مئة يوم مضت على التدخل العسكري الروسي في سوريا ولم تتضح بعد النتائج العسكرية والميدانية لهذا التدخل وكذلك النتائج السياسية، فقد بقيت الصورة العامة لما قبل التدخل الروسي على حالها بالرغم من الضربات الجوية المتلاحقة التي تعلن عنها وزارة الدفاع الروسية بالتنسيق من قوات النظام السوري .
حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تسويق هذا التدخل في سياق محاربة الإرهاب سيما تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن سياق الأحداث العسكرية في سورية، ومن خلال نظرة بسيطة إلى التدخل العسكري الروسي، يتبين أن ثمة معطيات أخرى أرادها الروسي تحت عنوان محاربة الإرهاب، وعلى ما يبدو فإنه لم يحقق أهدافه بعد، فلجأ في الأيام الأخيرة إلى الأساليب الهمجية بالقصف الذي بات يستهدف المدنيين بشكل علني ومكشوف، وتحدثت تقارير إعلامية عدة عن استهداف المدارس والمساجد والتجمعات المدنية في سوريا وفي ذلك مؤشر على نوايا أخرى روسية بعيدة عن الأهداف المعلنة للتدخل الروسي .
لقد اقتصر التدخل الروسي على استهداف القوات والمجموعات المعارضة للنظام السوري وهي التي أسماها الغرب المعارضة المعتدلة، ويستهدف مؤخرا المدنيين، فيما لم يوجه سلاح الجو الروسي ضربات قاصمة لتنظيم داعش بالتحديد وهو الذي كان من الأهداف الاساسية للتدخل العسكري الروسي .
وقد أدى هذا التدخل ويؤدي الى تدمير سوريا ورسم خارطة جديدة حسب رغبات النظام السوري بحفظ الدولة العلوية وامتداداتها وهي ترتبط أيضا على ما يبدو بما يحاك من خطط تقسيمية لسوريا أخذ الروسي تنفيذها على عاتقه . كما أدى هذا التدخل إلى زيادة وتيرة نزوح المدنيين في مؤشر علني لاستهداف المدنيين وتجمعاتهم ويرتبط ذلك بصورة أو بأخرى بالخارطة الجديدة التي يجري تسويقها سياسيا وعسكريا .
إن الجريمة الروسية في سوريا لم تعد خافية على أحد وأصبح استهداف المدنيين من قبل سلاح الجو الروسي أمرا علنيا بتغطية من النظام وأعوانه وحلفائه، وفي ذلك جريمة حرب موضوفة لا يمكن الإستمرار بتجاهلها عربيا ودوليا . إن القضاء على الشعب السوري وتشتيته بهذه الطريقة بات هدفا بحد ذاته للوصول إلى المآرب السياسية لهذه اللعبة القذرة التي تستهدف سوريا وشعبها .