أخيرا صدر التقرير النهائي الذي ينتظره الجميع، والمتعلق بحالة الطفلة البريئة ايللا طنوس، والذي يحدد بطريقة علمية ومفصلة الاسباب التي أدت الى بتر يديها وساقيها، اضافة الى المسؤولين عن هذه المصيبة التي ستؤثر على حياتها ونفسيتها ووضعها مدى العمر، مع تبعاتها الاجتماعية والمادية الضخمة.
فقد تسلم قاضي التحقيق في بيروت الرئيس جورج رزق اول من امس من نقيب الاطباء السابق البروفسور شرف ابو شرف بصفته رئيسا لـ"اللجنة العلمية المكلفة دراسة ملف الطفلة ايللا طنوس"، والمؤلفة من ٩ اطباء اختصاصيين (أطفال، قلب أطفال، عناية فائقة أطفال، أمراض جرثومية، شرايين، جراحة عضمية، أمراض وراثية) من مستشفيات جامعية لبنانية مختلفة، التقرير النهائي الذي يتضمن النتائج التي توصلت اليها اللجنة إثر دراسة الملف الطبي للطفلة المريضة، ويقع في 220 صفحة. وتسلمت نسخة منه كل من نقابة الاطباء، والجهة المدعية، اي عائلة الطفلة، والمدعى عليه الطبيب عصام معلوف.
الأسباب المتداخلة
وفي معلومات لـ"النهار" يمكن تلخيص النتائج التي ادت الى هذا الوضع بالعناصر المتشابكة الآتية:
- هناك تراكم اخطاء بدرجة مسؤوليات متفاوتة يتحملها الجميع من اطباء ومستشفيات ووزارة الصحة.
- تأخر الطبيب المعالج (ع م ) 12 ساعة للتوصل الى تشخيص حالة الطفلة واعطاء العلاج، مما تسبب بحصول "صدمة انتانية"(choc sceptique).
- لم يتمكن الاطباء في مستشفى الجامعة الاميركية من تشخيص حالتها الا بعد 9 ايام من وصولها، عولجت اثناءها بأدوية ساهمت الى حد كبير في الوصول الى حالة الغرغرينا في الاطراف الاربعة.
- طريقة نقل الوالد لطفلته من مستشفى المعونات في جبيل الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت بسيارته الخاصة، وليس بواسطة سيارة اسعاف للصليب الاحمر كما هو مفروض، وبموافقة الطبيب في مستشفى المعونات الذي اكتفى بارسال طبيب مقيم (resident) لمرافقة الاهل.
- لم يتوجه الوالد مباشرة الى مستشفى الجامعة الاميركية بل عرج على اوتيل ديو في الاشرفية لعرضها على طبيب مقرب من العائلة، وعلى رغم ذلك لم يكشف عليها هذا الطبيب سريريا بحجة ان الطبيب المختص في ذلك المستشفى كان خارج لبنان، ونصحهم بالتوجه فورا الى الجامعة الاميركية. فكانت هذه المحطة مضيعة للوقت، خصوصا ان الوضع كان يحتاج الى "دقيقة من غيمة".
- الجرثومة التي اصابت الطفلة والمعروفة بـ(sreptocoq) خطيرة بذاتها، وتؤدي في 50 الى 80% من الحالات الى الوفاة.
- عدم وجود طبيب طوارىء في مستشفى المعونات، وعدم وجود سيارات اسعاف، وهذا جزء من المسؤولية التي تقع على عاتق وزارة الصحة التي لا تفرض وجود هذا القسم والتجهيزات في كل المستشفيات.
استشارات طبية عالمية
يذكر ان البروفسور ابو شرف كان اوضح في بيان اصدره قبل نحو اسبوعين آلية عمل اللجنة التي "عقدت ٢٥ اجتماعا لهذه الغاية، وقصدت المستشفيات المعنية بهذه القضية لاستكمال الملف الطبي الناقص، والحصول على معلومات إضافية رئيسة، كما أجرت مقابلات مع الأطباء المعنيين والأهل. ثم أجرت اتصالات عدة بمراجع طبية عالمية في باريس، واستوكهولم، وبروكسل والولايات المتحدة، هاتفيا او عبر الانترنت لأخذ الرأي العلمي في بعض الأمور العلاجية".
ولفت الى ان "العمل في الاجتماعات الرسمية جاوز الأربعين ساعة لكل طبيب، ناهيك بالوقت الذي خصصه كل عضو منفردا لدرس القضية من خلال اختصاصه، ويناهز أضعاف الوقت الذي أمضوه سويا في الاجتماعات الرسمية لمناقشة التفاصيل".
وأكد ان اللجنة "انجزت بعد جهد كبير درس الملف الطبي بجدية وموضوعية. وارتأت، نظرا الى خطورة الحالة وتشعباتها وتعقيداتها، عرض الملف ايضا على مراجع عالمية اخرى من اختصاصها، وأخذ رأيها العلمي. ويشار الى ان دراسة التقارير العلمية في الغرب تستغرق بين ٣ الى ٦ أشهر وتختلف من حالة الى أخرى. لقد قمنا كلجنة علمية وبإشراف قضائي، حفاظا على حقوق الطفلة ايللا، وصونا للعدالة، بعمل مبني على العلم والضمير لتبيان الحقيقة وإظهار المسؤوليات، حتى يعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله".