أعدم الرجل ومضى الى ربه مظلوماً، ويحق لكل مناصري الحق أن يستنكروا اعدامه، لعل في ذلك ما يردع الحكومات الظالمة عن تكرار مثل هكذا أفعال، لست بهذا الصدد الان، إنما أودُّ أن أنوّه الى عدة أمور:
أولا : الحكومة السعودية أعلنت صدور حكم الاعدام بحقه ثم أعلنت عن مصادقة الحكم، ومن الواضح انها كانت تسعى لقياس نبض الشارع ومعرفة مدى ردة الفعل ( الحكومية والجماهيرية، الاقليمية والدولية ) ولمّا كانت ردة الفعل باردة كان ذلك مبعث طمأنينة وعدم تردد في الاقدام على تتفيذ الحكم.
ثانيا :كان الأولى والأجدر بردة الفعل الشديدة التي نشهدها اليوم، ان تأتي قبل هذا الوقت، فوقتها الصحيح هو ساعة الاعلان عن صدور الحكم ومصادقته، لأنها ستؤدي الغرض وتحول دون تنفيذ الحكم ولكنها جاءت متأخرة.
ثالثا : الانفعال الذي يحكم مواقفنا يُغطي على وعينا، فلو كان الوعي أساساً في مواقفنا لكنا فهمنا مغزى اعلان الحكومة السعودية عن مصادقة الحكم، وأدركنا جديتها في ذلك .. لكننا ننقاد لإنفعالاتنا فنتأثر بهذا الحدث الهامشي وذاك وننشغل عن أمور أهم ... هذا الانفعال لن يغير شيئاً من الواقع.
رابعا : قرأتُ الكثير من البيانات التي تحدثت عن كون اعدام الشيخ النمر (رحمه الله ) مسماراً في نعش حكم آل سعود، وأنه بداية نهايتهم وما الى ذلك .. لكني لم أقرأ كيف يكون ذلك!
فالسعودية دولة قوية ولها تحالفات مع دول كبرى أهمها الولايات المتحدة ولا توجد مؤشرات سياسية على نهايتها. نعم، هي تعاني من أزمات داخلية وخارجية الا ان تلك الأزمات لا ترقى الى مستوى ازالة حكمهم ونهايته.
لا داعي لأن نبرر ان استنكارنا لاعدام الشيخ النمر ( رحمه الله ) هو بدافع انساني وليس بدافع مذهبي، فمن سيقتنع بذلك ؟!
خامسا : ربما تكون بعض مواقفنا المذهبية ( وهنا لا أقصد المذهبية بالمعنى السلبي لاستخدام الكلمة بل بمعنى الموقف الذي نتخذه نصرة للطائفة التي ننتمي اليها دون أن نمس الطائفة الآخرى )، متطابقة مع الموقف الانساني لكننا اتخذناها بالدرجة الأساس بدافع مذهبي وليس في ذلك عيب، فمن حق الانسان أن يدافع عن انتمائه شريطة أن لا يهاجم الآخرين وأن يحترم انتماءاتهم.
سادسا : الذين يتهمون ايران انها افتعلت أزمة وتدخلت بالشأن الداخلي السعودي، لست بصدد الدفاع عن ايران ولا أتفق مع الكثير من سياستها لكني أقول لهم : ماذا عن تصريحات الامين العام للأمم المتحدة و الولايات المتحدة الامريكية بعض دول الاتحاد الأوربي وتركيا ... كل هذه الدول استنكرت الفعل واعترفت بأنه يؤجج الصراع الطائفي في المنطقة.
أكل هذه الدول مخطئة في استنكارها ؟!
مشكلة العقل الطائفي المأزوم تكمن في قدرته على تفسير كل الأشياء وفق أساس طائفي فتراه يبرر لأبشع الافعال ويعتبرها طبيعية ويدافع عنها ،
ومن هنا اعتبروا اعدام الحكومة السعودية لمواطن عربي سعودي رداً سعودياً على النفوذ الايراني، واعتبروا ذلك حقاً مشروعاً لهم.
وليس أعجب ولا أغرب من ذلك.
أحمد برير _ العراق