مع عدم وضوح صورة الصراع في سوريا، وعدم الثقة بالمجتمع الدولي ومواقفه المتناقضة من تأييد ودعم الثورة والشعب السوري وانتفاضته ضد حكم الديكتاتور بشار الأسد...؟؟ حاول ابناء الطائفة الدرزية منذ بداية اندلاع الثورة السورية البقاء على الحياد قدر الإمكان وعدم الانخراط في الصراع وإعلان تأييد النظام او الثورة السورية، بالرغم من انخراط بعضهم هنا او هناك..؟؟ ورغم المواقف المؤيدة للثورة التي اطلقتها منتهى الأطرش، حفيدة سلطان باشا الاطرش، فقد بقي الغموض في موقف قادة الطائفة سيد الموقف...؟؟ وكان في الوقت عينه لدى قادة اسرائيل قلق حقيقي من احتمال تورط دروز السويداء أو جبل العرب، في الصراع المسلح على الساحة السورية، خاصةً وان علاقاتها بالبيئة الدرزية في منطقة الجولان المحتل، وداخل فلسطين المحتلة، تمتاز بالتعاون والتنسيق..؟؟ ولكن (في 23/6/2015، فقد قام شباب دروز باعتراض سيارة اسعاف عسكرية اسرائيلية تنقل مصابين من الجماعات المسلحة التي تقاتل في سوريا،. اما الحادثة الثانية فقد وقعت حين قامت مجموعة من الشباب الدروز برصد سيارة الاسعاف وقاموا بمهاجمتها والاعتداء على المجندين والمصابين المتواجدين فيها.. من جهته عقّب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على الحادث داعياً قيادات الطائفة الدرزية في البلاد إلى العمل فوراً على تهدئة الخواطر، مضيفا أن الحكومة لن تسمح لأي كان بالتصرف وفق أهوائه أو عرقلة مهامّ قوات الجيش الاسرائيلي .بدوره استنكر رئيس الأركان الجنرال غادي أيزنكوت الاعتداء على الجرحى السوريين والجنود الجيش الاسرائيلي الذين كانوا ينقلونهم إلى المستشفى معتبراً أنه لا يعقُل إقدام المواطنين على أعمال كهذه .أما الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي البريغادير موتي ألموز، فأكد خطورة ما جرى في هضبة الجولان .وأوضح الناطق أن الجيش الاسرائيلي لا يقدم أي دعم لجبهة النصرة الإرهابية في القتال الدائر في سوريا بل يساعد الجرحى السوريين الآتين إلى الحدود المشتركة.. وشدد الناطق على ضرورة تهدئة الخواطر .ومن جانبه اكد وزير الامن موشيه يعلون ان السلطات المختصة لن تمر مر الكرام على هذا الحادث الخطير للغاية، وانما ستعاقب المسؤولين عنه. واضاف انه لن يُسمح لفئة قليلة بالمس بالحلف المميّز القائم بين دولة اسرائيل ومواطنيها الدروز...)
في الوقت عينه فإن القيادة الإسرائيلية كانت تتعرض لضغوطات بالغة من من قيادات درزية في فلسطين المحتلة، للتدخل في سوريا نصرةً للأقلية الدرزية في سوريا.. فقد نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز مقالاً لجون ريد بعنوان:( "الدروز يناشدون إسرائيل بشأن أبناء دينهم في سوريا". ويقول ريد إنه "يمكن للأقلية الدرزية في إسرائيل أن تتابع من أعلى مرتفعات الجولان المحتلة بلدة حضر السورية، ذات الأغلبية الدرزية، التي يحاصرها الجهاديون. وعلى بعد مئات الأمتار فقط يمكن سماع أصوات طلقات مدفعية متفرقة". وتضيف الصحيفة إن "حضر هي آخر بلدة درزية ما زالت في أيدي الحكومة السورية على طول خط وقف إطلاق النار في الجولان ويحاصرها هذا الأسبوع مسلحون من جبهة النصرة، الجماعة ذات الصلة بالقاعدة". وتتابع أن "الدروز كانوا عادة ما يتمتعون بحماية الجيش السوري، ولكن مع تراجع سطوة النظام، يخشى الكثيرون أن يتعرضوا لاضطهاد ديني عنيف، كالاضطهاد الذي تعرض له المسيحيون والأيزيديون على يد تنظيم الدولة الإسلامية. وتزايدت هذه المخاوف في العاشر من حزيران عندما قتلت جبهة النصرة 20 درزيا في قرية بشمال شرقي سوريا". وأدى القلق على مصير الدروز في سوريا إلى تدفق تعاطف الدروز في إسرائيل، والذين يقدر عددهم بنحو 130 ألفا ويتركزون في الجولان والجليل، وناشد الكثير منهم الحكومة الاسرائيلية التدخل لنجدة المحاصرين. وتشير الصحيفة إلى ان "أي إبداء للتعاطف من جانب إسرائيل يضعها في مأزق، فالسياسة الإسرائيلية الرسمية إزاء الصراع في سوريا هي الحياد وأي إجراء تتخذه قد يصب في مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد أو حليفه حزب الله، الخصم اللدود لإسرائيل". وترى أن "تدخل دروز الجليل في الاحتجاجات هذا الأسبوع يزيد من الضغط على حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، لأن دروز إسرائيل، على النقيض من دروز الجولان المحتل، يخدمون في الجيش الإسرائيلي ويمكنهم ممارسة ضغوط داخل إسرائيل". وردا على الاحتجاجات المتزايدة، قال مسؤولون إسرائيليون إن "إسرائيل قد تكون مستعدة لإيواء بعض اللاجئين الدروز إذا كانت حياتهم في خطر".)..
