على رغم الغموض الذي يلف الاسبوع الطالع الذي سيحفل بمجموعة محطات سياسية بارزة قد تؤدي بنتائجها الى رسم الخط البياني العريض لتطورات الازمة الداخلية ولا سيما منها ما يتصل بملفات التفعيل الحكومي ومصير المسارات الحوارية السياسية فان الساعات الاخيرة ابرزت مؤشرات ولو خجولة الى بداية تبريد الاجواء المتوترة عشية هذا الاسبوع ولو انها مؤشرات لا تكفي للرهانات على تطوير هذا التبريد الى الأبعد منه . وقد بدت لافتة في هذا السياق الاجواء التي واكبت وتواكب الجولة التي يقوم بها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على القيادات الرسمية والسياسية منذ ايام والتي واصلها امس بزيارتين لكل رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط علما انه لا تزال على جدول الجولة محطات بارزة لاستكمالها. والواضح ان المشنوق الذي يطرح في جولته استحقاق الانتخابات البلدية والتحضيرات التي تجريها وزارة الداخلية لانجاز الاستحقاق في موعده في ايار المقبل قد حقق حتى الان " انجازا " لافتا يتمثل في تكوين اجماع سياسي وقيادي على الارجح على اجراء الانتخابات البلدية في موعدها اذ علم ان مجمل المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين الذين التقاهم حتى الان شجعوه على المضي في إنجاز الاستعدادات لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها وكان العماد عون والنائب جنبلاط اخر من أكدا هذا الموقف . ولكن جولة المشنوق لم تقف عند حدود الاستحقاق البلدي اذ شكلت ايضا مناسبة لطرح موضوعي تفعيل العمل الحكومي وملف الانتخابات الرئاسية ايضا . وعلم ان لقاء المشنوق والعماد عون امس اتسم بإجواء هادئة للغاية وان مقاربة الملفين الحكومي والرئاسي جرت من زاوية مبدئية لم تبرز معها الفوارق او الخلافات السياسية بدليل ان المشنوق اختار عباراته بعناية لدى حديثه عن موقف العماد عون من اعتقاده " بصدق الرئيس سعد الحريري " حيال إتمام الاستحقاق الرئاسي بصرف النظر عن موضوع التسمية والأسماء .
وشكل هذا الكلام علامة "تطرية" للأجواء اقله لجهة عدم اثارة التصادم حول تشابك المبادرات الرئاسية وتسابقها وعشية الإطلالة على اسبوع ستكون فيه جولتان حواريتان ستعقدان بالتزامن يوم الاثنين المقبل بمثابة اختبار حساس لمدى قدرة القوى السياسية على اعادة احتواء الانفلات السياسي والاعلامي الواسع الذي واكب نهاية السنة الماضية على خلفية الاخفاق الذي اصاب المبادرات الرئاسية كافة فضلا عن قدرة هذه القوى على تعويم تجربة التفعيل الحكومي التي يبدو ان معظم القوى مقتنع بها ولكن لا تزال تلزمها بعد مشاورات سياسية اضافية في الايام القليلة المقبلة . وتقول اوساط وزارية بارزة لـ"النهار" ان الايام الاخيرة اتسمت على ما يبدو بتراجع الحدة في الاجواء التي كانت سائدة سابقا والتي تسببت بها السجالات الحادة بين " حزب الله " وتيار " المستقبل " على خلفية التهجم الذي شنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على الرئيس سعد الحريري . واذا كانت الاوساط تحاذر الاغراق في الرهان على هذه التهدئة التي برزت معالمها في الساعات الاخيرة فإنها لا تستبعد ان تكون معالم الوضعين الداخلي والاقليمي قد فرضت اعادة اجراء حسابات وتقويمات متأنية لدى بعضهم وتحديدا " حزب الله " الذي على رغم انه لم يصدر اي موقف ينقض ما صدر عن النائب رعد فان اي موقف آخر مماثل لكلام رعد لم يصدر في المقابل عن اي شخصية في الحزب . تبعا لذلك تضيف الاوساط ان جولة الحوار المقبلة بين الحزب وتيار المستقبل ربما تفضي على الارجح الى اعادة احتواء الموقف كما كان قبل الموجة الحادة الاخيرة ولو على سبيل تثبيت مبدأ استمرار الحوار في ذاته كضرورة داخلية . اما جولة الحوار الوطني الموسع التي ستسبق حوار الحزب وتيار المستقبل فإنها لا تبدو امام اي إنجاز ملحوظ ، كما تقول الاوساط . حتى ان موضوع تفعيل العمل الحكومي تجري معالجته بالقنوات السياسية المباشرة مع وزراء التيار الوطني الحر ولا تنتظر الحوار الوطني علما ان الجانب العوني سيبت موقفه من المشاركة في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل في اجتماعه الثلثاء المقبل .
اخيرا يبرز حذر شديد لدى معظم الاوساط الاوساط في التعامل مع الحديث عن لقاء قريب بين العماد عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وإمكان ان يعلن الاخير دعمه ترشيح عون للرئاسة . وتشير معطيات متوافرة في هذا السياق الى ان ايا من الافرقاء السياسيين الحلفاء او الخصوم لكل من عون وجعجع لن يورط نفسه في اي موقف استباقي من احتمال حصول هذا التطور خصوصا انه يغلب على المناخ المتعامل مع المعلومات التي تتركز على قرب اتخاذ خطوة دعم عون للرئاسة طابع التحسب للمناورة السياسية والإعلامية ولا يرغب احد في احراق حساباته سلفا قبل التيقن من الجدية الكافية ومعرفة حقيقة ما بلغته الامور بين معراب والرابية في هذا المجال.