بنبرته الحازمة والحاسمة، اطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليحسم الموقف للعدو والصديق ان «الرد على اغتيال المقاوم سمير القنطار قادم لا محالة مهما كانت التبعات وايا كانت التداعيات.
هو الوفي على كل قطرة دم تسقط من المقاومين، قالها بوضوح «الامر اصبح بين يدي المؤتمنين على دماء الشهداء»، هو اعلان واضح اكيد حازم على حتمية الرد صونا للتضحيات في كل الساحات.
«لا يمكن ان نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا في اي مكان في هذا العالم»، هكذا حسمها السيد نصر الله، مصوبا نحو العدو قائلا: «انظروا عند الحدود من الناقورة الى آخر موقع اسرائيلي في الجولان المحتل، فها هم جنود العدو كالجرذان مختبئة في جحورها».
«العدو اخطأ في التقدير، وعليه ان يقلق في الداخل والخارج وعلى الحدود»، اكد السيد نصرالله، «فلا مكان لليأس، ولا نريد اموال العرب ولا جيوشهم، فقط من يقاتلون في سوريا يكفون لازالة اسرائيل من الوجود»، وشدد على «ان المقاومة في لبنان وفلسطين وبامكانيات متواضعة استطاعت ان تصنع الانتصارات والصمود في مواجهة العدو الاسرائيلي، فكيف اذا تمت الاستفادة من امكانيات الامة».
السيّد نصرالله تحدث عن تواطؤ العرب وخيانتهم وتوجه الى الفلسطينيين قائلاً: «لا تنتظروا عاصفة حزم من العرب، ولا اعادة امل ولا تحالفاً اسلامياً عربياً، ولا تحالفاً دولياً لمكافحة الارهاب، فاسرائيل شريك يعترف بها العالم في الحرب على الارهاب حتى عند بعض الانظمة الارهابية».
واشار السيد نصرالله الى «ان الاسرائيلي كان يريد القضاء على اي مشروع للمقاومة الشعبية السورية في الجولان ولذلك كان يلاحق كل الافراد الذين ينتمون الى هذه المقاومة ومجرد الانتماء كان يعرض الشخص الى الاعتقال او القتل»، موضحا ان سمير «هو من كان يريد ان يكون في الخطوط الامامية وحصلت تطورات سورية وفتح الافق من اجل ان تكون هناك مقاومة شعبية سورية، وهو وجد انه يستطيع ان يساعد ويقدم شيئاً مميزا هناك، وطلب السماح له الالتحاق بالاخوة المقاومين في سوريا».
واوضح السيد نصرالله في خطابه ان «الصهاينة يتعاطون مع الجولان بهذه الحساسية لانهم لا يريدون ان يفتح عليهم باب من هذا النوع ليس فقط بسبب الخوف من تحرير الجولان بل لمجرد اعادة الجولان الى الخارطة السياسية، ولذلك سمير واخوة سمير كان لهم دور المساعدة ونقل التجربة الى المقاومة السورية الفتية التي تعلق عليها الامال ويخشاها العدو، ولذلك نجد مستوى التهديد الاسرائيلي عالياً جدا، وهذا يدل على حساسية هذا الموضوع بالنسبة الى الاسرائيلي وهو كان يحاول ان يلبس الموضوع لباسا ايرانيا، لان اسرائيل لا تعترف بالهوية الوطنية، وتعتبر ان من يقاتلها عميلاً ايرانياً».

نصر الله في ذكرى أسبوع الشهيد القنطار: لماذا يُخيفكم دمه الى هذا الحدّ؟
إسرائيل تريد القضاء على أيّ مشروع للمقاومة الشعبيّة السوريّة في الجولان

اكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان «اسرائيل تريد القضاء على اي مشروع للمقاومة الشعبية السورية في الجولان، ولذلك كانت تلاحق كل الافراد الذين ينتمون الى هذه المقاومة». واكد «ان اسرائيل تحاول الباس موضوع المقاومة لباسا ايرانيا، لان اسرائيل لا تعترف بالهوية الوطنية وتعتبر ان من يقاتلها عميل ايراني».
واكد السيد نصر الله ان الشهيد سمير القنطار «لم يساوم ولم يضعف ولم ييأس رغم 30 عاما من الاسر، وان سمير القنطار كان يؤمن بزوال اسرائيل»، وشدد على «ان مدرسة سمير القنطار والمقاومة تؤكد ان لا مكان لليأس».
