رئاسة الجمهورية محور خطابات الميلاد
النهار :
لم يسجل تطور سياسي يوم عيد الميلاد يضيف عنصراً إلى المشهد العام الذي بات شبه مقفل مع بروز سلسلة مواقف على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية أعادت هذه القضية إلى الثلاجة وحتمت عودة البحث عن حلول ترقيعية موقتة لتسيير ادارات الدولة وشؤون المواطنين بالحد الأدنى. ولولا دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى تلقف المبادرة الرئاسية في اشارة الى ترشيح النائب سليمان فرنجية لكان يمكن اعتبار هذه المبادرة من اوراق الماضي بحسب اقتناعات أفرقاء بينهم جزء ممن بادروا الى اعلان دعمها قبل أن تتبين عوائق جوهرية جمة تعترضها من الداخل والخارج. ولعل رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط كان أوضح من عبر عن ذلك بتصريحه أن السعودية وافقت على دعم ترشيح فرنجية لكن إيران لم توافق. وغني عن الإشارة الى أن التوضيحات المتكررة التي صدرت في الأسابيع والأيام عن الأوساط والدوائر المحيطة ب"حزب الله" والقريبة منه كانت كافية لتكوين فكرة شاملة عما يتطلع اليه الحزب من تسوية سياسية شاملة لا تستطيع تحمل بعض شروطها الجهات التي أيدت ترشيح فرنجية، وذلك على أمل اخراج لبنان واللبنانيين من المراوحة في المستنقع السياسي والإداري، والفراغ الرئاسي القاتلين.
وزاد الصورة الرئاسية جمودا غياب استثنائي للرؤساء كما للنواب والوزراء الحاليين والسابقين عن بكركي يوم عيد الميلاد خلافا لما درجت عليه العادة، باستثناء الرئيس السابق ميشال سليمان والنائب مروان حمادة ممثلا "اللقاء الديموقراطي" والنائب نعمة الله أبي نصر الذي حضر بصفته الشخصية، رغم أن أحاديث كانت قد دارت في المجالس السياسية عن مسعى لعقد لقاء سياسي موسع بعد العيد في الصرح يشارك فيه النواب والوزراء ويخرج بقرارات حاسمة في موضوع الرئاسة، أو أقله عقد اجتماع للأقطاب الموارنة الأربعة الذين عيّنتهم بكركي. وسرعان ما تبين ان هذا الاجتماع دونه عقبات، ليس أقلها عدم تجاوب الرئيس أمين الجميّل والدكتور سمير جعجع مع الفكرة خشية ألا تكون منتجة كما ذكرت أوساط متابعة، في حين لم يمانع النائب العماد ميشال عون والنائب فرنجية.
لكن أوساطأ متابعة ركزت على إعلان البطريرك الراعي تأييده لترشيح فرنجية وقالت ل"النهار" إن هذا الموقف سيكون المحرك شبه الوحيد للمنتديات والمجالس السياسية في المرحلة الآتية للخروج من الفراغ الرئاسي، ولم تستبعد أن يكون البطريرك أكثر وضوحاً في عظاته وكلماته بين اليوم وما بعد رأس السنة الجديدة في تظهير خياره وأسبابه بالعودة الى مقررات اجتماعات سابقة للزعماء الأربعة في الصرح من أجل حملهم على السير في "المبادرة الرئاسي.
علما أن ثمة اجتماعات تعقد وجهودا تبذل في الكواليس من أجل تجميع أكبر عدد من الموافقات على "المبادرة" في صفوف النواب غير الحزبيين من أجل إعادة إحياء ظروف إحيائها وإمكانية تمريرها.
الديار :
دخلت معركة رئاسة الجمهورية مرحلة جديدة لم تعد تتعلق بالاسماء ما اذا كان العماد ميشال عون او الوزير سليمان فرنجية، او أي مرشح وفاقي مثل الوزير جان عبيد او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. بل اصبحت القصة في الجوهر وفي العمق، وماذا عن لبنان المستقبل، وكيف سيكون، واولى البشائر او الاشارات التي ستحدد كيف يكون لبنان، هو الدستور، والعماد ميشال عون لن ينسحب الا في حالة واحدة وهي تعديل دستور الطائف واعادته كما كان عندما كان في قصر بعبدا سنة 1989 - ، اما تعديل دستور الطائف واعادة الصلاحيات الى رئيس الجمهورية، واما لا انتخابات رئاسة جمهورية.
