سنة 2015 رحلت ملفاتها وخلافاتها الى العام 2016، وكل الازمات التي شهدها لبنان عام 2015 ستنتقل وللأسف الى العام 2016، والابرز ملف الاستحقاق الرئاسي والفراغ الممتد منذ سنة و6 اشهر بالاضافة الى تعطل العمل التشريعي والحكومي، وازمة النفايات نتيجة بنود غامضة في عملية الترحيل بالاضافة الى شلل عام في كل المرافق وخلافات يومية ومشاحنات، لكن العام 2015 حمل انجازات للقوى الامنية بالتصدي للمجموعات الارهابية التي تساقطت قياداتها ومخططاتها في قبضة القوى الامنية. فيما تبقى قضية النازحين السوريين «القنبلة الموقوتة» التي تهدد الامن الاجتماعي اللبناني.
الحدث الابرز عام 2015 كان الفراغ الرئاسي وينتقل هذا الملف الى العام 2016 دون اي حلول، رغم المبادرة الرئاسية من قبل الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية منذ اكثر من شهر. وقد طبعت هذه المبادرة الحركة السياسية في لبنان دون اي تقدم فعلي حتى الآن. وظهرت اعتراضات من قبل افرقاء في 8 و14 آذار، فالعماد ميشال عون رفض المبادرة مدعوماً من حزب الله الذي أكد للجميع، من الحلفاء وغيرهم، ان مرشحه ما زال العماد ميشال عون اليوم وغداً، وان مسألة اقناع العماد عون بالتخلي عن الترشح ليست من مهامه. وهذا ما ابلغه منذ اليوم الاول لاعلان المبادرة للنائب سليمان فرنجية شخصياً، حيث اكد فرنجية للحزب وحسب مصادر متابعة، ان مسألة اقناع العماد عون عليه شخصياً، كما ان حزب الله ابلغ فرنجية، اذا اعلن العماد عون موافقته وابلغنا بالامر، فلا مشكلة في المبادرة التي تحتاج ايضا الى نقاش معمق واساسها السلة المتكاملة. وتشير المعلومات الى ان قرار حزب الله هو قرار نهائي ولا يمكن ان يحيد عنه، حتى ان ايران ابلغت الجميع ان الموضوع الرئاسي بيد السيد حسن نصرالله، وهذا ما ابلغه الرئيس بشار الاسد للنائب سليمان فرنجية بأن القرار بالرئاسة للسيد حسن نصرالله.
اما العماد ميشال عون فما زال على موقفه الرافض للمبادرة وكذلك الدكتور سمير جعجع، فيما حزب الكتائب يدرس الموقف بدقة، اما المستقلون في 14 اذار فانهم اعلنوا تأييدهم للنائب سليمان فرنجية.
وفي المقلب الاخر، فان تيار المستقبل ما زال يدافع عن المبادرة مع جنبلاط والرئيس نبيه بري من الداعمين الاساسيين لها، لكن المشكلة ان الرئيس سعد الحريري لم يعلن بعد ترشيح فرنجية رسمياً رغم اعلان فرنجية الترشح خلال مقابلة تلفزيونية.
وتشير مصادر المستقبل الى ان الرئيس الحريري سيعلن ترشيح فرنجية قريبا، وهناك من يسرّب بأن ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط ستكون مناسبة للرئيس سعد الحريري لترشيح فرنجية، وهذا يؤكد ان الترشيح ليس قريباً، وان المبادرة امامها اعتراضات والغام من الصعب تفكيكها بالسهولة التي يتصورها جنبلاط وتيار المستقبل.
والاعتراض الاساسي على المبادرة من قبل حزب الله ليس يتيما، فالدكتور سمير جعجع ما زال معارضا «للمبادرة» بشكل جذري ويرفض اي نقاش في الموضوع، وابلغ رفضه للجميع حتى للسفير السعودي علي عواض عسيري، حتى ان المبادرة وسعت دائرة التواصل بين العماد عون والدكتور جعجع.
ـ «القوات اللبنانية»: ترشيحنا لعون رئيساً احتمال مطروح ـ
وقال مصدر في القوات اللبنانية لـ«الديار» ان ما قبل ترشيح فرنجية ليس كما بعده اذ ان لعبة الانتخابات الرئاسية فتحت على مصرعيها. واشار الى ان قيام الدكتور سمير جعجع بترشيح العماد عون رئيسا للجمهورية احتمال مطروح على طاولة معراب. كما لفت المصدر الى ان العلاقة بين التيار العوني والقوات اللبنانية هي علاقة صداقة وثيقة اي بالمعنى السياسي اقل من تحالف ولكن اكثر من علاقة عادية. وقال المصدر ان هذا التقارب بين القوات والتيار العوني ترجم ايجابيا في عدة مجالات منها تقارب بين ابناء الطائفة الواحدة ومنها على قانون الانتخاب وعلى استعادة الجنسية اي ان هذا التقارب كان له نتيجة ايجابية على الطرفين وعلى المجتمع المسيحي بشكل عام.