وقال السيد نصر الله: «لا نريد اموال العرب ولا جيوشهم، فقط من يقاتلون في سوريا يكفون لإزالة اسرائيل من الوجود»، وشدد على ان الرد على اغتيال سمير القنطار «قادم لا محالة».
اضاف: «لا يمكن ان نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا، وقرارنا حاسم وقاطع»، واعلن انه مهما كانت التبعات والتهديدات التي لا نخافها، فالرد على اغتيال القنطار اصبح بين ايدي المؤتمنين على الدماء».
وتوجه الى الاسرائيليين قائلا: «اذا كانت تقديراتكم لانشغال المقاومة قراءة صحيحة فلماذا ترتعبون الى هذا الحد، واذا كنتم تستهينون بسمير القنطار لماذا يخيفكم دمه الى هذا الحد؟».
«عليكم ان تقلقوا على الحدود وفي الداخل والخارج والتهويل علينا لن يجدي نفعاً».

أحيا «حزب الله» وآل القنطار ذكرى مرور أسبوع على استشهاد عميد الأسرى والمحررين الشهيد سمير القنطار، باحتفال تأبيني أقامه في مجمع «شاهد» على طريق المطار في ضاحية بيروت الجنوبية.
بدأ الاحتفال، بكلمة تعريف، أعقبها تلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني فنشيد «حزب الله»، فعرض فيلم وثائقي عن الشهيد القنطار، ثم ألقى كلمة العائلة شقيقه بسام التذي توجه إلى الحضور بالقول: «أيها الناظرون إلي. أتظنون أن صبري على فقدي شقيقي جهالة؟ أو ترك اعتراضي فيه على القضاء، ضلالة؟ أم أني نسيت من بطولته، وحزمه، وحلمه، ورفعته، وصدقه، وطاعته، وصبره واحتماله؟ كلا، بل إن الصبر العظيم، مطية من اتقى، والرضى والتسليم منارة من ارتقى».
وتابع مستذكرا عبارة الشهيد المعروفة «لم أعد من فلسطين، إلا لكي أعود إلى فلسطين»، قائلا: «كانت هذه العبارة في 17 تموز 2008، الخط البياني الذي رسمه سمير القنطار لنفسه، بعد ساعات من تحرره من سجون العدو الصهيوني. ولأن طريق العودة الى فلسطين هو طريق الحق».
ثم أطل الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عبر الشاشة، الذي حيا الحاضرين شاكرا إياهم على مشاركتهم في المناسبة باسمه الشخصي وباسم «حزب الله» و«المقاومة الإسلامية»، ثم بارك نصرالله للمسلمين والمسيحيين بـ «العيدين الكريمين المباركين، عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وعيد المولد النبوي الشريف لخاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله»، لافتا «نبارك هذا التزامن بين المناسبتين الكريمتين والجليلتين، وإن كنا نتطلع إلى اليوم الذي يستطيع فيه المسلمون والمسيحيون أن يعيشوا بحق أفراح الأعياد.
ثم تحدث عن صفات الشهيد سمير القنطار وقال: اختار طريق المقاومة منذ صباه، وهو يعبر عن كثير من الشباب اللبناني والعربي، خصوصا الذي التحق في تلك السنين بفصائل المقاومة الفلسطينية ومنظماتها المقاتلة، واشار الى ان سمير يعبر عن ذاك الجيل من الشباب الجاد، الشباب المسؤول، الشباب الواعي الذي آمن بفلسطين وقاتل على طريق فلسطين واستشهد كثيرمنهم على أرض فلسطين. انا أذكر في بعض عمليات التبادل كنا نستعيد بعض جثامين أو رفات هؤلاء الشهداء العرب ونعيدهم إلى بلدانهم وإلى عائلاتهم، هذا يرتب مسؤولية في هذا العنوان. نحن نعرف من عقود، هناك برنامج ثقافي وإعلامي وتربوي كبير وعريض، وفي إطار الحرب الناعمة كما تسمى، لإبعاد شبابنا وشباب شعوبنا وشباب أمتنا عن القضايا الكبرى وعن المسؤوليات الحقيقية وعن التصرفات الجادة، وإغراقهم في شؤون وشجون وقضايا وإلهائهم في ساحات لا ترسم مصيرا ولا تصنع مستقبلا حتى لأشخاصهم.
