محطتان سياسيتان بارزتان يُستَهلُّ بهما الأسبوع اليوم، ويُتوقّع أن يكون لنتائجهما انعكاسات يُفترض أن تكون إيجابية على مستوى درءِ مضاعفات الاشتباك السعودي- الإيراني المتصاعد منذ تنفيذ السلطات السعودية حكمَ الإعدام برَجل الدين الشيعي السعودي المعارض الشيخ نمر باقر النمر وما تلاه من «حرب سفارات» حطّت أوزارَها في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس، الذي دانَ إحراقَ السفارة السعودية في طهران طالباً عدمَ تدَخّل إيران في شؤون الدوَل العربية، فيما امتنعَ لبنان عن التصويت على البيان الختامي للاجتماع لاشتماله على «ربط» اسمِ حزب الله بالأعمال الإرهابية، وأكّد رفضَه الاعتداءَ على أيّ بعثة ديبلوماسية أو قنصلية. وهاتان المحطتان اللتان تشهدهما عين التينة هما انعقاد طاولة الحوار بين قادة الكتَل النيابية برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وإدارتِه، والجولة الجديدة من الحوار بين تيار «المستقبل» وحزب الله مساءً، وهي تنعقد بعد سِجال عنيف دار بين الجانبَين على خلفية المواقف التي أعلنَها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إزاءَ السعودية والرئيس سعد الحريري وردود قيادات في «المستقبل» عليها.
عشيّة هاتين الجلستين الحواريتين قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّ اجتماع هيئة الحوار الوطني سيركّز على تفعيل عمل الحكومة، مشيراً إلى أنّه ستتمّ مناقشة تحفّظات بعض الأطراف عن جلسة مجلس الوزراء المقرّرة الخميس المقبل، «وسأسعى إلى معالجتها حتى تصبح الطريق سالكة وآمنة أمام هذه الجلسة».
وأضاف أنّ الحوار بين حزب الله وتيار «المستقبل» سيُستأنَف اليوم، وفقَ ما كان مقرّراً، معتبراً «أنّ استمراره هو إنجاز في حدّ ذاته، في ظلّ الظروف الداخلية والإقليمية الصعبة المحيطة به، بمعزل عمّا إذا كان قادراً على تحقيق نتائج سياسية عملية أم لا».
وأوضَح «أنّ المتحاورين سيناقشون خلال الجلسة ما يرَونه مناسباً، لكنْ من المؤكّد أنّه سيتخلّلها عتابٌ بَعد الحملات المتبادلة في الأيام الماضية». وتوقّع أن يساهم هذا الحوار اليوم في «تنفيس الاحتقان الذي تزايَد أخيراً، على وقع التطوّرات المتلاحقة في المنطقة.
وإذ كرّر بري التأكيد «أنّ الاستحقاق الرئاسي أصبح في الثلّاجة»، اعتبَر أنّ المبادرة الرئاسية التي أطلقَها الرئيس سعد الحريري «لا تزال حيّة، لأنّ أصحابها يتمسّكون بها».
وردّاً على سؤال حول احتمال ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، قال برّي: «في هذه الحال، يجب أن ينزل العماد عون والنائب سليمان فرنجية إلى الجلسة الانتخابية، ويفوز من ينال أكثرية الأصوات».
ومِن جهةٍ ثانية أكّد بري أنّه يؤيّد إجراءَ الانتخابات البلدية في موعدها المقرّر في أيار المقبل، وقال: «هذا سبَب إضافيّ لمعاودة اجتماعات مجلس الوزراء الذي يُفترَض به أن يضعَ الآليّات ويتّخذ التدابير الضرورية لإجراء هذه الانتخابات».
سلام
ومِن جهته، رئيس الحكومة تمّام سلام، قال لـ«الجمهورية» إنّه يأمل في «أن تحملَ السَنة الجديدة في أيامها الأولى ما يتيح لنا السيرَ في الاستحقاقات المقبلة علينا على كلّ المستويات، فلبنان يستحقّ أياماً حلوةً، ومِن حقّ اللبنانيين أن يحلموا بتجاوز المحطات التي يعيشونها بما يَضمن أمنَهم وسلامهم وقيامة بلدهم».
وعن جولتَي الحوار في عين التينة اليوم، قال سلام «إنّ الحوار كان وسيَبقى معبَراً إلى كلّ الحلول المرجوّة بما يَضمن مصالح اللبنانيين على كلّ المستويات ويَضمن الخروج من مسلسل المآزق التي نَعيشها».
وأضاف: «إنّ متابعة هيئة الحوار الوطني عملَها كان وسيبقى لتفويتِ الفرصة أمام الساعين إلى البَلبلة وكلّ ما يضرّ بالبلد». ولفتَ إلى أنّه لن يكون له أيّ طرحٍ معيّن، «فأنا سأحضر وأشارك في المناقشات، وجدولُ الأعمال بات معروفاً وفيه ما يَعنينا جميعاً».
وعن التحضيرات لجلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، قال سلام: «كلّ ما آمله من هذه الجلسة أن تكون منتِجة بإجماع الوزراء وحضورهم جميعاً، وهذا ما تَمنّيته على الجميع». وأضاف: «إنّها جلسة عادية لا بدّ منها لمناقشة بنود جدول أعمال يضمّ 140 بنداً هي جزء من القضايا والملفّات التي تعني اللبنانيين في شؤونهم الحياتية والمعيشية والإدارية وهم ينتظرون البتّ بها، خصوصاً أنّها مِن القضايا التي لا يمكن أن تكون موضعَ خلاف.
ولا يمكننا أن نستمرّ متفرّجين على البلد وهو ينهار ويتراجَع، لا بل إنّه يهترئ، وهو أمرٌ لطالما نَبّهنا منه، وكلّ ما آمله هو أن يشاركَنا الجميع النظرةَ إلى أهمّية تفعيل العمل الحكومي، فالناس ينتظرون منّا شيئاً ولا بدّ لنا من أن نلبّي بعضاً مِن مطالبهم».
وتعليقاً على موقف لبنان في مجلس وزراء الخارجية العرب، اعتبَر سلام أنّ موقف وزير الخارجية جبران باسيل «كان ممتازاً». وقال: «إنّه موقف الحكومة اللبنانية وهو جيّد طبعاً، لقد كنتُ على تواصُل مع الوزير باسيل قبل أن يتوجّه إلى القاهرة وكنّا على اتّصال مباشر معه هناك».
وعن الوضع الأمني قال سلام: «إنّه جيّد، وليس هناك ما يثير القلقَ سوى ما تتابعه المؤسّسات والأجهزة العسكرية والأمنية، ولا شيء يدعو إلى القلق في الوقت الراهن». ووصَف الوضعَ في عرسال بأنّه «ممسوك وتحت السيطرة».
السنيورة
وترجمةً للتهدئة التي عملَ عليها بين «حزب الله» و تيار «المستقبل» بعد انفجار التصريحات الأسبوع الماضي، أكّد الرئيس فؤاد السنيورة أنّ «تيار «المستقبل» سيعاود الحوارَ مع «حزب الله» في جلسة الاثنين (اليوم)»، معتبراً أنّ «الأمور التي سمعناها أخيراً وسَبّبت تشنّجاً وتوتّراً ستكون مادةََ للبحث، لأنْ ليس مِن مصلحة أحد ارتفاعُ نبرة الخطاب السياسي والتنَكّر لصيغة لبنان ولاتّفاق الطائف».
ولفتَ إلى «أنّنا عبَّرنا عن موقف تيار «المستقبل» في الحوار، وكان موضع تشاور كامل داخل تيار «المستقبل» وبالذات مع الرئيس سعد الحريري، وكان هناك تواصُل بيني وبين الحريري وزملاء كثيرين، وكان الموقف أنّه سيُصار إلى معاودة التواصُل في جلسة الاثنين للبَحث في كلّ هذه الأمور التي استَمعنا إليها. وبالتالي، كانت محورَ أسباب تشنّج وتوتّر، مع التأكيد دائماً أن لا مصلحة لأحد في ارتفاع نبرة الخطاب السياسي واستعمال عبارات غير مقبولة، وأيضاً مفاهيم تتنكّر لصيغة لبنان ولاتفاق الطائف».
فنَيش
وبدوره، قال الوزير محمد فنيش إنّ «الحوار في بلد كلبنان يتمتّع بالحرّية والتنوّع هو الإمكانية الوحيدة لتنظيم الخلافات، فإذا شاءَ البعض أن يستمرّ به فأهلاً وسهلاً، وإذا لم يشاؤوا، فهذا يعني أنّهم هم مَن الذين يتراجعون ويصدِرون المواقفَ ضدّ الحوار».
وإلى ذلك، شَدّد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فيّاض على «أولوية تفعيل عمل الحكومة وإعادتها إلى الاجتماع والإنتاج في إطار دستوريّ وقانوني وبحسَب الآلية التي تمّ التوافق عليها، فليس هناك مِن شيء يمنَع الحكومة من أن تمضيَ في التعيينات المختلفة التي هي محلّ حاجة وضرورة، وهذا من شأنه أن يعيدَ تقويم مسار عمل الحكومة وتصويبَه وتفعيله».
معراب - الرابية
وعلى خط معراب - الرابية، تستمرّ الأجواء التفاؤلية في إمكان توَصّل عون وجعجع إلى تفاهم رئاسي، وفي هذا السياق، أكّد عضو كتلة «القوّات اللبنانية» النائب فادي كرم لـ«الجمهوريّة» أنّ «الاتّصالات مستمرّة بين الطرَفين في شأن الرئاسة، ومن المفترض أن نصل إلى تفاهم قريب، خصوصاً أنّ التواصل بيننا محكوم بورقة «إعلان النوايا» وهذه الورقة تتطوّر بنحو ملحوظ في كلّ بنودها».
وأشار إلى أنّ «القوات» لا تزال تصِرّ على انتخاب رئيس للجمهورية وموقفها ثابت في هذا الشأن، وهي تتواصَل مع حلفائها، إذ إنّ الرئيس هو حاجة وطنيّة»، موضحاً أنّ «إحتمال ترشيح «القوات» لعون قائمٌ، وهو يُدرَس من كلّ جوانبه، وبالتأكيد إذا رشّحناه فسيكون ذلك ضمن إطار تفاهم وطنيّ عام معه يَشمل كلّ البنود الخلافيّة، وبالتأكيد الاتّفاق على قانون انتخاب يؤمّن صحّة التمثيل ويحافظ على الشراكة الوطنيّة، وهذا ما نَصَّت عليه ورقة النوايا بيننا».
وشَدّد كرم على أن «لا شيء يمنَع زيارة عون لمعراب، وهذه الزيارة لن تكون لالتقاط الصورة أو الاستعراضات الإعلامية، بل سيَنتج عنها تفاهمٌ وطنيّ ومِن ضمنه التفاهم على ملفّ رئاسة الجمهورية. ومسار الأمور مع «التيار الوطني الحرّ» يؤكّد أنّ التفاهم الرئاسي قريب».
موقف بكركي
وفي انتظار حصول اللقاء المحتمل بين عون وجعجع، تُبدي بكركي ارتياحَها إلى هذه الخطوة إذا تمّت، وفي هذا السياق، أكّد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ«الجمهورية»، أنّ «البطريركية المارونية تُرحّب بلقاء عون وجعجع، وتفرَح لأنّه سيحصل، وتتمنّى أن يصل إلى نتائج إيجابية، وهي أيضاً ترَحّب بأيّ لقاء وطني بين المكوّنات اللبنانية».
وشَدّد على أنّ «البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يَدعم بقوّة هذا اللقاء ومستعدّ لفِعل أيّ شيء لإنجاح لقاءات كهذه، وهو أوّل من عملَ على جمعِ القادة المسيحيين ونظّمَ لقاءات في بكركي، وهو مستمرّ في عمله لجمعِهم مجدّداً للوصول إلى حلّ رئاسيّ، وقد حذّرَ منذ ما قبلَ الفراغ الرئاسي مِن الخطر المقبل على رئاسة الجمهورية».
