انقضى عام على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، خلفاً لأخيه الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وهو عام من الحزم مفعم بالإنجازات، والقرارات الشجاعة، والإجراءات التي أفاد منها أبناء المملكة، والخطوات الحازمة والحاسمة في السياسة الخارجية السعودية التي انتقلت في عهد الملك سلمان إلى خانة الإجراء الفوري الذي لا يعرف تردداً، ولا يتهاون في مصلحة البلاد والأمتين العربية والإسلامية. وكان آخر قراراته قطع العلاقات مع إيران عقب اعتداءاتها على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد.

وشهد العام الذي انقضى منذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين أحداثاً دولية جساماً، وتفاقمت خلاله أوضاع المنطقة، لكن الملك سلمان تحرك بحكمة وحزم، فأعلن «عاصفة الحزم» وأتبعها بـ»إعادة الأمل» في اليمن، ثم إعلان التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب. كما واصل بهمة عضوية المملكة في مجموعة الـ20، وأضحت الرياض في عامه الأول في الحكم قبلة للاتصالات الدبلوماسية العربية والأجنبية، مكرساً ومعززاً موقع المملكة كقوة اقتصادية وسياسية وعسكرية.

ولمناسبة الذكرى السنوية الأولى للبيعة أكد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، أنه «عام حافل بالإنجازات التي تتجاوز كل التوقعات وتؤسس لمستقبل واعد لهذا الوطن المجيد وأبنائه الأوفياء وتعكس بوضوح حكمة قائد محنك.. وصواب رأيه.. وصلابة قراره.. وبعد نظرته.. وسداد حكمته«. وقال: «لقد تحولت المملكة العربية السعودية في ظل السياسة الحكيمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين إلى وجهة عالمية لقادة ورؤساء العالم وصناع القرار ورجال المال والأعمال من مختلف الدول والتوجهات ثقة منهم في حكمة ورؤية قائد محنك وتطلعهم لدور مهم لبلد يحتل موقعه الاستراتيجي الأهم في خارطة العالم.. وستواصل المملكة بقيادته مسيرتها المباركة تجاه سعادة واستقرار مواطني هذا البلد الكريم وتحقيق الأمن والسلم الدوليين من خلال سياسة حكيمة عادلة ومواجهة استباقية فاعلة للجريمة الإرهابية والقائمين بها والداعمين لأعمالهم الشريرة التي تخالف تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وقيمنا الأصيلة وتستوجب منا جميعاً وقفة حاسمة مع الفكر المتطرف والتدخل السافر في شؤون دولنا والمساس باستقرار وأمن ونماء شعوبنا«.

وللمناسبة أيضاً، قال ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان: «يمكن أن نطلق على هذا العام عام الحزم والإنجازات؛ فعلى المستوى الوطني أسهمت الأوامر التي أصدرها في بداية عهده الميمون في إعادة هيكلة أجهزة الدولة وبخاصة أجهزة مجلس الوزراء وما استتبع ذلك من إلغاء العديد من المجالس والهيئات، وتكوين مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وحيث أسهم مجلس الشؤون السياسية والأمنية في تفعيل رؤى سيدي خادم الحرمين الشريفين على المستوى السياسي والأمني، وتعزيز موقع المملكة على المستويين الإقليمي والدولي، وأصبحت المملكة خلال العام المنصرم مقصداً للعديد من زعماء العالم وقادته مما يؤكد الثقل والموقع المتميز للمملكة في خارطة العالم». وأضاف أن «استجابته للحكومة الشرعية لليمن بمشاركة العديد من الدول العربية والإسلامية لإعادة بسط نفوذها على الأراضي اليمنية ومحاربة الميليشيات الانقلابية، أسهمت ولله الحمد في عودة الحكومة الشرعية للأراضي اليمنية (...) وفي هذا السياق جاءت دعوته لمحاربة الإرهاب والتصدي له من خلال تشكيل التحالف الإسلامي العسكري بقيادة المملكة وتأسيس مركز عمليات مشتركة في مدينة الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية في محاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود، ولقد لقيت هذه الدعوة ولله الحمد استجابة وترحيباً من العديد من الدول الشقيقة والصديقة«.

وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والتنمية، قال ولي ولي العهد إن المملكة بتوجيهات الملك سلمان، استمرت «في تحديد الأولويات الاقتصادية، والمبادرات والبرامج اللازمة لدعم المشروعات التنموية المختلفة، مع مراعاة آثار انخفاض أسعار النفط على موازنة الدولة ومعالجتها بما لا يؤثر على احتياجات الوطن والمواطن، وكان لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية جهود كبيرة في تنفيذ توجيهاته، واتخاذ خطوات عملية لإعادة هيكلة اقتصاد المملكة لتحقيق أحد أهم أهداف المملكة التنموية ألا وهو تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط وفقاً لخطط مرسومة على المدى القريب والمتوسط ، والبعيد«.

وأكد وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير، أن «المملكة واصلت المسير بقيادة خادم الحرمين على محددات ومرتكزات ثابتة في سياستها الخارجية، لا تحيد عنها، تقوم على مبدأ حُسن الجوار، وعدم التدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وخدمة القضايا الإسلامية والعربية، والقيام بدور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية وذلك لتعزيز العلاقات الثنائية لخدمة المصالح المشتركة، وخدمة الأمن والسلم الدوليين«.

وبين أنه «عند تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم أكد على سياسة حكومة المملكة حين قال: سنواصل مسيرتنا في الأخذ بكل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا، مهتدين بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ارتضاه المولى لنا، وهو دين السلام والرحمة والوسطية والاعتدال، ليبدأ بذلك عهدًا جديدًا على النهج القويم، الذي وضع قواعده مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، وسار على نهجه أبناؤه الملوك البررة رحمهم الله وصولا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز«.

وأضاف: «منذ اليوم الأول لتولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم، شهدت الديبلوماسية السعودية حراكاً كبيراً في مختلف الاتجاهات، بدءاً بالزيارات التي قام بها يحفظه الله لمدن العالم ومرورا بالقمم التي احتضنتها المملكة. كما كانت المملكة العربية السعودية وجهة العديد من زعامات العالم وقادته بهدف تعزيز العلاقات المشتركة وتنمية المصالح المتبادلة والتنسيق والتشاور المستمر في كافة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك«. ولفت الجبير إلى أن «العام المنصرم شهد تحديات جمة أمام دول الإقليم، انبرت لها المملكة بقيادة الملك سلمان لجمع العرب والمسلمين على كلمة سواء، والعمل بكل عزم وحزم لحل الأزمات القائمة، ومحاربة التطرف والإرهاب الذي يغزو العالم، وذلك بما يحفظ أمن الشعوب ووحدتها الوطنية وسلامة أقاليمها وفق مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، وبما يحافظ على حق الإنسان العربي وكرامته في أوطان مستقرة يسودها الأمن والرخاء«.

وبدوره أكد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الفريق الأول الركن عبد الرحمن بن صالح البنيان لمناسبة الذكرى السنوية الأولى للبيعة أنه «عام من الإصلاحات والعطاءات والترتيبات والإنجازات والمكتسبات في وطن يسير بخطى ثابتة وراسخة نحو مستقبل زاهر بقيادة سلمان الحزم والعزم والحكمة«.