أميركا تسعى لتحييد لبنان عن الازمات , وفضيحة النفايات الرشوة للجهات السياسية
السفير :
إذا كانت معظم استطلاعات الرأي تبين تعاظم انعدام ثقة اللبنانيين بأهل السياسة الممسكين بزمام السلطة، فإن السياسيين لا يعتبرون أنفسهم معنيين بتبييض صفحتهم، ولا بردم الهوة، بل يمضون في «أجنداتهم» التي تكلف البلد وأهله.. أفدح الأثمان.
هذه القاعدة تسري على النفايات وعلى الكثير من الملفات الخدماتية والمالية التي تُفتح ثم تُغلق أو توضع في الأدراج، ولا هيئات رقابية تحاسب بل هيئات تنتظر «البركة» وتفوح منها نفسها روائح تضيّق الأنفاس.
وفي ظل «الشلل المستطير»، فلتكن مائدة الحوار بديلاً من مؤسسات إما فارغة أو معطلة، ولكن من دون أن تكون ملزمة لأي من أركانها. ليس مفاجئاً بهذا المعنى أن يحط ملف النفايات رحاله مجدداً في حوار عين التينة «الوطني» ومن ثم «الثلاثي»، يوم الإثنين المقبل، لملاقاة العقود المترجمة مع الشركتين الإنكليزية والهولندية والأثمان التي سيدفعها المكلف اللبناني.. على طريق نشر «كيس النفايات الوطني» في شتى أنحاء المعمورة!
وبعيداً عما ستؤول إليه الاتصالات بشأن جلسة الحكومة التي قرر رئيسها دعوتها رسمياً للانعقاد الخميس المقبل، علمت «السفير» أن الحكومة السيراليونية أعطت موافقتها على استقبال النفايات المصدرة من لبنان في أراضيها. وقد تبلغت الحكومة اللبنانية هذه الموافقة، ليل أمس الأول، عبر وزارة الخارجية اللبنانية في كتاب موقع من مستشار الرئيس السيراليوني وموجّه الى الشركة الهولندية التي ستتولى الترحيل.
وقد اشترطت الحكومة السيراليونية في الكتاب الموجّه للشركة الهولندية ألا تحوي هذه النفايات أية مواد سامة، كما أن الموافقة تعتبر مبدئية ولا تصبح نهائية إلا بعد موافقة رئيس سيراليون والحكومة السيراليونية.
وفيما لم يتداول الإعلام السيراليوني موضوع استيراد النفايات اللبنانية حتى الآن، قالت مصادر اغترابية لـ«السفير» إن رئيس مجلس النواب نبيه بري تبلغ الأمر، وقد أبدى تخوفه من أن ينعكس هذا الامر سلباً على الجالية اللبنانية في حال حصل أي إشكال مستقبلي بين البلدين على خلفية هذا الملف.
وبغض النظر عن كل الكلام الذي قيل حول هوية الشركات الأجنبية وعدم شفافية المناقصات وطرق التلزيم ولا أخلاقية خيار الترحيل، بعد أن رفضت المناطق اللبنانية استقبال نفايات بعضها البعض، تمعن السلطة السياسية في التعامل مع ملف النفايات بالسرية أو التورية. وحده مجلس الإنماء والإعمار هو المخول الإطلاع على العقد الموقع مع الشركتين، علماً أن الوزارات المعنية لم تحصل على نصه بعد. والمجلس نفسه، يصدف أن يتأخر كثيراً في ترجمته، متخطياً الموعد المقرر للتوقيع. تصطدم عشرات الأسئلة بحائط غياب الأجوبة، علماً أن المشكلة تطال كل لبناني، صغيراً كان أو كبيراً. والأدهى أن معظم وزراء الحكومة، ويفترض أنهم في موقع المسؤولية، لا تقل أسئلتهم عن أسئلة الناس.
