جعجع يرشح عون , والحوار يخفف التوتر
السفير :
أن يتبنى سمير جعجع ترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية لم يعد أمراً لا مستحيلاً ولا غريباً، خصوصاً أن الرجل يهوى «الانقلابات» تاريخياً برغم الأثمان التي كان يدفعها أو يقبضها في محطات تاريخية عدة.. ولعله، في ما «يفكر» به «حتى الآن»، يبدو مشدوداً أكثر إلى المستقبل.. ليس حليفه السياسي بل الآتي من الأيام والسنوات!
أن يتبنى رئيس حزب «القوات» ترشيح عون في السر أو العلن ويتراجع عنه ليس أمراً جديداً على رجل يتقن «البراغماتية».. ويملك رؤية «إستراتيجية» أقله للواقع المسيحي. لسان حاله يفترض أن يطرح سؤالاً بديهياً: «إذا كان ميشال عون موجوداً ويريدون التخلي عني والتضحية بي، أية وظيفة إستراتيجية لـ «القوات» إذا انتفى وجود الجنرال». إذن، لم يعد مسموحاً استمرار تقزيم الحالة المسيحية «إلا إذا كان البعض يريدنا «شرّابة خرج» أو حالة مستسلمة مطواعة أو مجرد موظفين بالسياسة عند رب عمل يحتسب مواقفنا بالدولارات أو الريالات»!
نعم، سبق لجعجع أن تبنى «القانون الأرثوذكسي» بالتكاتف والتضامن مع عون.. وعندما حان وقت القطاف، فاوض «المستقبل» على كل رموز «14 آذار» المسيحيين من روبير غانم في البقاع إلى هادي حبيش في بلاد عكار، ولمّا جاءه الجواب إيجاباً.. قرر التخلي عن القانون الانتخابي الذي يكره «المستقبل» مجرد ذكر حرفه الأول!
للمرة الأولى منذ شهور، يصبح الحديث في معظم المجالس السياسية عن تحالف عون ـ جعجع رئاسياً، ليس مجرد إشاعة. في الرابية، يتصرف «الجنرال» على قاعدة أن الترشيح صار مضموناً، وهو يعتبر أن من واجباته أن يرد زيارة «الحكيم» إليه، لكن التوقيت يعود لرئيس «القوات»، أو لما يفترض أن يعلنه قبل حصول الزيارة، باعتباره بات مطالباً بموقف ما يمهد للزيارة، ولو أن هناك من يردد في الاتجاهين أن هذا الشرط ليس ملزماً للزيارة نفسها.
حتى البطريرك الماروني بشارة الراعي بات يدرك أن جعجع غادر مربع التهديد بالخيار العوني الرئاسي نظرياً. لقد بلغته الرسالة بشكل واضح جداً غداة لقاء سعد الحريري وسليمان فرنجية: سأرشح ميشال عون إذا قررت بكركي أن تسير بخيار فرنجية.
بالنسبة لقائد «القوات»، صار خيار فرنجية مسألة حياة أو موت. ثمة تاريخ دموي بين بشري وزغرتا له تداعياته. فكرة كهذه عندما تراود جعجع تحاصره ويصبح أسيرها ولا تجعله أحياناً ينام.
هذه هي حكايته مع صدمة ترشيح سعد الحريري لسليمان فرنجية. يستعيد الرجل شريطاً طويلاً. لا يقيم وزناً لكل ما يقال عن طبيعة علاقته المالية بالسعودية و «تيار المستقبل». هو دفع أثماناً أكبر من أجل الطائف، فهل هكذا يُكافأ؟ ولماذا يكمل في الاتجاه نفسه بينما المنطقة تتغير كلها بدولها وحدودها ومراكز نفوذها وحتى ديموغرافية شعوبها؟
اندفع جعجع نحو الرابية. لم يكن «الجنرال» مقتنعاً بصدقه، قبل أن «يكتشف» أن الرجل يذهب إلى خيارات تتجاوز «إعلان النوايا». صارا أمام مشروع وثيقة سياسية متقدمة تفضي إلى جبهة مسيحية متماسكة ركيزتها «التيار الحر» و «القوات»، وتكون صورة طبق الأصل عن «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و «أمل»)، أي أن يحافظ كل طرف على خصوصيته وهوامشه وتحالفاته، لعلهما يستطيعان في مرحلة أولى ومن ضمن تحالفهما، إقفال المناطق المسيحية في الانتخابات البلدية والنيابية على حساب العائلات التي تمثل الإقطاع السياسي، بما فيها تلك المغلفة بحزبيات تقليدية (آل الجميل وآل فرنجية) وفي مرحلة ثانية، يضع جعجع نفسه على سكة وراثة الشارع المسيحي مستفيداً من عناصر العمر و «الكاريزما» والعمل المؤسساتي والمقدرات المالية.. وبالتالي، استدراج الخارج وباقي عناصر الداخل للتعامل معه بصفته يمثل الأمر الواقع المسيحي الأقوى.. والأول!
أدرك السعوديون وسعد الحريري أن جعجع ماض في خياره بلا هوادة. لم ينتظروا لا اجتماع «بيت الوسط»، أمس الأول، ولا الاجتماع الذي سبقه قبل شهر ونيف، لكي يتبلغوا من ممثل «القوات» أن معراب تفكر بترشيح عون «لكن هذا الطرح لا يزال قيد الدرس».
ولعل العبارة الأخيرة مرتبطة بما يراهن عليه جعجع من أن اندفاعته صوب الرابية ستجعل الحريري «يفرمل» بالمقابل اندفاعته نحو خيار انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية. فرض ذلك نقاشاً متكرراً في «القوات»: إذا لم يعلن رئيس «المستقبل» رسمياً عن تبني ترشيح رئيس «المردة».. ما هي مصلحتنا بتبني خيار ميشال عون للرئاسة.. أو بالأحرى خيار «حزب الله» مارونياً؟
هذه النقطة حُسمت في معراب: التبني لا يعني بالضرورة وصول عون إلى رئاسة الجمهورية. نحن نكون قد أدّينا واجباتنا مع الرجل وأمام الجمهور المسيحي بما في ذلك العوني. ماذا بعد ذلك؟ هذه ليست مشكلتنا بل مشكلة «الجنرال».
استوجب ذلك طرح أسئلة متعددة أولها هل ينسحب هذا التبني على فرنجية، فيعلن بدوره أنه يؤيد ترشيح «الجنرال» أم يمضي بترشيحه على قاعدة أن وظيفة التبني «القواتي» لترشيح عون، محاولة قطع الطريق على وصول ابن زغرتا إلى القصر الجمهوري؟ لننتظر جواب فرنجية.. وهو على الأرجح لن يكون كما يشتهيه «الثنائي الماروني» الذي تتهمه زغرتا بأنه يكاد يعلن «حرب إلغاء» جديدة ضد كل من لا يبارك تفاهماته.
