لم يتمكّن الرئيس سعد الحريري بَعد من توسيع معسكر مؤيدي مبادرته الرئاسية. داخل بيته، المعترضون لا يزالون على موقفهم، وكذلك في صفوف حلفائه. أبرز المعترضين سمير جعجع الذي أبلغ الحريري رسمياً جديته في ترشيح العماد ميشال عون إلى الرئاسة فيما لو مضى المستقبل في خيار النائب سليمان فرنجية
عملياً، دخلت القوى السياسية عطلة الأعياد، بعدما «اوجدت حلاً» على شكل «تهريبة»، لازمة النفايات، عبر اتخاذ قرار في مجلس الوزراء بترحيلها إلى الخارج، من دون معرفة وجهة الترحيل ولا «السلالة» السياسية ـــ المحلية للشركات التي ستُرحِّل، ولا الكلفة الحقيقية لخيار التصدير. وفيما استمرت تداعيات عملية اغتيال القائد المقاوم سمير القنطار من قِبل العدو الإسرائيلي، تشغل الساحة السياسية والامنية، دخلت الولايات المتحدة على الخط، كالعادة، مبلغة المسؤولين الرسميين اللبنانيين «تخوفها» من رد منتظر لحزب الله على جريمة اغتيال القنطار.
على صعيد آخر، يبدو أن الشأن الرئاسي هو الاكثر تأثراً بعطلة الاعياد، بعدما دخلت مبادرة الرئيس سعد الحريري الرامية إلى إيصال النائب سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا مرحلة جديدة من الجمود. فالحريري لم يُحرز أي تقدّم على مسار إقناع حلفائه بالتسوية التي يقترحها.
حتى أن بيته الداخلي لم «ينضبط» بعد. فعمّته النائبة بهية الحريري أعلنت أمس أن الشغور الرئاسي مؤذٍ، وكتلته النيابية أثنت على مبادرته، وعلى «روح التواصل التي يبديها الرئيس سعد الحريري مع مختلف الأطراف السياسية لفتح باب الخروج من أزمة الشغور الرئاسي الخطيرة بتداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية»، محذّرة من «الأوضاع غير المستقرة على أكثر من صعيد سياسي وأمني وإقتصادي في المنطقة وخارجها بما يؤدي إلى انكشاف لبنان وأمنه وسلمه الأهلي واقتصاده ومستوى ونوعية عيش أبنائه».
واشنطن تعرب عن
«تخوفها» من رد منتظر لحزب
الله على اغتيال القنطار
لكن في المقابل، لا يزال الفريق «المستقبلي» المعارض للتسوية على موقفه. وأكثر من يعبّر عن هذا الموقف وزير العدل أشرف ريفي، الذي تحدّث امس عن «أصحاب الاحلام الذين يسعون لانتزاع التنازلات لصالح المحاور»، واصفاً أياهم بالواهمين. وكلامه لا يحمل اللبس، وخاصة أنه أتى في سياق حديثه عن الشغور الرئاسي، معتبراً أن «الفراغ المؤقت أرحم من انتخاب رئيس تصادمي لحين التوافق على رئيس يحظى بتأييد كل اللبنانيين».
وعلى صعيد حلفاء المستقبل، بقي موقف حزب الكتائب على ما هو عليه في رفض التسوية الحريرية، مغلفاً هذا الرفض بشعار «الموافقة على مشروع الرئيس لا اسمه». اما القوات اللبنانية، فلا يزال رئيسها سمير جعجع رأس حربة المعارضين لمبادرة الحريري. وعلمت «الاخبار» ان جعجع أبلغ الحريري رسمياً بأنه جدّي في خيار ترشيح الجنرال ميشال عون للرئاسة، في حال مضى الحريري في خيار ترشيح فرنجية حتى النهاية. وقال جعجع للحريريين، بحسب مصادر مستقبلية واخرى «وسطية»، إنه يملك اكثر من خيار لمواجهة احتمال تحوّل فرنجية إلى مرشّح رسمي لتيار المستقبل، ومن بينها المضي بترشيح عون، «بصورة جدية، لا كمناورة».
