى طرح قضايا الناس وهمومِهم.
وقال المرجع «إنّ تكرار هذه المخالفات سيَدفع القوى الأمنية الى التصدّي لأيّ خرقٍ أمني أياً كانت النتائج المترتّبة على مثل هذه التصرّفات المنحرفة. فالإجراءات الأخيرة التي رافقَت تفكيك الحواجز في ساحة رياض الصلح ومحيطها لم تكن دعوةً مجانية للّجوء إلى أعمال الشغب، بل لتنشيط الحركة الاقتصادية في وسط العاصمة.
وردّاً على أعمال قطع الطرق في بيروت والمناطق، من الشمال وطرابلس الى بيروت والبقاع، التي رافقَت إطلاق سماحة، تحدّثَ المرجع الأمني عن اتصالات هادئة تجري على مستويات عدّة لمنعِ إقفال الطرق وتجاوز القوانين وحماية المتظاهرين شرط عدم المسّ بأمن الناس والممتلكات العامة والخاصة.
الجمهورية : «14 آذار» إلى الشارع رفضاً لإطلاق سماحة... والتعيينات قريباً
الجمهورية : «14 آذار» إلى الشارع رفضاً لإطلاق سماحة......لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
380
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro