قبل الحديث عن الأصوات في مجلس النواب جاءت معلومة مؤكدة بأن الرئيس تمام سلام تعهد للعماد ميشال عون وللقوى المسيحية بأنه في حال وجود مكوّنات ضد أي قرار تقره الحكومة، فانه لن يسير به وسيعتبره ساقطا، رداً على انتقاد العماد ميشال عون والكتائب بتمرير ترحيل النفايات، رغم وجود مكوّنات ضد هذا القرار. وعلى أساس هذا التعهد سوف يحضر العماد ميشال عون والكتائب جلسة الحكومة يوم الخميس عند العاشرة صباحا.
وقد أكد هذا التعهد الوزير نهاد المشنوق مبعوث الرئيس تمام سلام والرئيس سعد الحريري الى العماد ميشال عون. وعلى هذا الأساس سينتظم العمل الحكومي، وعندئذ تنعقد الحكومة أسبوعيا جلسة او جلستين اذا التزم الرئيس تمام سلام بتعهده، بأنه في حال وجود مكونين ضد أي قرار فلن يسير هذا القرار ويصدر عن الحكومة.
الأصوات الرئاسية في مجلس النواب
على صعيد آخر، تمنى العماد ميشال عون بواسطة النائب إبراهيم كنعان على الدكتور سمير جعجع ان يسحب ترشيحه، وقد بدأ عدّ الأصوات داخل المجلس النيابي ووجد العماد عون انه قد يستطيع تأمين 65 نائبا يؤيّدونه في المجلس النيابي، وهم أصوات 8 آذار، إضافة الى 9 أصوات من حزب القوات اللبنانية، و4 أصوات من حزب الكتائب اللبنانية، وصوتين هما للأمير طلال أرسلان والنائب فادي الأعور، والنواب المستقلين مثل الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد صفدي، و5 نواب آخرين. وبالتالي، قد يصل عدد الأصوات التي يمكن ان يحصل عليها العماد ميشال عون الى 65 نائبا، وإذاك تنعقد الجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد ان يضمن العماد ميشال عون العدد الأكيد لتأييده دون ان يكون هنالك أي غلط، لان النزول الى جلسة انتخاب رئاسة الجمهورية ليس مزحة، فإما ان يكون العماد ميشال عون متأكدا من ان 65 نائبا مئة في المئة سيؤيدونه او يبقى معطلاً للنصاب مدعوما من حزب الله ولا تحصل جلسة انتخاب رئاسة الجمهورية.
ويقول البعض ان الحزب القومي وحزب البعث والجماعة الإسلامية قد يؤيدون العماد ميشال عون، رغم انهم على علاقة ممتازة مع الوزير سليمان فرنجية، لكنهم تحت تأثير التأييد لحزب الله فقد يؤيدون مع الأمير طلال أرسلان العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
ويقول البعض ان سوريا، وخاصة الرئيس بشار الأسد، تميل في هذه المرحلة الى العماد ميشال عون حتى لا يأتي الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة، بل يأتي الرئيس نجيب ميقاتي، او يأتي الرئيس سعد الحريري ويكون ضعيفاً امام العماد ميشال عون، ولا يستطيع ممارسة السلطة كلها كما يريد الرئيس سعد الحريري في الحكم، في ظل وجود العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية مع تكتل نيابي كبير يؤيده ويمثل اكثر من النصف زائد واحد في المجلس النيابي.
ويعتبر البعض ان عدد نواب 8 آذار هو 48 نائباً، يضاف اليهم 9 نواب من القوات، فيصبح العدد 57 نائبا، و4 نواب من الكتائب فيصبح العدد 61 نائباً، ومع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي ونائب الجماعة الإسلامية ونواب مستقلين يمكن ان يصبح العدد 65 نائباً، فاذا تأكد للعماد ميشال عون ضمان عدد 65 نائباً واخذ حزب الله العهد على نفسه بتأمين 65 نائباً، فان انتخابات الرئاسة ستجري بين الوزير سليمان فرنجية والعماد ميشال عون في مجلس النواب ويفوز إذاك من يأخذ الأكثرية.
