سأرمي السياسة وخبثها جانباً وسأتكلم كما يحلو لي، وأتمنى أن أقول: ” انا مجرد إنسان عابر على صفحات التواصل الاجتماعي، أسكن في آخر بلاد الله الواسعة… في كل يوم أشاهد صور الأطفال واللاجئين السوريين وأتابع فصول المعاناة وأشعر كما يشعر الملايين غيري بالعجز عن إيقاف آلة الحرب المجنونة التي عصفت بنا كلبنانيين في السابق… والآن تعصف بالسوريين.
لن أدخل في تفاصيل من هو القاتل ومن هو المقتول، فالمجرم واضح المعالم ولا يحتاج الى أي دليل، والمقتول أشاهد صوره على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي … نعم سأخرج من الحديث بالسياسة لأنني أريد أن أقول صوتي الذي يمثلني… ألا وهو صوتي الإنساني. سأعرفكم بنفسي … اسمي حسن طاهر، لبناني من حي برج البراجنة، أقيم في دولة السويد منذ تسع سنوات…
هاجرت بعد الحرب الدامية في تموز 2006، منذ أربع سنوات وأنا أرى صور الأطفال والأمهات، ومع كل فصل شتاء أشاهد فصول المعاناة، وفي كل مرة أحاول فعل أي شيء ولا أستطيع.
حاولت أن آتي إلى لبنان لفعل شيء، لكن وضع العمل حيث أقيم في السويد لم يساعدني، لكني صممت هذه السنة على فعل شيء، وتحديداً بعد مقطع الطفلة السورية التي بكت في أحد البرامج الغنائية وقبلها مشهد الطفل إيلان وقبله مشاهد غرق السوريين في بحر الموت المجاني، ومشاهد صور اللاجئين في مخيمات اللجوء تحت البرد والثلج، كل هذا دفعني إلى إطلاق حملتي من هنا من السويد وصورتها في الفيديو الذي يرافق هذه المادة.
حسن طاهر1ببساطة، وبعيداً عن الانتماءات الدينية و السياسية، ما كان مني إلا أن أوجه هذه الرسالة الإنسانية ليس كتابة مدونة و إنما بتسجيل صوت و صورة أحببت أن أنقل من خلاله مشهد البرد القارس الذي يتعرض له الأطفال و هم يقاومون مصاعب الحياة الدنيا و الحرب التي يواجهونها… لا أنكر أني كنت في لحظات التجمد و البرد، ولا أنكر المرض من بعدها ولكني أحببت و عشقت هذا الشعور عندما وصلت رسالتي إلى كثير من الناس…
ردود الفعل بالإجماع كانت إيجابية، فقد أيقظت هذه الرسالة الإنسان النائم فينا، و كان هنالك بعض الردود السلبية لكني لم أكترث، لأن نسبة كبيرة جداً أحبت هذا العمل و طلبوا مني المزيد من هذا النوع من الرسائل. هي رسالة لكل الأطفال والفقراء عامةً ولسوريا خاصة. من الدول الاسكندنافية قامت بعض الجمعيات الخيرية بالسويد بالاتصال بي، وطلبت مني إعادة الفيديو باللغة السويدية والنرويجية والدنماركية، أيضاً بعض الجمعيات الخيرية في لبنان على تواصل معي الآن…
أصبحت المسؤولية كبيرة جداً، وأحترق يوماً بعد يوم لإيصال الملابس للأطفال، فهذا هو هدفي حالياً، ولكل من يستطيع المساعدة فإني على الرحب والسعة.
كل ما أريده في هذه الرسالة التي سأقوم بترجمتها إلى لغات عديدة، هي أن أوصل رسالة عنوانها الوحيد ” فلنجعل الانسانية فوق أي انتماء سياسي أو ديني أو مذهبي “، وكم أتمنى أن تمحى كلمة سياسية من قاموس البشرية، نعم… أعلم أنه طلب طفولي … لكنني لا أريد أن يحدث للسوريين ما حدث لنا … هذه الرسالة إلى كل الآباء والأمهات من أجل طفولة سامية… هذه إلى الحسن والحسين … إلى عمر وعثمان… شربل وميشال… الدرزي …والكردي. إخوانا أهل الجبل، أهل الأرض، أهل الخير… لروح الوالد وكل الأبرياء الشهداء الأطفال ألف تحية طيبة وألف سلام.
المصدر:أنا قصة إنسان