تتجمع الملفات الصعبة والمؤجلة في لبنان في انتظار عودة الحياة إلى السياسة بعد العطلة المتمادية عمليا منذ نحو ثلاثة أسابيع، وكان آخر أيامها أمس واقتصر على لقاء الأربعاء الأسبوعي للرئيس نبيه بري مع مجموعة نيابية، دعا فيه رئيس المجلس إلى تفعيل عمل الحكومة مؤكداً مرة أخرى أن الإستحقاق الرئاسي في الثلاجة، خصوصاً بسبب التوتر الإقليمي بين السعودية وخلفها مجموعة واسعة من الدول العربية والإسلامية وبين إيران.
ومن الإستحقاقات البارزة التي تنتظر لبنان على هذا الصعيد جلسة الأحد المقبل لوزراء الخارجية العرب في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، حيث سيكون وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمام مسؤولية تقديم موقف لبناني يرضي جميع الأطراف الداخليين ولا يسيء إلى موقع لبنان الرسمي وصورته في ظل استقطاب إقليمي شديد الحدة. ويلي هذا الإستحقاق يوم الإثنين موعدان مهمان هما جلسة الحوار الوطني الثالثة عشرة، وجلسة الحوار الثنائي بين "تيار المستقبل" و"حزب الله"، والذي بدا واضحاً أن الطرفين لن يتخليا عنه رغم الإشتباك الكلامي السياسي والإعلامي بعد إعدام المعارض السعودي نمر النمر.
وقد توقفت أوساط سياسية متابعة عند اتهام سلطات البحرين لـ"حزب الله" بالتورط في خلية إرهابية هناك مع "الحرس الثوري الإيراني"، ورأت في ذلك التورط إشعاراً وتذكيراً بأن التعامل مع "الحزب" والتعبير مع تعاطف معه ممنوع هناك، من غير أن تستبعد اتخاذ تدابير في دول خليجية تتعلق به، وذلك في سياق سياسة المواجهة مع إيران. وركزت هذه الأوساط على ضرورة مضاعفة الجهود وتركيزها على نقطة حماية لبنان من تداعيات إقليمية سلبية عليه.
في سياق آخر، علمت "النهار" أن اتصالات متلاحقة تجري بين قيادتي حزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" لترتيب لقاء محتمل، في معراب هذه المرة، بين النائب الجنرال ميشال عون والدكتور سمير جعجع. ومن الطبيعي أن يكون موضوع رئاسة الجمهورية هو البند الأساس في الإتصالات هذه والتحضيرات، خصوصاً في حال أفضت الظروف والتوجهات الإقليمية والدولية والمحلية إلى الدفع في الأسابيع، وربما الأشهر المقبلة، نحو انتخاب رئيس للجمهورية كخيار لا مفر منه، وذلك في ضوء المخاوف من أخطار أوضاع إقتصادية قابلة للتحوّل عصيّة على المعالجة، لا سيما بعد ثبوت العجز الحكومي الظاهر عن تسيير حتى الشؤون العادية للمواطنين، مثل التخلص من النفايات.
وتقول المعلومات إن الدكتور جعجع لن يتردد في تأييد ترشيح الجنرال عون إذا تبين أن ثمة جلسة انتخاب يمكن أن تأتي بالنائب سليمان فرنجية رئيساً على قاعدة أن عون هو الأقل ضرراً بالنسبة إليه، تجمعه به ورقة "إعلان نيات" على الأقل وتجربة لا بأس بها من التعاون والتنسيق، وإن كان المرشحان من الفريق السياسي نفسه، فريق 8 آذار.
لكن مصادر المعلومات ترجح بأن الخطوات على هذا الصعيد هي أقرب إلى "تدابير وقائية"، لعلم الجميع ومن ضمنهم جعجع أن قضية انتخاب الرئيس ابتعدت أكثر مما كانت بعيدة بعد مواقف "حزب الله" من مبادرة "تيار المستقبل" إلى إبداء استعداده لدعم ترشيح فرنجية بعد لقائه والرئيس سعد الحريري في باريس.
يُذكر هنا أن النواب الذين شاركوا في "لقاء الأربعاء" نقلوا عن الرئيس بري قوله : "في ظل التحديات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، المطلوب أن نسعى جميعا الى ما يعزز استقرارنا الداخلي ويحصن بلدنا"، مجددا التأكيد أن "هناك حاجة ملحة لتفعيل مؤسساتنا من أجل متابعة قضايا الناس ومعالجتها". وقال: "حتى لو كان انتخاب رئيس الجمهورية سيحصل بعد 15 يوما مثلا، علينا تفعيل عمل الحكومة، فكيف إذا كان هذا الاستحقاق قد بات اليوم في الثلاجة؟".