ثاني الأسئلة، هل يمضي «حزب الله» في تبني عون وهو مدرك أن خيارات جعجع الإستراتيجية متصلة بوراثة الشارع المسيحي، وماذا سيكون موقف الحزب ونبيه بري في حال حصول التبني «القواتي» لعون أم يكون لكل منهما موقفه، أخذاً في الاعتبار ما ردده بري أمام زواره أمس الأول بأنه سيترك في هذه الحالة حرية الخيار لأعضاء كتلته مشترطاً أن يتبنى أيضاً فرنجية ترشيح عون؟
حتى الآن يتمسك «حزب الله» بفضيلة الصمت. مرشحه الوحيد هو ميشال عون. إذا دخل هذا أو ذاك في تفاهم سياسي على هذا المرشح أو ذاك، فهذا أمر لا يعني الحزب وله حديث آخر بطبيعة الحال. المهم أن أي اقتراب إلى حد التبني لخيار عون رئاسياً هو اقتراب من الخيارات التي يمثلها الحزب لبنانياً وإقليمياً.
ولعل الحزب يدرك أكثر من غيره الشهية «القواتية» المفتوحة منذ سنوات على محاولة تطوير العلاقة الثنائية. بدا طموح «القوات» كبيراً منذ خروج سمير جعجع من السجن لإقامة تفاهم سياسي مع الحزب على قاعدة أن القواسم وأوجه الشبه بين الحزبين كثيرة. القواعد التمثيلية متشاركة. مشارب القاعدة والجمهور. العقيدة. التثوير ضد الإقطاع. إعجاب «قواتي» بأداء وزراء الحزب ونوابه. نزع شبهة الفساد عن الحزبين. كلها أمور لم تشكل عناصر إغراء للحزب الذي ظل مصرّاً على فرض إيقاع للعلاقة الثنائية لزوم وجود الجانبين في مؤسسات مشتركة مثل الحوار والحكومة سابقاً ومجلس النواب حالياً، مع ترك هامش يستفيد منه الطرفان بعقد جلسات لا تتخذ طابعاً رسمياً على هامش اللجان النيابية ومنها لجنة قانون الانتخاب.. وهذا أمر صار مألوفاً ومقبولاً عند الجانبين.
لسان حال «القوات» في هذه النقطة تحديداً أن نقطة الخلاف المركزية بينهم وبين الحزب هي قضية السلاح وما يتفرع عنها من عناوين لبنانية وإقليمية.. وعلى الحزب أن يكون «براغماتيا» وأن ينظر إلى مصلحته مستقبلاً، فماذا يضير أن تكون نظرته اللاحقة إلى «حزب الله المسيحي» (بالمعنى التمثيلي والسياسي والتنظيمي) مختلفة عن نظرته إليه اليوم؟
ثالث الأسئلة، هل يستطيع «المستقبل» أن يتحمل كلفة الوقوف بوجه تفاهم الرابية ومعراب رئاسياً، أي تبني ترشيح «الجنرال»، خصوصاً أن سعد الحريري كان قد أبلغ ميشال عون منذ سنتين أنه مستعد للسير به للرئاسة إذا حصل توافق مسيحي عليه؟
الجواب سهل عند الحريري، فهو عندما قال بالتوافق المسيحي، كان يقصد كل المسيحيين، بما في ذلك «الكتائب» و «المردة» وكل الشخصيات المسيحية المصنفة مستقلة في «14 آذار»، ولكن بمعزل عن هذا الجواب، فإن «القوات» تعلم يقين العلم أن القرار الإستراتيجي السعودي حاسم بعدم القبول بعون لرئاسة الجمهورية سواء للأسباب التي ذكرها فؤاد السنيورة قبل شهر أو لأسباب أخرى مختلفة، وأبرزها موقف «الجنرال» من «الصيغة» (الطائف) و «القانون الأرثوذكسي».
النهار :
اذا كانت جولة الحوار الـ 22 بين "تيار المستقبل " و"حزب الله " اتسمت بأهمية احتوائها عاصفة التهجم التي أثارها كلام رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد في حق الرئيس سعد الحريري لمصلحة اعادة تثبيت استمرار الحوار وضروراته الوطنية، فان الدلالة الأبرز خرجت بها الجولة الـ13 للحوار الوطني التي بدت كأنها تثبت نظرية وضع الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة وتنصرف في المقابل الى تزخيم محاولة تفعيل العمل الحكومي في الوقت الضائع المرشح لان يطول بلا أي أفق زمني.
ذلك ان المفارقة التي ميزت اليوم الحواري الطويل بجولتيه النهارية والمسائية في عين التينة برزت في نبرة العودة الى التهدئة أولاً ومن ثم التركيز على أهمية تفعيل العمل الحكومي ثانياً بما بدا تمهيداً لانجاح جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل وجعلها توطئة لتوسيع التفاهم السياسي حول هذا التفعيل، الامر الذي يرجح معه ان تشكل الجلسة نقطة عودة الى التفاهم مع الفريق العوني في شأن بعض الأمور ومنها تعيينات داخل المجلس العسكري تشمل مواقع شاغرة بما لا يمس بالمواقع القيادية الممدّد لها. والواقع ان مجريات الجولة الـ13 للحوار الوطني أبرزت من بدايتها "تحييد" الاستحقاق الرئاسي عن النقاشات وتجنيد الجولة لتفعيل العمل الحكومي، الأمر الذي لفت أكثر المشاركين في الحوار إليه بقولهم إن جميع الأفرقاء أكدوا مشاركتهم في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء. واذ علمت "النهار" ان "التيار الوطني الحر" التزم داخل الجلسة الحوارية أمس اتجاهاً ايجابياً حيال انعقاد مجلس الوزراء، الا انه تحدث عن عقبات يؤمل في تذليلها من اليوم الى الخميس. وعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان نتائج الجلسة الـ13 للحوار النيابي أفضت الى فتح الطريق أمام معاودة مجلس الوزراء جلساته إبتداء من الخميس. ولفتت الى ان هناك حواراً جانبياً يدور حول موضوع التعيينات في المجلس العسكري بما يلبي بعض مطالب "التيار الوطني الحر". وتوقعت أن تشهد الجلسة إقرار عدد كبير من بنود جدول ألاعمال الذي يضم الى 140 بنداً 104 مراسيم عادية.