الكل تخطى اعتراضاته على «العقد المهرب». لم يعد أحد يسأل كيف تم اختيار الشركتين أو لماذا لم تجر مناقصة وفق الأصول، أو من هم مسؤولو الشركتين ولماذا لم يظهر أحد منهم بعد، ومن هم أصحابها، وكيف صار لهم وكلاء أو عملاء لبنانيون؟ وما هي حقيقة «قرف» أحد أصحاب الشركة الإنكليزية من عروض السمسرة التي تلقاها ويتلقاها من لبنانيين؟ وإلى أي مدى تبدو طلبات التدقيق بحسابات الشركتين واقعية، في الوقت الذي تؤكد مصادر مصرفية أن الطلب طال شخصية واحدة فقط؟ ثم، هل يعقل أن يكون همّ الحكومة الوحيد هو إخفاء الكلفة الحقيقية للتصدير؟
لم يعد ذلك مهماً. صارت الأسئلة تتمحور حول التنفيذ: متى يتم توقيع العقد؟ أين البواخر التي ستقل النفايات؟ متى يصبح لبنان جاهزاً لتوضيب النفايات ونقلها؟ ما هي البلدان المستقبلة؟ من سيتولى الشحن بالشاحنات ومن يتولى الفرز والتوضيب ومن يتابع المعاملات، وهل حصلت الحكومة أو الشركات على التصاريح اللازمة لنقل النفايات عبر البحر؟.. والأهم متى التنفيذ، ومتى تُرفع النفايات من الشوارع، وكيف سيتم التعامل مع النفايات التي جُمعت ما دام أنها لن تحظى «بشرف» السفر إلى الخارج، على ما أعلن الوزير أكرم شهيب؟
في هذا السياق، يوضح شهيب لـ «السفير» أن مجلس الإنماء والإعمار أنهى ترجمة العقود من العربية إلى الإنكليزية، أسوة بما يحصل مع توقيع كل العقود الخارجية، مشيراً الى أن التوقيع الأولي صار أمراً واقعاً بعدما وقعه المجلس والشركتان، وبعدما دفعت الشركتان الكفالة المطلوبة (2.5 مليون دولار لكل شركة). أما المرحلة الثانية، أي توقيع العقد النهائي، فتنتظر استلام الموافقات الرسمية من الدول المعنية، وهو ما حصل فعلاً بالنسبة للشركة الهولندية.
ويوضح شهيب أن بدء العمل، سيسبقه تحضير ألفي مستوعب سعة عشرين قدماً لتحميل النفايات إلى المرفأ، وتحضير الرصيف المخصص لاستقبال النفايات ورفعها إلى البواخر، وتجهيز معملي الفرز في الكرنتينا والعمروسية. كما أعلن أن العقد ينص على أن المواد القابلة لإعادة التدوير، والتي تقدر نسبتها بنحو 14 في المئة، ستبقى ملكيتها للدولة، بما يؤدي إلى عدم تضرر الشركات اللبنانية التي تعمل في مجال إعادة التدوير.
كثر يشككون بقدرة الشركات على الالتزام بالمعايير الدولية المتعلقة بتصدير النفايات، وتحديداً اتفاقية «بازل»، وهو ما يزيد الخوف من تعويضات قد تدفعها الدولة اللبنانية ولو بعد حين. لكن الوزير شهيب يؤكد، في المقابل، أن العقد يتضمن أربع نقاط أساسية «تحمينا ليوم القيامة»، مطمئناً إلى أن النفايات اللبنانية لا تحتوي، في الأساس، على مواد سامة أو صناعية. كما يشير إلى أن النفايات السامة التي تنتجها المستشفيات والمصانع يتم تصديرها إلى الخارج منذ زمن وليست جزءاً من النفايات اللبنانية.
النهار :
بدت الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء تمام سلام أمس الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل لدرس جدول أعمال من 140 بنداً، بمثابة مؤشر انفراج يتيم في المشهد السياسي المقفل على مختلف أوجه الازمات الدستورية والسياسية، علماً ان انعقاد هذه الجلسة تكتنفه شكوك واسعة من زاوية الشروط التي يتمسك بها فريق "التيار الوطني الحر" للمشاركة فيها.
وعلى رغم الاجواء الشديدة التلبد التي تسبق جولتي الحوار الوطني الموسع والحوار الثنائي بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" الاثنين المقبل في عين التينة، فان ثمة أوساطاً سياسية تتحدث عن رهانات على امكان ان تحقق الجولتان نتائج مخالفة للأجواء القاتمة السائدة، ذلك ان جولة المشاورات السياسية التي أجريت في الأيام الأخيرة شهدت بعض المؤشرات لوجود رغبة مشتركة لدى معظم القوى الداخلية في احتواء التوترات الاخيرة التي عادت تنذر بتداعيات سلبية على الواقعين الاقتصادي والاجتماعي، ناهيك بتنامي المخاوف مجدداً من استهدافات امنية قد تتعرض لها البلاد في حال انكشاف الوضع السياسي بما يهدد الحد الادنى من الاستقرار الذي شكل حتى الآن خطاً أحمر احترمه الجميع.
