على وقع الصراع الإيراني - السعودي يبدأ هذا الأسبوع سياسياً في لبنان الحوار مساء في عين التينة بين حزب الله وتيار المستقبل، فهل تجاوزا الصراع الإيراني - السعودي «كل من تيار المستقبل وحزب الله»، وبالتالي هل هدأت السياسة الداخلية بعد سلسلة تصريحات بين تيار المستقبل وحزب الله كانت عنيفة جدا، واعتقد كثيرون ان الحوار انتهى بين المستقبل وحزب الله، لكن يبدو ان مساعي دولية وإقليمية أبقت لبنان خارج هذا الصراع وعاد الحوار من اجل الحفاظ على المؤسسات او الحد الأدنى من الوفاق السياسي، على أساس ان الجميع شركاء في الحكومة وشركاء في هذا الظرف الصعب الذي يمر فيه لبنان.
لكن ما حصل ليس سهلا، فقد كان خطاب السيد حسن نصرالله خطابا عنيفا وموضوعيا وسمّى الأمور بأسمائها، كذلك تصريحات النائب محمد رعد والوزير اشرف ريفي وتصريحات أخرى كانت كلها تصبّ في مجال الفراق بين حزب الله وتيار المستقبل، الا ان اخبار عين التينة جاءت تقول ان الحوار سيحصل يوم الاثنين بين الطرفين، وان السيد نادر الحريري ابلغ الحاج حسين خليل الاستمرار في التفاوض والرغبة في تهدئة الأمور. وجاء الجواب ايجابياً. ومن الحوار في عين التينة انطلقت الأمور في اتجاه عقد الحكومة جلستها يوم الخميس المقبل فدعا الى الجلسة الرئيس تمام سلام عند العاشرة صباحا في يوم الخميس القادم، وارسل الوزير نهاد المشنوق يحمل رسالة من الرئيس تمام سلام ومن الرئيس سعد الحريري، للتهدئة مع العماد عون وشرح له ان الرئيس سعد الحريري لا يستهدف ابعاد العماد عون عن رئاسة الجمهورية بترشيحه للوزير فرنجية لكن الرئيس سعد الحريري رأى ان ترشيح الوزير فرنجية مقبول اكثر عمليا، لناحية قبول الوزير وليد جنبلاط بترشيح الوزير سليمان فرنجية، وقبول الرئيس نبيه بري بترشيح الوزير سليمان فرنجية، إضافة الى كتلة تيار المستقبل، وان الرئيس سعد الحريري كان صادقاً عندما عمل على ترشيح العماد ميشال عون، لكنه وجد فيتو سعودي وفيتو من الوزير وليد جنبلاط، وفيتو سري من الرئيس نبيه بري، على ترشيح العماد ميشال عون. لذلك توجه الرئيس سعد الحريري باتجاه الوزير سليمان فرنجية. لكن العماد ميشال عون قال للوزير نهاد المشنوق انه غير مقتنع بهذه الأسباب، وان حقيقة الأمور هي ان الرئيس سعد الحريري والوزير وليد جنبلاط يريدان انتخابات على قاعدة قانون 1960 وليس على قاعدة النسبية. وان الوزير سليمان فرنجية سلّم بالطائف كما هو، دون التفكير بتعديل بعض مواده لاعطاء رئيس الجمهورية صلاحيات او المجيء برئيس جمهورية له كتلة شعبية ونيابية كبرى تستطيع موازنة اتفاق الطائف من خلال الكتلة النيابية والكتلة الشعبية لرئيس الجمهورية، حيث لا يعود الطائف طاغ على الحكم في لبنان بل يصبح هنالك توازن بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
اما اتفاق الوزير سليمان فرنجية مع الرئيس سعد الحريري فكان لصالح الرئيس سعد الحريري، والرئيس سعد الحريري يريد العودة الى الحكم على أساس تنفيذ الطائف تنفيذا كاملاً دون أي تعديل، كذلك الرئيس سعد الحريري لا يريد النسبية في الانتخابات وهذا مطلب أساسي لدى التيار الوطني الحر فالتيار الوطني الحر لا يقبل الا بالنسبية في قانون الانتخابات واتفق مع القوات اللبنانية على النسبية أيضا. ولذلك اختار الرئيس سعد الحريري الوزير سليمان فرنجية، الذي وافق مع الرئيس سعد الحريري على قانون 1960.
وبعد ان ابدى العماد ميشال عون والمشنوق وجهة نظرهما بحثا في موضوع جلسة الحكومة وناشد المشنوق عون ان تكون الجلسة هادئة، فأكد العماد عون على المقاييس التي وضعت لانعقاد جلسة الحكومة وآلية التصويت فيها، وان كل قرار يقف ضده مكونين أساسيين لا يمر في مجلس الوزراء، ورغم ذلك فقد مر ترحيل النفايات رغم ان مكونين هما القوات والتيار الوطني الحر عارضا المشروع.
وهنا طالب العماد ميشال عون بأن تبحث الحكومة التعيينات الأمنية وأولها اكمال عديد المجلس العسكري لانه عمليا لا يوجد مجلس عسكري في قيادة الجيش وفق ما يقول العماد ميشال عون، كذلك طالب العماد ميشال عون بتعيين أعضاء مجلس قيادة قوى الامن الداخلي، وان يكون بند المجلس العسكري وبند مجلس قيادة قوى الامن الداخلي على جدول الاعمال للبحث، فترك الوزير المشنوق الامر معلقا على أساس انه سينقل وجهة النظر للرئيس تمام سلام. ووعد العماد ميشال عون بأنه سيعطي توجيهاته الى وزراء التيار كي يعملوا على التهدئة داخل الحكومة. لكن الأمور مربوطة بظروفها وما سيحصل في الجلسة.