ومع ذلك لم تخل الجولة من ملامح حرارة على خلفية موضوع تهجم النائب رعد على الرئيس الحريري والذي أثاره الرئيس فؤاد السنيورة. أما الملف الآخر الذي لم يقل حماوة فيتصل بالموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة ونأى فيه لبنان بنفسه عن الاجماع العربي على التنديد بايران.
وعلمت "النهار" من مصادر شاركت في جلسة الحوار النيابي انها شهدت مناقشة للملفيّن المثيريّن للجدل وهما: موقف النائب رعد من الرئيس الحريري وموقف الوزير باسيل في جامعة الدول العربية. وتولى طرح الملفيّن الرئيس فؤاد السنيورة. في ما يتعلّق بالملف الأول، كان جواب النائب رعد ان ما قاله كان رداً على ما صدر من "المستقبل" في حق الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. وتلا رعد نصاً أحضره لهذه الغاية تردّد أنه يعود الى تصريح لوزير العدل أشرف ريفي. واعتبرت المصادر رد رعد أنه يعني موقف الحزب من الحوار مع "المستقبل" خارج هذا السجال الطارئ. أما في ما يتعلّق بموقف الوزير باسيل في القاهرة، فقالت المصادر إن المجتمعين تبلغوا أن وزير الخارجية حصل على تغطية من الرئيس تمّام سلام. وعليه كانت الجلسة هادئة مما سمح للرئيس نبيه بري بالقول إنه حتى لو كانت الانتخابات الرئاسية ستتم غداً فيجب على الحوار أن ينصرف الى دعم العمل الحكومي. وتمنى نائب رئيس المجلس فريد مكاري أن يخلو جدول أعمال الجلسة المقبلة للحوار من بند تفعيل العمل الحكومي للانصراف الى شؤون أخرى.وهنا شدد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على عدم الاستسلام لتعطيل العمل الحكومي.
"المستقبل " و"حزب الله"
ومساء انعقدت جلسة الحوار الـ22 بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" في مقر الرئاسة الثانية بعين التينة، في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار "المستقبل". كما حضر الوزير علي حسن خليل.
وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: "جرى نقاش حول تطورات الأوضاع الراهنة وعرض للمواقف من القضايا المطروحة. وأكد المجتمعون انه على رغم التباينات في الموقف حول عدد من القضايا الخارجية فأنهم يجددون الحرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أي تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي. وتناول البحث أيضاً تكثيف الاتصالات من أجل تفعيل عمل الحكومة".
وأفادت مصادر المجتمعين ان النقاش كان هادئاً وايجابياً وجرت مقاربة معمقة للوضع الداخلي مع تركيز على تفعيل العمل الحكومي. واتفق الفريقان على عقد الجولة المقبلة في 25 كانون الثاني الجاري.
عدوان والملف الرئاسي
الى ذلك، اكتفى نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان بالقول لـ"النهار" رداً على سؤال عما بلغته الإتصالات داخل فريق 14 آذار في موضوع رئاسة الجمهورية إن الجو الذي نُقل عن اللقاء القيادي لهذا الفريق، أول من أمس، "لم يعكس صحة المناقشات الطويلة التي حصلت في أجواء غير متشنجة".
لكن مصادر أخرى في"القوات" أبدت استياءً وقالت إن التسريب في الشكل الذي حصل هو عمل سياسي زاد الأمور تعقيداً في حين كانت قيادة حزب "القوات" تسعى إلى تسهيلها ومعالجتها بهدوء وعقلانية وإعطاء وقت أطول للبحث في نقاط الإختلاف في الرأي والتوجّه، وعلى رغم ذلك ستظل قيادة "القوات" تحاول إبقاء الباب مفتوحاً على احتمالات التفاهم مع الحلفاء في قوى 14 آذار.
المستقبل :
تصويباً لبوصلة الموقف الوطني المنسجم مع واقع الانتماء العربي وأصالة الوفاء اللبناني، أعاد الرئيس سعد الحريري تظهير «رأي غالبية اللبنانيين» غداة قرار وزراء الخارجية العرب المتضامن مع المملكة العربية السعودية في مواجهة تدخل إيران وعدوانها على بعثتها الديبلوماسية في طهران، فأعرب عن الأسف لامتناع وزير الخارجية اللبناني عن التصويت لصالح هذا القرار واضعاً «الامتناع» في خانة الموقف المرفوض والمنبوذ وطنياً باعتباره يهدف إلى «استرضاء إيران والإساءة لتاريخ لبنان مع أشقائه العرب». كذلك على طاولة الحوار الوطني شكّل الامتناع اللبناني الرسمي عن الانضواء تحت راية الإجماع العربي محور نقاش وتوضيح بين المتحاورين سعى خلاله الوزير جبران باسيل إلى تبرير الموقف وتوضيح مبررات اتخاذه بذريعة الحرص على «الوحدة الوطنية».
وكان الحريري، في معرض تعليقه على الامتناع اللبناني في القاهرة ورفضه «التذرع المبتور» غير المتطابق مع «مفهوم تقديم المصلحة الوطنية اللبنانية على الاجماع العربي»، قد أشاد في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي «بالقرار الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب والذي ترجم وقوف العرب صفاً واحداً في مواجهة التدخل الإيراني السافر في شؤونهم الداخلية وتضامنهم مع المملكة العربية السعودية إزاء العدوان على بعثتها الدبلوماسية في ايران». وعبَّر عن «الأسف لامتناع وزير خارجية لبنان عن التصويت على القرار، وهو امتناع لا يعبر عن رأي غالبية اللبنانيين الذين يعانون من التدخل الإيراني في شؤونهم الداخلية، ويبادلون المملكة العربية السعودية، قيادةً وشعباً، مشاعر المحبة والتضامن لما لها من أياد بيضاء وتاريخ مشهود بالوقوف إلى جانب لبنان في الأزمات كما في مسيرة إعادة الإعمار والتنمية بعد كل أزمة وعدوان إسرائيلي».
وشدد الحريري على أنّ «التذرّع بذكر تدخل «حزب الله» في البحرين في البيان الختامي لوزراء الخارجية، لا يبرر التهرّب من الاجماع العربي حيال مسألة أساسية تتناول التدخل الإيراني في الشؤون العربية الداخلية، بل هو تذرع مبتور لا يتطابق مع مفهوم تقديم المصلحة الوطنية اللبنانية على الإجماع العربي»، وختم قائلاً: «نحن بكل بساطة أمام موقف لا وظيفة له سوى استرضاء ايران والاساءة لتاريخ لبنان مع أشقائه العرب، وهو أمر مرفوض في قاموسنا ولا ندرجه في خانة تعبِّر عن موقف الدولة اللبنانية».
