كما ندين تصرفات إيران الرعناء، وإحراقها السفارة والقنصلية، وتجييش الشعوب في معارك ضد بلدانهم، اسمحوا لي أن أوجه تحية صادقة للوطنيين السعوديين الشيعة، الذين رفضوا أفعال إيران، وأنكروها، ووقفوا إلى صف وطنهم، الذي ارتوت أرضه من عرقهم وعرق آبائهم وأجدادهم.
يراد للأحداث السياسية أن يتم صبغها باللون الطائفي دائما!
منذ الثورة الإيرانية 1979 والغليان الطائفي يمتدّ في أنحاء العالم الإسلامي. حتى ظنّ البعض أن الشيعة قد وجدوا حديثا في بلدانهم بشكلٍ طارئ. بينما هم جزء أصيل من كيانات المجتمعات ولهم أدوارهم الكبيرة في نماء دولهم ومؤسساتهم.
ألم نسأل أنفسنا سؤالا بارزا: السعودية موجودة منذ مئة عام بشكلها الحديث من تأسيس الملك عبدالعزيز لها، لِم لم يتأجج الصراع الطائفي إلا بعد ثورة الخميني؟!
لم نكن نعرف التمييز بين السنة والشيعة. كانت الهويّة واحدة "نحن سعوديون". وقد منّ الله على بلادنا بنخبةٍ شيعية مثقفةٍ لها ولاؤها الناصع وتاريخها الأبيض مع مصالح مجتمعهم وقادتهم. إنهم الوطنيون الشيعة الذين ينبرون مع كل حدثٍ يمسّ بلادهم مدافعين عنها بالإعلام والمنابر ومنصّات الحديث. خذ مثالاً على هؤلاء محمد رضا نصرالله الذي انبرى بوجه التدخل الإيراني ونادى منذ زمنٍ بعيد بأن توقف الرحلات إلى مشهد وأن يزار العراق "النجف" بدلا منها، فهي مرجعية شيعية عربية وليست فارسية، وقد قال هذا بعد الهبّة الإيرانية الظالمة على السعودية، واعتبر التدخل الإيراني بالشأن السعودي مرفوضا جملة وتفصيلا، مذكّرا جميع الشيعة العرب بخطر المخطط الإيراني ضدهم وضد ولائهم لأوطانهم. كذلك المقالة التي كتبها محمد محفوظ مؤخرا عن الشيعة العرب والولاء للأوطان وليس لإيران، ومخاطبا فيها العموم بأن لا ينجروا وراء إيران. وحضور جعفر الشايب الإعلامي وغيرهم كثير ممن لا تتسع المساحة للحديث عن مواقفهم النيّرة.
في الثامن من نوفمبر عام 2014 وبعد حادثة "الدالوة" الآثمة أصدر مجموعة من المثقفين الشيعة بيانا بالغ الدلالة في عنوانه: "سعوديون بلا أقواس"، إنهم سعوديون وكفى. هذه هي الهوية الجامعة.
راسلني بالأمس الشيخ حبيب آل جميع رئيس تحرير مجلة "الساحل" من القطيف، قائلا: "لن نذهب للأذى بأرجلنا، وسننأى بالمكون الشيعي في السعودية عن الدخول ضمن لعبة المحاور الإقليمية والأجندة السياسية الخارجية، وسنندمج في وطننا تحت سقف الدولة شاء من شاء وأبى من أبى".
المهندس نبيه آل إبراهيم عضو المجلس البلدي السابق في محافظة القطيف، وأحد أبناء بلدة العوامية قال: «إن الحالة المؤسفة التي بلغها الوضع الأمني في محافظة القطيف والعوامية على وجه الخصوص هو ما دفع الزعامات الدينية الشيعية في محافظتي القطيف والأحساء إلى التحرك لإنهاء هذه الظاهرة الخطيرة».
إنها بلادنا جميعا، نحن كلنا سعوديون بلا أقواس، نحو مزيدٍ من الشراكة والموقف الموحد ضد المعتدين الإيرانيين، وبقية الدائرين في فلكهم بكل مكان.
المصدر: عكاظ بقلم تركي الدخيل