غداة تنفيذ "حزب الله" عملية تفجير في دورية اسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة، بدا المشهد الداخلي موزعاً بين تداعيات هذه العملية والتداعيات الاقليمية المتصاعدة للمواجهة السعودية – الايرانية على الواقع اللبناني الذي يواجه في أفضل الاحوال تمديداً غير محدود بأفق زمني للازمة الرئاسية ومشتقاتها.
وفي نيويورك ("النهار") ندّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون بالهجوم الذي شنه "حزب الله" أول من أمس على عربتين للجيش الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا، معبراً عن "القلق من الرد الإنتقامي" الإسرائيلي. ودعا كل الأطراف الى "المحافظة على وقف الأعمال العدائية وضمان الاحترام الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم ١٧٠١".
وصرح الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دو جاريتش بأن الأمين العام "ندد بالهجوم الذي استهدف عربتين تابعتين للجيش الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا، جنوب الخط الأزرق، وأعلن "حزب الله" مسؤوليته عنه". كما "عبر عن القلق من الرد الإنتقامي للقوات الإسرائيلية عبر الخط الأزرق في جنوب لبنان، بمنطقة عمليات القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل". وأضاف: "اليونيفيل والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان (سيغريد كاغ) اتخذا خطوات فورية من خلال الإتصالات مع الطرفين للمساعدة على استعادة الهدوء في المنطقة". وأفاد أن "اليونيفيل تجري تحقيقات في ملابسات الحادث بالتعاون مع القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي". ودعا الأمين العام "كل الأطراف الى المحافظة على وقف الأعمال العدائية وضمان الاحترام الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم ١٧٠١".
في غضون ذلك، وصلت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة الى الرياض "في اطار مشاوراتها الجارية مع الجهات الاقليمية الفاعلة لمناقشة استقرار لبنان وأمنه والجهود لدعم حاجاته الانسانية والانمائية الحيوية"، كما جاء في بيان صادر عن المسؤولة الأممية. كما أفادت الوكالة الطالبية الايرانية "أسنا" ان نائب وزيرالخارجية للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبداللهيان تلقى اتصالاً هاتفياً من سيغريد كاغ "وبحث الجانبان خلال المحادثات الهاتفية في أحدث التطورات في جنوب لبنان والمنطقة حيث طالبت المسؤولة الأممية ايران باستخدام نفوذها للتحكم بالتطورات في لبنان وتحقيق الاستقرار والأمن فيه وفي المنطقة، مشيرة إلي أنها تواصل مشاوراتها حول أمن المنطقة ولبنان في طهران قريباً".
مجلس الوزراء
أما على الصعيد الداخلي، فعلمت "النهار" من مصادر حكومية أن رئيس الوزراء تمّام سلام بدأ إعداد جدول اعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء والتي تأتي إنطلاقاً من التوافق المنبثق من جلسة الحوار الوطني الاخيرة والتي تناولت ضرورة تفعيل العمل الحكومي.
وفي حين رفضت المصادر تحديد موعد للجلسة أو ربط إنعقادها بحصيلة المشاورات الجارية في هذا الشأن على قاعدة أن قرار الدعوة الى الجلسة هو من صلاحيات رئيس الوزراء، أكدت أن هناك عدداً كبيراً من المواضيع المتراكمة بفعل غياب مجلس الوزراء عن الانعقاد، مشيرة الى أن سلام يعتزم وضع الملفات الملحة لتسيير شؤون المواطنين، مؤثراً الابتعاد عن الملفات التي يمكن ان تثير خلافات حولها.
وعلمت "النهار" من مصادر وزارية أخرى انه ليس في الافق هذا الأسبوع إمكان لعقد جلسة لمجلس الوزراء نظراً إلى استمرار المواقف على حالها لدى "التيار الوطني الحر" في شأن آلية عمل المجلس.
"المستقبل" والحوار
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان نقاشاً يدور داخل تيار "المستقبل" حول جدوى استمرار الحوار الثنائي مع "حزب الله" في ضوء التصريحات الاخيرة التي صدرت عن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد والذي استهدف بها الرئيس سعد الحريري. وخلال الايام التي تفصل عن موعد الجولة الجديدة من الحوار الثنائي الاثنين المقبل ستتضح صورة الموقف الذي سيعتمده التيار على هذا الصعيد، علماً أن إجتماعاً جديداً للحوار النيابي سينعقد أيضاً الاثنين المقبل وفيه ستتضح معطيات إضافية على غير صعيد. وقد رأى وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس أن تصريح النائب رعد "لا يساعد الحوار ولا يسهل اتمامه وهذا مجال تشاور في كتلة المستقبل مع الرئيس سعد الحريري لان الحوار في حاجة الى قواعد لم تكن متوافرة أبداً في كلام النائب رعد". كما حملت كتلة "المستقبل" على التصريحات الاخيرة لعدد من مسؤولي "حزب الله" التي "تكشف بقوة حقيقة مواقف الحزب الملتزمة سياسات ايران وحساباتها الاقليمية القائمة على ممارسة الهيمنة والتدخل في الشؤون العربية على حساب مصالح لبنان واللبنانيين"، واستهجنت التصريحات الاخيرة للنائب رعد، معتبرة انها "تحمل تهديداً لشخصيات سياسية لبنانية وتذكر بعودة الحزب الى لغة القمصان السود وانقلاب 7 أيار 2008".
برّي والثلاجة
في المقابل، وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري ما حصل أخيراً بين ايران والسعودية بأنه "أمر كبير وله تداعيات". وقال أمام زواره أمس ان "كاريكاتور "النهار" امس (الملف الرئاسي من البراد الى الثلاجة) يعبّر عن الواقع الحقيقي الذي وصلنا اليه، وفي الوقت الحاضر أصبح طموحنا المحافظة على الحوار، وهناك حواران في 11 من الجاري: طاولة الحوار الوطني والحوار الثنائي بين المستقبل وحزب الله. ومن جهتي سألتقي الفريقين قبل الموعد والاجواء ايجابية". لكنه حذر من ان عدم انعقاد الحوار بين الفريقين "ينطوي على رسالة سلبية جداً ويجب ان يبقى لبنان خارج الفتنة". ولاحظ بري "اننا بعدما كنا نسعى الى انتخاب رئيس للجمهورية صار طموحنا ان نعمل على الحوار". وشدد على انه "سيضغط بكل قوته لتفعيل الحكومة لأنه من غير المقبول ان نتفرج على عدم انتخاب رئيس وتعطيل الحكومة والمجلس لان بنية الدولة مهددة وهناك خطر على الدولة، وهذا ليس تهويلاً، وليس كل ما يعرف يقال".