يقولون إن أردت أن تعرف مدى صدق من امامك فأنظر في عينيه، فالعين لها القدرة على كشف خبايا الروح، والمشاعر التي نكتمها ولا نفصح بها، وقد أكد العلم الحديث الحكمة القديمة التي تقول "إن العين نافذة الروح"، فقد أتضح أن العين لا تعكس ما يدور في العقل فقط، بل تؤثر أيضاً على الطريقة التي نتذكر بها الأشياء.
إتساع الحدقة يشير الى التردد
أحياناً تكون نظراتنا موجهة لمكانٍ ما أو لموقفٍ ما، لكن الكثير من النظرات يكون بطريقة لا إرادية، ويظهر بحث نُشر في أحد المجلات العلمية الأمريكية، أن إتساع حدقة العين يدل على التردد في اتخاذ القرار، فإذا كنتِ غير واثقة من قرارك، فإنكِ تشعرين بإثارة متزايدة، مما يتسبب في اتساع حدقة العين لديكِ.
وقد يكشف هذا التغير في العين ما يدور في عقلك للآخرين، حيث توصل فريق من الباحثين إلى أن مراقبة إتساع حدقة العين جعلتهم قادرين على التكهن متى يمكن لشخص حذر اعتاد على قول "لا"، أن يتخذ القرار الصعب بقول "نعم".
حركة العين تكشف الأرقام
قد يكون لدينا القناعة أن المشاعر تظهر في العيون، لكن الغريب أن الأرقام أيضاً تظهر في العيون، وهو ما اكده "توبياس لوتشر" وزملاؤه بجامعة زيوريخ، بالمشاركة مع 12 متطوع، قاموا بمتابعة حركات أعينهم أثناء قراءة سريعة لقائمة أرقام مكونة من 40 رقم، وأستطاع لوتشر أن يعرف بمراقبة العين العدد الذي يدور في مخيلة كل شخص منهم، ويقول لوتشر "إتجاه وقوة حركات عين المتطوعين كشفت بدقة، إذا كان الرقم الذي يوشكون على النطق به أكبر أو أصغر من الرقم السابق له ومقدار الفرق، كانت نظرات كل مشارك في البحث تنتقل إلى الأعلى وإلى اليمين مباشرة قبل أن ينطقوا برقم أكبر، وكانت نظراتهم تنتقل إلى الأسفل وإلى اليسار قبل أن ينطقوا برقم أقل، وكلما كانت الحركة أوسع من جهة إلى أخرى، كان الفرق أكبر بين الرقمين".
الكمبيوتر يخبر بنسبة التركيز
لم يتوقف الأمر عند سلسلة أرقام واتخاذ قرارات، بل تخطى ذلك إلى أن نظرتك للكمبيوتر تخبر بما تفكرين به، فقد إستعان الباحثون بـ24 متطوعاً وطلبوا من كل واحدٍ منهم أن يراقب بدقة مجموعة من الأشياء التي تعرض أمامهم في زاوية من زوايا شاشة كمبيوتر.
وطُلبوا من المشاركين أن يستمعوا إلى سلسلة من الجمل والعبارات مثل "السيارة تقف إلى جهة اليسار"، وأن يحددوا بسرعة إذا كانت كل جملة صحيحة أم لا، وقد سمح الباحثون لبعض المشاركين أن يحركوا أعينهم بحرية، في حين طلبوا من آخرين تركيز نظرهم على إشارة تقاطع في وسط الشاشة، أو في الزاوية التي ظهر فيها ذلك الشكل، وكان الأمر الذي أدهشهم أن المجموعة التي سُمح لهم بتحريك أعينهم بعفوية أثناء المرحلة الثانية من الإختبار قد تفوقوا على أولئك الذين ثبّتوا نظرهم على إشارة التقاطع، وأن آداء المشاركين الذين طُلب منهم تثبيت نظرهم على زاوية الشاشة كان أفضل من الذين ثبّتوا نظرهم على زاوية أخرى. يشير هذا إلى أنه كلما كانت حركات عينيكِ أثناء نظرك على شاشة الكمبيوتر لإدخال المعلومات متوافقة بشكل أوثق مع الحركات التي حدثت خلال فترة استرجاع المعلومات، كانت قدرتك على تذكر الأشياء أفضل، ربما يرجع ذلك إلى أن حركات العين تساعد في استعادة العلاقة المكانية بين الأشكال، والأشياء الموجودة في البيئة.
ويقول "روجر يوهانسن"، عالم النفس بجامعة "لوند" الذي قاد فريق البحث في هذه الدراسة "عندما ينظر الناس إلى مشاهد صادفوها سابقاً، فإن أعينهم تنجذب بشكل متكرر إلى معلومات رأوها من قبل، حتى وإن لم يتذكروها بشكل إرادي."
التحكم بالرؤية
يمكنك الآن أن تؤثري على شخص في إتخاذ قراره بنظرة عين، نعم لا تندهشي فقد أظهرت دراسة مثيرة للقلق أجريت مؤخراً، أن مراقبة حركات العين يمكن إستغلالها بهدف التأثير على القرارات الأخلاقية التي نتخذها.
وقد وجّه باحثون أسئلة أخلاقية معقدة إلى مشاركين في أحد الأبحاث، وكان السؤال "هل يمكنك تبرير القتل؟"، ثم عرضوا على شاشة كمبيوتر الإجابات التي كانت بـ ("أحياناً مبررة" أو "لا يمكن تبريرها أبداً")، وراقب الباحثون بعدها حركات عين المشارك في البحث، ثم أزالوا الإجابتين بعد فترة معينة من قراءة المشارك للخيارات، ووجدوا أنه يمكنهم حث المشاركين على إنتقاء خيار معين دون الآخر.
يقول "دانيال ريتشاردسون" عالم الأعصاب من جامعة لندن وكبير المشرفين على الدراسة :"لم نزودهم بأية معلومات إضافية، انتظرنا حتى تتضح الأمور ويتخذوا هم قراراتهم بأنفسهم، وتدخلنا في اللحظة المناسبة، وجعلناهم يغيروا آراءهم بمجرد التحكم بلحظة اتخاذهم القرار."
ويضيف ريتشاردسون بأن مندوبي المبيعات الناجحين يعرفون بهذا الأمر ويستفيدون منه ليكونوا أكثر إقناعاً لزبائنهم، وتابع: "نعتقد أن الأشخاص الذين لديهم قدرة على الإقناع متحدثون جيدون، غير أنهم ربما يهتمون أيضاً بعملية اتخاذ القرار.
مواقع الإنترنت تؤثر على قرارك
هل إنتابك جنون الشراء عبر مواقع الإنترنت؟ إذا حان الوقت لتعرفي عزيزتي حواء أن انتشار البرمجيات التي تتعقب حركات العين على الهواتف النقالة الذكية، وغيرها من الأجهزة المحمولة، تزيد من احتمالية التحكم عن بعد في اتخاذ قراراتك في الشراء، وفي هذا الأمر يقول ريتشاردسون "إذا كنت تتسوق عبر مواقع الإنترنت، فإنهم قد يؤثرون على قرارك بعرضهم شحن البضاعة مجاناً في اللحظة التي تحول فيها نظرك إلى بضاعة معينة."
لذا، يمكن لحركات العين أن تعكس وتؤثر على وظائف ذهنية متطورة مثل الذاكرة واتخاذ القرارات، وتفشي أسرار أفكارنا ومعتقداتنا ورغباتنا، ربما تزودنا هذه المعلومات بوسائل لتطوير وظائفنا العقلية، ولكنها أيضاً تجعلنا عرضة لتلاعب الآخرين بنا خفية. ويضيف "ريتشاردسون": "العينان مثل نافذة تطل على عملياتنا الذهنية، لكننا لا نقدر كمية المعلومات التي تتسرب منهما، يمكن للعينين أن يكشفا عن أمور يريد الشخص أن يخفيها عن الآخرين، مثل شعور التحيز والعنصرية."
وأضاف: "أرى برمجيات متابعة حركات العين تُستخدم في التقنيات المساعدة التي تكشف عن الوظائف التي نحتاج إليها في الهواتف النقالة، ومن ثم تساعدنا في إنجاز ما نريد، أما إذا تُركت تعمل طول الوقت، فيمكنها أن تُستخدم لمتابعة أمور كثيرة أخرى، ويمكن لهذه البرمجيات أن تزودنا بمعلومات وفيرة وتزيد من احتمالية تبادل أفكارنا مع الآخرين عفوياً."