شهد الإتفاق الذي أبرمه حزب الله مع بعض فصائل المعارضة السورية جملة من التناقضات توزعت بين المحلي والخارجي، وإن استطاع حزب الله إبرام الإتفاق بصورة البعد الإنساني إلا أنه أخفق في إنجاز اتفاق مثالي يضمن مصالحه ومصالح الوطن في آن واحد، وتسرع حزب الله في إتمام اتفاق كان يمكن أن يشكل حدثا في الشارع اللبناني .
أخفق حزب الله أولا حين أبرم الإتفاق بعيدا عن الدولة اللبنانية والمؤسسات المعنية وانفرد لوحده في اتمام كل مقومات هذا الاتفاق. وأخفق أيضا حين تجاهل بشكل كامل قضية العسكريين اللبنانيين المختطفين وقد مضى على اختطافهم ما يقارب السنة والنصف . وأخفق أيضا حزب الله في توحيد اللبنانيين ،فأيقظ الإتفاق روح المذهبية والعصبية وقد ظهرت بشكل كامل خلال نقل مشاهد الاتفاق في كل من الضاحية الجنوبية ومجدل عنجر حيث تفاوتت طريقة الاحتفالات وأظهرت حدة الإنقسام الداخلي مجددا .
لقد كان الإتفاق مؤشرا كبيرا على الإخفاقات التي تعرض لها حزب الله في الزبداني إخفاقات سياسية وعسكرية وميدانية لم يستطع حزب الله تجازها فكان هذا الإتفاق بداية الخروج من المستنقع الذي وضع نفسه فيه في الزبداني تحديد بعدما وعد جمهوره بالانتصار .
إن اتفاق الزبداني تحول كبير في سياسات حزب الله العسكرية في سوريا وهو بالتالي مؤشر الى واقع جديد لم يكن حزب الله يتمناه لولا القدرات القتالية العالية لمسلحي المعارضة السورية في الزبداني .
كما يأتي هذا الإتفاق بعد الإنحسار الكبير والتراجع الكبير لحزب الله عسكريا على الاراضي السورية بعد تطور الموقف الروسي ومشاركته المباشرة في هذه الحرب .
وفي قراءة أولية لهذا الإتفاق ومع الرعاية الدولية العالية التي شهدها وبالنظر إلى الرعاية التي حظي بها من كل من سوريا و تركيا، فإن ثمة تداعيات عدة ستظرها الأيام المقبلة لن يكون حزب الله بعيدا عنها، ومن أهمها الحد من مشاركة حزب الله العسكرية في الميدان السوري نظرا للخريطة الجديدة التي فرضها الروسي من جهة وقرار مجلس الأمن حول سوريا من جهة أخرى والذي من شأنه أن يمنع حزب الله من اللعب في الملعب السوري كجهة اجنبية بعيدا عن النسيج الوطني السوري .
علي مهنا