عذراً وسام الحسن. في وطن دفعت حياتك من أجل منعته وعدله وعدالته، ثمة من يرفع لواء الإرهاب والترهيب فوق قوس العدالة ولا يقيم أي وزن للحق والحقيقة في ميزان العدل. إنه الخميس الأسود في تاريخ الوطن والقضاء سطّرته أيدي ضباط محكمة التمييز العسكرية، قراراً مشيناً مداناً بدم الشهداء الأحمر، حين أطلقت المجرم الإرهابي الموصوف والمضبوط بالجرم الأسدي المشهود ميشال سماحة في صفقة مريبة أخلت سبيله بثمن بخس ووضعت المحكمة العسكرية بحد ذاتها في قفص الاتهام والمساءلة اقتباساً من سؤال شهيد الإرهاب الأسدي نفسه سمير قصير حين حاصر «عسكرتاريا» الوصاية بسؤاله الشهير: عسكر على مين؟ لتعود علامة الاستفهام مجدداً اليوم برسم فلول ضباط الوصاية ومحكمتها: «عسكرية».. على مين؟ طالما أنها أثبتت بأحكامها المبتورة المبرمة كونها محكمة غير صالحة للاقتصاص القانوني العادل «باسم الشعب اللبناني» من مجرمي الإرهاب والقتل والعمالة والتآمر على الوطن وأبنائه العزّل والعسكريين، على شاكلة مجرم الأسد سماحة، ومجرم «حزب الله» قاتل الضابط سامر حنا، والعميل العوني لإسرائيل فايز كرم!

ولعلّ ما عزّز دوافع الاشتباه بقرار إخلاء محكمة التمييز العسكرية سبيل سماحة مقابل كفالة مالية مقدارها 150 مليون ليرة بغض النظر عن شريط إدانته وتجريمه الذي يوثّق بالصوت والصورة وقائع مؤامرته التفجيرية الدموية الدنيئة مع اللواء علي مملوك، «سابقة» تبديل ضابطين من أعضاء المحكمة الأربعة قبل شهر ونصف الشهر تمهيداً وتوطئة لضمان إصدار هذا القرار بإجماع أعضائه أمس وفق ما أفادت مصادر عدلية «المستقبل»، بحيث تم حينها استبدال العميد طوني شهوان بالعميد غبريال خليفة، والعميد أحمد الحصني بالعميد أسامة عطشان.

الحريري

وإزاء قرار «إطلاق مجرم متورط بواحدة من أقذر الجرائم بحق لبنان»، وصف الرئيس سعد الحريري إجماع الضباط على اتخاذه بأنه «إجماع على تقديم مكافأة مجانية للمجرم باسم القانون وانتهاك لمشاعر معظم اللبنانيين»، مشدداً على أنه إجماع «عار ومشبوه» تعهّد بعدم السكوت عنه. وأضاف في سلسلة تغريدات عبر موقع «تويتر»: «نشعر في هذا اليوم بالقرف من عدالة منقوصة وبالخوف على أمن اللبنانيين طالما ستبقى الأبواب مفتوحة للمجرمين للهروب من الحكم العادل»، متوجهاً في المقابل بالتحية إلى روح الشهيد وسام الحسن وإلى أبطال شعبة المعلومات الذين يقومون بدورهم في حماية الوطن، وختم: «رحم الله الشهداء الذين سقطوا فداء للبنان وحريته وسلامته، ولعن الله المجرمين ومن يقف وراءهم».

ومساءً، إثر ارتفاع بعض أصوات المدافعين عن إجرام سماحة وقرار إطلاق سراحه وفي مقدمهم «حزب الله»، رد الحريري بشكل مقتضب على هذه الأصوات قائلاً في تغريدتين متتاليتين: «المدافعون عن المجرم أكثر إجراماً منه، أول الغيث: الرد على هذه الهرطقة القانونية بمشروع قانون تعديل صلاحيات المحكمة العسكرية».