وعلمت "النهار" من أوساط "تيار المستقبل" ان الحوار الثنائي بينه وبين "حزب الله" في حال إستئنافه مساء الاثنين سيتميّز بطرح من "المستقبل" مفاده ان على الحزب أن يحدد بوضوح موقفه من المواقف التي تصدر عن شخصيات تابعة له وتنتمي اليه وآخرها رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد والتي تمثل نسفاً لقواعد الحوار، بما يعنى أنه على ممثلي الحزب في الحوار أن يوضحوا أن الموقف الرسمي غير هذه المواقف الافرادية كي يستمر الحوار.
في موازاة ذلك، أوضحت أوساط نيابية مواكبة أن الرئيس سعد الحريري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط متمسكان بإستمرار الحوار الذي سيكون مفصليا الاسبوع المقبل وهو يمكن أن يعبّد الطريق أمام إستئناف جلسات مجلس الوزراء على رغم إستمرار شروط "التيار الوطني الحر" وقت عادت مقولة "عون أو لا أحد" الى التداول. ولفتت الى ان تهدئة الموقف في لبنان وفي سوريا من خلال إمداد بلدة مضايا بالمساعدات يمهّد للاجتماع الدولي حول سوريا في وقت لاحق من الشهر الجاري لإيجاد تسوية، وإلا فإن القتال سيستمر بعنف في سوريا خصوصاً أن أشهر الشتاء هي لمصلحة المعارضة نظراً إلى تراجع قدرات سلاح الجو لدى النظام.
وصرّح وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يواصل جولته على المسؤولين السياسيين والدينيين عقب لقائه امس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة بان "التواصل في الموضوع الرئاسي مستمر لرغبة الرئيس الحريري ولقراره السياسي ومن يمثل في ملء الفراغ وعدم ترك الشغور الرئاسي على حاله". وأكد ان الحريري "مستمر في ترشيح النائب سليمان فرنجية لكن عنوان هذا الترشيح هو التفاهم مع الاخرين لا المواجهة معهم". وأعرب عن اعتقاده ان "العاصفة التي تمر ستهدأ بسرعة ويعود النقاش الى طبيعته".
مجلس الوزراء
أما بالنسبة الى جلسة مجلس الوزراء، فعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان جدول أعمال الجلسة يضم من بين 140 بنداً 104 مراسيم عادية. وقالت إن هذه البنود تتضمن أموراً ملحّة وغير ملحّة والتي قد تثير إشكالية عند طرحها من حيث إعتماد التراضي وتخصيص مناطق دون سواها بمشاريع إنمائية وقبول مساعدات للنازحين السوريين من دون المرور بالصندوق المشترك. وأضافت ان من المراسيم ما يتعلّق بتسريح عسكريين وأساتذة وترفيع البعض قبل الاستقالة. وأكدت إستمرار عقبة التعيينات العسكرية وآلية عمل المجلس مع إحتمال التوصل الى تسوية حول المجلس العسكري من غير أن تشمل القيادات العسكرية. وأشارت الى ان الرئيس سلام حريص على التوافق كما ان وضع جدول أعمال يمثل خطوة متقدمة.
واتخذ الفريق العوني موقفا متشدداً من شروطه المعروفة حول آلية عمل مجلس الوزراء وموضوع التعيينات الامنية، الأمر الذي يرسم علامات شكوك مسبقة حول الجلسة المقبلة. وقال مصدر قريب من الرابية لـ"النهار" أمس: "لقد ارتضينا المراسيم العادية الجوالة، لكن قرارات مجلس الوزراء لن تمر هكذا ولسنا مستعدين لنقوم بمغامرة كهذه مجددا ولا نريد تعويم هذا النوع من الممارسات بل نعوم الحكومة وفق الاتفاق المرن ووفق الميثاق".
