لعلّ المرأة العربية اليوم من أكثر الفئات الاجتماعية تخلفاً، ليس بحكم تأخرها عن التعليم، ولا تأخرها عن احتلال مواقعها ضمن السلم الوظيفي والإداري، وإنما لقصور ما في النظرة التي يفرضها المجتمع عليها..
عانت المرأة اشكالاً كثيرة من التمييز من قتل واعتداءات واغتصابات، الى جانب النظرة المجتمعية التي تعتبرها جزء من ممتلكات الرجل يتصرف بها كما يشاء، إلى جانب النظرة الدونية تجاهها والتي انعكست في الادوار بين كلا الجنسين، وغيرها من الأشكال..
وبالطبع، عندما نقول المجتمع، لا نعني الرجل وحده بل والمرأة نفسها خاصة تلك النساء اللواتي ارتضين فكرة القمع الرجولي لهن، وفكرة العمل ضمن دائرة البيت-الاولاد والعلاقة الزوجية.
والفكرتان، مع أنهما تبدوان خارجيتان عن مدركات الواقع العربي اليوم، إلا أنهما في صلب أي نظرة تقدمية تريد من المرأة ان تحتل موقعها، ليس في بيتها فحسب، كمثل للرجل في المسؤولية، وإنما أيضاً في المجتمع، بوصفها طاقة كبرى يمكن ان تسد نواقص كثيرة لا يستطيع سدّها الرجل...
لا نجد، نحن النساء، ملجأً لتفسير تخلف الرجل نفسه، إلا في أن هذا الرجل، حتى التقدمي، لا يريد ان يتطور، ولا يريد أن يغيّر النظرة الدفينة التي توارثها عن اسلافه، ولا يريد أن يقرن ما يؤمن به بسلوكه إزاء المراة، ولا يريد أن ينقل أفكاره نقلة يتحرر بها هو من أوهانها...
فإنّ بعض التخلّف كامن في الرجل نفسه... فكيف نلوم المراة التي وإن تقدّمت، وتطورت نظرتها للحياة، ماتزال ترتبط مع الرجل بعلاقة تبعية، وليست بعلاقة تكافؤية، متوازنة..