بدت الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء تمام سلام أمس الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل لدرس جدول أعمال من 140 بنداً، بمثابة مؤشر انفراج يتيم في المشهد السياسي المقفل على مختلف أوجه الازمات الدستورية والسياسية، علماً ان انعقاد هذه الجلسة تكتنفه شكوك واسعة من زاوية الشروط التي يتمسك بها فريق "التيار الوطني الحر" للمشاركة فيها.
وعلى رغم الاجواء الشديدة التلبد التي تسبق جولتي الحوار الوطني الموسع والحوار الثنائي بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" الاثنين المقبل في عين التينة، فان ثمة أوساطاً سياسية تتحدث عن رهانات على امكان ان تحقق الجولتان نتائج مخالفة للأجواء القاتمة السائدة، ذلك ان جولة المشاورات السياسية التي أجريت في الأيام الأخيرة شهدت بعض المؤشرات لوجود رغبة مشتركة لدى معظم القوى الداخلية في احتواء التوترات الاخيرة التي عادت تنذر بتداعيات سلبية على الواقعين الاقتصادي والاجتماعي، ناهيك بتنامي المخاوف مجدداً من استهدافات امنية قد تتعرض لها البلاد في حال انكشاف الوضع السياسي بما يهدد الحد الادنى من الاستقرار الذي شكل حتى الآن خطاً أحمر احترمه الجميع.
وعلمت "النهار" من أوساط "تيار المستقبل" ان الحوار الثنائي بينه وبين "حزب الله" في حال إستئنافه مساء الاثنين سيتميّز بطرح من "المستقبل" مفاده ان على الحزب أن يحدد بوضوح موقفه من المواقف التي تصدر عن شخصيات تابعة له وتنتمي اليه وآخرها رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد والتي تمثل نسفاً لقواعد الحوار، بما يعنى أنه على ممثلي الحزب في الحوار أن يوضحوا أن الموقف الرسمي غير هذه المواقف الافرادية كي يستمر الحوار.
في موازاة ذلك، أوضحت أوساط نيابية مواكبة أن الرئيس سعد الحريري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط متمسكان بإستمرار الحوار الذي سيكون مفصليا الاسبوع المقبل وهو يمكن أن يعبّد الطريق أمام إستئناف جلسات مجلس الوزراء على رغم إستمرار شروط "التيار الوطني الحر" وقت عادت مقولة "عون أو لا أحد" الى التداول. ولفتت الى ان تهدئة الموقف في لبنان وفي سوريا من خلال إمداد بلدة مضايا بالمساعدات يمهّد للاجتماع الدولي حول سوريا في وقت لاحق من الشهر الجاري لإيجاد تسوية، وإلا فإن القتال سيستمر بعنف في سوريا خصوصاً أن أشهر الشتاء هي لمصلحة المعارضة نظراً إلى تراجع قدرات سلاح الجو لدى النظام.
وصرّح وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يواصل جولته على المسؤولين السياسيين والدينيين عقب لقائه امس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة بان "التواصل في الموضوع الرئاسي مستمر لرغبة الرئيس الحريري ولقراره السياسي ومن يمثل في ملء الفراغ وعدم ترك الشغور الرئاسي على حاله". وأكد ان الحريري "مستمر في ترشيح النائب سليمان فرنجية لكن عنوان هذا الترشيح هو التفاهم مع الاخرين لا المواجهة معهم". وأعرب عن اعتقاده ان "العاصفة التي تمر ستهدأ بسرعة ويعود النقاش الى طبيعته".

مجلس الوزراء
أما بالنسبة الى جلسة مجلس الوزراء، فعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان جدول أعمال الجلسة يضم من بين 140 بنداً 104 مراسيم عادية. وقالت إن هذه البنود تتضمن أموراً ملحّة وغير ملحّة والتي قد تثير إشكالية عند طرحها من حيث إعتماد التراضي وتخصيص مناطق دون سواها بمشاريع إنمائية وقبول مساعدات للنازحين السوريين من دون المرور بالصندوق المشترك. وأضافت ان من المراسيم ما يتعلّق بتسريح عسكريين وأساتذة وترفيع البعض قبل الاستقالة. وأكدت إستمرار عقبة التعيينات العسكرية وآلية عمل المجلس مع إحتمال التوصل الى تسوية حول المجلس العسكري من غير أن تشمل القيادات العسكرية. وأشارت الى ان الرئيس سلام حريص على التوافق كما ان وضع جدول أعمال يمثل خطوة متقدمة.
واتخذ الفريق العوني موقفا متشدداً من شروطه المعروفة حول آلية عمل مجلس الوزراء وموضوع التعيينات الامنية، الأمر الذي يرسم علامات شكوك مسبقة حول الجلسة المقبلة. وقال مصدر قريب من الرابية لـ"النهار" أمس: "لقد ارتضينا المراسيم العادية الجوالة، لكن قرارات مجلس الوزراء لن تمر هكذا ولسنا مستعدين لنقوم بمغامرة كهذه مجددا ولا نريد تعويم هذا النوع من الممارسات بل نعوم الحكومة وفق الاتفاق المرن ووفق الميثاق".

 

الموقف الرسمي
ولكن يبدو ان توافقاً حصل بين رئيس الوزراء وزير الخارجية جبران باسيل على الموقف الرسمي الذي سيتخذه لبنان من خلال مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاحد للنظر في الأزمة السعودية – الايرانية. وقال باسيل أمس عن موقف لبنان من هذه الأزمة: "إنّ الموقف الدائم في لبنان هو التقيّد بالشرائع الدولية وعلى رأسها شرعة حقوق الإنسان وبالاتفاقات الدولية بمعنى أن لبنان يقوم على الديموقراطية والحريات العامة ويشجّع عليهما وعلى حرية التعبير ولا يوافق إطلاقاً على أي قمع لها، فكيف الحال بقتل أو بإعدام أي معارض سياسي، إلا أنه في الوقت ذاته لا يتدخّل في الشؤون الداخلية لأي دولة عملاً برغبته في عدم التدخّل من أحد في شؤونه الداخلية. إنّ لبنان يدين ويرفض الاعتداء على أي بعثة ديبلوماسية أو قنصلية ويستنكر التعدي على طواقمها ويطالب بأخذ الإجراءات بحق المخالفين، إلا أنه في الوقت نفسه يعتبر أن أموراً كهذه إذا حصلت من خارج إرادة السلطات المعنية، وتمّ اتخاذ ما يلزم من قبلها، فإنّه يمكن تخطّي الأمر إلى اعتبارات كبرى. والاعتبارات الكبرى تبقى محاربة الإرهاب، وبذل كل الجهود لذلك، ولا سيما تخفيف كل التوترات، وعلى رأسها التوتر السني – الشيعي، والعمل على التهدئة، لما لذلك من مصلحة وطنية وقومية وعربية وإسلامية ومسيحية كبرى".

جوازات السفر
في سياق آخر، تصاعدت أمس موجة الاقبال على مراكز الأمن العام من أجل استبدال جوازات السفر المجددة بجوازات جديدة بعد الاجراءات التي طلبت من لبنان في هذا الاطار. وأوضح رئيس قسم دائرة الجوازات اللبنانية في المديرية العامة للامن العام الرائد علي ترمس "انه اذا كان جواز السفر مجدداً او مكتوباً عليه كلمة "مرافقون" فإن ذلك يؤدي إلى اشكالات في المطارات العالمية وتبلغنا ضروة ايقاف جوازات السفر التي عليها "تجديد" و"مرافقون".