التفهّم العربي لموقف لبنان في اجتماع مجلس الجامعة في القاهرة، أمس، والذي تمثّل بالإمتناع عن التصويت على البيان الختامي والذي «أدان الاعتداءات التي تعرّضت لها سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد»، محمّلاً إيران «مسؤولية ذلك»، ومؤكداً «وقوفه صفاً واحداً مع المملكة، وتأييده للقرارات والإجراءات التي اتخذتها لمحاربة الإرهاب بأشكاله وصوره كافة، وملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومثيري الفتن وتقديمهم للقضاء»، كان يرمي إلى إعفاء لبنان من إضافة مشكلة جديدة كان يمكن أن تترتّب على موقف «قلّة الخبرة» الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في ما خصّ القرار الصادر عن المجلس الوزاري العربي، حيث لم يكن من الضروري الامتناع عن التصويت بكامله، بحجة أنه يتضمن أن «مملكة البحرين أحبطت مخططاً إرهابياً لتنفيذ أعمال تفجيرية، وقبضت على عناصر خلية إرهابية جديدة تتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني»، وهذا الأمر ليس بجديد، وفق مصدر ديبلوماسي عربي، حيث سبق للبحرين وأشارت أكثر من مرّة إلى هذا الموضوع.
وعزا الوزير باسيل الامتناع عن التصويت إلى أن الوفد الذي يرأسه اعترض على هذه العبارة، وربط «حزب الله» بأعمال إرهابية، فيما هو ممثّل في مجلس النواب ومجلس الوزراء، مطالباً بإزالتها من البيان، عملاً بسياسة النأي بالنفس.
وفيما حاول باسيل الإعلان «أننا أتينا إلى القاهرة للتضامن مع المملكة العربية السعودية ضد الاعتداء الذي تعرّضت له سفارتها وقنصليتها في إيران، وذلك التزاماً منا بالاتفاقيات الدولية»، فإن أوساط «التيار الوطني الحر» في بيروت اعتبرت أنه بهذا الموقف «إختار لبنان الوحدة الوطنية على التضامن العربي».
ولم يلقَ موقف باسيل الذي شكّل صدمة لدى أوساط قوى بارزة في 14 آذار إرتياحاً لدى هذه الأوساط باعتباره «تفرّد» برفض التوقيع على بيان الجامعة، وتحفّظ على رفض العرب تدخّل «حزب الله» في البحرين.
وأشار مصدر في كتلة «المستقبل» أن الكتلة ستدرس موقف باسيل في اجتماعها غداً، بانتظار أن تكون قد اطلعت تماماً على نص قرار الوزراء العرب وكلام باسيل، مع أن المصدر لاحظ أن باسيل إمتنع عن التصويت ولم يصوّت ضد القرار بما أتاح صدوره بالإجماع.
إلا أن أحد الوزراء توقّع أن يكون باسيل أعلم الرئيس تمام سلام بموقفه قبل إعلانه، نافياً أن يكون لديه معلومات أكثر من ذلك، فيما أشار مصدر وزاري آخر إلى أن الموقف اتخذ بالتنسيق مع رئيس الحكومة.
مجلس الوزراء
ومن المفترض أن يكون موقف لبنان خارج التجاذبات في مجلس الوزراء الخميس، إلا أن موقف باسيل سيشكّل ورقة ليقف حزب الله وراء «التيار الوطني الحر» في إثارة مطالبه الثلاثة في الجلسة، سواء حضرها الوزراء العونيون الثلاثة أم لا، في ضوء زيارة وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب إلى السراي اليوم أو غداً للإجتماع مع الرئيس سلام، وقرار التكتل في اجتماعه الثلاثاء، والذي سبق وأشارت إليه «اللواء» قبل يومين، علماً أن العماد ميشال عون يؤيّد تفعيل عمل الحكومة، مثلما أبلغه لوزير الداخلية نهاد المشنوق السبت.
وتتضمن مطالب التيار الثلاثة: ملف التعيينات العسكرية وآلية العمل الحكومي والتوافق على الملفات الرئيسية قبل الجلسة.
وفي اتصال مع «اللواء» أمل الوزير بوصعب أن يكون هناك تفاهم حول جلسة الخميس المقبل، وأشار إلى أنه في ضوء الايضاحات والتفاهمات المطلوبة والتي لم يُفصح عن مضمونها يتحدد مصير حضور الوزراء الثلاثة الجلسة، متسائلاً هل ستكون الجلسة منتجة أم لا؟
وعن إمكانية بحث هذه الإيضاحات في جلسة الحوار اليوم قال بوصعب «ليس من الضرورة أن تبحث هذه الايضاحات في جلسة الحوار، ولكن التفاهم ضروري قبل الجلسة ولا يزال هناك متسع من الوقت ليوم الخميس».
أما الرئيس سلام الذي استأنف استقبال المواطنين في دارته في المصيطبة أمس، فقد أكد على أهمية إنعقاد مجلس الوزراء لتسيير شؤون البلاد والعباد، لافتاً إلى أن معظم بنود جدول أعمال جلسة الخميس إدارية ومالية وحياتية، مشدداً على أن الأمور لا يجوز أن تستمر على ما هي عليه من تعطيل وشلل لمصالح النّاس الذين لا حول ولا قوة لهم خصوصاً في ظل الفراغ الرئاسي.