هذا الواقع الصعب سواء بالنسبة لابناء الطائفة الدرزية في سوريا سياسياً وامنياً..او للقيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية....؟؟ دفع بالقيادة الإيرانية إلى القيام بتشجيع تشكيل فصيل درزي مسلح لدعم جيش النظام وميليشياته، فاستعانت ببعض الوجوه اللبنانية المعروفة بولائها لنظام سوريا والتي تمول من ايران...ولكنها فشلت في ممارسة التحريض وبالتالي في تنفيذ المشروع الإيراني، فكان كما تقول بعض المصادر ان استعانت بالأسير السابق سمير القنطار، والذي بالرغم من اعلانه التشيع، إلا انه قادم من بيئة درزية وله اصول وجذور درزية، والاستعانة بتاريخه ودوره من عملية نهاريا الى فترة اسره التي امتدت لعقود في السجون الإسرائيلية كان يشكل حافزاً ودافعاً يعطيه القدرة على التجنيد والتجييش والتسليح ضمن البيئة الدرزية القلقة، وشعار تحرير فلسطين ومواجهة العدو الصهيوني هو مناسب ومن الممكن العمل تحت ظله بهدوء، وتحرير الجولان من الاحتلال، كان عنواناً مقبولاً... إلا ان الهدف الأساس من كل هذا، هو تسليح شباب الطائفة الدرزية وزجها في الصراع ضد فصائل الثورة السورية..؟؟ وما كانت تعول عليه القيادة الإيرانية، هو انه مع اشتداد الصراع المسلح في حال وقوعه، وسقوط قتلى وجرحى من شباب الطائفة الدرزية، وخسارة مواقع وقرى، قد يزيد من شدة الضغط على القيادة السياسية الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي من قبل ابناء الطائفة الدرزية سواء في فلسطين المحتلة او في الجولان المحتل للتدخل، وفي حال رفضت القيادة الإسرائيلية التدخل فهذا يجعلها امام ازمة داخلية، وهذا ما اشار اليه وزير الامن موشيه الذي قال انه لن يُسمح لفئة قليلة بالمس بالحلف المميّز القائم بين دولة اسرائيل ومواطنيها الدروز...؟؟؟ وفي حال تدخلت اسرائيل لصالح الدروز فهذا يجعل الطائفة برمتها في موقع العداء للأمة العربية والشعب السوري وثورته، وهذا غير صحيح..حتماً.. ولكنه بالتأكيد سوف يجعل من اسرائيل طرفاً في الصراع السوري، مما يزيد من تعقيد الأزمة سياسياً وعسكرياً... ويعطي ايران وحلفائها فرصة للقول بان اسرائيل جزء من الصراع وتحاول اسقاط نظام بشار الأسد، ولكن على حساب دم الطائفة الدرزية وسمعتها ودورها الوطني والعروبي التاريخي..ولا زالت الذاكرة العربية تحمل كل التقدير لدور سلطان باشا الأطرش في قيادته للثورة العربية ضد الإستعمار الفرنسي.. ومواقف حفيدته منتهى الأطرش ضد ديكتاتور سوريا... ؟؟؟
هذا السيناريو المفترض دفع بالزعيم الدرزي وليد جنبلاط للتوجه إلى الأردن، والعمل على معالجة هذا الامر والضغط على فصائل الثورة السورية للتنبه من هذا المنزلق الخطير كما أنه اشار مراراً وتكراراً إلى ضرورة وقوف ابناء الطائفة الدرزية الى جانب الثورة السورية بوضوح ودون تردد... فقد حذر جنبلاط في كلمةٍ له من دار الطائفة الدرزية قائلاً ان: ( "أي هيجان من قبل اي احد في لبنان او