واكد ان لا مقاومة بلا تضحية وبلا استعداد للتضحية وبلا عطاء بلا حدود. البعض قد يقبل فكرة المقاومة، وحقها وحقيقتها، ولكنه لا يكون مستعدا للتضحية، لا بنفس ولا بمال ولا بعزيز ولا حتى بماء وجه، أو أن يتحمل موقفا قاسيا أو صعبا أو إساءة من هنا أو من هناك، بل يصل البعض من غير المستعدين للتضحية إلى التنكر للمقاومة وهو يعرف حقها، إلا أنه يجحد فقط ليتهرب من المسؤولية ومن العطاء، واكد انه في ذكرى سمير القنطار، نحن نحتاج إلى استعادة روح التضحية والاستعداد للبذل، لأن هذا شرط أساسي لقيامة شعب ولاستمرار مقاومة، وتحرير أرض وصنع مستقبل وعزة أمة.
وشدد على ان سمير القنطار في السجن كان يخاطب الفلسطينيين واللبنانيين والشعوب والمقاومين والمجاهدين ويحرّضهم ويعبئهم ويدعوهم الى الصبر، والى مواصلة الطريق وعدم المساومة، وهذا ما فعله طوال السنوات في سجنه.
اضاف السيد نصرالله أنا شخصيا طبعا تعرفت به بعد إطلاق سراحه، ولكن بكل صراحة أقول، إن الموقف الأهم في كل السنوات الماضية، الذي ترك فيّ وفي إخواني أثرا عظيما من الناحية الروحية والأخلاقية، هو عندما كنا نفاوض على تبادل أسرى ومعتقلين بعد عام 2000. بعد عام 2000 تذكرون أنه قامت المقاومة الإسلامية بأسر ثلاثة جنود من منطقة مزارع شبعا، بعدها بمدة، تم أسر الضابط تاننباوم، ودخلنا في مفاوضات طويلة. منذ اليوم الأول للمفاوضات وإلى آخر يوم، المشكلة الحقيقية كانت سمير القنطار. طبعا الإسرائيلي يقول للوسيط الألماني: مستحيل سمير القنطار، لا يمكن هذا الأمر.
واكد ان القنطار اصرّ على مواصلة الطريق بعد خروجه من السجن، وقال لي: أنا أريد أن أكون مقاتلا مقاوما عسكريا في هذه المقاومة، وقال كلمته المعروفة: أنا أتيت من فلسطين لأعود إلى فلسطين. لا، أنا أود أن أقاتل الاحتلال ليس فقط بالكلمة، إنما بالفعل الميداني، واريد ان اكون موجوداً في الخطوط الامامية.
اضاف السيد نصرالله إلى أن حصلت تطورات سوريا، وانفتح الأفق والمجال لانطلاقة مقاومة شعبية سورية، هنا سمير اعتبر أنه يستطيع أن يساعد. قال: هنا أستطيع أن أخدم نتيجة مجموعة خصوصيات معروفة، أنا أستطيع أن أقدم شيئا مميزا قد لا يتمكن منه آخرون. «اعملوا معروف» واسمحوا لي أن ألتحق بهؤلاء الإخوة المقاومين في سوريا، وأعمل معهم لنرى إلى أين يمكن أن نصل. هنا بدأت، اسمحوا لي هنا، أن أفتح هلالين قبل أن أنتقل للعنوان الأخير في مواصفات سمير القنطار، لكن هنا أفتح حديثا مهما في مسألة الصراع مع العدو هو موضوع الجولان.
منذ اللحظات الأولى التي أشار فيها السيد الرئيس بشار الأسد إلى فكرة مقاومة شعبية في الجولان، أو عند الحدود السورية، في واحدة من الخطابات، وبدايات حركة شعبية من هذا النوع، تعاطى الإسرائيلي بحساسية مفرطة جدا مع هذا المشروع، يعني مشروع انطلاق أو تأسيس أو حركة مقاومة شعبية سورية على الحدود السورية وفي داخل الجولان. وأنا منذ ذلك الحين، أنا والأخوة، كنا نتابع التعليقات الإسرائيلية والمتابعة الإسرائيلية التفصيلية والحثيثة على المستوى الأمني والسياسي والإعلامي، وأيضا العسكري والميداني، لكل ما يتصل بتلك الجبهة. أيضا كنا نشاهد ردة الفعل الإسرائيلية، أمام أي عمل بسيط كان يحصل في تلك الجبهة، قذيفة هاون، حتى لو نزلت في منطقة خالية، في فلاة، أو صاروخ 107 مثلا، أو قذيفة مدفعية، أو إطلاق نار على الحدود، حتى لو لم تؤد إلى خسائر بشرية، كان الإسرائيلي يتعاطى مع الموضوع بتوتر عال جدا وبرد فعل غير متناسب.