وتمنّى صيّاح أن «يصل اللقاء المرتقب بين عون وجعجع إلى نتائج ملموسة في مسألة انتخاب رئيس الجمهوريّة، لأنّ الاتّفاق المسيحي - المسيحي يسَهّل الحلّ الرئاسي، وعندها يُثبت الآخرون صدقيّة الكلام الذي يردّدونه بأنّ على المسيحيين الاتّفاق على رئيس ونحن نسير به، ونتمنّى أن يكون هذا الكلام صحيحاً».
وكان الراعي قد كرّر في عِظة الأحد دعوتَه الكتلَ السياسية عموماً والمسيحية خصوصاً إلى «العمل على انتخاب رئيس للجمهورية انطلاقاً من هذا الواجب الذي يمليه عليهم الضمير المسيحي».
وقال: «عندما نكرّر دعوةَ الجماعة السياسية للقيام بواجبها الأساسي بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية مدخَلاً لإعادة إحياء المجلس النيابي والحكومة، إنّما نفعل ذلك خصوصاً، بالنسبة إلى السياسيين المسيحيين، انطلاقاً من هذا الواجب الذي يمليه عليهم الضمير المسيحي الملتزم مقتضيات معموديتهم»، مشيراً إلى أنّ «الإرشاد الرسولي نفسَه يُذكّرهم بأنّهم ملتزمون بممارسةٍ مسيحية في إدارة الشؤون الزمنية، لأنّ البُشرى الإنجيلية تنير كلَّ الشؤون البشَرية؛ من أجل بناء أسرة بشرية سعيدة، وفي الوقت نفسِه البلوغ إلى الخلاص الأبدي. لا يستطيع المسيحيون أن ينسوا أو يضعوا جانباً أو يتنكّروا لهذا التعليم الإنجيلي، فيما هم يمارسون العملَ السياسيّ وإدارةَ الشؤون الزمنية».
لبنان يمتنع عن التصويت
وفي القاهرة بَرز موقف لبنان في الاجتماع غيرِ العادي لوزراء الخارجية العرب الذي انعقدَ بناءً على طلب المملكة العربية السعودية، حيث امتنعَ عن التصويت على البيان الختامي، وقال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل «إنّنا حضَرنا لنُعربَ عن تضامننا مع السعودية بعد الاعتداءات التي تعرّضَت لها بعثتُها الديبلوماسية والقنصلية في إيران، لكنّنا رَفضنا ربطَ اسمِ «حزب الله» بالأعمال الإرهابية، ولذلك امتنَعنا عن التصويت على بيان الجامعة العربية».
وأوضَح باسيل بعد الاجتماع أنّه «تطبيقاً لتوجّهات الحكومة باعتماد سياسة الامتناع والنأي بالنفس، إلتزَمنا الابتعادَ عن المشكلات في المنطقة من دون تعطيل الإجماع والتضامن العربي، مع إعطاء الأولوية لوحدتنا الداخلية».
وأكّد أنّ «لبنان يُدين ويَرفض الاعتداءَ على أيّ بعثة ديبلوماسية أو قنصلية، ويَستنكر الاعتداءَ على طواقمها ويطالب باتّخاذ الإجراءات في حقّ المخالفين. إلّا أنّه في الوقت نفسه يَعتبر أنّ أمراً كهذا إذا حصَل من خارج إرادة السلطات المعنية واتّخذت ما يلزم من جانبها، فإنّ لكلّ دولة معنية الحقّ في تخَطّي هذا الأمر أو عدمه بناءً لاعتبارات كبرى سيادية خاصة بها تتعلّق بمصلحتها الوطنية»، مشيراً إلى أنّ « هذه الاعتبارات الكبرى بالنسبة إلينا هي أولوية محاربة الإرهاب وبذل كلّ الجهود لذلك، لا سيّما تخفيف كلّ التوتّرات الأخرى وعلى رأسها التوتّر السنّي - الشيعي، والعمل على التهدئة، لِما في ذلك من مصلحة وطنية وقومية، عربية وإسلامية ومسيحية، حيث إنّ المستفيد من توتّر كهذا هو إسرائيل و «داعش».
الجمهورية : برّي: ليتنافس عون وفرنجيّة... وترقُّب مسيحي للقاء معراب
الجمهورية : برّي: ليتنافس عون وفرنجيّة... وترقُّب مسيحي...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
409
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro