انعقد في بيروت خلال اليومين الماضيين مؤتمر "الإعلام الديني في تعزيز قيم التسامح والاعتدال" بدعوة من دار الفتوى في لبنان بالتعاون مع مؤسسة "بيرغهوف" الألمانية وبمشاركة مفتين كل من لبنان ومصر والأردن ودعت توصياته دور الإفتاء العربية الى التعاون لوضع استراتيجية للاعلام الديني لمواجهة التطرف والإرهاب.
وفي ختام المؤتمر صدر "إعلان بيروت للاعلام الديني المستنير" والذي اكد على أهمية "الالتزام بالخطاب الديني الإصلاحي والوسطي ونشر قيم السماحة والاعتدال وتعزيز السلم في المجتمعات ودعم تقاليد العيش المشترك وتصحيح العلاقة مع العالم".
الاعلان الموقع من مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتي مصر الشيخ شوقي علام ومفتي الأردن الشيخ عبد الكريم خصاونة بعد اجتماعهم في دار الفتوى اللبنانية جدد الالتزام بتطوير إعلام ديني مستنير يعمل على نشر قيم ومفردات الدعوة الدينية المسؤولة. وأكد الاعلان على "قبول الآخر الديني والمذهبي والوطني والعالمي والتزام السلم والتكافؤ والثقة في حالات الاختلاف".
وأسف الاعلان ل"تفاقم ظواهر التطرف في المجتمعات العربية والإسلامية واستخدامها لوسائل التواصل في التحريض على القتل والتنكيل والتكفير بما يسيء إلى الأديان والأخلاق وإلى قواعد وأعراف العيش المشترك والحريات." كما لفت الاعلان إلى "ظواهر الفلتان والإثارة في المقابلات والآراء وبثها في وسائل الإعلام والتواصل بأشكال غير مسؤولة دينيا ووطنيا وأخلاقيا." ودعا وسائل الإعلام العربية الخاصة والرسمية إلى "التعامل مع القضايا الدينية بالمعرفة والمسؤولية والابتعاد عن الإثارة والتمييز والتشويه والتعاون مع الجهات الدينية من أجل بناء علاقات ثقة واحترام متبادل." كما دعا الاعلان الجهات الدينية الإسلامية والمسيحية إلى التعاون في إقامة "مرقب" للعيش المشترك يكون مقره في بيروت لمتابعة الحالة الدينية في العالم العربي. وأكد الاعلان على" التعاون بين دور الإفتاء في مصر والأردن ولبنان في مجالات تبادل المعلومات والخبرات والزيارات المتعلقة بالدعوة والإعلام والتعاون في تدريب الأئمة والمدرسين على وسائل ووسائط مكافحة التطرف في الدين وأي تطرف آخر يهدد أمن المجتمعات العربية ووحدتها واستقرارها."
ويمكن القول ان هذا المؤتمر والاعلان الصادر عنه يشكل خطوة ايجابية على صعيد تصحيح الخطاب الديني في العالم العربي والاسلامي في مواجهة التطرف والعنف اللذين ينتشران اليوم في العالم تحت غطاء ديني.
وبانتظار تحويل هذا الاعلان والتوصيات الصادرة عن المؤتمر الى خطوات عملية ، لا بد من الاشارة الى بعض الملاحظات والاشكالات حول المؤتمر الذي انعقد في دار الفتوى اللبنانية ، فقد اقتصر المؤتمر على بعض المؤسسات الدينية الرسمية في حين غابت العديد من المؤسسات الدينية والاعلامية ومؤسسات المجتمع المدني عن هذا المؤتمر ولم تكن بعض الكلمات التي القيت بمستوى التحديات التي يواجهها الخطاب الديني اليوم في العالم العربي والاسلامي، واكتفى بعض المتحدثين في توصيف الظواهر السلبية دون تقديم الدراسات والافكار العميقة لاسبابها وكيفية معالجتها.
كما ان التحضير للمؤتمر وطريقة انعقاده وحصول بعض جلساته خلف الابواب الموصدة دون فتح الباب امام المؤسسات الاعلامية للاطلاع على ما يجري والمشاركة في اعماله وغياب الشخصيات الاعلامية والبحثية المتخصصة عن جلساته شكل ثغرة كبيرة في عمل المؤتمر ، وعلى امل ان يتم تجاوز ذلك في المؤتمرات الاخرى كي تحقق النتائج العملية المرجوة.