المشكلة في لبنان ليست انتخاب رئيس جمهورية بل المشكلة في لبنان هي توقيت انتخاب رئيس للجمهورية، ذلك ان كل طرف لديه توقيت خاص به في شأن انتخاب رئيس للجمهورية. فاذا أخذنا مثلاً الرئيس سعد الحريري فهو مستعجل على انتخاب رئيس جمهورية لانه يريد ان يعود الى رئاسة الحكومة، ويعتبر ان رئاسة الحكومة هي مصدر رزق كبير له، ومصدر نفوذ ومصدر خدمات وعبر رئاسة مجلس الوزراء، يمكنه شدّ حبال السنّة في لبنان واسترجاع شعبيته السنيّة، ولعب دور سياسي هام في لبنان، من خلال مركز رئاسة مجلس الوزراء.
اما الوزير سليمان فرنجية فلم يكن مستعجلا على انتخابات رئاسة الجمهورية، وكان ينتظر ماذا سيحصل مع العماد ميشال عون في عناده لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية ووجود فيتو ضد العماد ميشال عون من قبل الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط وتيار المستقبل او السعودية لوصوله الى الرئاسة، حتى ان الوزير سليمان فرنجية كان يبقى كل الوقت في بنشعي ولا يتعاطى السياسة كثيرا وقرر ترشيح نجله طوني فرنجية الى المقعد النيابي والتعاطي في السياسة في شكل عام دون التفاصيل، وبعدما رشح الرئيس سعد الحريري الوزير فرنجية اصبح الوزير سليمان فرنجية يريد الانتخابات الرئاسية ان تجري في سرعة وان يتم انتخابه رئيسا للجمهورية بعدما أيده تكتل المستقبل المؤلف من 40 نائبا وبعدما أيده تكتل اللقاء الديموقراطي برئاسة الوزير وليد جنبلاط والمؤلف من 11 نائباً، اضافة الى نواب اخرين، واعتقاده بأن الرئيس بري سيؤيده وبالتالي ضَمَن الرئاسة لنفسه، ولذلك اصبح الوزير سليمان فرنجية مستعجلا على الرئاسة.
اما العماد ميشال عون فطالما ان حظوظه ليست كبيرة في الوصول الى رئاسة الجمهورية، فتوقيته جامد ومتأخر عن الآخرين، ولا يريد السرعة في انتخابات رئاسة الجمهورية، ويعتبر انه خطا خطوة ناجحة من خلال تأييد الدكتور سمير جعجع له او تقارب الدكتور سمير جعجع معه الى حد القول ان قائد القوات اللبناتنية سيرشح العماد عون لرئاسة الجمهورية، وعلى كل حال ابتعد الدكتور سمير جعجع عن الحريري واقترب من العماد عون سياسيا، وهكذا شعر العماد ميشال عون ان معركته السياسية لرئاسة الجمهورية اصبحت حظوظها اكبر مع 9 نواب من القوات اللبنانية اذا ايدوه، ويعتبر العماد ميشال عون ان 5 نواب من حزب الكتائب لن يخرجوا عن الصف المسيحي ويذهبوا ويؤيدوا مرشح الرئيس سعد الحريري الوزير سليمان فرنجية، بل سيلتزمون بالتحالف مع التيار الوطني الحر ومع القوات اللبنانية لان مصلحة حزب الكتائب في الانتخابات النيابية هي مع التيار الوطني الحر ومع حزب القوات اللبنانية.
اما مع الحريري وفرنجية فمصلحتهم الانتخابية ليست كبيرة لان المناطق المشتركة لمقاعد الكتائب هي مشتركة مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
ومن هنا نرى ان العماد عون غير مستعجل على انتخابات رئاسة الجمهورية، ويعتبر ان الرئيس سعد الحريري خضع ورفع سقفه في التأييد الى الوزير سليمان فرنجية، وبالتالي، فمعنى ذلك انه لاول مرة تيار المستقبل يؤيد مرشح ماروني من 8 آذار، ومن هنا فان العماد ميشال عون وحزب الله لن يرضيا بعد الان النزول تحت سقف الوزير سليمان فرنجية، بل يريدان ما فوق سقف الوزير سليمان فرنجية، وبالاتجاه الصاعد، وبالتالي، الاتجاه الصاعد بعد الوزير سليمان فرنجية هو العماد ميشال عون، فكما قبلت 14 آذار بالوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، فلا شيء يمنعها من ان تقبل بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، طالما انها في ازمة وطالما ان الرئيس سعد الحريري يرغب في الوصول الى رئاسة مجلس الوزراء بأسرع وقت، ونظرا الى حاجته للمال وللنفوذ ولجمع اهل السنّة حوله.
واذا كان توقيت العماد ميشال عون متأخراً وغير سريع، بانتظار ان يصل القطار الى محطته رئاسيا، فان توقيت حزب الله هو توقيت غير مستعجل على انتخابات رئاسة الجمهورية، ويعتبر ان الملف النووي بين ايران ودول الغرب انتهى، وعلاقة ايران مع الغرب تتحسن، والعقوبات يجري رفعها عن ايران تدريجيا، كذلك بعدما كان الطلب الاوروبي والاميركي هو الاول برحيل الرئيس بشار الاسد، باتت اميركا واوروبا تعلن عن قبول بقاء الرئيس بشار الاسد حتى عام 2017، وبالتالي لم يعد حزب الله في مشكلة من ناحية تثبيت الرئيس بشار الاسد، بل على العكس فان من وافق ان يبقى الرئيس بشار الاسد حتى عام 2017 سيقبل تحت الضغط ان يبقى الرئيس بشار الاسد حتى عام 2021، اي تمضية مدة ولايته كلها. وحتى ذلك الحين، لكل حادث حديث.
ثم ان حزب الله ارتاح في المعركة العسكرية في سوريا، وبدأ يحقق انجازات مع الجيش العربي السوري، وموازين القوى تنقلب لصالح النظام وحزب الله وايران، فلماذا اذاً اعطاء السعودية ورقة اختيار رئيس الجمهورية، عبر القبول بمن يختاره الرئيس سعد الحريري. ولذلك فان حزب الله لن يعطي هذه الورقة الى السعودية.
ثانيا، يرى حزب الله ان تحقيق خطوات عسكرية ناجحة في سوريا وتقدم متزايد في سوريا عسكريا على الارض، يعطيه اوراقا في لبنان بشأن انتخابات رئاسة الجمهورية، ولذلك لا يستبعد حزب الله ايصال العماد عون الى رئاسة الجمهورية، وعندها فقط يقبل بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، في ظل رئاسة العماد عون الذي يملك شعبية مسيحية كبيرة ويملك كتلة نيابية كبرى، خاصة اذا جرت الانتخابات النيابية على قاعدة النسبية، فسيكون رئيس الجمهورية متسلحا بكتلة نيابية كبيرة مع حلفائه وبالتالي، يمكن اقرار التوازن ضمن وجود تحت ظل الطائف، ولكن من الناحية السياسية يكون رئيس الجمهورية اقوى من رئيس الحكومة، واذ ذاك يقبل حزب الله بانتخاب رئيس جمهورية ومجيء العماد ميشال عون، ومن دون ذلك لن يقبل حزب الله باقتراح الرئيس سعد الحريري ترشيح الوزير سليمان فرنجية.
ويقول مصدر قريب من حزب الله ان من اوصل الحريري الى تبني ترشيح الوزير سليمان فرنجية، قادر على ايصال الرئيس الحريري والسعودية الى تأييد العماد عون، فلم يعد الا درجة واحدة تخطوها السعودية لتؤيد العماد ميشال عون، بالتنسيق مع اوروبا الغربية، فرنسا وايطاليا والفاتيكان والمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة. وعندها يكون حزب الله قد حقق انتصارا كاملاً واذ ذاك يقبل بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، والا ما لم يتم انتخاب عون رئيسا للجمهورية، فلا مكان للرئيس الحريري في رئاسة الحكومة، كما قال النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في خطابه، بأنه لا مكان للرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة، وقالها علناً دون ان ينفي الموضوع اي مسؤول عال او قيادة حزب الله في شأن كلام النائب محمد رعد.
التوقيع هو المشكلة، ولذلك فان حزب الله غير متسرع بانتخابات رئاسة الجمهورية، وليس مستعجلا ابدا، فاما ان يأتي رئيس جمهورية يقوم بتغيير الامور جذريا او فليبق الوضع كما هو دون مشاكل امنية ودون فتنة سنية - شيعية ودون تفجيرات الى حين الاتفاق على العماد ميشال عون بعد تغيير الاوضاع في سوريا لصالح الرئيس بشار الاسد وحزب الله، وبعد عودة مقاتلي حزب الله من سوريا الى لبنان بقوة عسكرية كبرى تجبر بقية الاطراف على القبول بوجهة نظر حزب الله الذي انتصر في سوريا.


