عندما يحذر أياد علاوي من ان العراق مقبل على إشتعال كوارث ستقوده الى التقسيم والدخول في حروب لا تنتهي، وينفي وجود إصلاحات حقيقية ويرى ان العملية السياسية باتت في خبر كان، متخوفاً من إنشاء الحرس الوطني، الذي طالما قيل إنه سيكون رافعة في وجه "داعش"، سيكون في النهاية أداة لهذه الحرب، فذلك يعني ان العراق الذي نعرفه قد بدأ يغرق في وحول التقسيم الدموية التي طال الحديث عنها علناً وصراحة، بغض النظر عن الدفع الاميركي المعروف في هذا الإتجاه .
الحديث عن تقسيم العراق لم يعد من الإحتمالات، بل أصبح فعلياً من الوقائع التي لم يعد ينقصها سوى روزنامة التنفيذ، لكن السؤال الخطير الذي يفترض ان نطرحه إنطلاقاً من هذا هو:
هل يمكن ان تتوقف عملية التقسيم عند حدود العراق، أم أنها يمكن ان تشكل دومينو من عمليات مشابهة قد تمتد الى دول وكيانات أخرى، خصوصاً ان التطورات العاصفة الآن في طول المنطقة وعرضها يمكن ان تساعد فعلاً على تحريك سكاكين التقسيم في الخرائط التي طالما قيل إن هناك مخططاً لتٌفتيتها؟!
معرفتي الشخصية بأياد علاوي انه رجل جاد ومتحفظ وصبور، وغالباً ما يدلي بآرائه بشيء من التأني، ولكن بعد قراءة حديثه الى موقع "ايلاف"، ليس من المبالغة الافتراض ان خطر التقسيم والفوضى يقرع بقوة أبواب العراق وربما غيره من دول الإقليم المشتعل.
المثير ان كلام علاوي جاء متوازياً مع الإعلان عن الإنتهاء من حفر خندق حول اقليم حدود كردستان يبدأ من سنجار على الحدود العراقية السورية ويمر عبر سهل نينوى واربيل وكركوك وصلاح الدين وديالى ويصل الى خانقين على الحدود الإيرانية. وإذا كان قد إتفق على هذا كتابة وأقرّ في 8 آذار من عام 2004 يوم كان بول بريمر يدير العراق بعد الإحتلال الاميركي ووافق عليه يومها مجلس الحكم المؤلف من 25 عضواً، إلا ان يقظة الأكراد المتزايدة في سوريا والعراق وتركيا وحتى ايران، حيال المطالبة بالحصول على الدولة الكردية المستقلة يجعل الاعلان عن حفر هذا الخندق الآن مقدمة ميدانية وخطوة واضحة في إتجاه هذه الدولة، على الأقل في جزئها العراقي.
ليس سراً ان مسعود بارزاني يصر على اجراء إستفتاء على قيام الدولة الكردية المستقلة في شمال العراق، وقد سبق له ان اعلن ذلك صراحة من واشنطن، وخصوصاً بعد الدور البارز والمهم الذي لعبته قوات البيشمركة في القتال ضد "داعش".
يصبح الامر أكثر خطورة عندما نقرأ علاوي يقول: ان ما في العراق ليس دولة بل سلطة محاصصة تحكمها الجهوية والحزبية والعرقية والمذهبية.