كان ترشيح الرئيس سعد الحريري للوزير فرنجية مفاجأة كبرى على الساحة اللبنانية، حتى انها كانت صادمة الى حد ان الجميع اعتبروا ان الوزير سليمان فرنجية اصبح رئيسا للجمهورية وان حظوظه فاقت الـ 90 في المئة بالنسبة لاي مرشح اخر للرئاسة، وعندما علمت المصادر ان السعودية هي وراء ترشيح الحريري للوزير سليمان فرنجية وعلى اعلى مستوى اي الملك، تأكدت اكثر ان المبادرة جدية وان انتخاب الوزير سليمان فرنجية على قاب قوسين من ان يحصل، ولكن ما ان بدأت المشاورات في بيروت، حتى ظهرت العقبات والصعوبات، فالعماد ميشال عون على موقفه مرشح للرئاسة ولا ينسحب، ويعتمد على انه رئيس اكبر كتلة مسيحية ويحق له هو في الرئاسة.
اما مبدأ القول ان حزب الله عنده القرار بسحب العماد ميشال عون او تركه مرشحاً فهو تصور خاطىء، فالعماد ميشال عون له قراره وقال: من يريد ان يمشي معي يمشي، ومن لا يريد فسأمشي لوحدي وليتركوني.
لقد تصور كثيرون ان مفتاح ترشيح العماد ميشال عون هو بيد حزب الله، وان المسألة سهلة، وهي كلمة اقناع العماد ميشال عون بالانسحاب، لكن المسألة اعمق من ذلك بكثير انها تتعلق بورقة التفاهم التي وقعها العماد ميشال عون مع السيد حسن نصرالله في كنيسة مار مخايل، وتحالف جمهور مسيحي كبير مع جمهور شيعي كبير. وتحالف اكبر حزب مسيحي مع اكبر حزب شيعي، وتحالف جمهور مسيحي مع المقاومة في كل الاحوال والظروف، لذلك لم يعد من السهل القول اطلبوا من حزب الله ان يسحب العماد ميشال عون من معركة رئاسة الجمهورية، ان المسألة اعمق بكثير من ذلك، وحاول السيد جيلبير شاغوري اقناع البطريرك بشارة الراعي، لتبنّي ترشيح الوزير سليمان فرنجية لكن البطريرك الراعي بقي على موقفه من انه لا يستطيع ان يأخذ موقف الى جانب اي مرشح بل هو مع انتخاب رئيس جمهورية بأسرع وقت، وحاول ايضا السيد جيلبير شاغوري اقناع العماد ميشال عون بالانسحاب فرفض العماد ميشال عون، اما بالنسبة الى حزب الله فبقي على موقفه من انه متحالف مع العماد ميشال عون ولن يطلب منه الانسحاب من المعركة طالما ان العماد ميشال عون مستمر بها. ولذلك فان حزب الله لا يمكن ان يضغط او يحاول المساومة على ترشيح العماد ميشال عون، كي لا يدمر تحالفا مسيحيا مع المقاومة له قيمة كبرى على الساحة اللبنانية، وحتى الاقليمية والعربية، وحتى لو اضطر الامر ان تتأخر انتخابات الرئاسة، فان حزب الله يفضّل ان تكون الظروف كما تكون لكنه لن يقبل بأن يختلف مع العماد ميشال عون.
عندما سألنا مصدراً مقرّباً من الرئيس سعد الحريري ما سيحصل بالنسبة الى ترشيح الحريري للوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، اجاب ان المبادرة مستمرة، وبعد الاعياد سترون انها متحركة وان حزب الله سيكون له موقف يجعله ينزل الى مجلس النواب.
ناقشنا معه وقلنا ان حزب الله لن ينزل، فأجاب ان المبادرة ستسير وحزب الله سينزل الى مجلس النواب ويخوض المعركة العماد عون ضد الوزير سليمان فرنجية ومن يأخذ اصواتاً اكثر يكون رئيسا للجمهورية، فقلنا له ان الامر غير منطقي هكذا، لان الامور محسوبة على طريقة اخرى، وهي ان حزب الله متضامن مع العماد ميشال عون في عدم تأمين النصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وسألنا مصدراً مقرّباً من حزب الله، فقال ان الحذر الذي ابديناه في عدم الاندفاع عاطفيا مع الوزير سليمان فرنجية كان في محله، لان الوزير سليمان فرنجية اخطأ في مقابلته التلفزيونية وهاجم عون ولم يعد الامر عند حزب الله، الطلب الى العماد عون الانسحاب بل اصبح طلب سحب ترشيح عون هو كسر للعماد عون، هو امر لن يقدم عليه حزب الله، وان الحلقة التلفزيونية للوزير فرنجية لم تكن في محلها واساءت اليه اكثر مما فادته في معركة رئاسة الجمهورية.
كذلك حديث الوزير سليمان فرنجية عن السلاح الشرعي وغير الشرعي، لم يعط القيمة لسلاح المقاومة الذي حرر الجنوب والذي ردع اسرائيل في حرب 2006 في تموز، وبالتالي، فان الامور جامدة حالياً وليس من حل في الافق.
وعندما سألنا مصدراً مقرباً من العماد عون عن معركة رئاسة الجمهورية، كان الجواب ان العماد ميشال عون مستمر في الترشيح ولن يقبل ان يعيّن الزعيم السني رئيس الجمهورية القادم، اياً تكن الظروف. وان الامور حتى لو كانت مع العماد ميشال عون لما كان ترشيح الرئيس سعد الحريري لعون بل كانت سلة متكاملة وبحث في العمق من الطائف الى قانون الانتخابات الى كل الامور، والدليل على ذلك انه كان هنالك اتفاق مع الوزير جنبلاط على قانون النسبية في قانون الانتخابات النيابية، والان انسحب الوزير جنبلاط من النسبية وقال ان النسبية لا تناسب الطائفة الدرزية، فما هي الضمانة اذن، لذلك لا يمكن انتخاب رئيس جمهورية دون سلة متكاملة والعماد ميشال عون مستمر في ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
الرئيس سعد الحريري في جمود ويقال انه اذا قام بترشيح الوزير سليمان فرنجية رسميا، سيعلن الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون، وستكون الاولوية للعماد ميشال عون بينه وبين الوزير سليمان فرنجية بالنسبة الى القوات اللبنانية، اذا انحصرت المعركة بين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية.
اما الرئيس بري فهو محرج من جهة لا يريد انتخاب العماد ميشال عون ويؤيد ترشيح الوزير سليمان فرنجية لكن في التحالف الحاصل بينه وبين حزب الله لن يذهب الى معركة ضد حزب الله اذا كان حزب الله يريد دعم العماد ميشال عون في ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
ومن هنا لن يقوم الرئيس نبيه بري بأي مبادرة في شأن ترشيح الرئيس سعد الحريري للوزير سليمان فرنجية.
الامور متروكة الى ما بعد الاعياد، ومتروكة لاتصالات فرنسية - ايرانية مع زيارة الرئيس روحاني الى باريس، وطلب باريس من الرئيس روحاني ان تتخذ ايران موقفا يؤدي الى انتخاب رئيس جمهورية في لبنان، واميركا ستتحرك واوروبا والفاتيكان وروسيا لها موقف ضابط في انتخابات الرئاسة، كذلك ايران والسعودية، وبالنتيجة ستظهر الامور بعد الاعياد بحوالي الشهر او الشهرين.