اما بالنسبة الى الوزير وليد جنبلاط، فلا تفرق معه الامور، فهو في ظل رئيس للجمهورية يسيطر على الشوف وعاليه، وفي غياب رئيس للجمهورية يسيطر على الشوف وعاليه، وبالتالي فان انتخاب رئيس للجمهورية لن يغير اي شيء على الوزير وليد جنبلاط. بل اماكن نفوذه ونوابه مضمونة حالياً وهو ليس مستعجلاً ابداً على انتخابات رئاسة الجمهورية.
وبالنسبة الى الرئيس نبيه بري، فانه في مركز امبراطوري هو رئاسة مجلس النواب، واللعبة تسير عنده في عين التينة، سواء الحوار الوطني، ام حوار تيار المستقبل وحزب الله، ام لقاء النواب يوم الاربعاء ام مجلس النواب ككل، ولذلك فلماذا يخوض الرئيس نبيه بري التسرّع في انتخاب رئيس للجمهورية، طالما ان مصالحه السياسية ووضعه ممتاز. ومن هنا، يأتي كلام الرئيس نبيه بري ان الرئاسة حاليا اصبحت في الثلاجة، والى ان يأتي الربيع المقبل يمكن تحريك هذا الملف من جديد، وهو جالس في عين التينة يراقب كل شيء وتعتبره الاطراف المرجع الاول في البلاد، فلا الرئيس تمام سلام ولا الرئيس سعد الحريري ولا اي سياسي آخر يمكنه ان يأخذ حالياً مركز الرئيس نبيه بري، باستثناء السيد حسن نصرالله الذي هو اقوى من الرئيس نبيه بري في مركزه ولكنه على وفاق مع الرئيس نبيه بري والرئيس بري على وفاق معه، وبالتالي، لا مشكلة عند الرئيس نبيه بري في ان تبقى الامور كما هي الان.
من خلال عرض خريطة التوقيت، التي يجب ان تشمل الدكتور سمير جعجع، والكتائب فان الدكتور سمير جعجع ليس مستعجلاً ابداً على انتخاب رئيس للجمهورية، ونفسه طويل، وهو امضى في الزنزانة 11 سنة دون ان يطلب مطلباً، ويصر الدكتور سمير جعجع على مجيء رئيس يكون توافقياً، لكن عندما ذهب الرئيس سعد الحريري الى تأييد الوزير سليمان فرنجية اضطر الدكتور سمير جعجع ان يتقارب مع العماد ميشال عون، تماما مثلما عندما اجتمع الرئيس الراحل حافظ الاسد مع السفير مورفي واتفقا على انتخاب النائب مخايل الضاهر اجتمع الدكتور سمير جعجع والعماد عون في وزارة الدفاع في اليرزة وقرروا منع انتخاب النائب مخايل الضاهر.
والان يفعلون الامر ذاته، اذ يشكلون سدّاً مارونياً مسيحياً كبيراً في وجه انتخاب الوزير سليمان فرنجية، وعلى الوزير سليمان فرنجية كسر حلقة تحالف جعجع - عون كي يستطيع الوصول الى رئاسة الجمهورية، هذا اذا لم تتحالف الكتائب اللبنانية مع العماد عون والدكتور سمير جعجع، لان مسألة الكتائب ليست سهلة مثل موقف حرب الذي سافر الى باريس واجتمع مع الحريري وعاد وصرح بأنه بين ترشيح عون وترشيح فرنجية سيختار الوزير سليمان فرنجية. اما الكتائب اللبنانية فليست بهذه السهولة يمكن نقلها الى تأييد هذا المرشح او ذاك لان لحزب الكتائب حسابات تتعلق بمصالحه الشعبية والانتخابية المسيحية على مدى البترون، جبيل، كسروان، المتن، والمتن الشمالي والمتن الجنوبي، وعاليه، وزحلة وجزين.
ولذلك فموقف الكتائب حتى الان ملتبس وغير معروف، لكن لا يبدو ان الرئيس امين الجميل مستعجل ابدا على انتخابات رئاسة الجمهورية لانه يعتقد انه قد يكون مرشح التسوية هو شخصيا، بعد الخلاف بين الوزير فرنجية والعماد ميشال عون، وبعد شعور الدكتور سمير جعجع بأنه لن يصل الى رئاسة الجمهورية، مع العلم ان حظوظ الرئيس امين الجميل ليست كبيرة في انتخابات رئاسة الجمهورية.
معركة التوقيت هذه بين الاطراف لان كل فريق له توقيته تعني امرا واحدا ان لا انتخابات رئاسية في القريب العاجل او المنظور بل ان انتخابات الرئاسة مؤخرة وقد تمر سنة 2016 ولا تجري الانتخابات الرئاسية.