لماذا؟ لأنه يريد أن يئد هذه المقاومة السورية، وهذا المشروع المقاوم الجديد في مهده، يريد أن لا يسمح له بالنمو وبالحياة، لأنه يعرف ماذا يمثل مشروع مقاومة شعبية سورية في مجمل الصراع القائم مع العدو الإسرائيلي. ولذلك أيضا كان يلاحق كل الأفراد الذين انتموا إلى هذه المقاومة، حتى لو لم يعملوا عمليات، حتى لمجرد الانتماء إلى هذا التشكيل، كان يعرضهم للغارات أو للقتل أو للتصفية أو للاعتقال، وهذا يدل على مدى حساسية العدو الإسرائيلي في هذا الأمر. طبعا الإسرائيلي دائما يحاول أن يعطي الأمور أبعادا خارجية، يعني عندما يتحدث عن المقاومة في الجولان أو عند الحدود السورية مع الجولان، هو دائما يحاول أن يلبسها لبوسا إيرانيا، ويقول إيران والجمهورية الإسلامية في إيران والحرس الثوري الإيراني وما شاكل، لأن العدو الإسرائيلي هو أصلا لا يعترف بمقاومة وطنية، لا في فلسطين ولا في لبنان ولا في سوريا ولا في أي مكان، كل من يقاتل إسرائيل في نظر إسرائيل هو عميل إيراني.
وتابع: لذلك نجد أن مستوى التهديد الإسرائيلي عال جدا، ومرتفع جدا سواء من نتانياهو أو من يعلون أو من آخرين عندما يتصل الأمر بهذه المقاومة هناك. لماذا يتعاطون مع الجولان بهذه الحساسية؟ لأنهم لا يريدون أن يفتح باب من هذا النوع، ليس فقط من أجل تحرير الجولان، بل في الحد الأدنى من أجل إعادة الجولان المحتل إلى الخارطة السياسية والإعلامية والشعبية والوجدانية. كلنا تابع ويعرف كيف أن نتانياهو خلال السنوات الماضية بذل وما زال يبذل جهودا عند الإدارة الأميركية وعند حكومات غربية من أجل الحصول على اعتراف دولي بضم الجولان إلى دولة الاحتلال، إلى إسرائيل، بحجة أن الوضع في سوريا أصبح منهارا».
وتابع: «لا تنتهي الصفات ولكن أنتهي عند هذه الصفة، الأمل، الأمل بتحرير فلسطين، الأمل بالعودة إلى فلسطين، الثقة المطلقة بزوال الاحتلال وزوال إسرائيل من الوجود، هذا جزء أساسي من المعركة، بل هو قلب المعركة وحقيقتها. هنا في هذا المجال أيضا هناك صراع قوي، صراع ثقافي وروحي ونفسي بين جبهتنا، جبهة المقاومة على امتدادها في كل المنطقة وبين العدو الإسرائيلي. العدو منذ الأيام الأولى لاغتصابه لفلسطين وعلى مدى 67 عاما، يعمل وما زال يعمل، من أجل أن يفقد الفلسطينيون وشعوب المنطقة كل أمل بزوال الاحتلال وزوال إسرائيل، الذي يسميه الاسرائيلي «كي الوعي»، العمل على وعينا، على وعينا وعلى لاوعينا، على إرادتنا وعلى فكرنا وعلى عقلنا وعواطفنا وأحاسيسنا وعزمنا وإرادتنا، هذه الحرب النفسية، الحرب الثقافية النفسية الفكرية، سموها ما شئتم، لأن من يفقد الأمل، انتهى كل شيء عنده. أساسا في أي جبهة، عندما تريد أن تلحق الهزيمة مثلا بكتيبة أو بلواء أو بفرقة أو بجيش، أنت لا تحتاج أن تقتل الجميع أو تدمر دباباته كلها وآلياته، وتمسحه عن وجه الأرض. لا، يكفي أن تصيب إرادة القتال في هذا الجيش، أمله في الانتصار، ثقته بنفسه وبقدرته على الصمود وعلى تحقيق الإنجاز».