ونقل أحد زوار جعجع عنه قوله، على سبيل الطرفة، إن «مبادرة الرئيس الحريري دفعتني للرهان على السيد حسن نصرالله، فهو القادر على إفشال التسوية من خلال الاستمرار بدعم الجنرال عون».
من جهة أخرى، أثنت كتلة المستقبل النيابية على إقرار الحكومة خطة ترحيل النفايات، مدّعية «أنها ليست إلا خطوة مؤقتة ومرحلية أملتها الظروف والتجاذبات السياسية والاحتقانات التي منعت على اللبنانيين التفكير الصحيح والسليم في حل العديد من مشكلاتهم ومنها مشكلة النفايات. هذه الخطوة التي يجب أن تتوخى العدالة والانصاف بين جميع المناطق والبلديات دون أي تمييز في المعاملة، تنتظر أن يتمخض عنها إدراك سريع وعميق لدى اللبنانيين بأهمية العودة إلى إعتماد الحلول الصحيحة والدائمة لمشكلة النفايات وذلك في ضوء إقرار وإعتماد خطة مدروسة وشاملة تكون تشاركية من قبل الجميع ويتحمل أعباءها ويقطف ثمارها الجميع بما يحقق حلا حقيقيا وبتكاليف مالية معقولة ومنطقية تراعى فيها الاعتبارات الصحية والاقتصادية».
باسيل: من قاوموا ودافعوا
عن ارض لبنان وحرروها ليسوا إرهابيين
وكانت لافتة أمس مبادرة الكتلة إلى التعزية باستشهاد القائد المقاوِم سمير القنطار، واستنكار الاعتداء الإسرائيلي على سوريا.
باسيل: لا نقبل إلا التمييز بين المقاوم والتكفيري
وعلى صعيد متصل، أكد وزير الخارجية جبران باسيل «ان هناك موضوعين لا يجب ان نحيد عنهما وهما، الارهاب والنزوح، وهما ليسا من عندنا إنما أتيا إلينا. نحن ليس عندنا منظمات ارهابية، انما منشؤها من الخارج وتزرع عندنا، نحن ليس عندنا ارهابيون، وعندما يتهم احد ما بأنه ارهابي، واجبنا كلبنانيين ووزارة الخارجية ان نتصدى لهذا الامر وندافع عنه قبل ان يدافع عنه غيرنا. نحن لدينا احزاب لبنانية ممثلة في الحكومة ومجلس النواب وتمثل الشعب اللبناني، وهي قاومت ودافعت عن ارض لبنان وحررتها، ما جعلنا نتحدث بتعادل وتوازن مع جار عدو ينتهز اي فرصة للاعتداء علينا وقتلنا. بالامس قتل أطيب شبابنا وغدا لن يوفرنا، ولا يريد لنا الخير، ولم نستطع ان نتوازن معه لولا هؤلاء اللبنانيون الذين استشهدوا، وهؤلاء ليسوا بإرهابيين ولا نقبل الا ان يتم التمييز بين الذي دافع وقاوم واستشهد عن وطنه، وبين التكفيري الذي يكفّر الناس ويقتلهم لأنهم يختلفون عنه».
وبشأن النازحين، لفتت مصادر دبلوماسية في نيويورك إلى ان الولايات المتحدة هي التي قادت المساعي التي أكّدت على «طواعية» عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بعد استتباب الأمن فيه، في القرار الأخير الذي أصدره مجلس الامن الدولي الأسبوع الماضي. وبعدما حاول لبنان حذف كلمة «طوعاً» من النص المتعلق بعودة النازحين، أصرّ الوفد الأميركي على إدراجها، وهو ما رأت فيه المصادر مشروعاً أميركياً، وضمناً اسرائيلياً، لإفراغ سوريا من جزء من اهلها، حتى في المرحلة اللاحقة لانتهاء الحرب فيها.