لا شك أن تنفيذ حكم الاعدام بحق الشيح الشيعي نمر باقر النمر. عدا عن أنها تنفيذ حكم قضائي سعودي.
ولكنه على الصعيد الخارجي كان رسالة من المملكة العربية السعودية موجهة ضد سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة العربية. وقد فجرت هذه الخطوة أزمة كبيرة بين الخصمين الاقليميين اللدودين. وهي أزمة تعكس انقساما عقائديا واستراتيجا أساسيا في كافة أرجاء منطقة الشرق الأوسط وفيها الكثير من التعقيدات والتناقضات تضاهي ان لم نقل أنها تتجاوز تعقيدات الصراع العربي الإسرائيلي.
وهذا الانقسام المذهبي السني الشيعي في المنطقة والذي تفاقم بشكل كبير وعلى شكل واسع في السنوات الأخيرة هو أحد الموروثات الدينية الهدامة والتي بدأت تأخذ شكل الصراع الخطير بعد وفاة النبي محمد (ص ) وهو يحدد موقف أي من الدولتين السعودية وإيران تجاه أي حدث.
وقد تفاقمت الأزمة بين الدولتين منذ انطلاق الانتفاضات العربية في العام 2011 وتحولت الى مواجهات بالواسطة بين الطرفين.
فقبل إعدام الشيخ النمر كان رئيس النظام السوري بشار الأسد عنوان توتر رئيسي بينهما منذ أن تدخلت إيران بكل ثقلها لدعمه ومساندته من خلال دعمه مباشرة وتوريط حزب الله بالحرب إلى جانبه. فيما اصطفت السعودية إلى جانب المعارضة السورية ورفعت الصوت ضد تمادي النفوذ الإيراني في أكثر من دولة عربية.
ولم تترك الرياض مناسبة إلا وعبرت عن رفضها للتدخل الإيراني في شؤون الدول العربية. ولكن كل محاولاتها كانت عبثية ولم تؤد إلى أي نتيجة عملية إلى أن قادت تحالف عاصفة الحزم والذي كان رسالة أولى إلى كل من واشنطن وطهران بأنها قررت المواجهة بنفسها بعدما وصل التمدد الإيراني إلي اليمن والذي يشكل الخلفية الأمنية للمملكة.
وبالتالي فإن خطوة تنفيذ حكم الاعدام بالشيخ المر هي رسالة واضحة إلى واشنطن قبل طهران تفيد بأن السعودية مصرة على وضع حد لأيران في وقت تتجنب فيه الإدارة الأميركية أي خطوة من شأنها عرقلة تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران. فمنذ توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية فإن طهران زادت من انخراطها في الحرب السورية وكذلك تصاعدت وتيرة الاستفزازات الصاروخية للعالم.
وثمة من يعتقد أن تراجع واشنطن عن الرد على التجارب الصاروخية الإيرانية والغاءها عقوبات إضافية على طهران هو ما دفع بالجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى رفع مستوى التحدي باطلاقها مزيدا من الصواريخ ألتي سقط إحداها باعتراف اميركي على مسافة غير بعيدة عن حاملة طائرات أميركية.
ففي ظل هذا المشهد العام للمنطقة يمكن القول ان الخطوة السعودية ليست مفاجئة. وإن كانت مضبوطة على إيقاع عدم الانجرار إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين الطرفين.