وقال: «هنا المعركة القائمة منذ 67 عاما، الاسرائيلي إلى أين يريد أن يوصل الفلسطيني ويوصلنا جميعا؟ يريد أن يوصلنا إلى مكان ليقول نتيجة كل المعطيات والتطورات والمعادلات والأحداث، إلى أنه يا جماعة ليس لديكم أمل، لا يوجد أي أمل، هذا الكيان باق، هذا كيان أبدي، لذلك تلاحظون أنهم يستعملون عبارة «عاصمة ابدية لإسرائيل» كأن إسرائيل أبدية ويفتشون لها عن عاصمة أبدية. هذه ليست كلمة بالصدفة أو زلة لسان، هذه كلمة مدروسة ومحسوبة جيدا، هذا كيان قوة، هذا كيان يمتلك رؤوسا نووية، هذا كيان يمتلك أقوى جيش في المنطقة، أقوى سلاح جو في المنطقة، ويعد من أوائل جيوش العالم، هذا كيان يحظى بدعم دولي منقطع النظير، هذا كيان تقف خلفه الولايات المتحدة الأميركية».
أضاف: «لذلك، في كل السلوك الإسرائيلي، منذ البدايات، من العصابات الإرهابية قبل ال48 إلى ال48 إلى المجازر، إلى الحروب، إلى الدمار، إلى التهجير، إلى زج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في السجون، وأنه يجب على كل فلسطيني أن يدخل إلى السجن وأن يخرج ثم يدخل ثم يخرج ثم يدخل، إلخ، هذا جزء من المنهجية الإسرائيلية، إلى- كما قلت- التهجير، إلى الحصار، إلى التجويع، إلى الجهد السياسي والإعلامي، كله سيوصل إلى نقطة يقول للفلسطيني، لا يوجد أمل، عليك أن تيأس. كأني بالإسرائيلي اليوم يقول للفسطينيين ولكل من تعنيه قضية فلسطين والصراع مع العدو الإسرائيلي: أيها الفلسطينيون، أيها اللبنانيون والسوريون وبقية شعوب المنطقة الذين لكم أرض محتلة، ويشكل هذا الكيان تهديدا لكم، لا تنتظروا شيئا، لا من مجلس أمن دولي ولا مجتمع دولي ولا من عرب. من أجلكم، من أجل نسائكم وأطفالكم الذين يتم إحراقهم في الضفة الغربية بالمواد الحارقة، من أجل مقدساتكم المهددة بالانتهاك والمصادرة، من أجل شعب بكامله في الداخل وفي الخارج يعيش أسوأ الظروف الإنسانية والحياتية والسياسية والأمنية، لا تنتظروا عاصفة حزم من العرب، لا تنتظروا إعادة أمل، لا تنتظروا تحالفا إسلاميا عسكريا، لا تنتظروا ائتلافا دوليا لمكافحة الإرهاب، فإسرائيل شريك في الحرب على الإرهاب، إسرائيل شريك يعترف بها العالم في الحرب على الإرهاب، ويعترف بها بعض الأنظمة العربية في الحرب على الإرهاب، إسرائيل عند هؤلاء خارج تصنيف الارهاب، ما يجب أن نتنظروه من الأنظمة العربية هو ما شاهدتموه خلال 67 عاما، تكريس اليأس وليس إعادة الامل، عواصف الوهن والضعف والتخلي والتراجع والخذلان، كل هذا من أجل ماذا؟ من أجل أن نيأس».