الحوار
في الغضون، استأنف حوار «عين التينة» أمس جلساته بنسختيه الموسعة والثنائية على نية تفعيل العمل الحكومي وتبريد التصعيد السياسي والإعلامي بين الأفرقاء. وإذا كانت طاولة الحوار الوطني قد ساهمت صباحاً في تعبيد الطريق أمام إعادة الحكومة إلى سكة الإنتاج عشية اجتماع مجلس الوزراء بعد غد الخميس، فإنّ طاولة الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و»حزب الله» كرّست مساءً حرصاً مشتركاً على تفعيل الحكومة واستمرار الحوار «وتجنيب لبنان أي تداعيات تؤثر على استقراره»، في موقف رأت مصادر رفيعة في «تيار المستقبل» أنّ «أهم ما فيه كونه يجسد اتفاقاً ضمنياً بين الطرفين على ضرورة تحييد لبنان عن المشاكل الإقليمية»، مؤكدةً لـ«المستقبل» أنّ أجواء جلسة الأمس كانت «هادئة جداً وجرى التركيز خلالها بشكل مسهب على سبل تفعيل العمل الحكومي». ورداً على سؤال أشارت المصادر إلى أنه لم تتم مقاربة مسألة الموقف التصعيدي الأخير لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال جلسة الحوار المسائية بعدما أثير هذا الموضوع وجرى إخضاعه للنقاش والتوضيح على طاولة الحوار الوطني الموسّع صباحاً.
وجاء في بيان الجولة 22 الحوارية بين «المستقبل» و«حزب الله» التي عقدت بمشاركة مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن التيار، وعن الحزب المعاون السياسي لأمينه العام حسين الخليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله، وبحضور الوزير علي حسن خليل، أنه «جرى نقاش حول تطورات الأوضاع الراهنة وعرض للمواقف من القضايا المطروحة»، ناقلاً في هذا السياق تأكيد المجتمعين «أنه على الرغم من التباينات في الموقف حول عدد من القضايا الخارجية فإنهم يجددون الحرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أي تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي»، مع الإشارة إلى أنّ «البحث تناول أيضاً تكثيف الاتصالات من أجل تفعيل عمل الحكومة».
كلام رعد وموقف باسيل
وكانت طاولة الحوار الوطني الموسّع قد انعقدت صباحاً وقاربت جملة من المواضيع والتطورات سط أجواء «هادئة» كما وصفتها مصادر المتحاورين لـ«المستقبل» مشيرةً في سياق نقلها مجريات النقاش الذي حصل خلال جلسة الأمس إلى أنه بعد استهلالية رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيداً على أهمية استمرار الحوار في البلد، أثار رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة موضوعي تصعيد رعد وامتناع باسيل عن التصويت لصالح الإجماع العربي في القاهرة.
وأوضحت المصادر أنه حين عبّر السنيورة أنّ الكلام التصعيدي الأخير الصادر عن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» هو «كلام مرفوض»، بادر رعد «بهدوء تام» إلى التوضيح مبرراً ما قاله بالإشارة إلى أنه أتى كردة فعل على بيان سابق صادر عن أحد قياديي «تيار المستقبل» إتهم فيه «حزب الله» بأنه «عميل» وأمينه العام بأنه قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري الأمر الذي استدعى موقفاً مركزياً مقابلاً عبّر عنه رعد بالنيابة عن الحزب. وحيال ذلك علّق السنيورة على تبرير رعد بالتشديد على «رفض الإسفاف في الكلام من أي جهة أتى».
أما عن الموقف الذي اتخذه باسيل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، فرد باسيل على انتقاد السنيورة لهذا الموقف باعتباره يجسد خروجاً عن الإجماع العربي، مؤكداً أنه اتخذ قرار الامتناع عن التصويت بالتفاهم مع رئيس الحكومة تمام سلام، وأوضح أنه بعدما باءت محاولته لعدم إدانة «حزب الله» في البيان الختامي نتيجة إصرار وزير الخارجية البحريني على الأمر، إختار عندها باسيل «الوحدة الوطنية على الإجماع العربي نظراً لكون الحزب مكوّناً لبنانياً مشاركاً في الحكومة وممثلاً في المجلس النيابي».
الديار :
ذكرت معلومات موثوقة ان الدكتور سمير جعجع قائد القوات اللبنانية سيرشح خلال 48 ساعة المقبلة او كحد اقصى خلال 3 ايام العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وسيعلن ذلك في بيان رسمي صادر عن قيادة القوات اللبنانية بأنها اعتمدت العماد ميشال عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، بعد التطورات التي حصلت في البلاد، وانها تدعمه بعدد نوابها وتدعمه شعبياً.
وتشكل الكتلة التي ستتألف من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من اكثرية النواب الموارنة، لا بل تسيطر على 90 في المئة من النواب الموارنة في مجلس النواب، ولن يكون باستطاعة احد كسر 90 في المئة من اكثرية النواب الموارنة وفرض مرشح آخر غير العماد ميشال عون، الا ان ذلك لا يعني ان العماد عون سيأتي رئيسا للجمهورية، لكن بانضمام القوات الى حملة ترشيح العماد ميشال عون اصبحت الساحة المسيحية مغلقة وتتألف من مكونين هما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، اللذان يحظيان بالاكثرية المارونية المطلقة في مجلس النواب.