وطرح آخر ايضا من الرابية، اما انتخابات نيابية على قاعدة النسبية، او لا انتخابات رئاسية. فلم تعد الرابية الاسم، سواء كان العماد ميشال عون او كان الوزير سليمان فرنجية او كان الوزير جان عبيد او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فالموضوع يتعلق بتحديد اطار حكم يكون هنالك فيه توازن للسلطات في لبنان، بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وسلطة رئيس الجمهورية. وتكون رئاسة الجمهورية اسما على مسمّى، وليس اسماً مفرغاً من الصلاحيات لا يفعل شيئاً رئيس الجمهورية.
على كل حال، هذا ليس مطلب العماد ميشال عون بل مطلب قسم كبير من اللبنانيين الذين رأوا ان الطائف اوصلهم الى الكارثة منذ ان تم اقراره في 89 وحتى 2015، اي منذ 26 عاما ولبنان يتراجع الى الوراء، ولم تعد قصة حصرية وملكية طائفة معينة، مع الاحترام لكل الطوائف موارنة وسنّة وشيعة وروم ودروز، وارمن وغيرهم بل المسألة تتعلق باحترام مقام رئاسة الجمهورية واعطائه الصلاحيات اللازمة، مع قانون انتخابي يعتمد النسبية كي يكون التمثيل النيابي فيه تداول سلطات وتداول وجوه وعلى اساس النسبية تتغير الوجوه ويتجدد دم مجلس النواب كل 4 سنوات بشكل نصفي او جزئي على الاقل يتغير بنسبة 40 في المئة من الوجوه فيه، عندما يتم الاعتماد على قانون انتخابات النسبية.
واذا بقيت الحالة كما هي، فواضح ان لا انتخابات رئاسية مطلقة، سواء تدخلت فرنسا ام تدخلت واشنطن ام تدخلت ايران او السعودية، فالمبادرة السعودية بترشيح الوزير سليمان فرنجية عبر ترشيح الرئيس سعد الحريري له، تجمدت وتوقفت عند حاجز العماد ميشال عون، وحاجز ضغط ايران على حزب الله توقف، وتفاهم حزب الله مع ايران على ان حزب الله يتخذ القرار وقرار حزب الله هو العماد ميشال عون وليس غيره لرئاسة الجمهورية. لكن حزب الله قد يوافق على تعديل الطائف مقابل انسحاب العماد ميشال عون، مع اعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية الى الرئيس، كذلك فان البعض يرى ان حزب الله قد توافقه النسبية ولو خسر مقعدا او مقعدين، لكن مع تحالفات نيابية على لوائح جديدة يمكن ان تكون كتلة حزب الله مثل الان او اكبر، ولذلك فالمطلب ايضاً الاساسي لانتخاب رئيس جمهورية هو الاتفاق على قانون انتخابات نيابية.
الموضوع الاساسي هو ان يكون هنالك اتفاق شامل على الدستور وعلى قانون الانتخابات وعلى غيرها من الامور قبل انتخاب رئيس جمهورية، والا فلن تحصل انتخابات الرئاسة، وكما بقي الدكتور سمير جعجع اشهراً واشهراً يترشح وينال 49 صوتا او 48 صوتا، سيبقى الوزير سليمان فرنجية مرشحا في كل جلسة ولا نصاب ويتم تأجيل الجلسة الى موعد اخر.
وهكذا بعد 3 اشهر يصبح ترشيح الوزير سليمان فرنجية ما لم تحصل مفاجأة او ما لم تحصل ديناميكية قوية يصبح مرشحا كلاسيكيا عاديا وينتهي موضوع ترشيحه ويبدأ التفتيش عن مرشح وفاقي يجمع 8 و14 اذار بعدما جمعهم الوزير سليمان فرنجية جزئيا ما بين الرئيس سعد الحريري والوزير وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري.