وتابع: «لكن هنا، مدرسة المقاومة ومدرسة سمير القنطار تقول: المقاومون، شعب المقاومة، لا مكان لديهم لأي يأس. عندما نأخذ من النموذج الشخصي من شخص مسجون 30 عاما ومحكوم عدة مؤبدات، وبالمنطق لا يوجد أفق لأن يخرج من السجن، ولكنه لم ييأس. الشعب الفلسطيني اليوم، شابات وشباب فلسطين اليوم، يعبرون اليوم عن هذه الحقيقة. لنقرأ قليلا في الموضوع النفسي، بعد 67 سنة، حروب ومجازر ودمار وتهجير وتشتيت وسجون وحصار وتجويع، مفترض هذه الأجيال الفلسطينية الجديدة أن تكون في عالم آخر. عندما تأتي لأي شاب أو شابة فلسطينية، ماذا يجب أن يكون طموحه؟ الهجرة إلى أستراليا، إلى كندا، إلى المانيا، أصلا باب الهجرة مفتوح. الآن إذا الشعب الفلسطيني، في الداخل أو في الخارج، أي أحد يأخذ قرارا بالهجرة ويلجأ إلى أي مكان في العالم، العالم يفتح أبوابه مع تسهيلات، إذا سألت أي شاب وشابة فلسطينية، يجب أن تكون كل المعطيات الموجودة في المنطقة، ليس اداء الـ 67 سنة، بل ما يجري الآن في المنطقة من سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى البحرين إلى ليبيا إلى مصر إلى إلى إلى... يجب أن يكون مدعاة لليأس عند هؤلاء، وبالتالي التخلي».
وسأل «لكن ما هي الأجوبة؟ مثلان جديدان، أمس على التلفزيون، لم ألحق أن أتأكد من الاسم، فلذلك لا أحب أن أقول أسماء خاطئة، لأنه أنا عادة أغلط بالأرقام، بالأسماء لا أخطئ، فتاة فلسطينية صغيرة في السن، وطبيعي جدا ان تخرج محطمة ومتوترة وواهنة وضعيفة ونادمة، لكن أمس وفي مقابلة تلفزيونية لها، كانت تلف القدم على القدم وتقول: سوف يأتي اليوم الذي يخرج فيه هؤلاء من بلادنا، يخرج فيه الصهاينة من بلادنا، هذا هو الأمل. قبل أيام أيضا شاهدت على التلفزيون مقابلة - ولا أعرف إن كان إسرائيليا أو أجنبيا من يجريها لكن التلفزيون الاسرائيلي هو من بثها ونقلتها الفضائيات - مع عائلة الزوجة وأولاد أحد الشهداء الجدد في عمليات الطعن والهرس، والأولاد أعمارهم متفاوتة، لكن كلهم صغار في السن، 12 و14 و15 و9 وهكذا، هذا وهو يجادلهم وهم يجادلونه: هذه أرضنا، هذا حقنا، أنتم من يجب أن تخرجوا من أرضنا. هذه معركة الأمل، مقابل كل هذا الخذلان العربي، مقابل كل الفضائيات ووسائل الإعلام العربية التي تكتب من عشرات السنين أنه لا يوجد لا أمل ولا أفق، يجب أن نقبل الذي يعطوننا إياه الأميركيون والصهاينة، يجب أن لا نعلي السقف، يجب أن نتسامح في بعض حقوقنا، يجب أن نجد حلا للاجئين، العودة إلى فلسطين هي أمر محال، كعودة سمير القنطار من فلسطين إلى لبنان».
وقال: «هذا التخذيل وهذا التثبيط هو أيضا هذا. العربي هو يخدم المنهجية الإسرائيلية. نحن معنيون، هذا جزء من المعركة، معركة الأمل ومعركة الثقة. هناك منطقان: منطق يقول ان إسرائيل قدر لا مفر منه، ويجب أن نتعاطى مع هذا القدر بمنطق الإستسلام، والقبول، والخضوع والتعايش معه، والقبول بشروطه وتداعياته، ومنطق آخر يقول العكس تماما، بان إسرائيل ستزول من الوجود حتما. دعونا نرى أي منهما منطقي أكثر، أنا أقول لكم: الثاني منطقي، الأول غير منطقي. الثاني منطقي - ليس لي علاقة بالنبوءات مع إنه في بعض الأحيان يستفيد بعض العلماء من آيات قرآنية، ويختلف معهم الناس بتفسير الآيات، اتركوا هذا البحث على جنب - بناء على تجارب التاريخ والشعوب، بناء على السنن والقوانين الحاكمة في التاريخ والمجتمعات، أي قوة احتلال طوال التاريخ تستطيع أن تبقى 30 سنة، وخمسين سنة، ومئة سنة، ومئتي سنة، لكن في النهاية ستزول ولو كانت جزءا من إمبراطورية عظمى».