وبحسب زوّار المصيطبة، فإن الرئيس سلام شدّد على ضرورة حضور جميع مكوّنات الحكومة الجلسة المقبلة، معتبراً أن أعضاء الحكومة يمثلون بطبيعة الحال جميع فئات النّاس المعطَّلة أعمالهم، وأن التعطيل لا يشمل فئة أو طائفة أو مذهب بل يطال جميع اللبنانيين.
وسيرأس الرئيس سلام في الرابعة بعد ظهر اليوم إجتماعاً للجنة الوزارية المكلّفة متابعة ملف النازحين السوريين، والتي ستخصص لمناقشة تطوير ورقة العمل اللبنانية لجهة تحديد مجالات إنفاق الهبة التي ستُعطى للبنان في مؤتمر لندن للدول المانحة الذي سيعقد في الرابع من شباط المقبل.
مبادرة الحريري
وفيما شكّلت مخاطر الفراغ في رئاسة الجمهورية وضرورة إنهاء هذا الوضع الشاذ والخطير بانتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن، عنوان اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري والرئيس السابق ميشال سليمان الذي يزور حالياً المملكة العربية السعودية، بحسب ما أفاد المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، فإن رئيس تيّار «المستقبل» أطلع الرئيس سليمان على الاتصالات والجهود المبذولة لهذا الهدف، ومن ضمنها ترشيح النائب سليمان فرنجية، كان لافتاً للإنتباه تأكيد رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة بأن الأفكار المتعلقة بمبادرة الرئيس الحريري الرئاسية ما زالت موجودة على الطاولة ولم تُسحب، وإن كان أشار صراحة إلى أن موقف «حزب الله» الذي وضع شروطاً على هذه الأفكار هي التي أدّت إلى «فرملة» التسوية.
تجدر الإشارة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز استقبل أمس الرئيس سليمان في قصر اليمامة في الرياض، والذي شدّد على الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب والعمل الدؤوب على تجفيف منابعه، شاكراً للمملكة دعمها الدائم للمؤسسات الدستورية والأمنية في لبنان، ولا سيما الجيش اللبناني صاحب التجربة الفضلى في محاربة الإرهاب.
الحوار الثنائي والجامع
ولم تستبعد مصادر مطلعة، أن يتصدر موضوع رئاسة الجمهورية، جلسة الحوار الـ23 التي ستعقد مساء اليوم في عين التينة بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، بعدما قررت كتلة المستقبل معاودة هذا الحوار، وإن كانت كل المواقف والتصريحات التي أثارت بلبلة وتشنجاً بين الطرفين ستوضع على الطاولة وتكون مادة للبحث.
وأوضح مصدر في كتلة «المستقبل» لـ«اللواء» أن الكتلة اتخذت قرارها بالاستمرار في الحوار مع «حزب الله» ليل السبت، بعد مشاورات أجراها الرئيس الحريري مع الرئيس السنيورة وعدد من القيادات في التيار، على أن توضع على الطاولة كل مواقف الحزب التي أثارت توتراً مع «المستقبل» في إشارة إلى تصريحات النائبين محمّد رعد ونواف الموسوي.
ولفت المصدر إلى انه ليس سراً أن الموقف من جدوى استمرار الحوار مع الحزب كان موضع نقاش داخل الكتلة، بعد تصريحات رعد والموسوي، وانه جرى تقييم ايجابيات وسلبيات استمرار هذا الحوار أو وقفه، وتم تغليب الموقف الإيجابي على اساس ان البديل من الحوار هو المزيد من التوتر.
وحرص الرئيس السنيورة امام وفود صيداوية على وصف «حزب الله» بأنه شريك في الوطن، وهو جزء من هذا الوطن، مشيراً إلى انه ليس هناك من بديل سوى الانفتاح على بعضنا البعض، مع الإقرار بأن الاختلافات لا يجوز أن تتحول إلى خلافات.
وتتزامن جلسة الحوار الثنائي مع جلسة للحوار الجامع رقم 13 ستعقد ظهر اليوم في عين التينة، أمل الرئيس سلام أن تنتج ايجابيات، لكنه استدرك بانتظار ما ستؤول إليه هذه الجلسة، علماً أن موضوع تفعيل الحكومة سيكون احد موضوعات الحوار، من دون استبعاد ان يُصار إلى طرح موضوع ترحيل النفايات في ضوء الإشكالات التي رافقت تأخر الشركتين الهولندية والبريطانية في توقيع العقود مع مجلس الإنماء والإعمار، وامتناع الشركة الهولندية عن دفع الكفالة المالية، فضلاً عما تردد عن ترحيل النفايات إلى سيراليون التي تضم جالية لبنانية كبيرة، دفعت بالمسؤولين في هذا البلد الافريقي الى نفي هذا الموضوع جملة وتفصيلاً، والرئيس نبيه برّي الى توجيه ملاحظات للمسؤولين عن طريقة ادارة هذا الملف والتي اوصلت البلاد إلى الترحيل، مع انه كان في الإمكان «تدوير» النفايات المرحلة طالما ان 200 ألف طن الباقية في لبنان ستحتاج الى تدوير أيضاً.