 

ـ بري يرجح ملء الشواغر ـ

وعلمت «الديار» من مندوبها، ان الرئيس نبيه بري رجح ملء الشواغر في المجلس العسكري خلال جلسة الغد الحكومية، واذا لم يحصل فيتم ذلك خلال الجلسة المقبلة.
وكشف بري ان المشاورات والاتصالات لعقد جلسة لمجلس الوزراء ايجابية وقد تلقى في اطار هذه الاجواء اتصالات من الرئيس تمام سلام والوزير جبران باسيل.
وبالنسبة لاصداء جلسة الحوار بين حزب الله والمستقبل وصفها بري بانها «عشرة على عشرة» وتمحورت حول موضوع الحكومة ولم تتطرق الى الحملات المتبادلة، حيث جرى العتاب حولها في جلسة الحوار الوطني.

هنيبعل القذافي مقابل حسن يعقوب

روت مصادر قضائية أن الشرط الحقيقي تحت الطاولة بشأن توقيف النائب السابق حسن يعقوب هو أن هنيبعل القذافي مقابل حسن يعقوب وبالتالي لن يتم الافراج عن النائب السابق حسن يعقوب إلا بعد الافراج عن هنيبعل القذافي وأن خلافاً سياسياً يدور بين الرئيس نبيه بري وإحدى القوى النافذة بشأن الافراج عن حسن يعقوب. فالرئيس بري لا يريد الافراج عن حسن يعقوب لأنه تعاطى بقضية الامام موسى الصدر وخطف هنيبعل نجل العقيد معمر القذافي، فيما القوى النافذة تقول أنه يجب الافراج عن حسن يعقوب بغض النظر عن الافراج عن هنيبعل القذافي.