كيف وقع حزب الله بكل المحاذير التي كان يُحذّر منها , هل هو غباء سياسي , أم أنه مأمور بطريقة العبد المملوك , أم دخل في حالة من التكبر إعترته بعد إنجازات عسكرية على العدو الصهيوني أفقدته التركيز , ودخل في حالة ضياع أبعدته عن الواقعية ؟
فجأة وقع حزب الله في معارك جانبية ليس لها علاقة بكل شعاراته التي رفعها وناضل من اجلها , بل بالعكس هي متناقضة تماما مع شعاراته , أولها شعاراته الأخلاقية التي حملها في المتكبرين دفاعا عن المستضعفين , وإستطاع أن يفرض نفسه داخليا بهذا العنوان , ومن ثم عنوان تحرير لبنان وصولا إلى تحرير القدس , مرورا بكل الشعارات الدينية , والسياسية الاصلاحية , وقد حقق أنتصارات مهمة على العدو المُحتل , وأخرجه ذليلا من لبنان , وصولا إلى حرب تموز . كل هذا كان حزب الله المنتصر الوحيد وحقق بذلك أرصدة كبيرة , سياسية وأمنية وعسكرية وإجتماعية .....
فجأة وفي ليلة وضحاها خسر حزب الله كل الارصدة التي حققها بفترة عشرين سنة , تماما كأنه مُقامر ربح مبلغا كبيرا من المال ومن ثم خسره على طاولة القمار في ليلة واحدة . لقد خسر حزب الله كل منظومته الاخلاقية في حربه إلى جانب نظام ظالم مستبد , وتشبّه به بكل شيء , وخسر بهذه الحرب أهم عنوان له وهو عنوان " المقاومة والتحرر " , عندما أقدم على حصار شعب طالب بالحرية ورفع الظلم عن كاهله الذي إستمر أربعين عاما , وجرّه هذا السلوك إلى أن يكون حزب الله إلى جانب كل ظالم في العالم , ( النظام السوري , النظام اليمني المتمثل بالفاسد على عبدالله صالح , والفاسد نوري المالكي في العراق ...) , وإنطبعت صورته في العالم العربي على أنه قاتل للشعب السوري , هذه الصورة التي ترسّخت في أذهان الاجيال العربية سوف لن تمحى قبل نص قرن على الاقل . لقد وقع حزب الله بالمحذور الذي هرب منه لأنه مارس الظلم على أبناء جلدته وعلى كل مَن خالفه الرأي سواء كان قريبا منه أو بعيد , ومارس كل أنواع الاستبداد باسم الدين والتحرير والمقاومة . إن هذا الظلم الذي مارسه ويمارسه وحده كفيل بإنهائه وتفكيكه , الظلم والاستبداد الذي تلبّس به حزب الله أنهى كل تاريخه وقضى على مستقبله بعد أن شتت حاضره .