سوريا يعرض دروز سوريا للخطر"، معتبرا أن "المعالجة السياسية تستوجب الاتصال بالقوى الاقليمة اللازمة". وحول جنوب سوريا اي درعا والسويداء، لفت جنبلاط الى أن "العد العكسي بدأ والنظام يتراجع لانه انهك نفسه وجيشه". ورأى أن "الحل السياسي لا يكون في سوريا الا على اساس توافق دولي واقليمي لاخراج بشار الاسد نهائيا من الحكم وبحكومة انتقالية بصيغة تحفظ المؤسسات وفي مقدمها الجيش السوري"، مجددا التاكيد "لا حل سياسي بوجود بشار الذي يأخذ سوريا الى التقسيم". وأردف "النظام السوري والنظام الصهيوني يتلاقيان بمشروع التفتيت". كما أشار رئيس "الاشتراكي" ان "مستقبل العرب يكون بالمصالحة والتآلف مع اهل حوران"، قائلا "لا مفر من المصالحة مع حوران".) وبحسب تقارير فقد عقد جنبلاط اجتماعا حزبيا طارئا شدد فيه على وجوب "محاصرة التحريض في الساحة الدرزية".
وكان ان استوعبت فصائل الثورة هذه المشكلة، كما امتنع ابناء الطائفة الدرزية وشبابها عن الالتحاق بصفوف الجيش السوري المؤيد للنظام بناءً على قانون التجنيد الإجباري.. ثم شهدت مدينة السويداء في جنوب سوريا موجة عنيفة من الاحتجاجات المعارضة لنظام بشار الأسد بعد مقتل الشيخ وحيد البلعوس رجل الدين الدرزي المعارض، (الذي تم اغتياله بواسطة سيارة مفخخة اتهم بتدبيرها رئيس فرع الأمن العسكري وفيق ناصر. وأفاد مراسل «السورية نت» في السويداء، أن محتجين حطموا أكبر تمثال لحافظ الأسد بعد ساعات من اغتيال الشيخ البلعوس المعروف بمناهضته لنظام دمشق. أوضح المراسل عماد شقير أن التمثال يقع في ساحة السير مقابل مبنى المحافظة، مضيفاً أن المدينة تشهد حركة احتجاجات واسعة ضد النظام، وأكد أن النظام قطع الاتصالات عن أجزاء واسعة من السويداء.)....
لذلك فإن اغتيال رجل الدين الدرزي المعارض وحيد البلعوس، كان تهيئة لدخول شخصية درزية ولكن ملتحقة بمشروع ولاية الفقيه الإيراني من بوابة حزب الله وقيادته وهو سمير القنطار، لتشكيل فصيل درزي سوري مسلح بذريعة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للجولان وتحريره...؟؟ ولكن الهدف الحقيقي هو زج الطائفة الدرزية وشبابها في الصراع الداخلي وإلى جانب النظام الديكتاتوري الحاكم بقوة الحديد والنار وبالدعم الروسي – الإيراني.. من هنا يفترض البعض ان عملية الاغتيال التي نفذتها اسرائيل بحق سمير القنطار ومن معه من القيادات التي لم يتم ذكرها او نشر اسمائها ودورها باستثناء فرحان الشعلان الذي تم التعريف عنه بانه القائد الميداني للمقاومة السورية التي يشرف على تحضيرها واعدادها حزب الله، كان بهدف اجهاض المشروع الإيراني الهادف الى توريط اسرائيل والطائفة الدرزية في الصراع السوري وتوسيع دائرته لحماية نظام بشار الأسد وإطالة استمراره ولو على حساب الدم السوري وابناء الطائفة الدرزية وسمعتها تحديداً...
وهنا نرفق تحليلاً لكاتب اسرائيلي متخصص في الشؤون الشرق اوسطية زيادةً في الاطلاع....
