تجاوزت الأزمة السعودية - الإيرانية إطارها المحلي وحتى الإقليمي وبلغ التصعيد حداً يُنذر بخروج الأمور عن السيطرة، الأمر الذي دفع البيت الأبيض إلى دعوة الجانبين إلى ضبط النفس ووزارة الخارجية الروسية إلى عرض التوسط، خصوصاً أن الاحتقان بين الدولتين سيترك آثاراً تمتد من سوريا واليمن إلى العراق والبحرين وحتى لبنان. وقرر الوسيط في الأزمة السورية ستافان دو ميستورا القيام بمهمة عاجلة بين الرياض وطهران.
وكان قرار السعودية قطع العلاقات مع إيران امتد إلى الملاحة الجوية مع وقف الرحلات، كما شمل تعليق العلاقات التجارية. وقد قطعت البحرين والسودان علاقاتهما مع إيران تضامناً مع السعودية، بينما خفضت دولة الإمارات العربية المتحدة مستوى التمثيل الديبلوماسي معها.
وتوجه دو ميستورا إلى الرياض. وصرّح الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريتش بأن "الأزمة في العلاقات بين السعودية وايران مقلقة جداً"، وقد تتسبب بـ"سلسلة عواقب مشؤومة في المنطقة". وقال إن دو ميستورا "سيقوّم آثار" الازمة على عملية تسوية النزاع السوري التي أطلقتها الدول العظمى في نهاية العام الماضي في فيينا.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون اتصل بوزيري الخارجية السعودي عادل الجبير والإيراني محمد جواد ظريف. وأفاد دوجاريتش أنه أبلغ المسؤول السعودي أن "الهجوم على السفارة في طهران مستنكر، لكن إعلان قطع العلاقات الديبلوماسية السعودية مع طهران أمر مقلق".
وفي رسالة إلى بان، أبدى المندوب الإيراني الدائم إلى الأمم المتحدة غلام علي خوسرو "الأسف" للهجوم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، متعهداً اتخاذ "الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث".
وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إيرنست: "لا يزال ينتابنا القلق في شأن حاجة الطرفين الإيراني والسعودي الى نزع فتيل التصعيد في الموقف. نحض جميع الأطراف على التحلي بضبط النفس وعدم إشعال التوترات الملتهبة أساساً في المنطقة".
وأبدى قلقه من عدم حماية مقر البعثة الديبلوماسية السعودية في طهران، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان على اتصال مع نظيريه الإيراني والسعودي. وتوقع عقد اجتماع بين جماعات المعارضة السورية والحكومة هذا الشهر على رغم التوتر بين السعودية وإيران، لأن من مصلحة البلدين الدفع لتحقيق تسوية سياسية في سوريا.
وذكَر بأن واشنطن أبلغت السعودية في وقت سابق قلقها على وضع حقوق الإنسان في السعودية وحذرت الرياض أخيراً من عمليات الإعدام.
وطالب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي "جميع الأطراف بتجنب زيادة التوتر في المنطقة".
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية أن موسكو "مستعدة لدعم" حوار بين الرياض وطهران والقيام بـ"وساطة"، طالبة "بإلحاح" منهما ومن "الدول الخليجية الأخرى ضبط النفس"، وسلوك "طريق الحوار". واسترعى الانتباه أن الخارجية الروسية رأت أن الهجمات على البعثات الديبلوماسية لا يمكن اطلاقاً اعتبارها وسيلة قانونية للاحتجاج.
وصرّح الناطق باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش بأن أنقرة لا يمكنها تأييد تنفيذ حكم الإعدام، إذ "نعارض كل أشكال عقوبة الإعدام، وخصوصاً إذا كانت لدوافع سياسية. من المستحيل بالنسبة إلينا تأييد عقوبة الإعدام في أي بلد". وأضاف أن إعدام النمر لا يساعد على تحقيق السلام في المنطقة، و"تربطنا صداقة بالسعودية وإيران، ولا نريد لهما أن تتقاتلا لأن هذا يضر بالمنطقة".
وحضت برلين الرياض وطهران على ضبط النفس لأنه لا يمكن حل أزمتي سوريا واليمن "إلا إذا كانت القوة السنية المتمثلة في السعودية وايران الشيعية على استعداد لأن يقوم كل منهما بخطوة في اتجاه الآخر"، كما قالت وزارة الخارجية. وبلهجة لا تخلو من تحذير، رأى وزير الاقتصاد سيغمار غابرييل أنه يجب أن "نرى ما إذا كان علينا أن نكون أكثر دقة مستقبلاً في درس (مسائل تصدير) المعدات الدفاعية التي سلمناها حتى الآن (الى السعودية) في قطاعها الدفاعي".
والسعودية استوردت من ألمانيا معدات دفاعية عام 2014 تجاوزت قيمتها مئتي مليون أورو. وامتنعت برلين عن تسليمها دبابات وبنادق هجومية من نوع "جي-36".
الاحتقان المذهبي
وترجمة للاحتقان المذهبي، أطلق مسلحون النار مساء الأحد على دورية للشرطة في بلدة العوامية بشرق السعودية، مسقط النمر.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن إطلاق النار أدى الى "مقتل المواطن علي عمران الداود وإصابة الطفل محمد جعفر التحيفه (8 سنوات)".
وتحدثت الشرطة العراقية عن انفجارين بعبوات ناسفة هزا مسجدين سنيين في مدينة الحلة جنوب بغداد. واغتال مسلحون مجهولون مساء الأحد طه الجبوري، إمام جامع محمد عبد الله جبوري السني في ناحية الاسكندرية المجاورة.
وانطلقت التظاهرات في العاصمة العراقية استجابة لدعوة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وأحرق محتجون أعلاماً أميركية وبريطانية واسرائيلية، وطالبوا بقطع العلاقات مع الرياض.