دخلت معركة رئاسة الجمهورية مرحلة جديدة لم تعد تتعلق بالاسماء ما اذا كان العماد ميشال عون او الوزير سليمان فرنجية، او أي مرشح وفاقي مثل الوزير جان عبيد او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. بل اصبحت القصة في الجوهر وفي العمق، وماذا عن لبنان المستقبل، وكيف سيكون، واولى البشائر او الاشارات التي ستحدد كيف يكون لبنان، هو الدستور، والعماد ميشال عون لن ينسحب الا في حالة واحدة وهي تعديل دستور الطائف واعادته كما كان عندما كان في قصر بعبدا سنة 1989 - ، اما تعديل دستور الطائف واعادة الصلاحيات الى رئيس الجمهورية، واما لا انتخابات رئاسة جمهورية.
وطرح آخر ايضا من الرابية، اما انتخابات نيابية على قاعدة النسبية، او لا انتخابات رئاسية. فلم تعد الرابية الاسم، سواء كان العماد ميشال عون او كان الوزير سليمان فرنجية او كان الوزير جان عبيد او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فالموضوع يتعلق بتحديد اطار حكم يكون هنالك فيه توازن للسلطات في لبنان، بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وسلطة رئيس الجمهورية. وتكون رئاسة الجمهورية اسما على مسمّى، وليس اسماً مفرغاً من الصلاحيات لا يفعل شيئاً رئيس الجمهورية.
على كل حال، هذا ليس مطلب العماد ميشال عون بل مطلب قسم كبير من اللبنانيين الذين رأوا ان الطائف اوصلهم الى الكارثة منذ ان تم اقراره في 89 وحتى 2015، اي منذ 26 عاما ولبنان يتراجع الى الوراء، ولم تعد قصة حصرية وملكية طائفة معينة، مع الاحترام لكل الطوائف موارنة وسنّة وشيعة وروم ودروز، وارمن وغيرهم بل المسألة تتعلق باحترام مقام رئاسة الجمهورية واعطائه الصلاحيات اللازمة، مع قانون انتخابي يعتمد النسبية كي يكون التمثيل النيابي فيه تداول سلطات وتداول وجوه وعلى اساس النسبية تتغير الوجوه ويتجدد دم مجلس النواب كل 4 سنوات بشكل نصفي او جزئي على الاقل يتغير بنسبة 40 في المئة من الوجوه فيه، عندما يتم الاعتماد على قانون انتخابات النسبية.
واذا بقيت الحالة كما هي، فواضح ان لا انتخابات رئاسية مطلقة، سواء تدخلت فرنسا ام تدخلت واشنطن ام تدخلت ايران او السعودية، فالمبادرة السعودية بترشيح الوزير سليمان فرنجية عبر ترشيح الرئيس سعد الحريري له، تجمدت وتوقفت عند حاجز العماد ميشال عون، وحاجز ضغط ايران على حزب الله توقف، وتفاهم حزب الله مع ايران على ان حزب الله يتخذ القرار وقرار حزب الله هو العماد ميشال عون وليس غيره لرئاسة الجمهورية. لكن حزب الله قد يوافق على تعديل الطائف مقابل انسحاب العماد ميشال عون، مع اعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية الى الرئيس، كذلك فان البعض يرى ان حزب الله قد توافقه النسبية ولو خسر مقعدا او مقعدين، لكن مع تحالفات نيابية على لوائح جديدة يمكن ان تكون كتلة حزب الله مثل الان او اكبر، ولذلك فالمطلب ايضاً الاساسي لانتخاب رئيس جمهورية هو الاتفاق على قانون انتخابات نيابية.
الموضوع الاساسي هو ان يكون هنالك اتفاق شامل على الدستور وعلى قانون الانتخابات وعلى غيرها من الامور قبل انتخاب رئيس جمهورية، والا فلن تحصل انتخابات الرئاسة، وكما بقي الدكتور سمير جعجع اشهراً واشهراً يترشح وينال 49 صوتا او 48 صوتا، سيبقى الوزير سليمان فرنجية مرشحا في كل جلسة ولا نصاب ويتم تأجيل الجلسة الى موعد اخر.
وهكذا بعد 3 اشهر يصبح ترشيح الوزير سليمان فرنجية ما لم تحصل مفاجأة او ما لم تحصل ديناميكية قوية يصبح مرشحا كلاسيكيا عاديا وينتهي موضوع ترشيحه ويبدأ التفتيش عن مرشح وفاقي يجمع 8 و14 اذار بعدما جمعهم الوزير سليمان فرنجية جزئيا ما بين الرئيس سعد الحريري والوزير وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري.
اذا انتقلنا الى مرحلة جديدة هي مرحلة البحث في العمق وبحث في اتفاق شامل وليس اختيار اسم لرئاسة الجمهورية، وهذه الامور يجب ان تُبحث على طاولة الحوار والطائفة السنية ترفض كليا تعديل الطائف، لذلك فهذه العقبة لن يتم تجاوزها وقانون الانتخاب لوحده ان يكون نسبيا لا يكفي لانتخاب رئيس جمهورية. وبالتالي، فالحوار لن يصل الى نتيجة في شأن انتخاب رئيس جمهورية، ولن يتوصل الى مجموعة اتفاقات تؤدّي الى انتخاب رئيس جمهورية، بل الحوار سيكون تشاوراً الى ان تحصل مبادرات كبرى اهمها ماذا سيحصل في سوريا وهل تبدأ المفاوضات السورية في شهر كانون الثاني بين الموالاة والمعارضة، وماذا سيحصل بين ايران والسعودية، وهل تبدأ السعودية وايران مفاوضات مباشرة بينهما للتفاهم على الوضع، بعدما سيطرت السعودية على 70 في المئة من اليمن، في معركتها لكنها لم تستطع حسم موضوع اليمن وذهبت الى الحل السياسي، والجيش العراقي اليوم يخوض معركة عنيفة ضد داعش في الرمادي وهو يسجل انتصارات على داعش في منطقة الرمادي.
كذلك في سوريا هنالك تسجيل انتصارات للجيش العربي السوري وحزب الله واخذ مواقع جديدة تقوم بتغيير موازين القوى وهنالك حل سياسي سيتم بحثه في جنيف، او في دولة اوروبية او واشنطن من اجل ايجاد حل سياسي للازمة السورية، كل ذلك سينعكس على لبنان، وبالتحديد على انتخابات رئاسة الجمهورية، فاذا اتفقت ايران والسعودية بشكل نهائي، فحزب الله سيطرح اسماً ثالثاُ، لا العماد ميشال عون ولا الوزير سليمان فرنجية بل يطرح اسما ثالثا خارج لعبة 8 اذار و14 اذار كي لا يتسبب باحراج للعماد ميشال عون بطلب الانسحاب منه، لصالح الوزير سليمان فرنجية، والرئيس سعد الحريري يتراجع عن ترشيح الوزير سليمان فرنجية بعدما تقول له السعودية ان مبادرتها لم تنجح، ويتم البحث عن اسم خارج 8 اذار و14 اذار ويكون مرشحاً وفاقياً وله خبرة سياسية وادارية في الدولة اللبنانية.