أضاف: «مقدرات شعوبنا ومنطقتنا، المقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين، بإمكانات متواضعة، استطاعت أن تصنع الإنتصارات من عام 1985، إلى عام 2000، إلى عام 2006، إلى تحرير قطاع غزة، إلى الصمود في مواجهة الحروب الإسرائيلية، وهي إمكانات متواضعة، فكيف إذا تمت الاستفادة من جزء من الإمكانات الحقيقية في هذه الأمة؟ مثل واقعي: لا نريد جيوش العرب ولا نريد أموالهم ولا شيء، فقط الذين يقاتلون الآن- أريد أن أقول يقاتلون ويقاتلون، حتى لا أستعمل عبارة يتقاتلون لأنها تتضمن شيئا من المساواة الظالمة- الذين يقاتلون ويقاتلون الآن في سوريا، في العراق، وفي اليمن، لو قمنا فقط بجمع هؤلاء، مع الإمكانات، والسلاح، والعديد، والأموال التي يصرفونها، هؤلاء وحدهم يكفون لإزالة إسرائيل من الوجود، وحدهم. ليس لي حاجة ببقية الجيوش العربية، وبقية الأمة العربية، وبقية الأمة الاسلامي. إذا المنطق، السنن، القوانين، المعادلات الطبيعية تقول: «هذا كيان إلى أفول، إلى زوال».
وتابع: «اليوم ندائي إلى كل الفلسطينيين وغير الفلسطينيين: واحدة من المعارك المفتوحة التي نخوضها الآن وهي مسؤوليتنا جميعا، انظروا إلى ما يريده الإسرائيلي، لديه نتيجتان يريد أن يصل إليهما: إما شعب فلسطيني يقبل أن يعيش في ظل الاحتلال، طبعا لا يوجد (حل) دولتين، عند اليمين، وعند نتانياهو، وعند الليكود، وحتى عند جزء كبير ممن يسمون أنفسهم اليسار الإسرائيلي لا يوجد (حل) دولتين. إن قيام دولة قابلة للحياة، فلسطينية، كيان فلسطيني حقيقي، هذا غير وارد عند الصهاينة. المشروع الاسرائيلي للفسطينيين هو واحد من اثنين، إما أن تقبلوا إن اردتم أن تبقوا هنا، تعيشون وأقصى ما ستحصلون عليه هو حكم ذاتي، إداري، محدود، ليس هناك دولة وكيان. والبديل الثاني الذي طالما قالوه ولكن بالأمس عبر عنه وزير إسرائيلي، بالأمس بالتحديد ماذا قال؟ قال: لا يوجد شيء اسمه فلسطين، فليغادر الفلسطينيون إلى السعودية، والأردن، والكويت، والعراق، هذه دول هو أسماها، على أساس أرض الله واسعة، يعني ضاقت بعينكم يا عرب، ويا مسلمين، ويا مسيحيين هذه القطعة التي اسمها فلسطين؟ بيعونا اياها. طبعا يوجد ناس بين العرب يتكلمون بهذه الطريقة، أن أرض الله واسعة، ما شاء الله».
وقال: «النقيض الطبيعي للمشروع الصهيوني هو أصل البقاء في الأرض، بقاء الفلسطينيين في أرضهم، حتى ولو لم يقوموا بأي شي، لو لم يطعنوا بسكين، ولا قاموا بإطلاق الرصاص، ولا نظموا اعتصاما ولا مظاهرة. بقاء الفلسطينيين في أرض الـ 48، بقاؤهم في الضفة، بقاؤهم في غزة ولو تحت الحصار، بالرغم من كل ظروف الحياة القاسية، هذا هو أساس المقاومة وعنوان المقاومة، هذا الذي يمكن أن يبنى عليه من أجل بقاء القضية الفلسطينية، وإلا لو لم يعد هناك شعب فلسطيني في فلسطين لضاعت القضية، هذا الذي يمكن أن يبنى عليه في كل وقت لتنطلق مقاومة فلسطينية متجددة، أو انتفاضة فلسطينية متجددة. ولذلك صمود الفلسطينيين اليوم، بقاؤهم في أرضهم هو المقاومة الحقيقية وأساس وأصل وماهية المقاومة، فكيف وهم يضيفون إلى هذا الأساس تظاهرا، واعتصاما، وحضورا، وصوتا مرتفعا، ووعيا كبيرا، وإرادة صلبة، ومقاومة مسلحة، وهرساً، وطعنا، وإرعابا للجنود وللمستوطنين. ومسؤولية الأمة أن تساعد الفلسطينيين ليبقوا في أرضهم، أن تؤمن لهم مقومات الصمود. الذي لا يستطيع أن يقدم لهم السلاح أو أن يوصل لهم السلاح، هذا العالم العربي والإسلامي ممتلىء بالمال وبالإمكانات وبالخيرات، وفروا هذا المال الذي ترسلونه إلى هذا البلد وذاك البلد لتدمروه، أرسلوه إلى الفلسطينيين ليبقوا في أرضهم، في بيوتهم، في حقولهم. هذه اليوم هي مسؤولية كبيرة وخطيرة جدا».