وكما حصل مع الرئيس نبيه بري بامتلاكه اكثرية شيعية مطلقة فجاءت به رئيسا لمجلس النواب، وكما جاءت الاكثرية المطلقة من الطائفة السنية المؤيدة للرئيس سعد الحريري جاءت به رئيسا لمجلس الوزراء فان العماد ميشال عون اصبحت حظوظه عالية مع ترشيح الدكتور سمير جعجع له. وهنالك انباء بأن الرئيس امين الجميل لن يؤيد العماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية، لان اخبارا ذكرت ان الرئيس سعد الحريري يحضّر لزيارة يقوم بها النائب سامي الجميل الى السعودية، مما قد يجعل الكتائب تؤيد الوزير سليمان فرنجية. لكن سيكون من الصعب على الكتائب الخروج من محور القوات اللبنانية وتيار عون لانه في الانتخابات النيابية المقبلة اذا تحالف العماد ميشال عون والقوات اللبنانية في لوائح نيابية مشتركة من الكورة الى جزين، فان الكتائب اللبنانية لن تحصل على اي نائب في تلك المناطق، وبالتالي، سيعرّض ذلك حزب الكتائب لفقدان نوابه، لان قوة التيار الوطني الحر وقوة القوات اللبنانية شعبياً هي الاقوى وهي التي تأتي بالنواب، ويشكلون 70 في المئة من الرأي العام المسيحي، ولذلك فان اي معركة تخوضها الكتائب مثلا في كسروان ستكون خاسرة وينتصر فيها العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع. وفي المتن ايضاً سيحصل الامر ذاته وفي المتن الجنوبي ايضا، وفي بقية المناطق المسيحية سيكون الوضع ذاته خاصة في جزين وفي زحلة. لذلك من المستبعد ان تخرج الكتائب اللبنانية عن التحالف الماروني المسيحي الكبير الذي سيشكله تحالف عون - جعجع في معركة رئاسة الجمهورية، لا بل فان الكتائب ستنضم الى هذا التحالف الا اذا قررت الانتحار نيابياً.
وعلى صعيد التحالفات السياسية، فان الامر بالغ الدقة، ذلك ان حزب الله يؤيد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، واذا رشحه الدكتور سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، فانه لاول مرة سيجتمع حزب الله مع القوات اللبنانية على موقف واحد، ويكونان في جبهة واحدة مع مرشح رئاسي هو العماد ميشال عون. ولذلك يقوم العماد ميشال عون باتصالات سرية لايجاد قاسم مشترك بين القوات اللبنانية وحزب الله عبر شخصه وترشيحه لرئاسة الجمهورية، او على الاقل تخفيف الحملات السياسية بين حزب الله والقوات اللبنانية كي تكون الجبهة التي تؤيد العماد ميشال عون متناسقة في الحد الادنى وسيعمل العماد ميشال عون مع الدكتور سمير جعجع على اقناعه بأن لا يهاجم حزب الله في هذه الفترة، كذلك سيعمل العماد ميشال عون مع حزب الله على الا يهاجم حزب الله القوات اللبنانية وان يكون هنالك اتفاق مبدئي على عدم مهاجمة اي طرف للطرف الاخر وهي مهمة صعبة لان حزب القوات اللبنانية يفترق كثيرا عن حزب الله وحزب الله يفترق كثيرا عن حزب القوات اللبنانية لكن العماد عون متفائل بقدرته على اقناع السيد حسن نصرالله والدكتور سمير جعجع لتخفيف خلافاتهما وجعل العلاقة مقبولة بينهما في اطار الجبهة التي سيقودها العماد ميشال عون اذا وصل الى رئاسة الجمهورية او كان مرشح الطرفين، القوات اللبنانية وحزب الله، وهو حتى الان يحوز على دعم حزب الله والمعلومات تقول ان القوات اللبنانية ستؤيده ومعنى ذلك ان حزب الله والقوات اللبنانية اتفقا على شخص واحد لرئاسة الجمهورية وهو امر يحصل للمرة الاولى، باستثناء ما حصل في الدوحة من تأييد للعماد ميشال سليمان وكان تقريبا تحت القهر وضغط الاحداث الامنية وكأمر واقع مفروض على الجميع.
ليس سهلاً ان يقوم الدكتور سمير جعجع بترشيح العماد ميشال عون بعد تاريخ طويل من العداوة بينهما ومن حروب حصلت بينهما، لكن تحالف الدكتور سمير جعجع مع العماد ميشال عون على ترشيحه لرئاسة الجمهورية يذكر بقيام الجبهة اللبنانية التي شكلت غطاء للمسيحيين، وستشكل الخطوة التي يأخذها الدكتور سمير جعجع خطوة كبيرة في اتجاه قيام جبهة مسيحية كبيرة تشبه الجبهة اللبنانية في زمن الرئيس الراحل كميل شمعون، والشيخ الراحل بيار الجميل، وعضوية المرحوم ادوار حنين وعضوية المرحوم شارل مالك وغيرهم من كبار الشخصيات.
واذا كان الشيعة متفقين فيما بينهم بين حزب الله وحركة امل ويشكلون الاكثرية الشيعية واذا كان الوزير وليد جنبلاط يشكل الاكثرية الدرزية الكبيرة واذا كان الرئيس سعد الحريري يشكل الاكثرية السنية، فان تفاهم العماد ميشال عون مع الدكتور سمير جعجع سيشكل الاكثرية المسيحية، لاول مرة منذ فترة طويلة اي منذ اكثر من 36 سنة، وبالتالي، سيصبح لبنان منقسما الى 4 وحدات قوية موحدة على بعضها البعض ويصبح الوضع المسيحي يشبه الوضع الشيعي والوضع السني والوضع الدرزي، وتكون هنالك 4 قوى هي قوة جنبلاط الدرزية وقوة حزب الله وامل الشيعية، وقوة الرئيس سعد الحريري السنّية وقوة عون - جعجع عند الموارنة والمسيحيين.
الجمهورية :
لم يعلُ أمس غير صوت الحوار بشقّيه الوطني والثنائي ليتمخّض عتاباً متبادلاً خفّف من التشنّج وفتحَ الباب، على حدّ ما أُعلِن، أمام توجّه جدّي لتفعيل الحكومة سيكون أمام الامتحان بانعقاد جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد غد الخميس. وفيما غاب الاستحقاق الرئاسي عن طاولة المتحاورين حضَر همساً في كواليس بعضهم في ضوء لقاء جديد قيل إنّه انعقدَ أو سينعقد في باريس بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الموجودين هناك، وكذلك في ضوء ما يتردد عن أنّ «القوات اللبنانية» اقتربَت من خيار تبنّي ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وإذ ركّز المتحاورون نهاراً على التفعيل الحكومي، فإنّ العتاب المتبادل بين ممثلي «حزب الله» وتيار «المستقبل» على خلفية التصعيد الدائر بين الرياض وطهران والذي انعكس تصعيداً سياسياً عنيفاً بينهما، انتهى بامتصاص التوتر بينهما، ما أسّس لجلسة هادئة للحوار الثنائي المسائي انتهت بتأكيد الطرفين «الحِرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أيّ تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي». كان اللافت في الحوار بين قادة الكتل النيابية في معرض البحث في تفعيل عمل الحكومة تحذير رئيس مجلس النواب نبيه بري من ان «لا انتخابات بلدية إذا لم يجتمع مجلس الوزراء». مؤكداً «أنّ التمديد للمجلس النيابي كان أمراً إلزامياً للحفاظ على الوحدة الوطنية، ولكن إذا استمر تعطيل مجلس الوزراء لن نتمكّن من إجراء الانتخابات البلدية».
