اذا كانت جولة الحوار الـ 22 بين "تيار المستقبل " و"حزب الله " اتسمت بأهمية احتوائها عاصفة التهجم التي أثارها كلام رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد في حق الرئيس سعد الحريري لمصلحة اعادة تثبيت استمرار الحوار وضروراته الوطنية، فان الدلالة الأبرز خرجت بها الجولة الـ13 للحوار الوطني التي بدت كأنها تثبت نظرية وضع الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة وتنصرف في المقابل الى تزخيم محاولة تفعيل العمل الحكومي في الوقت الضائع المرشح لان يطول بلا أي أفق زمني.
ذلك ان المفارقة التي ميزت اليوم الحواري الطويل بجولتيه النهارية والمسائية في عين التينة برزت في نبرة العودة الى التهدئة أولاً ومن ثم التركيز على أهمية تفعيل العمل الحكومي ثانياً بما بدا تمهيداً لانجاح جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل وجعلها توطئة لتوسيع التفاهم السياسي حول هذا التفعيل، الامر الذي يرجح معه ان تشكل الجلسة نقطة عودة الى التفاهم مع الفريق العوني في شأن بعض الأمور ومنها تعيينات داخل المجلس العسكري تشمل مواقع شاغرة بما لا يمس بالمواقع القيادية الممدّد لها. والواقع ان مجريات الجولة الـ13 للحوار الوطني أبرزت من بدايتها "تحييد" الاستحقاق الرئاسي عن النقاشات وتجنيد الجولة لتفعيل العمل الحكومي، الأمر الذي لفت أكثر المشاركين في الحوار إليه بقولهم إن جميع الأفرقاء أكدوا مشاركتهم في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء. واذ علمت "النهار" ان "التيار الوطني الحر" التزم داخل الجلسة الحوارية أمس اتجاهاً ايجابياً حيال انعقاد مجلس الوزراء، الا انه تحدث عن عقبات يؤمل في تذليلها من اليوم الى الخميس. وعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان نتائج الجلسة الـ13 للحوار النيابي أفضت الى فتح الطريق أمام معاودة مجلس الوزراء جلساته إبتداء من الخميس. ولفتت الى ان هناك حواراً جانبياً يدور حول موضوع التعيينات في المجلس العسكري بما يلبي بعض مطالب "التيار الوطني الحر". وتوقعت أن تشهد الجلسة إقرار عدد كبير من بنود جدول ألاعمال الذي يضم الى 140 بنداً 104 مراسيم عادية.
ومع ذلك لم تخل الجولة من ملامح حرارة على خلفية موضوع تهجم النائب رعد على الرئيس الحريري والذي أثاره الرئيس فؤاد السنيورة. أما الملف الآخر الذي لم يقل حماوة فيتصل بالموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة ونأى فيه لبنان بنفسه عن الاجماع العربي على التنديد بايران.
وعلمت "النهار" من مصادر شاركت في جلسة الحوار النيابي انها شهدت مناقشة للملفيّن المثيريّن للجدل وهما: موقف النائب رعد من الرئيس الحريري وموقف الوزير باسيل في جامعة الدول العربية. وتولى طرح الملفيّن الرئيس فؤاد السنيورة. في ما يتعلّق بالملف الأول، كان جواب النائب رعد ان ما قاله كان رداً على ما صدر من "المستقبل" في حق الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. وتلا رعد نصاً أحضره لهذه الغاية تردّد أنه يعود الى تصريح لوزير العدل أشرف ريفي. واعتبرت المصادر رد رعد أنه يعني موقف الحزب من الحوار مع "المستقبل" خارج هذا السجال الطارئ. أما في ما يتعلّق بموقف الوزير باسيل في القاهرة، فقالت المصادر إن المجتمعين تبلغوا أن وزير الخارجية حصل على تغطية من الرئيس تمّام سلام. وعليه كانت الجلسة هادئة مما سمح للرئيس نبيه بري بالقول إنه حتى لو كانت الانتخابات الرئاسية ستتم غداً فيجب على الحوار أن ينصرف الى دعم العمل الحكومي. وتمنى نائب رئيس المجلس فريد مكاري أن يخلو جدول أعمال الجلسة المقبلة للحوار من بند تفعيل العمل الحكومي للانصراف الى شؤون أخرى.وهنا شدد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على عدم الاستسلام لتعطيل العمل الحكومي.
"المستقبل " و"حزب الله"
ومساء انعقدت جلسة الحوار الـ22 بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" في مقر الرئاسة الثانية بعين التينة، في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار "المستقبل". كما حضر الوزير علي حسن خليل.
وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: "جرى نقاش حول تطورات الأوضاع الراهنة وعرض للمواقف من القضايا المطروحة. وأكد المجتمعون انه على رغم التباينات في الموقف حول عدد من القضايا الخارجية فأنهم يجددون الحرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أي تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي. وتناول البحث أيضاً تكثيف الاتصالات من أجل تفعيل عمل الحكومة".
وأفادت مصادر المجتمعين ان النقاش كان هادئاً وايجابياً وجرت مقاربة معمقة للوضع الداخلي مع تركيز على تفعيل العمل الحكومي. واتفق الفريقان على عقد الجولة المقبلة في 25 كانون الثاني الجاري.
عدوان والملف الرئاسي
الى ذلك، اكتفى نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان بالقول لـ"النهار" رداً على سؤال عما بلغته الإتصالات داخل فريق 14 آذار في موضوع رئاسة الجمهورية إن الجو الذي نُقل عن اللقاء القيادي لهذا الفريق، أول من أمس، "لم يعكس صحة المناقشات الطويلة التي حصلت في أجواء غير متشنجة".
لكن مصادر أخرى في"القوات" أبدت استياءً وقالت إن التسريب في الشكل الذي حصل هو عمل سياسي زاد الأمور تعقيداً في حين كانت قيادة حزب "القوات" تسعى إلى تسهيلها ومعالجتها بهدوء وعقلانية وإعطاء وقت أطول للبحث في نقاط الإختلاف في الرأي والتوجّه، وعلى رغم ذلك ستظل قيادة "القوات" تحاول إبقاء الباب مفتوحاً على احتمالات التفاهم مع الحلفاء في قوى 14 آذار.
اللاجئون
في سياق آخر، علمت "النهار" ان اللجنة الوزارية المكلفة شؤون اللاجئين السوريين التي إنعقدت عصر أمس في السرايا برئاسة الرئيس تمام سلام تطرقت الى الاجتماع الدولي الذي سيعقد في شباط المقبل في لندن والمخصص للدول المانحة للاجئين. وسيرأس سلام وفداً يضم وزير التربية الياس أبو صعب وعدداً من المستشارين وسيطرح المقاربة اللبنانية الجديدة لموضوع اللاجئين ودور المجتمع الدولي في مساعدة لبنان بمشاريع محددة تسهّل عودة اللاجئين الى سوريا وتسهّل للبنان تحمّل أعباء إقامتهم. وسيقوم الرئيس سلام بعدد من التحركات الديبلوماسية من شأنها التحضير لنجاح مهمة الوفد اللبناني على أن يستقبل لبنان هذا الاسبوع وزيرة التنمية البريطانية المسؤولة في بلادها عن ملف اللاجئين السوريين.