اذا انتقلنا الى مرحلة جديدة هي مرحلة البحث في العمق وبحث في اتفاق شامل وليس اختيار اسم لرئاسة الجمهورية، وهذه الامور يجب ان تُبحث على طاولة الحوار والطائفة السنية ترفض كليا تعديل الطائف، لذلك فهذه العقبة لن يتم تجاوزها وقانون الانتخاب لوحده ان يكون نسبيا لا يكفي لانتخاب رئيس جمهورية. وبالتالي، فالحوار لن يصل الى نتيجة في شأن انتخاب رئيس جمهورية، ولن يتوصل الى مجموعة اتفاقات تؤدّي الى انتخاب رئيس جمهورية، بل الحوار سيكون تشاوراً الى ان تحصل مبادرات كبرى اهمها ماذا سيحصل في سوريا وهل تبدأ المفاوضات السورية في شهر كانون الثاني بين الموالاة والمعارضة، وماذا سيحصل بين ايران والسعودية، وهل تبدأ السعودية وايران مفاوضات مباشرة بينهما للتفاهم على الوضع، بعدما سيطرت السعودية على 70 في المئة من اليمن، في معركتها لكنها لم تستطع حسم موضوع اليمن وذهبت الى الحل السياسي، والجيش العراقي اليوم يخوض معركة عنيفة ضد داعش في الرمادي وهو يسجل انتصارات على داعش في منطقة الرمادي.
الحياة :
احتفلت الطوائف المسيحية في لبنان بعيد الميلاد أمس فعمت الصلوات والقداديس الأديرة والكنائس، وشددت الكلمات على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، وعلى الوحدة والتكاتف بين اللبنانيين.
ورأى البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال ترؤسه قداس الميلاد في كنيسة السيدة في المقر البطريركي في بكركي، في حضور الرئيس ميشال سليمان، النائبين مروان حمادة ونعمة الله أبي نصر، وحشد من الشخصيات المختلفة والفاعليات أن «واجب الكتل السياسية والنيابية مقاربة المبادرة الجديدة والفعلية الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية بموجب الدستور والممارسة الديموقراطية. فتلتقي هذه الكتل حول المبادرة الجدية المدعومة دولياً، لتدارسها والوصول إلى قرار وطني في شأنها، وإهداء البلاد رئيسها. فلا يمكن بعد اليوم قبول هذا الإهمال الذي لا يشرف أحداً. بل هو آخذ في هدم الدولة ومؤسساتها وقدراتها، وفي إفقار الشعب والتسبب بتهجيره، وفي وضع لبنان على هامش الحياة في الأسرة الدولية».
وأشار إلى أنه «في عيد الميلاد تتجه أفكارنا إلى جميع المخطوفين وبخاصة العسكريين المأسورين لدى تنظيم داعش، وإلى مطراني حلب بولس يازجي وحنا إبراهيم وسواهم من كهنة ومدنيين وسائر الأسرى، كلهم يقضون العيد بغصة كبيرة ومرارة في القلب هم وأهلهم وعائلاتهم. ونصلي لإطلاق سراحهم وتحريرهم». وقال: «لا ننسى النازحين والمهجرين والتائهين على الدروب وحدود الدول، سائلين الله أن يظللهم برحمته ويفتح أمامهم أفق الطمأنينة والسلام، ويضع على دروبهم رسل خير ومحبة».
وتناول الراعي، إهمال الواجب في المجتمع من قبل المسؤولين الإداريين والمواطنين، وإهمال الواجب الوطني والسياسي، داعياً إلى «احترام القانون والخير العام والحفاظ على البيت المشترك، إضافة إلى واجب السلطة السياسية وهو تأمين كل الظروف والأوضاع التشريعية والإجرائية والاقتصادية والإدارية والأمنية لكي يتأمن الخير العام لجميع المواطنين».
