على خط الأزمات الإقليمية، وما يتردد في المحافل الدولية عن عام حافل بالحروب الممتدة على طول الشرق الأوسط، بحيث تشمل أفغانستان وتشاد وليبيا ودول أخرى في القرن الافريقي، إلى جانب استمرار الحروب في سوريا والعراق واليمن، توقفت مصادر لبنانية مطلعة عند المحاولات الجارية لاقفال منافذ التسوية السياسية، وقطع الطريق نهائياً على المبادرة - التفاهم التي تمّ التوصّل إليها بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية في باريس، قبل مطلع شهر كانون الأوّل الماضي.
وإذا كان الرئيس تمام سلام لامس الوضع الصعب لدى استقباله موظفي رئاسة الحكومة والاعلاميين المعتمدين، داعياً للكف عن تقطيع الوقت، من دون ان يسقط الاعراب عن أمله في تفعيل العمل الحكومي في المرحلة المقبلة نظراً لأن «السلطة الاجرائية بطبيعتها لا يمكن ان تكون مشلولة وإذا شلت تتوقف وينتفي مبرر وجودها»، معرباً عن اسفه «لحروب القتل والدمار والخراب والإرهاب التي تشهدها المنطقة»، فإن أوساط عين التينة تنسب إلى الرئيس نبيه برّي امتعاضه من الدرك الذي وصلت إليه الأوضاع، متسائلة عن البدائل المطروحة، سواء للمبادرة الرئاسية أو للحوار الوطني أو الحوار الثنائي.
وأشارت هذه المصادر نقلاً عن رئيس المجلس إلى ان مواجهة التحديات المتصلة بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي يستدعي إعادة ضبط عمل المؤسسات القادرة وحدها على مجابهة التحديات.
ومن هذه الخلفية يتحرك الرئيس برّي لاحتواء التشنجات، وليس من أي خلفية أخرى، فهو معني بإنهاء الشغور وتفعيل العمل التشريعي وتفعيل عمل مجلس الوزراء، ليتمكن لبنان من إنجاز الاستحقاقات الكثيرة، في ضوء انشغال العرب والعالم بالازمات الكبيرة والمعروفة في هذه المنطقة.
المستقبل: استياء من كلام رعد وإبقاء الباب مفتوحاً
سياسياً، توقفت كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماعها الدوري أمس، بإسهاب عند التصريح غير المسبوق لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، والذي تضمن «تهديداً لشخصيات لبنانية والتهويل عليها، الأمر الذي يُعيد إلى الذاكرة لغة القمصان السود وانقلاب السابع من أيّار 2008، والعمل على ممارسة الحرم والعزل».
ولاحظت الكتلة ان كلام رعد «يعبر عن توجه مستجد للاطاحة بالاستقرار الوطني والأمني والاقتصادي والمعيشي».
وتساءلت عمّا إذا كان ما تضمنه تصريح رعد من رفض الحزب لأي تسوية داخلية، ولا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية يعتبر تراجعاً عن دعوات أمين عام الحزب السيّد حسن نصر الله للتسوية الشاملة.
وادانت الكتلة تدخل الحزب في الشأن السعودي الذي يتناول سعوديين ادينوا بجرائم إرهابية من قبل القضاء السعودي، وهي من القرارات السيادية لأي دولة، الا ان الكتلة لم تقفل الباب وأكدت انها ستستمر في دعوة حزب الله إلى العودة إلى لبنانيته وعروبته، حيث رحاب الوطن والعروبة تحتضن وتتسع للجميع.
وفي المعلومات، ان نقاشاً جرى داخل اجتماع الكتلة أمس، حول جدوى استمرار الحوار مع حزب الله، وإلى أين يمكن ان توصل مسيرته معه، في ظل المواقف الأخيرة للحزب ولا سيما تصريحات النائب رعد والتي تهجم فيها على الرئيس سعد الحريري بلهجة معيبة وغير مقبولة، على حدّ مصدر نيابي في الكتلة الذي أوضح لـ«اللواء» ان النقاش لم يتوصل إلى قرار في شأن المشاركة في جلسة الحوار المقررة الاثنين المقبل، بانتظار مشاورات سيجريها الرئيس فؤاد السنيورة مع الرئيس الحريري وقيادات تيّار المستقبل.
ولفت المصدر إلى ان الكتلة لم تتخذ قراراً بوقف الحوار على اعتبار انها حريصة عليه، لكن في الوقت عينه لا قرار بالاستمرار فيه، بعدما خرجت مواقف الطرف الآخر عن مستوياتها المقبولة، مشيراً إلى ان كرامات الأشخاص لها اعتباراتها.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق، أوّل من شكك باستمرار الحوار الثنائي، حين اعتبر بعد زيارته مطران بيروت للموارنة بولس مطر، تصريح رعد بأنه لا يُساعد ولا يسهل إتمام الحوار، لأن الحوار بحاجة إلى قواعد لم تكن متوافرة ابداً في كلام رعد.
لكن المشنوق حذر، في الوقت عينه، من ان «الغطاء الإقليمي للبنان، والذي حماه حتى الآن أربع سنوات من كل الحرائق المحيطة به بدأ بالتراجع»، داعياً القوى السياسية إلى القيام بواجباتها، والالتفات إلى الداخل.

في المقابل، لاقى موقف النائب رعد الذي شكّل صدمة للأوساط السياسية والنيابية، إرتياحاً في الرابية التي غاب عنها اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» الذي ألغي قبل 48 ساعة، وأبلغ النواب بإلغائه من دون معرفة الأسباب.