وهنا لا بد من الإشارة إلى ما قاله المحلل الإسرائيلي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، يهودا بلنغه، حين قدّم بلنغه في مقاله لصحيفة "إسرائيل اليوم" قراءة دقيقة للمشهد على الحدود السورية الإسرائيلية، والمخاطر المحدقة التي يمكن أن تواجهها إسرائيل مستقبلا، مع استمرار سيطرة أي من قوى المعارضة، أو نظام الأسد وحلفائه. وأكد أنه منذ اندلاع الاضطرابات في سوريا قبل أربع سنوات تحولت الحدود مع إسرائيل إلى منطقة أكثر تفجرا، مع إمكانية جر عدة جهات إلى داخل مرجل عنيف.وأضاف أن دخول الدولة الإسلامية إلى المعركة ونشاطات جبهة النصرة في البداية برعاية داعش غيرت تماما حاجة النظام السوري وحلفائه لإعطاء رد على التهديد الإسلامي المتزايد. وقال إنه في هذه النقطة دخل الإيرانيون وحزب الله إلى الصورة.وتابع بلنغه قائلا، إنه في السنة الأولى من المواجهة الداخلية السورية امتنعت إيران وحزب الله عن التدخل، ولكن منذ تموز 2012 عندما تلقى النظام إحدى الهزائم القاسية له ضد المتمردين في العملية القاتلة في قيادة الأمن القومي في دمشق، بدأ النظام في طهران وحزب الله في إظهار تدخل أكثر. وشدد على أن بقاء بشار الأسد بالنسبة لهم هو مصلحة عليا، لأن سوريا هي مدماك استراتيجي مهم في "معسكر المقاومة"، وتعطي لإيران موطئ قدم وتأثير في الشرق الأوسط، لهذا فإنه سرعان ما عبر الحدود اللبنانية باتجاه سوريا آلاف المقاتلين بمن فيهم رجال الحرس الثوري من أجل الدفاع عن نظام الأسد. وبالمجمل، فإن حزب الله بدأ في إشغال الفراغ العسكري الذي تركه النظام السوري، بحسب بلنغه. وشرح الكاتب كيف استغل النظام السوري سقوط مدينة القنيطرة في أيدي تحالف قوات المعارضة وعلى رأسهم جبهة النصرة والجيش الحر، وذلك من خلال التركيز على عمليتين مهمتين من جانب النظام السوري وحلفائه.. الأولى عبر تركيز جهود مشتركة سورية إيرانية بمشاركة حزب الله لاحتلال المدينة من جديد، وحتى الآن نجاحها جزئي؛ والثانية عبر استغلال التهديد الذي وضعته جبهة النصرة كالذراع الطويلة للقاعدة على أبناء الأقليات الذين يعيشون في المنطقة بشكل خاص وفي جنوب سوريا بشكل عام، من أجل تجنيدهم لصالح النظام. وأشار بلنغه إلى أن أبناء الأقليات سواء كانوا مسيحيين أم دروزا، فقد وجدوا أنفسهم يتدربون على أيدي رجال حزب الله وإيران، ويحاربون إلى جانب جنود الجيش السوري ضد المعارضة، حيث إن مصلحة البقاء والخوف من تهديد الإسلام السني المتطرف هي أمور مشتركة للجميع. وقال الكاتب إن التأثير الأساسي لهذه الخطوات على إسرائيل يتمثل في أنه وللمرة الأولى في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله يوجد حضور للمنظمة الإرهابية الشيعية في الجبهة السورية، إضافة إلى جبهة العمل المعتادة في جنوب لبنان. وعبر بلنغه عن مخاوفه إذا ما نجح حزب الله حقا في التمركز في المنطقة.. وحتى تحقيق هدفه واحتلال معبر القنيطرة من المعارضة، فإن مستوى التهديد على إسرائيل سيزداد بثلاث طرق: حزب الله سيوسع قدراته في جمع المعلومات عن الجيش الإسرائيلي والمستوطنات الإسرائيلية في المنطقة الاستراتيجية لهضبة الجولان. وسيحاول كذلك توسيع تهديده الصاروخي إلى هذه الجبهة، وبهذا يُحسن قدرته على المس بمواطني إسرائيل. كما أنه سيحاول تجنيد مقاتلين من بين الأقليات التي تعيش في إسرائيل، كالدروز وعرب إسرائيل، كذراع أخرى لتنفيذ عمليات ضد أهداف داخل إسرائيل. وذكر الكاتب دليلا على ما ذهب إليه بالقول، إن البينة الحقيقية لطريقة العمل هذه هي أن اثنين من الأربعة مخربين الذين قتلوا على يد سلاح الجو يوم الأحد هم أبناء عائلة كبيرة تعيش في بلدة درزية هي مجدل شمس، المعروفة بولائها لسوريا وبدعمها لنظام الأسد).... بقلم: حسان قطب