الأكيد، ان لا تعديلات على برنامج الجلسة التي دعا الرئيس تمام سلام مجلس الوزراء إلى عقدها غداً، بعد توقف استمر خمسة أشهر، وفي ظل إصرار على ان تكون الجلسة منتجة، وغير قابلة للمساومة، أو إعادة اغراق الحكومة في المتاهات السابقة التي أدّت إلى شللها، وإلى المراوحة المعروفة، سواء في استمرار الشغور الرئاسي أو تعطيل جلسات مجلس النواب، أو شل قرار الدولة باتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات في تفعيل الإدارة وتلبية مطالب النّاس المتراكمة الاجتماعية والمالية والإدارية.
وقبل 48 ساعة من موعد الجلسة، بدا «التيار الوطني الحر» غير حاسم لقراره بالمشاركة البعيدة عن الشروط، والتذكير بما يعتبره مطالب سابقة ومشروعة، أو الالتزام بآلية يقترحها قبل العودة إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء.
وعزت مصادر سياسية «دلع» التيار العوني في ما خص المشاركة إلى رهان متزايد على تحول متوقع يتمثل في تبني «القوات اللبنانية» ترشيح رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون للرئاسة الأولى.
من هنا، تضيف هذه المصادر، ان مسألة المشاركة في الحكومة وتفعيل انتاجيتها لا تحظى بالمرتبة الأولى لدى التيار، خلافاً لما هو الحال لدى «حزب الله» والرئيس نبيه برّي اللذين يتشاطران مع النائب وليد جنبلاط، وربما تيّار «المستقبل» أيضاً من ان خطوة «القوات» إذا حصلت فإن من شأنها ان تعيد خلط الأوراق السياسية محلياً، من دون ان يعني هذا التطور حسماً لملف الشغور الرئاسي، وانتخاب رئيس تصبح معه «حكومة المصلحة الوطنية» الحالية بحكم المستقيلة.
ولم يخف وزير الداخلية نهاد المشنوق انه بحث مع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على مدى ما يقرب من مائة دقيقة موضوع الانتخابات الرئاسية وما يحيط بها، بما في ذلك مسألة ترشيح جعجع للنائب عون.
وأكّد المشنوق ان نقاشه مع جعجع في معراب دار حول هذا الترشيح المرتقب، داعياً إلى التروي والهدوء «فنحن نمر في مرحلة عواصف سياسية تحتاج إلى مداراة، ولسنا بحاجة إلى المزيد من المواجهة»، معتبراً ان انتخاب رئيس للبنان «قرار إقليمي ودولي غير متوافر الآن، والمشكلة في القرار وليس في الحوار» (راجع ص 3).
وتوقع مصدر قواتي ان يتم الإعلان عن تبني الترشيح من معراب في مؤتمر صحفي يعقد بعد زيارة النائب عون لجعجع في معراب.
«حزب الله» يسأل
وفي أوّل إشارة علنية، بعد الكلام الذي سمعه أركان 14 آذار في لقاء «بيت الوسط»، قبل أيام قليلة من نائب رئيس «القوات» النائب جورج عدوان، أعلن المستشار السياسي لجعجع العميد المتقاعد وهبة قاطيشا، ان مثل هذا الخيار تناقشه «القوات» منذ شهرين، أي منذ ان كشف النقاب عن ترشيح الرئيس سعد الحريري لرئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وهي تعتبر انه من الأفضل السير بعون ليس غراماً به، بل لأنه أفضل من فرنجية، معتبراً (أي قاطيشا) اننا لا نناور في موضوع ترشيح عون، رغم اختلاف وجهات النظر الاستراتيجية في المنطقة.
وختم: «ونحن بتحالفنا مع عون يصبح لدينا 70 أو 80 في المائة من التمثيل، وبالتالي لا يمكنهم القول مجدداً: «اتفقوا»، في إشارة إلى المسلمين».
وازاء عملية خلط الأوراق التي تتوقع الأوساط العونية حدوثها قريباً، وقبل ان يعود النائب فرنجية من باريس، حيث التقى الرئيس الحريري للمرة الثانية، وكان الموضوع بينهما الموقف إذا دعمت «القوات» عون، وضع «حزب الله» هذا الاحتمال على الطاولة، وفق الخطة التالية:
1- التحقق مباشرة من ان الخطوة ستحصل، لذا سأل الوفد المفاوض في تيّار «المستقبل» عن معلوماته عنها، وعن خياراته، أي كيف سيتصرف المستقبل، فهل سيوفر النصاب لجلسة انتخاب الرئيس مثلاً؟
2- وفقاً لما ينقل عن مصادر في الحزب، فإن تأمين النصاب غير مرتبط بترشيح جعجع لعون.
3- حتى الساعة، لم يظهر في الأفق السياسي ما يدل إلى تباين ظاهر بين الرابية وحارة حريك.
4- ان الموقف الذي نقل عن الرئيس نبيه برّي بأنه سيترك لكتلته حرية الاقتراع الرئاسي لا يُشكّل المخرج للحزب الملتزم مع عون في «السراء والضراء» في هذه المرحلة، بل أن الموقف سيكون محرجاً عندما يجد الحزب نفسه في صندوقة انتخاب واحدة مع «القوات اللبنانية» الأمر الذي يُشكّل له إحراجاً، على غير صعيد، لا سيما مع النائب فرنجية صديق المقاومة منذ حقبة الوصاية السورية وحتى ما قبلها.