ـ تسوية رئاسة الجمهورية ـ

على صعيد تسوية انتخابات رئاسة الجمهورية، يبدو ان لا احد يبحث بها رغم ان الرئيس سعد الحريري قال انه متمسك بترشيح الوزير سليمان فرنجية، وانه مصر على ترشيح الوزير سليمان فرنجية، لان هذا هو الحل لمشكلة الفراغ الرئاسي، وانه سيشكل ثنائي الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجية بحكم البلاد وفق الدستور، ويعملان على الانماء والاعمار والازدهار ومصالح المواطنين.


وفي المقابل، فان الدكتور سمير جعجع ما زال يتريث في ترشيح العماد عون منتظرا موقف الرئيس سعد الحريري ما اذا كان سيرشح رسميا الوزير فرنجية، لانه حتى الان لم يعلن الرئيس سعد الحريري رسميا ترشيحه للوزير سليمان فرنجية. وعند الإعلان من قبل الرئيس سعد الحريري عن ترشيح الوزير فرنجية، سوف يقوم الدكتور سمير جعجع بإعلان ترشيح العماد ميشال عون، وقد كلف الدكتور سمير جعجع السيد عماد واكيم تحضير بيان الترشيح وتلاوته عندما يطلب منه الدكتور سمير جعجع ذلك.
واثر اعلان الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية سوف يقوم عندها عون بزيارة معراب لشكر الدكتور سمير جعجع، وبدء تحرك العماد ميشال عون بالنسبة الى معركة الرئاسة.

 

ـ الرباعي الماروني اختفى ـ

واذا كان في الماضي قد قام البطريرك الماروني بشارة الراعي بجمع القادة الموارنة الأربعة وهم العماد ميشال عون والرئيس امين الجميل والوزير سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع، وتم تسمية الأربعة الأقوياء وان واحدا منهم سيأتي رئيسا للجمهورية، فان عقد الاتفاق بين الشخصيات الأربعة المارونية قد انفك واصبح تفاهماً ثنائياً بين الدكتور جعجع والعماد عون وفردياً فالوزير سليمان فرنجية له موقف مخالف لرأيهما، لا بل مرشح منافس للعماد ميشال عون، والرئيس امين الجميل له موقفه المستقل عن الثلاثة الباقين، ولذلك يمكن القول ان تركيبة الموارنة الأربعة الأقوياء قد فرطت، ولم تعد قائمة، ولم يعد محصورا موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية بالاقوياء الأربعة، رغم ان اثنين منهما يتنافسان على رئاسة الجمهورية، العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية، لكن باب الاحتمالات للانتخابات الرئاسية مفتوح على مصراعيه في كل الاحتمالات، وتوقيت معركة الرئاسة ليست واحدة عند الجميع، فاذا كان الرئيس سعد الحريري استعجل ترشيح الوزير فرنجية فان لحزب الله توقيت ليس على توقيت الرئيس سعد الحريري ويريد انتخابات رئاسة الجمهورية، لكن على توقيته، وتوقيته مرتبط بالتطورات والظروف الحاصلة في لبنان، وفي سوريا والمنطقة، كذلك فان الرئيس سعد الحريري اصبح توقيته الان مختلفاً عن الأول، بعد اعدام الشيخ الشهيد نمر باقر النمر، والصراع الإيراني - السعودي. واصبح الرئيس سعد الحريري يفضّل الانتظار بدل خوض معركة الرئاسة خاصة وان دول مجلس التعاون الخليجي ومجلس وزراء الخارجية العرب سيجتمعون ليعلنوا التضامن مع السعودية ضد تدخلات إيرانية كما تسميها الدول العربية ودول الخليج.
اما العماد ميشال عون فليس مستعجلا ابدا على معركة الرئاسة، وهو على موقفه بالنسبة الى قانون الانتخابات واعتماد النسبية واجراء بعض التعديلات في اتفاق الطائف، حيث يتم إعطاء رئيس الجمهورية بعض الصلاحيات دون اخذها من رئيس الحكومة. لكن النقطة الأساسية عند العماد ميشال عون هي اعتماد النسبية في الانتخابات النيابية.
ويفضّل العماد ميشال عون الانتظار لحين اجراء الانتخابات النيابية على قاعدة النسبية وبعدها اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية. ويعتقد العماد ميشال عون انه سيحصل على كتلة نيابية كبرى بعد اعتماد النسبية.
اما الوزير وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري فليسا مستعجلين على انتخاب رئيس جمهورية، بعدما فشلا بترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وتعطل بفعل رفض العماد ميشال عون لهذا الترشيح وتضامن حزب الله مع العماد ميشال عون.
أسبوع جديد سياسي يأتي على لبنان، يعتقد البعض انه اذا نجح الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله ومرت جلسة الحكومة بهدوء وتم إقرار بعض البنود فيمكن تفعـيل العمل الحكومي وتفعيل الإدارات بالحد الأدنى على الأقل.