الموقف الرسمي
ولكن يبدو ان توافقاً حصل بين رئيس الوزراء وزير الخارجية جبران باسيل على الموقف الرسمي الذي سيتخذه لبنان من خلال مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاحد للنظر في الأزمة السعودية – الايرانية. وقال باسيل أمس عن موقف لبنان من هذه الأزمة: "إنّ الموقف الدائم في لبنان هو التقيّد بالشرائع الدولية وعلى رأسها شرعة حقوق الإنسان وبالاتفاقات الدولية بمعنى أن لبنان يقوم على الديموقراطية والحريات العامة ويشجّع عليهما وعلى حرية التعبير ولا يوافق إطلاقاً على أي قمع لها، فكيف الحال بقتل أو بإعدام أي معارض سياسي، إلا أنه في الوقت ذاته لا يتدخّل في الشؤون الداخلية لأي دولة عملاً برغبته في عدم التدخّل من أحد في شؤونه الداخلية. إنّ لبنان يدين ويرفض الاعتداء على أي بعثة ديبلوماسية أو قنصلية ويستنكر التعدي على طواقمها ويطالب بأخذ الإجراءات بحق المخالفين، إلا أنه في الوقت نفسه يعتبر أن أموراً كهذه إذا حصلت من خارج إرادة السلطات المعنية، وتمّ اتخاذ ما يلزم من قبلها، فإنّه يمكن تخطّي الأمر إلى اعتبارات كبرى. والاعتبارات الكبرى تبقى محاربة الإرهاب، وبذل كل الجهود لذلك، ولا سيما تخفيف كل التوترات، وعلى رأسها التوتر السني – الشيعي، والعمل على التهدئة، لما لذلك من مصلحة وطنية وقومية وعربية وإسلامية ومسيحية كبرى".
المستقبل :
رغم التهويل والتأويل والتحليل وكل ما قيل عن تجمّدها ودخولها في موت سريري نتيجة التصعيد الممنهج الممارس من قبل ماكينة «حزب الله» السياسية والإعلامية، تبدو المبادرة الرئاسية التي طرحها الرئيس سعد الحريري عصية على الاضمحلال والتلاشي طالما أنّ العاملين على وأدها عاجزون عن اجتراح البدائل الوطنية لإنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية. وإذا كان الحريري لا يزال مستمراً في تسوية ترشيح النائب سليمان فرنجية «بالتفاهم لا المواجهة» كما أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس، فإنّ كلام التهديد والوعيد الرافض للتسويات على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد بدا غير ذي قيمة وازنة في ميزان العارفين بدقائق الأمور وحقائق المواقف والاتصالات من أهل الحل والربط في مسألة التسوية المطروحة، حتى أنّ فرنجية نفسه ورداً على سؤال «المستقبل» عن تقديره لموقف رعد، اكتفى بالإجابة: «أنا أثق بكلام السيّد (حسن نصرالله) ونقطة على السطر»، في إشارة تدل على كونه يأخذ حقيقة موقف «حزب الله» من أمينه العام دون سواه.
وكان المشنوق قد أكد أمس إثر زيارته متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة رداً على استفسارات الصحافيين بشأن نعي البعض التسوية الرئاسية أنّ «التواصل في الموضوع الرئاسي مستمر، لرغبة الرئيس الحريري ولقراره السياسي في ملء الفراغ وعدم ترك الشغور الرئاسي على حاله»، وأردف: «بطبيعة الحال هو مستمر في ترشيحه النائب فرنجية، لكن عنوان هذا الترشيح هو التفاهم مع الآخرين لا المواجهة مع الآخرين، وبالتالي التواصل يحقق المزيد من التفاهم وتحديد أطر مستقبل البلد»، مشدداً على أنّ «الحديث عن النعي مبكر وغير دقيق مع العلم أن التطورات الإقليمية أخّرت إجراء الانتخابات» الرئاسية.
الحكومة
على صعيد آخر، وفي سياق متطابق مع ما كانت «المستقبل» قد تفردت بالإشارة إليه، دعا رئيس الحكومة تمام سلام أمس مجلس الوزراء إلى الانعقاد الخميس المقبل لدراسة جدول أعمال مؤلف من 140 بنداً. وإذ جددت مصادر حكومية التأكيد لـ«المستقبل» أنّ الجدول يضم بنوداً غير خلافية بمجملها، لفتت الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ جلسة الخميس ستكون بمثابة «اختبار نوايا يبيّن حقيقة المواقف والتوجهات لدى الأفرقاء بين إعادة تفعيل أو الاستمرار في تعطيل العمل الحكومي».
الديار :
تدخلت الدول الكبرى لمنع انعكاس الصراع الإيراني - السعودي على الساحة اللبنانية، ولعبت واشنطن وباريس دورا لدى السعودية وايران كي لا ينتقل صراعهما الى الساحة اللبنانية، وطلبتا منهما تحييد لبنان كي يبقى تحت الغطاء الدولي الأميركي - الروسي - الفرنسي - الأوروبي، في حالة استقرار وخارج اطار التفجيرات او الفتنة المذهبية او الصراعات بكل أنواعها.