سلام
ونُقل عن رئيس الحكومة تمام سلام ليل امس قوله انّ الجلسة الـ13 لهيئة الحوار الوطني «كانت من انجح الجلسات وافضل من سابقاتها لما شهدته من مقاربات ايجابية تؤكد فهمَ الجميع لخطورة وضع البلد وضرورة تفعيل العمل الحكومي لمواجهة الإستحقاقات الداهمة على البلاد وتجاوز بعض الإشكالات التي لا يمكن ان تفيد احداً وتنهي بعض القضايا التي تربك اللبنانيين في كثير من المجالات الحيوية واليومية».
ونَقل زوار سلام عنه انّه بات مطمئناً الى انّ جلسة مجلس الوزراء الخميس ستعقد في حضور جميع مكوناتها وستكون جلسة منتجة، وأنّ البنود الواردة على جدول الأعمال سيبتّ بها كاملة، في اعتبار أنّها من القضايا الروتينية التي لا يمكن ان تحدِث ايّ خلاف بين مختلف مكونات الحكومة وتعني اللبنانيين في كل المناطق على المستويات الإدارية والمالية والتربوية».
الحوار الثنائي
على انّ العتاب المتبادل الذي شهده حوار النهار بين الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد والذي وصَفه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، بأنه «غسيل قلوب» انتجَ جلسة حوارية مسائية هادئة انعقدت في عين التينة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله» حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضَر الجلسة الوزير علي حسن خليل.
وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: «جرى نقاش حول تطورات الاوضاع الراهنة وعرضٌ للمواقف من القضايا المطروحة. وأكد المجتمعون انه على الرغم من التباينات في الموقف حول عدد من القضايا الخارجية فإنّهم يجددون الحرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أيّ تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي. وتناوَل البحث ايضاً تكثيف الاتصالات من اجل تفعيل عمل الحكومة».
وكشفَت مصادر المتحاورين لـ«الجمهورية» انّ «اجواء الحوار كانت هادئة جداً وخلت من ايّ توتر او سجال يُذكَر، على رغم تصاعد الخلاف السعودي ـ الايراني وما يَنتج عنه من تداعيات، وتمّ التشديد على استمرارية هذا الحوار والمحافظة عليه، وتلاقت المواقف على ضرورة تفعيل العمل الحكومي وتمّ الاتفاق على ضرورة التعاون في هذا الاتجاه. ولم يتطرّق المتحاورون الى الاستحقاق الرئاسي، وبدا أنّ ايّ طرف منهم ليس في اجواء تحريك سريع لهذا الملف».
الحراك الرئاسي
الى ذلك تردد انّ الحريري وفرنجية عاوَدا أو سيعاودان التحرك على خط الاستحقاق الرئاسي، حيث انّهما موجودان في العاصمة الفرنسية. وعُلم انّ فرنجية توجّه الى العاصمة الفرنسية امس الاول يرافقه الوزير روني عريجي، ومِن المنتظر ان يكون حصل او سيحصل لقاء جديد بينه وبين الحريري خلال الساعات المقبلة.
وفي وقتٍ لم يصدر عن الحريري وفرنجية ايّ تأكيد للقاء جديد بينهما ترَدّدت معلومات مفادُها انّ هذا اللقاء إنعقَد في حضور عريجي والنائب السابق غطاس خوري الذي تولّى ترتيبَه، وذكرت هذه المعلومات انّ اللقاء أكّد على سلسلة من العناوين المشتركة التي تجمَع بين الرجلين في ظلّ التكتم الشديد الذي احيطَ به وخصّص لمتابعة التطورات المحيطة بمبادرة الحريري لترشيح فرنجية والمواقف التي عكسَتها اللقاءات التي اعقبَت اللقاء الأول.
وحسب المعلومات المترددة انّ الرجلين «تفاهما على المضيّ في المبادرة والسعي الى تجاوز العقبات التي تعترضها أياً كانت، ولا بأس من بعض الإنتظار لأنّ التفاهم على المرشح البديل غير متوافر وما زال أحجيةً في ظل الظروف الراهنة».
وتضيف المعلومات «أنّ اللقاء كان مناسبة لقراءة المواقف المتشنّجة التي رافقت مبادرة الحريري من كلّ الجهات الحليفة للطرفين وتلك العقلانية وفق تصنيف تطابقت وجهات النظر في شأنه بينهما على كلّ المستويات. كذلك تناولا بالبحث قراءتَهما للحراك الدولي والإقليمي والظروف التي رفعَت من نسبة التوتر في العلاقات العربية والخليجية مع ايران خصوصاً، والتي لن يكون لها ايّ تأثير على الوضع الداخلي في لبنان حسب ما يؤكد الحريري».
وكشفَت المعلومات «انّ خبر اللقاء سرّبَته جهات فرنسية ولبنانية كانت على علم بالترتيبات التي سبقَته وأنّ ما تسَرّب منه وصل الى قيادات من قوى 14 آذار فاندفعَت الى اجواء من التصعيد في صفوف حلفاء الحريري وأدّت الى صدور بعض المواقف التصعيدية ولا سيّما موقف «القوات اللبنانية» المتّجه الى ترشيح عون.
الموقف الكتائبي
في خضمّ ما تشهَده الساحة المسيحية من تطورات ومستجدات، حيث يُعتبَر موقف «القوات اللبنانية» من ملف رئاسة الجمهورية من أبرز المتغيّرات، مع الحديث المتزايد عن تبنّي جعجع ترشيحَ عون، قال النائب الثاني لرئيس حزب الكتائب الدكتور سليم الصايغ لـ«الجمهوريّة»: «إنّ «القوات» ما زالت تطرَح فكرة ترشيح العماد ميشال عون وما تَبنّته بعد، وهذا ما تبَلَّغناه، لكن في حال حصل هذا الأمر فموقفُنا واضح، إذ إنّ العملية ليست عملية أشخاص»، موضحاً: «لن نقبل بترشيح أيّ شخص على أساس أنه من «8 آذار»، بل أن يخرج من حيث ما هو، فلا بأس إذا كان منطلقه من هذا الفريق بشرط أن لا يحكم على هذا الأساس وأن يكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين وأن يكون وسطياً، فلا يجب أن يأتي لكي يُكرّس انتصارَ فريق على آخر».