وحصلت «الديار» على معلومات خاصة تفيد بان الاتصالات بين التيار العوني والقوات اللبنانية متواصلة ويجري النقاش وتبادل وجهات النظر والتنسيق حول رئاسة الجمهورية، خاصة بعد المبادرة التي قام بها الرئيس سعد الحريري والتي حركت الملف الرئاسي وهذا الامر انعكس على النقاش الحاصل بين القوات والتيار. وتفيد هذه المعلومات ايضا ان الترجمة السياسية للتقارب بين العونيين والقواتيين ظهر في الجلسة التشريعية الاخيرة حيث تحالفا معاً ما انتج قانون الجنسية وانشاء لجنة لها رغم ان كثيرين اعتقدوا ان العماد عون سيأخذ مواقف معاكسة للمواقف التي سيتخذها الدكتور سمير جعجع، الا ان رهاناتهم باءت بالفشل. وفي السياق ذاته، نصت هذه المعلومات التي حصلت عليها «الديار» أنه هناك نسبة كبيرة من الناس والاطراف السياسية لا يدركون مدى التزام حزب الله بالعماد عون مرشحا لرئاسة الجمهورية فالحزب له مصداقية في التعامل مع حلفائه.
وفي موازاة العقبات الداخلية لتنفيذ المبادرة، هناك عقبات خارجية كبيرة وابرزها التوتر في العلاقات السعودية والايرانية في ظل اصرار سعودي على وضع حزب الله على لائحة الارهاب، بالاضافة الى الحرب اليمنية والصراع في سوريا وكلها ملفات خلافية كبيرة بين السعودية وايران لا تسمح بأي توافق على رئاسة الجمهورية في لبنان.
وحسب المصادر القريبة من 8 آذار، فان 8 آذار ترفض عودة الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة وتعتبر انه اذا كانت التسوية تقضي بابعاد المرشح الاول لـ8 آذار الى رئاسة الجمهورية العماد ميشال عون، فان هذه المعادلة تسري على 14 آذار عبر ابعاد المرشح الاول لـ14 اذار لرئاسة الحكومة اي سعد الحريري، كما ان 8 آذار تؤكد انه لا يمكن التوافق على عودة الحريري بدون شروط وتوافق مسبق على قانون الانتخابات وملف النفط والسياسة الاقتصادية.
كل المؤشرات وحسب المصادر المتابعة توحي بأن الفراغ الرئاسي قد يطول الا اذا استجد امر فوق العادة وانفراجات في الملفين السوري واليمني قد تنتج انفراجاً رئاسياً لكن هذه الاجواء الايجابية غير واردة في المدى المنظور وتبقى محطة 25 كانون الثاني واللقاء في جينيف بين ممثلين عن النظام السوري والمعارضة محطة لمعرفة كيف سترسو الامور.
ـ اتصالات لتنشيط عمل الحكومة ـ
على صعيد آخر، تحدثت مصادر وزارية عن اتصالات تجري لتنشيط عمل الحكومة بعد عطلة رأس السنة، على اعتبار ان هناك اكثر من 700 بند جرى تأجيلها منذ تعطيل جلسات مجلس الوزراء وبين هذه البنود قضايا مستعجلة يفترض البت بها. واشارت الى ان هذا الموضوع كان جرى التداول به في اخر جلسة من جلسات الحوار الوطني، وهو ما يؤكد عليه كل من الرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام.
واوضحت ان امكانية عقد بضع جلسات لمجلس الوزراء تبدو واردة في ظل وجود رغبة من كل مكونات الحكومة بذلك، وقالت ان الاتجاه يسير نحو اعادة الآلية التي كانت معتمدة في المرحلة الاولى بعد تشكيل الحكومة ومضمون هذه الآلية عدم السير بأي بند يعترض عليه مكونان او اكثر من مكونات الحكومة. اضافت ان العماد ميشال عون لا يعارض انعقاد الجلسات من ضمن هذه الآلية.
الى ذلك، استبعدت المصادر حصول توافق بين الكتل النيابية على انعقاد جلسة تشريعية او اكثر لمجلس النواب في المرحلة المقبلة. وقالت ان الكتل النيابية المسيحية من فريقي 8 و14 آذار - باستثناء كتلة المردة - يعارضون انعقاد جلسة تشريعية او اكثر طالما ان لا قضايا ملحة تحت عنوان «تشريع الضرورة» ورأت ان التعطيل في مجلس النواب يبقى قائماً طالما الشغور مستمر في رئاسة الجمهورية.