تهنئة باسم بري
وبعد القداس استقبل الراعي المهنئين بالأعياد فالتقى وفداً من حركة «أمل» برئاسة الشيخ حسن المصري قدم التهاني باسم الرئيس نبيه بري. وقال عن موقف «أمل» من كلام الراعي الداعم لمبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية: «الرئيس بري دعا منذ اليوم الأول وكان في حينها ميشال سليمان لا يزال رئيساً، وقال لدينا فرصة أن العالم ملته عنا فتعالوا ننتخب رئيساً للجمهورية صنع في لبنان ويكون قوياً لأن الرئيس الضعيف لا يبني وطناً ولا يحمي حدوداً». وعما إذا كان فرنجية صنع في لبنان، أجاب: «طبعاً صنع في لبنان. والرئيس بري قال سابقاً نحن مع الرئيس الذي يختاره البطريرك الراعي، وبعدها جمع غبطته الأقطاب الأربعة وتم الاتفاق على أن من يختار منهم يمثل كل لبنان».وقال: «نحن ضد الوسطية في الرئاسة، نحن مع رئيس قوي يبني الوطن لأن الرئيس الوسطي غير قادر على ذلك ونكون مددنا الأزمة».
إلى ذلك ترأس رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر قداس الميلاد في كنيسة مار جرجس في وسط بيروت، وألقى عظة سأل فيها: «هل يمكن أن يستثنى لبنان من السعي إلى التفاهم بين مواطنيه، وإلى حل المشاكل العالقة فيه؟ فهل تبقى لنا كرامة ونحن الدولة الوحيدة في العالم التي ليس لها رئيس وذلك منذ ما يقارب السنتين إلى الآن؟ إن في هذا الأمر ضرباً لكل مصالحنا الحيوية». وقال: «ففي ضوء هذا الواقع المرير وبوحي من هذا العيد المجيد، ندعو جميع المسؤولين عندنا إلى يقظة ضمير وإلى التلاقي حول مصلحة بلادهم دون سواها، وهي فوق المصالح الشخصية كلها، فيتفاهموا على حل العقد التي تحول دون انتخاب رئيس وينقذوا سمعة البلاد ويعيدوا لها كرامتها ويبعدوا شبح الضائقة الاقتصادية عن شعبها ويثبتوا شبابها في أرضهم فلا يضطروا إلى الهجرة منها يأساً من حالهم ومن الوضع السياسي المزري الذي يكاد يغمرهم بالخيبة والمرارة». ورأى أن «من غير المسموح به أن نطيل هذا الزمن الضائع والخطير في آن، ولعل شهراً واحداً من الآن يكفي، ولا يجوز أن نقبل بأكثر من أجل وضع الأمور في نصابها الصحيح وانتخاب رئيس جديد للبلاد يعيد إليها الأمل بالمستقبل والقدرة على مواجهة الصعاب. فإن كنا مرتهنين إلى الخارج، وإلى حد المساس بقدس أقداس سيادتنا، فإننا نعلن بذلك إننا، عن قصد أو عن غير قصد، غير أهل لحمل مسؤولية وطن. وإن كانت هناك ارتهانات داخلية، فالأولى أن نقلع عنها وعن مثل هذا التخلف وإلا سبقنا الزمن أشواطاً بعيدة».
بوجوده
وقال راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بوجوده، في عظة الميلاد: «نصلي كي نصل إلى السلام الحقيقي الذي نتمناه لأنفسنا ولبلدنا العزيز لبنان، في هذه الظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها. ليت المسؤولين السياسيين عندنا، إلى أي فئة أو جماعة انتموا، يتذكرون أنهم مدعوون إلى خدمة الشعب وتأمين مصالحه الحيوية، وليس لاستعباده وتفقيره وإيصاله إلى شفير الهاوية، بفعل أنانيتهم وحبهم المفرط للذات وسعيهم الدؤوب لتأمين مصالحهم الشخصية وليس مصالح الشعب، وليتهم لا يستسلمون لإرادة الشيطان المجرب ويصنعون إرادته، لأنهم في النهاية سوف يكتشفون عريهم ومحدوديتهم وعقم تصرفاتهم التي توصل البلاد إلى الهلاك».