نفّذت أمس المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني الذي ينص على اجلاء 450 من المقاتلين الجرحى وعائلاتهم من المدينة الواقعة في ريف دمشق الغربي قرب الحدود مع لبنان وبلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما المعارضة وتقطنهما غالبية شيعية في ريف ادلب، في وقت متزامن مروراً بلبنان وتركيا. وقالت الامم المتحدة التي ترعى تنفيذ الاتفاق انه يمهد لـ"شيء أكبر" على رغم المخاوف من ان يكون نموذجاً لتبادل ديموغرافي في سوريا. ويعتبر هذا الاتفاق جزءاً من محاولات الأمم المتحدة وحكومات أجنبية للتوسط في اتفاقات محلية لوقف النار وتوفير ممرات آمنة في إطار تحركات نحو الهدف الأشمل وهو إنهاء الحرب الأهلية السورية.
وأفاد مندوب "النهار" الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عباس صباغ، أن قافلة كبيرة للصليب الاحمر تضم سيارات واوتوبيسات نقلت ١٢٣ خارجاً من الزبداني، وصلت الى المطار بمواكبة امنية من الجيش والامن العام. ولحظة وصول القافلة الى "الكوكودي"، انهال عليها بعض المواطنين بالاحذية ورشقوها بالحجار مرددين هتافات ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة"، وكذلك هتفوا ضد السعودية وتركيا، وتدخلت عناصر امنية لمنعهم وامنت وصول القافلة الى المطار.
ومساءً، حضر وفد من "حزب الله" ضم النائبين علي عمار وعلي المقداد ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا وممثلين عن حركة "امل" واستقبلوا الجرحى الذين وصلوا من بلدتي الفوعة وكفريا السوريتين عبر تركيا. وبعد ذلك غادر الجرحى الذين فاق عددهم الـ٣٣٠ المطار في اوتوبيسات الى دمشق. وخلال عبور الموكب طريق المطار، اصطف عدد من اهالي الرمل العالي مرحبين، فيما جابت دراجات نارية طريق المطار ورفعت اعلام "حزب الله".
وكانت طائرة تركية نقلت الخارجين من الزبداني من مطار رفيق الحريري الدولي، وبالتزامن أقلعت طائرات تركية على متنها جرحى الفوعة وكفريا الى بيروت عملاً بالاتفاق الذي قضى بالتزامن في كل مرحلة حرصاً على تنفيذ بنوده كاملة.
وفي الزبداني التي تقع شمال غرب العاصمة دمشق والتي كانت مقصداً سياحياً مفضلاً، ساعد عمال الإغاثة ومقاتلو المعارضة المتحصنون هناك منذ أشهر في نقل شبان جرحى عدة على كراس متحركة إلى سيارات الإسعاف.
وكانت الزبداني واحداً من آخر معاقل مقاتلي المعارضة على طول الحدود. ودمِّر معظم المدينة في هجوم كبير شنه الجيش السوري و"حزب الله" في تموز على مقاتلي المعارضة. ولم يبق سوى بضع مئات من المعارضين في المدينة التي فرّ منها معظم المدنيينا إلى مضايا القريبة.
وكان اتفاق الإجلاء أبرز اتفاقات محلية عدة لوقف النار تم التوصل إليها بعد أشهر من الوساطة بين الفصائل المتحاربة.
وصرّح منسق الشؤون الإنسانية المقيم للأمم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو للصحافيين بأنه في المرحلة التالية سيسمح للشاحنات المحملة بمواد إنسانية ومواد غذائية أساسية بالدخول في الأيام المقبلة للوصول إلى آلاف المدنيين المحاصرين. وقال: "بالنسبة الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي هذه الاتفاقات والهدنات هي الأسس لبناء شيء أكبر قد يغطي سوريا كلها". وأضاف: "نحن نساند هذه الاتفاقات لأن لها أثراً إيجابياً على المدنيين وتساعد في جلب المساعدات وإعادة الأمور إلى حالها الطبيعية".
ويهدف المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا إلى إجراء محادثات سلام في جنيف في 25 كانون الثاني 2016.
وساعدت إيران حليفة دمشق، وتركيا التي تساند مقاتلي المعارضة، في ترتيب اتفاقات الهدنة المحلية في الزبداني والفوعة وكفريا في أيلول في المرحلة الأولى من الاتفاق الذي أشرفت عليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقالت مصادر قريبة من المفاوضات إنه سيتاح لمقاتلي المعارضة ومعظمهم من السنة الذين سيتوجهون لتركيا بعد ذلك إما العودة الى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا عبر الحدود الشمالية الى تركيا وإما البقاء للعلاج.
أما السوريون الشيعة الذين غادروا البلدتين المحاصرتين في الشمال، فسيتاح لهم التوجه الى لبنان حيث سيكونون في إشراف "حزب الله".
وأبلغ وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر تلفزيون "المنار" التابع لـ"حزب الله" إنه من المتوقع أن يعود هؤلاء إلى مناطق أخرى في سوريا.