مع ضآلة المعلومات الواردة والمحيطة بحكم الإعدام وتنفيذه بحق الشيخ المجاهد نمر باقر النمر.
إلا أنه يمكن تسجيل بعض الملاحظات على حواشي تنفيذ الحكم. فبغض النظر عن الجرم الذي يمكن أن يكون قد ارتكبه الشيخ النمر. وإذا كان بالإمكان اعتبار حكم الإعدام الذي صدر بحقه حكما قضائيا صادرا عن الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية الناظرة في مثل هذه القضايا والخاضعة للقضاء السعودي الذي يستظل بالشرع الإسلامي. إلا ان تنفيذ الحكم في هذه المرحلة الدقيقة والشديدة الحساسية التي تمر بها الأمة الإسلامية لجهة التصدعات التي تضرب العالم الاسلامي.
لا يمكن وضعه إلا في خانة القرار السياسي والذي يدخل في سياق الصراع السعودي - الإيراني الذي يتغذى بمواريث مذهبية بالية تستخدم كأدوات ناجعة للمزيد من الشحن المذهبي في مجتمعات يلفها الجهل والتخلف والفقر. والملتهب في أكثر من بلد في منطقة الشرق الأوسط ابتداءا من سوريا وصولا إلى اليمن مرورا بالعراق والبحرين. وحتى لبنان ليس بعيدا عن هذا الجو المشحون بالتعصب والمليء بالحقد والكراهية والتنابذ.
ولم يكن من الحكمة في شيء التعامل مع مسألة جرم الشيخ النمر سواء بإصدار الحكم او بتنفيذه وكأنه داعية شيعي يتحدث باسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبمعنى أوضح أنه لا يمكن التعاطي مع من يطالب ببعض الإصلاحات والحقوق المهدورة او مع كل صوت شيعي معترض على ممارسات نظام معين وكأنه ناطق باسم الولي الفقيه.
والعكس صحيح فلا يمكن اعتبار كل صوت سني يبدي رأيه حول اي قضية وكأنه داعشي وينتمي إلى المدرسة الوهابية او أنه إرهابي وتكفيري.
فالصراع السعودي - الإيراني هو صراع سياسي ويرتكز على مصالح كل دولة في المنطقة وعلى إمكانية تمديد نفوذها فيها وإن كانت تستخدم في هذا الصراع المذهبية كورقة لشحن النفوس بالاحقاد والعداء والتي لا تخدم سوى أعداء الدين.
بل هي المعول الذي يدك أركان الإسلام. وفي التداعيات فلا مصلحة للإسلام في استخدام إيران حدث تنفيذ حكم الاعدام لتحريك أجهزتها وتنظيماتها و جماعاتها المنتشرة على كافة أرجاء المنطقة العربية لشن حملة شعواء على المملكة العربية السعودية وعلى حكامها ونظامها ليس بقصد الدفاع عن حرية التعبير عن الرأي بقدر ما هي تعبير عن مكنونات العداء للحكم السعودي ومن يدور في فلكه. سيما وأن النظام الإيراني مشهود له بمصادرة الرأي الآخر وفي قمع الحركات الاعتراضية. إذ ان السجون الإيرانية تغص بمعتقلي الرأي.
لقد ان الأوان للخروج من المعتقلات الطائفية والزنازين المذهبية إلى رحاب الإسلام الذي يتسع للعالم باجمعه وليس فقط للسنة والشيعة. فليس من الدين في شيء من يثير الفتن ويزرع الأحقاد. ولتكن دماء الشيخ نمر باقر النمر رحمه الله مناسبة للوحدة والتلاقي. وليس سببا للمزيد من التفرقة والتمزق. فالإسلام فيه من نقاط التلاقي أكثر بكثير مما فيه من نقاط الخلاف.
ويكفيه ما يعيشه من ويلات الحروب الطائفية والفتن المذهبية.