تجاوز الموعد الـ36 لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 8 شباط المقبل، اي بعد شهر تماما، الاطار الرمزي لأطول تأجيل للجلسة الانتخابية دشنت به السنة الجديدة منذ نشوء ازمة الفراغ الرئاسي، الى الاطار العملي للمعطيات القاتمة التي تطبق على هذه الازمة بعد اصابة المبادرة الاخيرة التي طرح فيها اسم النائب سليمان فرنجية للرئاسة بنيران التعطيل والانسداد كسابقاتها من المبادرات. وبدا واضحاً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري رحل الجلسة الـ36 الى فترة شهر بعدما عكست الجلسة الـ35 مستوى التراجع الكبير اللاحق بالملف الرئاسي بين امعان المعطلين في تعطيل النصاب وتراجع الحضور النيابي أمس الى 36 نائباً فقط.
وفي ظل ذلك تتجه الانظار الى جولتي الحوار الوطني والحوار الثنائي بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" الاثنين المقبل في عين التينة وما يمكن ان يصدر عنهما من نتائج واجواء جديدة. وعلمت "النهار" من اوساط فريق "المستقبل" الحوار مع "حزب الله" ان الرئيس بري يتولى متابعة أمر الجولة المقبلة من هذا الحوار الاثنين المقبل علما انه لم يتضح حتى الان موقف "حزب الله " من التصريحات الاخيرة التي صدرت عن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد والتي تضمنت قسميّن: الاول، مستوى التخاطب السياسي غير المسبوق. والثاني وهو الاهم موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية بما يؤكد مسؤوليته عن تعطيلها من خلال إثارته ما سماه "صلاحيات رئيس الجمهورية" وكأنه يسعى الى تغيير النظام في لبنان. ولفتت هذه الاوساط الى ان الاجتماع الحواري الاخير كان إيجابياً، فعلى رغم تمسك فريق الحزب بترشيح العماد ميشال عون، أعرب عن تقديره لترشيح النائب سليمان فرنجية مع إبدائه التعجب من السرعة التي إنطلقت فيها مبادرة ترشيحه ومآخذه على إخراجها.
وقالت أوساط بارزة في تيار "المستقبل" لـ"النهار" إن اللقاء الذي جمع الرئيس بري ووزير الداخلية نهاد المشنوق أمس أبرزت رغبة مشتركة في الحفاظ على الاتصالات الحوارية وابقائها بعيداً من العواصف الكلامية الداخلية والاجواء الخارجية المتشنجة، بالاضافة الى ملء الوقت الضائع الرئاسي من خلال اعطاء دفع جديد للعمل الحكومي وتلبية المتطلبات الحياتية للناس. كما علم ان اتصالات جارية على خط بيروت – الرياض بين الرئيس سعد الحريري وقيادات "المستقبل" ستتكثف قبل نهاية الاسبوع من أجل الاتفاق على التوجهات التي سيحملها فريق "المستقبل" الى اجتماع الحوار مع "حزب الله" الاثنين المقبل.
وفي سياق آخر، استرعى الانتباه اطلاق الوزير المشنوق أمس التحضيرات الجدية لاجراء الانتخابات البلدية في موعدها في ايار المقبل، اذ باشر مشاوراته مع القيادات السياسية بدءاً بالرئيس بري الذي أيده في جهوده وشجعه على المضي فيها. وسيتابع المشنوق لقاءاته التي تشمل العماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط والنائب سامي الجميل ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع كما سيطرح موضوع الانتخابات البلدية في الحوار مع "حزب الله".
مجلس الوزراء
وفي ملف تفعيل العمل الحكومي، نقل وزير الاعلام رمزي جريج عن رئيس الوزراء تمام سلام اتجاهه الى توجيه الدعوة اليوم أو غداً الى جلسة لمجلس الوزراء تعقد الأسبوع المقبل، على ان يرفق الدعوة بجدول أعمال من بنود تعتبر الأكثر الحاحاً من البنود المتراكمة والتي لها علاقة بتسيير شؤون والناس.
وعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان الموعد المبدئي لجلسة لمجلس الوزراء سيكون قبل ظهر الخميس المقبل، مشيرة الى أن رئاسة الوزراء كانت امس خلية لقاءات وإتصالات تحضيرا للجلسة التي يريدها الرئيس سلام، كما أبلغ المتصلين به، لا "جلسة فشة خلق" بل جلسة منتجة بمشاريع القوانين والمراسيم التي تمثل أولوية لدى الناس وتسدّ النواقص في مؤسسات الدولة لتصبح فعّالة في خدمة المواطنين. وقالت إن العقدة ما زالت في المواضيع الامنية التي ستتضح معالمها في الحوار النيابي والحوار الثنائي بين "المستقبل" و"حزب الله" الاثنين. ومع إبداء الرئيس سلام إرتياحه الى الاتصالات، فإنه ما زال حذراً حيال اتخاذ أية خطوة قد تكون ناقصة في بداية السنة الجديدة وسط الجو المحموم حاليا. وفي سياق متصل، قالت المصادر إن الاتصالات الديبلوماسية الدولية - الاقليمية لم تحرز تقدماً في الحصول على إلتزام إيراني لفصل الساحة اللبنانية عن الصراع الحالي في المنطقة.
تفعيل الحكومة
وعلى رغم الاجواء الايجابية مبدئيا من حيث تفعيل العمل الحكومي، يبدو ان اكثر من فريق ينتظر نتائج اعادة اثارة هذا الملف في جولة الحوار الوطني ليبني موقفه من التفعيل على أساس نتائج هذا الحوار. وأبلغت مصادر في الفريق الوزاري لـ"التيار الوطني الحر"، "النهار" ان هذا الفريق لا يزال يطرح الثوابت نفسها من العمل الحكومي وهي احترام الدستور في غياب رئيس الجمهورية واتباع آلية عمل لا يكون فيها أي تفرد بالقرار، والتشديد على اعتبار التعيينات الامنية مطلبا اساسيا. وقالت: "لسنا في صدد اي عرقلة بل نحن مع تفعيل العمل الحكومي وتسيير شؤون الناس". لكنها أضافت انه في انتظار الحوار الوطني الاثنين المقبل، لا يزال وزراء التيار يتمسكون "بملء الشغور في المجلس العسكري ومجلس قيادة قوى الامن الداخلي وهو الامر الذي لم يفاتحنا أحد فيه بعد". وبدا لافتاً في هذا السياق ان وزير التربية الياس بو صعب أعرب عن رفضه كلام رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد عن عودة الرئيس الحريري الى لبنان وقال لبرنامج "كلام الناس" إن الحريري هو من يقرر ما اذا كان يريد العودة الى لبنان و"كما لا نرضى التهميش لانفسنا لا نرضاه لغيرنا ولا نقبل ان يمارس على الحريري ما مورس علينا سابقا من منع العودة الى لبنان".