تصدّرت منطقة البقاع أمس واجهة الأحداث الأمنية مع تطورين بارزين أحدهما مرتبط إنسانياً بمستجدات الأوضاع على ساحة المعارك السورية، بينما الثاني متصل بهيبة الدولة وقدرتها على بسط سلطتها وسطوتها متى عزمت على مستوى الخارطة الوطنية. فبعد عام على جريمة «بتدعي» التي أودت بحياة صبحي فخري وزوجته نديمة بالإضافة إلى إصابة نجلهما روميو بسلاح الغدر الميليشيوي المتفلّت من الشرعية، نجحت قوة من الجيش أمس في تنفيذ عملية دهم مباغتة في منطقة «دار الواسعة» أفضت إلى محاصرة وتوقيف عدد من المسلحين من بينهم ضالعون في الجريمة من آل جعفر، في حين تتواصل الملاحقات لتوقيف سائر المتورطين كما أكدت المؤسسة العسكرية.

وإذ أوضحت مصادر معنيّة لـ«المستقبل» أنّ العملية تأتي في سياق تطبيق خطة البقاع الأمنية التي سبق أن أقرّتها الحكومة وتم التوافق على ضرورة تعزيز أطرها التنفيذية على طاولة حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، تمكن سلاح الخارجين عن القانون من إسقاط شهيد للجيش وإصابة 4 آخرين بجروح خلال تنفيذ المداهمة بعدما تعرضت القوة العسكرية لإطلاق نار كثيف من مجموعة مسلّحة مؤلفة من 8 عناصر سرعان ما تمت محاصرتهم في أحد المباني وتوقيفهم جميعاً بعد استسلامهم، وفق ما أوضح بيان قيادة الجيش، مشيراً إلى ضبط كمية من الأسلحة الحربية والذخائر والمخدرات بحوزتهم. وفي وقت لاحق أعلنت الوكالة الوطنية أنّ طوافة للجيش نقلت ضابطاً برتبة مقدّم، كان أصيب عصراً في الاشتباكات مع المطلوبين، من مستشفى «دار الأمل» الجامعي في دورس إلى أحد مستشفيات العاصمة للعلاج بعد تراجع وضعه الصحي.

تبادل «الزبداني»

وتزامناً، توجهت الأنظار الإعلامية بقاعاً لرصد تطبيقات المرحلة الثانية مما بات يُعرف باسم «اتفاق الزبداني» والتي تقضي بتبادل المحاصرين في كل من الزبداني وكفريا والفوعة في سوريا برعاية أممية، بحيث عبرت أمس قافلات تابعة للصليب الأحمر على متنها جرحى من مقاتلي المعارضة السورية وحافلات تقل عوائل وأطفالاً من الزبداني نقطة المصنع الحدودية باتجاه مطار رفيق الحريري الدولي قبيل توجههم مساءً على متن طائرة تركية خاصة إلى مطار هاتي في تركيا بالتزامن مع إقلاع طائرتين من المطار نفسه إلى بيروت على متنهما جرحى ومرضى سوريين وعائلاتهم من الموالين للنظام السوري تمهيداً لنقلهم مجدداً عن طريق البر إلى الداخل السوري.

وإثر إثارة البعض أسئلة واستفسارات عن دور لبنان والسلطات الرسمية في هذه العملية، أكدت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ «رئيس مجلس الوزراء تمام سلام كان على علم بعملية التبادل بطلب من الأمم المتحدة، موضحةً أنّ العملية تم تنسيقها مع السلطات اللبنانية من قبل مكتب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ.

وإذ شدّدت على كون دور لبنان في العملية اقتصر على اعتباره «ممر ترانزيت إنسانياً لا أكثر ولا أقل»، جددت المصادر الحكومية التأكيد على أنّ «الرئيس سلام متمسك بسياسة النأي بالنفس تجاه الأزمة السورية أكثر من أي وقت مضى، لكن مثلما طرق لبنان كل الأبواب شرقاً وغرباً للإفراج عن العسكريين الذين كانوا أسرى لدى «جبهة النصرة» ولا يزال مستعداً لطرق كل الأبواب للإفراج عن العسكريين الأسرى لدى «داعش»، فهو لا يستطيع أن يردّ طلباً دولياً لحل مشكلة إنسانية» كما حصل بالأمس.