ومردّ هذا الارتياح، وفقاً لمصدر نيابي مطّلع رفض الكشف عن هويته، أن «فيتو» حزب الله على عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة تعني الإطاحة بالنائب فرنجية مرشحاً للرئاسة الأولى، وبالتالي يبقى النائب ميشال عون المرشح الأقوى، وإحياء معادلة: «عون رئيساً أو فراغ رئاسي طويل».
وفي معلومات «اللواء»، أن ثمة حرصاً عربياً على عدم انعكاس ما يحصل على جبهة العلاقات بين الرياض وطهران، على إبقاء لبنان بمعزل عن هذه التأثيرات، وبالتالي الحرص على حثّ اللبنانيين على التمسك بالحوار كإطار لحل الخلافات.
جلسة الحكومة
حكومياً، اكدت مصادر السراي الحكومي لـ«اللواء» ان  لدى الرئيس سلام قناعة اكيدة بضرورة تفعيل العمل الحكومي من خلال عقد جلسات لمجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي لتسيير شؤون الناس الضرورية، وهذا الامر يؤكد ويصر عليه سلام أمام زواره، ولكن وفي الوقت نفسه فهو لن يدعو الى عقد أي جلسة لمجلس الوزراء لمجرد الدعوة إذا لم يكن هناك اتفاق على اهمية نجاح الجلسة. 
ولفتت المصادر الى انه وحتى الساعة لا موعد محدداً لدى سلام للدعوة الى مجلس وزراء ولا حتى هناك اتفاق على جدول اعمال لجلسة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك موعد محدد للقاء سلام مع الرئيس نبيه بري، اعتبرت المصادر ان لا شيء يمنع عقد مثل هكذا لقاء ولكن لا موعد محدداً بين الرئيسين حتى الساعة.
غير أن مصادر نقلت عن وزير البيئة محمّد المشنوق أن الرئيس سلام يتجه إلى الدعوة للجلسة يوم الجمعة أو السبت المقبلين، وأنه (أي سلام) أوعز إلى دوائر رئاسة الحكومة إعداد جدول أعمال مقتضب من المواضيع المطروحة والمتراكمة منذ انفجار أزمة النفايات، أي منذ آخر جلسة لمجلس الوزراء التي عقدت في 9 أيلول من العام الماضي، والتي تقدّر بنحو 800 موضوع.
وأشار إلى أن الرئيس سلام يحرص على أن يكون الجدول مقبولاً من جميع مكونات الحكومة، لكن من دون الدخول في مفاوضات في شأن هذا الجدول الذي دأب على توزيعه قبل 72 ساعة من موعد الجلسة.
ومن جهتها، لفتت مصادر في تكتل «الاصلاح والتغيير» إلى أن مشاركة وزراء «التيار الوطني الحر» في جلسات الحكومة المرتقبة واردة، خصوصاً إذا ما تمّ اعتماد آلية واضحة لعملها وإدراج بند التعيينات في المجلس العسكري، مشيرة إلى أن الرئيس سلام راغب في عقد جلسات للحكومة لا تتضمن بنوداً خلافية، معتبرة أن ما من أفكار جديدة في ما خص التفاهم على آلية العمل الحكومي، خصوصاً وأن المعطى القديم ما زال هو السائد لجهة أن البنود لا تسير في حال اعتراض مكونين من الحكومة.
وتحدثت المصادر عن ميل جاد للمشاركة في الجلسات ضمن هذا الإطار، متوقعة أن تلتئم الحكومة مجدداً بعد التفاهم على سير العمل الحكومي، وربما يكون ذلك في جلسة الحوار الوطني في عين التينة يوم الاثنين المقبل.
ملف النفايات
وبالنسبة لملف ترحيل النفايات، أكد مصدر مواكب لهذا الملف لـ«اللواء» أن العمل يسير بشكل طبيعي في هذا الملف، لافتاً النظر إلى أن المعنيين في مجلس الإنماء والاعمار يعملون ليل نهار لإنهاء الملف.
وكشف المصدر أن توقيع العقود بين ممثلي الشركتين البريطانية والهولندية سيتم يوم الجمعة المقبل، بعد أن تمّ تحضيرها، كما تمّ الانتهاء من موضوع تقديم الكفالات، وتم الكشف على مواقع معالجة النفايات في كل من الكرنتينا والعمروسية والمرفأ، وأبدى المصدر ارتياحه لسير العمل في هذا الملف.
شكوى لبنانية
في هذا الوقت، عاد الوضع إلى شبه طبيعته في الجنوب، باستثناء تحليق مُكثّف للطيران الإسرائيلي، وسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي الآلية التي تعطلت نتيجة العبوة التي استهدفت دورية إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، فيما أوعز وزير الخارجية جبران باسيل إلى البعثة اللبنانية في الأمم المتحدة تقديم شكوى على الاعتداءات التي أعقبت عملية «حزب الله» في المزارع، والتي عمدت بعدها إسرائيل إلى منع تسريب أي معلومات حول حصيلة العملية، واكتفت باعتبارها خرقاً لقواعد الاشتباك المعتمدة، لكن الجانب اللبناني ردّ على الاعتراض الإسرائيلي لدى الجانب الدولي بأن العملية لا ينطبق عليها مضمون قواعد الاشتباك المتفق عليه في إطار عمل القوات الدولية، لأنها جرت في منطقة لا يشملها الخط الأزرق.