جنبلاط

بدوره، دان رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط قرار إخلاء سماحة بوصفه «استباحة لشعور الناس وطعناً عميقاً في العمل الجبّار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب»، لافتاً الانتباه إلى أنه يأتي بمثابة «تشريع للجريمة إن لم يكن تشجيعاً لها».

السنيورة

كذلك، وضع رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة قرار المحكمة العسكرية في خانة تقديم «هدية للمجرم على طبق من ذهب»، مضيفاً: «لن نقبل بهذا القرار الظالم وسنلجأ الى الوسائل الشرعية والسلمية والديموقراطية حتى تأخذ العدالة طريقها في معاقبة المجرمين».

الجميل 

أما رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل فدعا رداً على قرار إخلاء سماحة إلى إلغاء المحكمة العسكرية، وسأل: «هل يجوز أن يتساوى (في مدة الحكم) شخص أعطى شكاً بلا رصيد مع شخص كان يريد تفجير البلد؟»، مذكّراً في هذا السياق بأنّ «جريمة ميشال سماحة حصلت بالجرم المشهود وحجمها كبير وخطير ضمن إطار عملية تمّت بناء على تعليمات خارجيّة».

جعجع

بدوره، استغرب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إطلاق سماحة بعدما «تآمر مع جهة خارجية لارتكاب أعمال قتل وتفجير في بلاده ونقل متفجرات لهذه الغاية وجنّد أشخاصاً لتنفيذها»، وسأل: «أي رسالة بعثها رئيس المحكمة والضباط المعاونون إلى اللبنانيين بهكذا قرار؟»، خاتماً بالقول متأسفاً: «بئس هذا الزمن لكننا لن نرضخ».

ريفي

وكان وزير العدل أشرف ريفي قد علّق على قرار إخلاء المجرم سماحة بالقول لدى خروجه من جلسة مجلس الوزراء: «مرة جديدة أجد نفسي مضطراً لأن أنعي المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني (...) بئس هذا الزمن التي يتآمر فيه قاضٍ وضابط على أمن وطنه»، متعهداً في المقابل القيام بما يمليه عليه ضميره وواجبه الوطني تجاه هذه القضية، مع دعوته اللبنانيين إلى «العمل على دعم وإقرار مشروع القضاء المختص البديل» عن المنظومة القضائية الاستثنائية التي يبدو أنها «تميز بين إجرام تعتبره صديقاً وإجرام تعتبره عدواً»، بغية الوصول إلى «معيار واحد من دون تفرقة أو تمييز» بين المجرمين.

المشنوق

كذلك، وصف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يوم أمس بأنه «يوم أسود في تاريخ القضاء»، مؤكداً أنّ قرار إخلاء سبيل سماحة إنما يشكل «إدانة واضحة ومؤكّدة لمحكمة التمييز العسكرية بكلّ المعايير الوطنية والقانونية والمنطقية»، وختم: «سيكون لنا موقف أعلى بكثير ممّا يظن زبانية تبرير القتل والتفجير من قبل النظام السوري».

إدانة شعبية.. وتحركات مناطقية

ميدانياً، وما أن شاع قرار إخلاء سبيل المجرم سماحة في الأوساط الشعبية حتى تداعى عدد من المواطنين أمس للتعبير عن رفضهم هذا القرار المشبوه والمتواطئ مع القتلة والمجرمين، بحيث عمد عدد من الأهالي والشبان إلى قطع الطرق احتجاجاً في العاصمة وبعض المناطق تأكيداً على الإدانة الشعبية لقرار المحكمة العسكرية. في حين ستكون للمنظمات الشبابية في 14 آذار وقفة احتجاجية مساء اليوم في موقع التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة اللواء الشهيد الحسن في منطقة الأشرفية للتعبير عن رفض قرار إطلاق سماحة وتجديد التمسك بمفاهيم العدالة ومعايير القانون والعدل الواجب أن تسود في الدولة من دون أي تمييز بين مواطن وآخر.