وأوضَح أنّ «ترشيح عون معطّل ولا حظّ له بالوصول، وترشيح جعجع له لا يهدف إلّا لتعطيل وصول فرنجية الى سدّة الرئاسة، ونحن ضد التعطيل، إذ يجب إعطاء كل ترشيح جدّي يتمتّع بإمكانية الوصول الفرصة، وذلك على أساس ضمانات وضمن إطار واضح، وفي حال غياب هذه الشروط فنحن نذهب في اتّجاه التسرُّع الذي سيرتدّ علينا جميعاً»
اللواء :
تنفست عين التينة، ومعها أركان هيئة الحوار الوطني، الصعداء، ما ان انعقدت الجلسة 13 للحوار، والتي مهدت لجلسة المساء بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله».
وأكّد مصدر مطلع ان أهم ما في الجلستين غسيل القلوب، على خلفية اندلاع الأزمة الراهنة بين الرياض وطهران، وتقييم الموقف اللبناني الذي ورط وزير الخارجية جبران باسيل البلد فيه، عندما امتنع عن التصويت لصالح القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية دعماً للمملكة العربية السعودية في وجه التدخلات الإيرانية واستنكاراً لاحراق سفارتها وقنصليتها في طهران ومشهد.
وأضاف المصدر ان جلستي الحوار مهدتا الطريق امام عقد جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس، ليس فقط لبحث جدول الأعمال العادي، بل لمناقشة القضايا الملحة والتفاهم عليها، وفقاً لما طالب به الرئيس تمام سلام على طاولة الحوار، بما في ذلك ملء الشغور في المجلس العسكري وتوضيح الغموض حول ملابسات ترحيل النفايات.
وبين الحوار المتعدد والثنائي، انشغلت الساحة المحلية بتطورين على ترابط سياسي مباشر:
الأوّل يتعلق بتداعيات موقف الوزير باسيل الذي سجل أوّل سابقة في تاريخ الدبلوماسية اللبنانية عندما اعترض على الإجماع العربي، الأمر الذي وصفه الرئيس سعد الحريري بأنه «امتناع لا يعبر عن رأي غالبية اللبنانيين، الذين يعانون من التدخل الإيراني في شؤونهم الداخلية، ويبادلون المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً مشاعر المحبة والتضامن، لما لها من ايادٍ بيضاء وتاريخ مشهود بالوقوف إلى جانب لبنان في الأزمات، كما في مسيرة إعادة الاعمار والتنمية بعد كل أزمة وعدوان اسرائيلي»، معتبراً ان «التذرع بذكر تدخل حزب الله في البحرين لا يُبرّر التهرب من الإجماع العربي»، رافضاً ادراج موقف باسيل في «خانة تعبر عن موقف الدولة اللبنانية، فموقفه لا وظيفة له سوى إرضاء إيران والاساءة لتاريخ لبنان مع أشقائه العرب».
اما التطور الثاني، فيتعلق بالزوبعة السياسية التي حركتها المعلومات عن نية لدى «القوات اللبنانية» لتبني ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة الأولى، وهو الموضوع الذي لم تؤكده أوساط «القوات، وإن كانت أوساط «التيارالوطني الحر» تنتظره بفارغ الصبر عله يُعيد خلط الأوراق من جديد، ويسقط ذرائع أطراف داخلية في ما خص الرئاسة الأولى، وينهي مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية التي اقترحها الرئيس الحريري.
وبالتزامن مع هذين التطورين، ترددت معلومات ليلاً ان النائب فرنجية الذي لم يُشارك في جلسة الحوار 13 أمس، توجه إلى العاصمة الفرنسية للقاء الرئيس الحريري.
وأوضحت مصادر في قوى 14 آذار لـ«اللواء» ان نائب «القوات» جورج عدوان لم يبلغ هذه القوى في اجتماعها أمس الأوّل ان القوات اتخذت قراراً بتبني ترشيح النائب عون، لكنه ألمح إلى ان أجواء «القوات» تميل إلى ذلك.
ولفتت المصادر ذاتها إلى أن الموضوع مطروح لدى «القوات» لكنها لم تحسم قرارها بعد، وأنه ما يزال قيد البحث.
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب محمّد الحجّار لـ«اللواء» أن هذه هي حقيقة ما حصل، مؤكداً الحرص على وحدة قوى 14 آذار.
لكن المعلومات كشفت عن سجال حصل بين النائب عدوان والنائب السابق سمير فرنجية الذي حمل بعنف على خيار القوات.
ومن جهتها، أكدت مصادر في تكتل «الاصلاح والتغيير» لـ«اللواء» أن هناك تقدماً في البحث بين «التيار الوطني الحر» و«القوات» حول رئاسة الجمهورية.
واعتبر عضو التكتل النائب سليم سلهب أن ما حُكي عن تفضيل عون عدم ترشيحه من قبل «القوات» غير صحيح، ولفت إلى أن الأجواء إيجابية في ما خص المشاركة في الحكومة والبحث الحاصل بين «التيار» و«القوات»، وأن اجتماع التكتل اليوم سيبحث في هذين الموضوعين.
الجولة 13
ولعلّ الاستحقاق الرئاسي كان الغائب الأكبر عن جلسة الحوار 13 التي استمرت ثلاث ساعات في عين التينة، وغاب عنها إلى فرنجية النائب عون، ورفعت إلى 27 من الشهر الجاري.
وعملاً بالقناعة الراسخة لديه، من أن الرئاسة الأولى وضعت في الثلاجة، وبعد تكرار الإشارة إلى ذلك، دعا الرئيس برّي إلى تفعيل عمل الحكومة بمعزل عن الاستحقاق الذي سواء جرى اليوم أو غداً أو في أي وقت، لأن تفعيلها يتعلق بمصالح النّاس وضرورة إنجاز المصالح الحيوية للمواطنين.
وأيّد دعوة الرئيس سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو جاءت من دون استشارته مسبقاً.
ثم تحدث الرئيس سلام، فاعتبر أن الدعوة إلى مجلس الوزراء هي من صلاحياته ولا حاجة لإجراء استشارات قبل ذلك مع أحد، «وأنا استخدمت صلاحياتي الدستورية».
وقال الرئيس سلام أنه على استعداد للسير في أي اتفاق يتم الاتفاق عليه بين الأفرقاء في ما خص عمل الحكومة، مصرّاً على ترك الأمور الخلافية جانباً، موضحاً أنه وجّه الدعوة بعد الانتهاء من موضوع النفايات.
وهنا تدخّل النائب سامي الجميّل الذي وجّه كلامه لرئيس الحكومة بالقول: «أنت مسؤول ويجب ألا تخضع لاعتبارات من هنا وهناك وليتحمّل كل مسؤول مسؤوليته».