أضاف: «هذا الأمل بالتأكيد اليوم أكبر من أي زمان مضى ايضا بفعل الانتصارات، انتصارات المقاومة في لبنان وفلسطين خلال السنوات القليلة الماضية. على كل حال، استشهد سمير القنطار وهو يحمل هذا الأمل في قلبه، ويدون هذا المعنى بحبره في وصيته، الرد على اغتياله قادم لا محالة، الرد على اغتياله قادم لا محالة، أنظروا، عند الحدود من الناقورة من البحر، إلى مزارع شبعا إلى جبل الشيخ لآخر موقع إسرائيلي في الجولان المحتل، أين هم جنود وضباط وأليات العدو الإسرائيلي؟ أليسوا كالفئران- أو لأكبر حجمهم أكثر- أليسوا كالجرذان المختبئة في جحورها؟ هذا الذي يهدد ويرعد ويتوعد، وأخرجوا لنا باللأمس وزير الدفاع، وزير الحرب الإسرائيلي، ليقوم بإطلاق خطاب مباشر موجه إلي أنا. أين جنودهم، أين ضباطهم، أين آلياتهم؟ إذا كنتم تستهينون بسمير القنطار فلماذا يخيفكم دمه إلى هذا الحد؟ فلماذا أنتم مرتعبون إلى هذا الحد؟ ومن واجب الإسرائيليين كما هم قلقون الأن، هم قلقون عند الحدود، قلقون في الداخل، وقلقون في الخارج، ويجب أن يقلقوا عند الحدود، وفي الداخل، وفي الخارج».
وتابع: «بالنسبة إلينا سأكون واضحا جدا في جواب كل ما قاله الإسرائيليون خلال هذه الأيام من تهويل ومن تهديد، هذا لن يمس بإرادتنا وتصميمنا على العمل، أيا تكن التبعات. أقول للصديق وللعدو، أيا تكن التبعات والتهديدات التي طبعا لا نخافها، أيا تكن التبعات والتهديدات نحن لا نستطيع ولا يمكن أن نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا وإخواننا من قبل الصهاينة في أي مكان في هذا العالم. نحن قرارنا حاسم وقاطع منذ الأيام الأولى، والمسألة أصبحت في يد المؤتمنين الحقيقيين على دماء الشهداء ومن نصون بهم الأرض والعرض والباقي يأتي. هذه معركة مفتوحة أساسا مع العدو، هي لم تغلق في يوم من الأيام ولن تغلق. استشهد سمير في هذه المعركة واستراح. أنا شخصيا بعد كل هذه السنين وهذه التجربة وما تعلمناه يتبدل عندي منذ مدة طويلة الشعور إلى شعور بالغبطة، أنا أغبط هذا الشهيد القائد، أغبط كل هؤلاء الشهداء الذين رزقهم الله سبحانه وتعالى وسام الشهادة، أغبطهم على رحيلهم من هذه الدنيا الفانية برأس مرفوع وهامة شامخة ووجه نوراني، أغبطهم على الحالة التي ينتقلون فيها إلى الله مجللين بدمائهم الزكية، هكذا يبعثون وهكذا يحشرون، شهداء نورهم يسعى بين أيديهم. عندما استشهد سمير، نعم يستطيع الآن أن يقول لقد أديت قسطي للعلى، انتقل إلى جوار الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن هؤلاء رفيقا، وبقيت دماؤه ووصيته وقضيته ومعركته، نحن سنصون هذه الدماء وسنحفظ هذه الوصية وننتصر لهذه القضية ونواصل هذه المعركة من أجل لبنان، من أجل فلسطين، من أجل سوريا، من أجل المقدسات، من أجل الأمة، وإنا لمنتصرون إن شاء الله».