كتلة «المستقبل»
ومن جهته، أوضح مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» أن الكتلة ناقشت في اجتماعها الأسبوعي أمس، كل هذه التطورات على صعيد الاستحقاق الرئاسي، وتقرر أن تتخذ الموقف المناسب حين تصبح الترجيحات المرتقبة من قبل «القوات» واقعاً، علماً أن النائب عدوان أبلغ عضو الكتلة النائب أحمد فتفت على هامش اجتماع لجنة قانون الانتخاب أمس، أن لا شيء مستعجلاً أو ضاغطاً في مسألة ترشيح عون، خلافاً لما تشيعه مصادر الرابية.
وكشف المصدر أن جولة الحوار التي انعقدت مساء أمس الأول في عين التينة مع حزب الله خلصت إلى نتيجة عملية وهي الاتفاق على التهدئة، بمعنى الابتعاد عن التجريح الشخصي، وتفعيل عمل الحكومة.
وبالنسبة للنقطة الثانية، فقد اتخذت الكتلة موقفاً من الشروط العونية لتفعيل عمل الحكومة، وهو عدم الخضوع للإبتزاز، مع العلم أن الشروط العونية بالنسبة للتعيينات العسكرية غير واضحة بعد، وما إذا كانت تشمل تعيين قائد جديد للجيش أم ملء الشغور فقط في المجلس العسكري.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس السنيورة أبلغ نواب الكتلة بأنه تلقى نصائح من جهات أمنية بضرورة اتخاذ إجراءات أمنية محددة لحمايته من تهديدات.
مجلس الوزراء
وكانت مسألة التعيينات الأمنية قد حضرت بقوة في الاتصالات التي أعقبت جلسة الحوار الوطني الاثنين الماضي في عين التينة باعتبارها المدخل من وجهة نظر حزب الله - عون لمعاودة جلسات مجلس الوزراء وتفعيل عمل الحكومة، بحيث تشكّل جلسة الخميس باكورة الجلسات وليس نهاياتها.
ولأن مشاركة عون تقتضي تحقيق بعض مطالبه، لا سيما التعيينات الأمنية، وفي ظل الخلاف المتفاقم حول ما يطالب به عون من أن يبدأ تشكيل المجلس العسكري، بدءاً من رأس الهرم، أي قائد الجيش، يجري تداول اقتراح بتقديم وعد لعون بتعيين قائد جديد للجيش بعد انتهاء مُـدّة التمديد الحالي للعماد جان قهوجي، أي بعد سبعة أشهر من تاريخه، على أن يؤخذ باقتراح رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» بما يتصل بتعيين الضابطين الأرثوذكسي والكاثوليكي في المجلس العسكري.
ووفقاً لمصادر المعلومات، فإن أياً من هذين الاقتراحين لم يبتّ بهما بعد، وأن الاتصالات تتمحور حولهما في الساعات الفاصلة عن موعد الجلسة، فإذا حصل توافق يحضر عون، ممثلاً بوزارئه الثلاثة، ويحضر «حزب الله»، وإلا فإنهما سيمتنعان عن المشاركة في جلسة الغد، وإن كانت بعض المصادر تُشير إلى أن هناك اقتراحاً آخر يقضي بأن يحضر الوزراء الخمسة ويكرر وزير التيار العوني مطالب التكتل، ثم يُبنى على الشيء مقتضاه.
وأكدت مصادر وزارية معنية بالملف العسكري لـ«اللواء» أن استكمال تعيين أعضاء المجلس العسكري هو أمر ضروري، ولكنها نفت أن يكون الأمر قد تمّ الاتفاق عليه، وتمنّت المصادر أن لا يكون هذا الأمر عائقاً أمام نجاح جلسة مجلس الوزراء، متوقعة حضور جميع مكونات الحكومة جلسة الخميس.
أما مصادر السراي فقد أكدت من ناحيتها أن لا اتفاق حتى الساعة حول موضوع التعيينات العسكرية، وأملت حضور جميع الوزراء جلسة الخميس لتكون جلسة ناجحة ومثمرة من أجل مصلحة المواطنين اللبنانيين.
وأوضح مصدر وزاري لـ«اللواء» أن الرئيس سلام لن يخضع لأي ابتزاز بعد أن عيّن موعداً للجلسة، وبعد أن انتظر خمسة أشهر، مشدداً على أن جلسة الخميس ستعقد بمن حضر ما دامت كل الطوائف ممثلة.
وجزم المصدر بأن تعيينات المجلس العسكري لن تُطرح في الجلسة ما لم يكن هناك اتفاق عليها بين القوى السياسية قبل الخميس، مشيرة إلى أن قائد الجيش هو المخوّل بطرح الأسماء وليس أي فريق سياسي لوحده، في إشارة إلى أنه حتى الساعة لم يتم التشاور مع وزراء الرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب اللذين لديهما ستة وزراء، ولا يجوز بالتالي أن يكون الحل بمعزل عن هذين المكونين الحكوميين.
وسئل المصدر عن موقف حزب الكتائب في هذا الشأن فأكد أن قبول هذه التعيينات رهن بموافقة قائد الجيش على الأسماء المقترحة الثلاثة: الشيعي والأرثوذكسي والكاثوليكي.