وتساءل الجميْل عن الأسرار التي صاحبت قرار الحكومة بترحيل النفايات قائلاً: «هل يجوز أن يكون هناك سر على مجلس الوزراء، وليس في مجلس الوزراء»، معرباً عن عدم ارتياحه لا إلى القرار ولا إلى الملف ولا إلى النتائج التي وصلنا إليها.
وسجّل الجميّل إعتراضه أيضاً على بعض القرارات التي اتخذها سلام بمعزل عن مجلس الوزراء، متمثلاً بالموقف من الحلف الإسلامي ومن عملية التبادل عبر مطار بيروت بين المسلحين في الزبداني وكفريا والفوعة، متسائلاً عن الأصول في ذلك؟
وردّ الرئيس سلام موضحاً بأن هناك أشياء اضطرته للموافقة لأنها لا تحتمل التأجيل، كالموافقة على الحلف الإسلامي التي كانت مبدئية، في حين أن اتفاق الزبداني كان القرار دولياً، وكان رأي الأمم المتحدة أن تبقى الأمور سرّية.
أضاف: أما في موضوع النفايات فقد اتصل بك الوزير أكرم شهيّب ووضعك في صورة الحل، وبمعزل عن ذلك فإن أي وزير يستطيع طرح هواجسه وملاحظاته في جلسة مجلس الوزراء الخميس.
وبحسب قطب شارك في الحوار فإن استمرار هذا الحوار، رغم أنه حاد عن مواضيع جدول أعماله، يعتبر ضرورة في هذا الظرف بالذات لتخفيف التوتر في البلد وكسر الجليد بين الأطراف.
وفي تقديره أن العتاب الذي جرى بين الرئيس السنيورة والنائب محمّد رعد كان ضرورياً وفي محله لتخفيف التشنج بين الطرفين.
وأوضح أن الرئيس السنيورة سأل رعد عن التصريح الذي أدلى به وغمز فيه من قناة الرئيس سعد الحريري، فأجابه: «نعم أنا ردّيت على ما سمعناه من قيادي في «المستقبل» (في إشارة إلى الوزير اشرف ريفي)، مضيفاً بأننا انتظرنا يومين الا ان أي توضيح لم يصدر من قيادة التيار، فاضطررنا إلى الرد».
فأجابه الرئيس السنيورة: «نحن ضد كل الكلام المسيء من أي جهة أتى».
وحسب هذا القطب، فإن العتاب انتهى عند هذا الحد، علماً ان الرئيس برّي تدخل أثناء العتاب طالباً تأجيل هذا البحث إلى الحوار الثنائي بين الطرفين مساءً.
اما بالنسبة لموقف وزير الخارجية جبران باسيل في القاهرة أمس الأوّل، فقد اشارت مصادر سلام إلى ان باسيل شرح خلال جلسة الحوار الأسباب التي أدّت إلى اتخاذ لبنان هذا الموقف.
وكان الرئيس السنيورة سجل اعتراضاً وملاحظات على هذا الموقف نظراً إلى ان لبنان لم يخرج مرّة عن الإجماع العربي.
وفي المعلومات ان الرئيس سلام أوضح للرئيس السنيورة ان باسيل كان على تشاور معه في الموقف، لكن وزير خارجية البحرين أصرّ على إدخال العبارة التي يتناول فيها «حزب الله» في البيان الختامي، فكان الموقف بالامتناع عن التصويت والاعتراض على العبارة.
وتحدث النائب وليد جنباط فأبدى تفهمه لخطوة باسيل، وكذلك فعل العدد الأكبر من المتحاورين، في حين قال السنيورة خاتماً الجدل بأنه كان في إمكان وزير الخارجية تدوير الزوايا لكي لا نخرج عن الإجماع العربي بصياغة أفضل.
الحوار الثنائي
اما الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» الذي انعقد في جولته 22 مساءً، بحسب مصادر عين التينة، فقد انتهى إلى بيان أوضح فيه المتحاورون انه «جرى نقاش حول تطورات الأوضاع الراهنة وعرض للمواقف من القضايا المطروحة.
البلد :
موقف وزير الخارجية جبران باسيل خلال القمة العربية أمس، فتح سجالا واسعا بين الرئيس فؤاد السنيورة من جهة وباسيل من جهة أخرى، تدخّل للجم سخونته الرئيس نبيه بري وانتهى بابداء معظم المتحاورين تفهمهم لموقف باسيل. وأوضح مصدر ديبلوماسي ان باسيل نسق موقف لبنان في اجتماع القاهرة الاستثنائي مع رئيس الحكومة تمام سلام قبل أيام من انعقاد الاجتماع. وأكد أن باسيل حرص في كل حديث له على دعم المملكة في مواجهة الاعتداء على سفارتها، إلا أنه فوجئ بتضمين إدانة تدخل حزب الله في البحرين، فارتأى اتخاذ موقف النأي بالنفس دون أن يؤذي هذا الموقف التضامن مع السعودية.
وفي السياق، أسف الرئيس سعد الحريري (في بيان) "لامتناع وزير خارجية لبنان عن التصويت على القرار"، معتبراً انه "امتناع لا يُعبّر عن رأي غالبية اللبنانيين، الذين يعانون من التدخل الإيراني في شؤونهم الداخلية، مشيرا الى ان "التذرع بذكر تدخل "حزب الله" في البحرين في البيان الختامي، لا يُبرر التهرب من الاجماع العربي حيال مسألة اساسية تتناول التدخل الإيراني في الشؤون العربية الداخلية، بل تذرع مبتور لا يتطابق مع مفهوم تقديم المصلحة الوطنية اللبنانية على الاجماع العربي.
الحواران امس انغمسا في السجالات الساخنة حول مواقف وزارية ونيابية تارة حول موقف وزير الخارجية جبران باسيل في جامعة الدول العربية وأخرى في شأن موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لجهة عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، فيما المبادرات الرئاسية تتهاوى الواحدة تلو الاخرى وتتحكم بها سياسة النكايات.
ونجحت جلسة الحوار في تفعيل عمل الحكومة وبذل ما يمكن في اليومين المقبلين من اجل تذليل العقد التي تحول دون انعقاد الجلسات، فيما حدد الرئيس نبيه بري 27 الجاري موعدا للجولة الرابعة عشرة. وعلم ان أحد المخارج لتذليل شروط التيار الوطني الحر المتمسك بالتعيينات العسكرية للمشاركة في جلسات مجلس الوزراء، قد يكون في حصر التعيينات بالمجلس العسكري وعضويه الكاثوليكي والارثوذكسي تحديدا.