وترجّح مصادر قريبة من العماد ميشال عون، بأن العدد قد يرتفع الى اكثر من 65 نائباً ليصل الى 68 نائباً مضمونين، وهذا ما يريده العماد ميشال عون كي يخوض المعركة الرئاسية، لا ان يخوضها على حافة المهوار بـ 65 نائباً دون ان يكون متأكدا من الـ 65 نائباً، ومتأكدا من نجاحه في معركة الرئاسة.
وقد ينضمّ نواب مسيحيون من تكتل المستقبل الذي عدده 40 نائباً الى تأييد العماد ميشال عون، اذا شعروا ان الدفّة للعماد ميشال عون، وان قانون الانتخابات المقبل قد يكون على قاعدة النسبية، وعندئذ لا يعودون بحاجة الى تيار المستقبل ومصلحتهم مع العماد ميشال عون، وإذاك قد يسحب العماد ميشال عون 4 نواب او 5 نواب من تيار المستقبل مسيحيين يؤيدونه، خاصة نواب الأرمن، ونواب رفضوا ذكر اسمائهم، بل هنالك اتصالات سرية بين من هو مع العماد ميشال عون وبين هؤلاء النواب.
ـ نشاط بري ـ
تحوّل نشاط الرئيس نبيه بري نحو تفعيل الحكومة، ونحو تفعيل الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، والحوار في شكل عام في 11 الشهر بين كل الأطراف وينصبّ جهد الرئيس نبيه بري، بعدما قال ان الانتخابات الرئاسية أصبحت في الثلاجة وليست مطروحة حاليا، على اجراء الحوار العام في 11 كانون الثاني والخروج بجو وفاقي في شأن العمل الحكومي وتحريك المؤسسات وإيجاد الحدّ الأدنى من التوافق اللبناني.
اما بالنسبة لحوار تيار المستقبل وحزب الله في عين التينة، فسيحضر الرئيس نبيه بري قسما من الاجتماع مع الوزير علي حسن خليل، ويحاولون تقريب وجهات النظر بين حزب الله وتيار المستقبل داخليا وابعاد الصراع الإيراني - السعودي عن جو الاجتماع والبحث داخلياً في النقاط التي تحرك عجلة الحكومة وتفاهم الأطراف على الحدّ الأدنى من التوافق، على ان يؤدي حزب الله دوراً في تهدئة العماد ميشال عون، وان يكون الرئيس نبيه بري وتيار المستقبل في خط التهدئة مع كل الأطراف كي تنجح جلسة الحكومة يوم الخميس المقبل التي يحضّر لها الرئيس نبيه بري في اتصالاته مع الرئيس فؤاد السنيورة، ومع الرئيس تمام سلام ومع العماد ميشال عون. وهنا يقال ان العميد المتقاعد شامل روكز الذي تم تكليفه الاتصال مع الرابية وعين التينة، فتح الخط السياسي بين العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري، وبدأ بزيارات الى عين التينة، والعودة الى الرابية، ونقل أجواء إيجابية وتسلم العميد شامل روكز هذا الملف، بعدما كانت العلاقات متوترة بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، وبما ان العميد شامل روكز موضع ثقة جداً لدى العماد ميشال عون، وبما انه هادئ وكتوم ولا يعلن الاخبار، فالمتوقع ان ينجح في تركيب العلاقة بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون بهدوء. لذلك فان جلسة الحكومة يوم الخميس، اذا لم تصطدم بتعيينات المجلس العسكري ومجلس قيادة قوى الامن الداخلي، ستكون ناجحة. كذلك اذا لم تصطدم بالعودة الى ملف ترحيل النفايات، فانها ستكون ناجحة. ويعمل الرئيس تمام سلام على عدم العودة الى ملف ترحيل النفايات، لانه اعتبر ان هذا الملف انتهى، وخلال شهر سيبدأ لبنان بترحيل نفاياته الى الخارج.
وكما قلنا سابقاً ان جلسة الحكومة ستكون الامتحان للتوافق الداخلي، فان جلسة الخميس هي الامتحان الفعلي، فاذا نجحت الحكومة في البحث بهدوء واتخاذ قرارات في شأن البنود على جدول اعمالها، فان لبنان يكون قد دخل مرحلة تحريك الإدارات والمؤسسات وتفعيل العمل الحكومي واخذ القرارات في شأن 140 بنداً على جدول الاعمال يمكن ان ينهيها مجلس الوزراء خلال شهر او شهرين، في انتظار ان يتم حل مشكلة الفراغ الرئاسي في لبنان.