وتجاوبت ايران والسعودية، وعلى أساس هذا التجاوب تقرر استمرار الحوار بين حزب الله وبين تيار المستقبل والاكتفاء بالبيانات التي صدرت عن نواب في التيار والحزب والعودة يوم الاثنين الى الحوار في عين التينة.
وعلى أساس هذا التفاهم، وتحييد الساحة اللبنانية، تقرر ان يجري لمّ شمل الحكومة. فبعد مشاورات بين الرئيس تمام سلام والرئيس نبيه بري وحزب الله وتيار المستقبل والعماد ميشال عون وغيرهم، قرر الرئيس تمام سلام دعوة الحكومة الى جلسة عند العاشرة من صباح يوم الخميس المقبل في السراي الكبير لبحث 140 بنداً على جدول الاعمال. وسيكون اجتماع الحكومة هو الامتحان للتهدئة والمدخل لتفعيل عمل الحكومة لاقرار مشاريع وقوانين واتخاذ قرارات حكومية تحتاج اليها البلاد من اجل تسيير عجلة الإدارات وغير ذلك.
اما آلية عمل الحكومة، فلم يتم البحث فيها في العمق، على ان يتم البحث من الان وحتى يوم الخميس في كيفية اتخاذ القرارات الحكومية على أساس التوافق ام على أساس أكثرية مجلس الوزراء ام على أساس ان لا يكون هنالك مكوّنات عدة ضد القرار فيسقط القرار، وهذا ما لم يحصل مع قرار ترحيل النفايات عندما اعترض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وهما مكونان سياسيان ومع ذلك اتخذ الرئيس تمام سلام قراره بترحيل النفايات.
ـ قضية النفايات ـ
على صعيد ترحيل النفايات من لبنان فان سعر الترحيل لم يعلن رسميا انما يتراوح بين 220 و260 دولاراً للطن الواحد، وهذا ما سيكلف الحكومة اللبنانية خلال سنة 300 مليون دولار وبالتالي سيكلف مليار دولار كل 3 سنوات، مع العلم انه لو تم دفع الأموال الى البلديات واعطاؤها صلاحيات جلب محارق وكان الحل بيئياً، والحل كان اسلم. لكن يبدو ان هنالك صفقات وراء ترحيل النفايات، والرئيس تمام سلام يعرف في هذه الصفقات، وان الأموال ستتقاسمها فئات حزبية حيث ستحصل كل جهة على حوالى 20 مليون دولار، كل سنة، من عائدات ترحيل النفايات. وهكذا تقوم هذه الأحزاب بتأمين مصاريفها واستمرارها على حساب الشعب اللبناني واكمالا للفساد المستشري في لبنان، كأنه مكتوب على البلد في أي عمل يقوم به ان يكون هنالك فساد، او صفقات، مثل مشروع وزير الداخلية في طبع جوازات السفر، ومثل ترحيل النفايات، في قرار اتخذته الحكومة وعرف الرئيس تمام سلام ان وراء الموضوع أموالاً ستذهب الى أحزاب لكنه اكتفى بأنه لم يشارك في الصفقة بل كان شاهداً عليها.
ورغم هذه الاجواء دعا سلام الى جلسة للحكومة. واشارت معلومات الى ان الرئيس سلام اجرى اتصالات مع التيار الوطني الحر وحزب الله بشأن انعقاد الجلسة الحكومية وانه لم يحصل على جواب نهائي بشأن حضور الطرفين الجلسة مع التمسك بمواقفهما السابقة لجهة الآلية، لكن وزراء حزب الله والتيار الوطني سيعقدون اجتماعا لدرس دعوة سلام وجدول اعمال الحكومة.
ـ قزي: وزراء الكتائب سيحضرون ـ
وقال وزير العمل سجعان قزي لـ «الديار» ان وزراء حزب الكتائب سيشاركون في جلسة مجلس الوزراء. اضاف ان استئناف جلسات مجلس الوزراء كان مطلبنا بالاساس ولطالما تمنينا على الرئيس سلام ان يدعو لانعقاد الجلسات. كما نتمنى على الاطراف الاخرى التي لديها شروط لا تتعلق بقضايا الناس ان تحجب شروطها حتى لا تتعطل قضايا البلد والناس.
واشار ردا على سؤال «ان هناك اتصالات لتذليل بعض الاعتراضات ولكن حتى الان هناك اعتراضات لم تذلل».
ولاحظت مصادر وزارية ان اكثرية البنود المدرجة في جدول الاعمال المتضمن 140 بندا هي بنود غير استثنائىة في حين ان هناك بنودا اكثر الحاحا كان جرى تأجيلها في جلسات سابقة. كما لاحظت ان عدداً من الوزراء عمد الى طلب ادراج عدد من البنود التي تخص وزارته في حين غابت بنود اخرى تهم وزارات اخرى. واشارت الى ان هناك عشرات البنود هي طلب عقود بالتراضي بينها في وزارات الاشغال والداخلية والدفاع (الاجهزة الامنية والمطار) كما ادرجت بنود انمائىة تخص بعض المناطق بينما جرى تغييب بنود انمائىة تخص مناطق اخرى. وقالت المصادر ان هذه الاستثناءات في وضع جدول الاعمال وكذلك ادراج عقود بالتراضي ستشهد اعتراضات واسعة في خلال الجلسة.
ـ المشنوق: الحريري مستمر بترشيح فرنجية ـ
اما على المستوى الرئاسي فقد كان لافتا امس ما اعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد زيارته لمتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذوكس المطران الياس عودة «ان الرئيس سعد الحريري مستمر في ترشيحه رئىس تيار المرده سليمان فرنجية لكن عنوان هذا الترشيح هو التفاهم مع الافرقاء لا المواجهة معهم».
ـ لقاء عون ـ جعجع قريبا ـ
الى ذلك، كشفت اوساط مقربة من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية عن لقاءات يومية تعقد بين ممثلين عن القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وان النائب ابراهيم كنعان ورئىس لجنة التواصل الاعلامي في القوات اللبنانية ملحم رياشي يضعان الجنرال عون والدكتور جعجع بتفاصيل نتائج اللقاءات. وكشفت المصادر ان الطرفين يعدان وثيقة سياسية متكاملة ستعلن اثناء زيارة العماد ميشال عون الى معراب قريبا، لكن موعدها لن يعلن لاسباب امنية.
وذكرت المصادر ان الوثيقة ستتضمن اسس الحكم في لبنان والرؤية لرئاسة الجمهورية والحكومة وووضع المسيحيين في الدولة. لكن المصادر رفضت التطرق الى امكانية تبني الوثيقة لترشيح ميشال عون الى رئاسة الجمهورية من قبل الدكتور جعجع كما تم التداول سابقا واشارت الى ان كل الامور ستعلن بعد اللقاء المرتقب.
الجمهورية :
أقفَل الأسبوع على دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة في الأسبوع المقبل الذي سيكون مبتداه الاثنين حواريّاً في عين التينة، من خلال الجولتين الحواريتين الجديدتين؛ الأولى نهاراً بين قادة الكتَل النيابية، والثانية مساءً بين حزب الله وتيار «المستقبل»، على أمل أن يكون منتهاه بجلسة حكومية مثمرة سياسياً وإجرائياً، بما يكرّس انعقادَ مجلس الوزراء بلا تعطيلٍ ثبتَ أنّه لا يعطّل الاتّفاقَ على إنجاز الاستحقاق الرئاسي فقط، وإنّما يعطّل مؤسسات الدولة ومصالحَ اللبنانيين، بدليل فضيحة العجز عن إيجاد حلّ ناجع ودائم لملفّ النفايات. في موازاة الحرائق المشتعلة في المنطقة مع استمرار الأزمة السعودية ـ الإيرانية في وتيرتها المتصاعدة، تسارعَت الاتصالات داخلياً لتحصين ساحة لبنان وإبقائها في منأى عن تداعيات العواصف الإقليمية المتلاحقة.
وقد عكسَت تصريحات كلّ من وزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي اللذين زارا رئيس الحكومة تمام سلام مواقفَ مطَمئنة إلى مستقبل الأوضاع الأمنية. إذ قال المشنوق أنْ ليس لديه أيّ تخوّف على هذه الأوضاع، مؤكداً أنّه «عندما يكون هناك نزاع إقليمي ويَكبر، سيتراجع الغطاء الإقليمي بطبيعة الحال».
وقال: «هناك مؤشّرات، ولكنّها غير أكيدة، أنّ هناك تهدئة إقليمية آتية، ولكنْ إلى أن يتحقّق ذلك يبقى الوضع في لبنان تحت إشارة تراجُع الغطاء الإقليمي». فيما أكد قهوجي «أنّ الوضع الأمني في لبنان جيّد نظراً إلى ما يَجري حولنا».
وفي تعليق لبناني رسمي على التوتّر السعودي ـ الإيراني، أوضَح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لدى استقباله وزيرَ خارجية الهجرة في النمسا سيباستيان كورتز، «أنّ الموقف الدائم في لبنان هو التقيّد بالشرائع الدولية وعلى رأسِها شرعة حقوق الإنسان، وبالاتفاقات الدولية وفي صدارتها إتفاقيتا فيينا للعلاقات الديبلوماسية والقنصلية، بمعنى أنّ لبنان يقوم على الديموقراطية والحرّيات العامّة ويشجّع عليهما وعلى حرّية التعبير، ولا يوافق إطلاقاً على أيّ قمعٍ لها.
فكيف الحال بقتلِ أو بإعدام أيّ معارض سياسي، إلّا أنّه في الوقت ذاته، لا يتدخّل في الشؤون الداخلية لأيّ دولة عملاً برغبته بعدم تدخّل أحد في شؤونه الداخلية، استناداً إلى ميثاق جامعة الدوَل العربية ومبدأ سيادة الدوَل وقوانينها على أرضها».
وشَدّد باسيل على أنّ «لبنان يدين ويَرفض الاعتداء على أيّ بعثة دبلوماسية أو قنصلية ويَستنكر التعرّض لطواقمها ويطالب باتخاذ الإجراءات في حقّ المخالفين، إلّا أنّه في الوقت نفسه، يَعتبر أنّ أموراً كهذه، إذا حصلت من خارج إرادة السلطات المعنية وتمّ اتّخاذ ما يلزم من قبَلها، فإنّه يمكن تخَطّي الأمر إلى اعتبارات كبرى، وهو ما يُذكّرنا بما حصل عام 2006 من اعتداء على السفارة النمساوية في لبنان، حيث تمّ تخَطّي المسألة من خلال التعاون بين الدولتين».
وأضاف باسيل: «في المحصّلة، فإنّ الاعتبارات الكبرى تبقى محارَبة الشر، أي الإرهاب، وبذل كلِّ الجهود لذلك، وخصوصاً تخفيف كلّ التوترات وعلى رأسها التوتّر السنّي - الشيعي والعمل على التهدئة، لِما لذلك من مصلحة وطنية وقومية وعربية وإسلامية ومسيحية كبرى، حيث إنّ المستفيدين من توتّركهذا هما إسرائيل و«داعش».
وسيَعمل لبنان، انطلاقاً من سياسة الحكومة ومن دوره الطبيعي المبدئي، على المساهمة في إرساء أجواء الحوار واعتماد الديبلوماسية بديلاً مِن العنف والتحريض المذهبي وغيره كوسيلةٍ لحلّ كلّ المشكلات، وذلك إحقاقاً لمصلحته الوطنية في تجنيب مكوّناته هكذا انقسامات وفي تجنيب المنطقة إفرازاتٍ كهذه».
مجلس وزراء الخميس
في هذه الأجواء، وكما أشارت «الجمهورية»، دعا رئيس الحكومة تمام سلام مجلسَ الوزراء إلى الانعقاد الخميسَ المقبل لمناقشة وإقرار جدول الأعمال الذي يضمّ 140 بنداً.
وتخوّفت مصادر مطلعة من تجدّد الاشتباك والشجار السياسي حول تفعيل الحكومة خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة بين فريق لا يرى موجباً لهذا التفعيل وأن الأفضل الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وفريق آخر يعتبر أن التفعيل ضروري لتسيير شؤون البلاد إلى حين توافر التوافق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي (راجع صفحة 4).
درباس
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في حديث لـ»الجمهورية» إنّ جلسة الخميس ستكون جلسة اختبار لتسيير قضايا الناس، متوقّعاً أن يكون هذا الاختبار ناجحاً، وآملاً في مشاركة جميع الوزراء «ولا أعتقدُ أنّ أحداً سيَغيب عن الجلسة». وقال: «لن نصنعَ المعجزات، بل سنَعمل لتسيير شؤون المواطنين».
وأكّد درباس أن «لا تغيير في آليّة عمل جديدة، بل سيكون هناك تقدير لدى رئيس الحكومة».
دو فريج لـ«الجمهورية»
مِن جهته، قال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«الجمهورية»: «مِن المبكر القول إنّ الحكومة عادت إليها الحياة، ويجب أن ننتظر مسار الأمور في جلسة الخميس والجلسة التي ستَليها، لأنّ مِن الواضح عَملياً اليوم أنّ فريق 8 آذار، ولا سيّما منه «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» «انحشرا» بموقف الرئيس سعد الحريري بعد اجتماع باريس، لأنّ بعد افتضاح مَن يرفض انتخاب رئيس الجمهورية، لم يعُد في إمكانهما تحمُّل تبِعة التعطيل، فباتا مضطرَّين إلى تليين موقفهما قليلاً إزاء الحكومة ولو في الشكل».
وأضاف: «إنّ جدول الأعمال يتضمّن بنوداً عادية، إلى قضايا اقتصادية ومالية يجب البتّ بها، ولكنّ العبرة تكمن في الجلسات المقبلة. لكنّنا نؤكّد مجدّداً أنّ حلّ كلّ الأزمات، ولا سيّما منها الاقتصادية والمالية والاجتماعية يكون بانتخاب رئيس جمهورية».
خليل
بدوره، لاحَظ وزير المال علي حسن خليل «أنّ القوى السياسية والكتَل البرلمانية تمارس اليوم نوعاً من الانتحار السياسي طالما هي مستمرّة في تعطيل عمل الدولة ومؤسّساتها التشريعية والتنفيذية التي عليها الاهتمام بقضايا الناس والإدارة العامة».
الحوار الثنائي
في غضون ذلك، تتّجه الأنظار إلى الجولة الحوارية الجديدة الاثنين المقبل بين «حزب الله» وتيار المستقبل». وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر لـ«الجمهورية» في هذا الصَدد: «نحن متمسّكون بالحوار مع «الحزب»، لكنّ قرار المشاركة في جلسة الاثنين لم يتبلوَر بعد وهو قيد الدرس، وإن شاءَ الله نتّخذ القرار الأسلم».
وأضاف: «نحن من دُعاة الحوار ولم نُدعَ إليه مرّة إلّا ولبَّينا، ولنَكن صريحين، إنّ طريقة التعاطي معنا ومستوى الخطاب السياسي في الفترة الأخيرة كان مؤسفاً جداً، والجزء الأهمّ كان كلام النائب محمد رعد الذي اعتبَر أنّ «المسألة ليست مسألة شخص نسَلّمه موقعاً في رئاسة الجمهورية، ثمّ لا يجد صلاحيات يستطيع أن يحكمَ بها البلاد، لأنّ كلّ الصلاحيات يصادرها الشخص الموكل بحفظِ سياسات هذه المملكة أو تلك الدولة». وكأنّ النائب رعد بهذا الكلام يريد تعديلَ النظام تحت عنوان صلاحيات الرئيس.
كذلك نرى أنّ النائب رعد يريد بهذا الكلام نسفَ الحوار، فمَن يريد تعطيله ماذا يقول أكثر بعد؟ إنّ هذا الكلام يستحقّ أن نتوقّف عنده وأن ندرسه بدقّة، وفي كلّ الحالات نحن ندرك خطورةَ الأوضاع، وإن شاءَ الله سنتّخذ القرار الأسلم».
واعتبَر الجسر «أنّ حزب الله حرّ في اتّخاذ المواقف التي يريد، لكن بالنسبة إلينا هناك مواقف نستطيع التغاضي عنها، ومواقف يستحيل ان نتغاضى عنها، الهجوم على السعودية ندرك آثارَه على اللبنانيين، خصوصاً أنّ المملكة وقفَت إلى جانب لبنان سياسياً وإنمائياً واقتصادياً، حتى بعد حرب 2006 وأبوابها مفتوحة أمام اللبنانيين الذين يساعدون لبنان وكأنّنا بهذا الهجوم المجاني نُعرّض هؤلاء جميعاً للضَرر. كذلك فإنّ آثارَه السلبية سترتدّ على لبنان. فعدا عن التجَنّي، ما الحكمة من هذا التهَجّم؟».
وعن الاستحقاق الرئاسي، قال الجسر: «نحن ندرك خطورةَ بقاء البلد بلا رأس، والمسألة ليست عندنا، بل عند الآخرين».