إقرار قانون جديد لفرض القيود على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة من قبل الكنغرس، الذي صادقه الرئيس باراك أوباما يوم السبت الماضي أثار استياء الإيرانيين من جميع الأطياف.
هذا القانون يفرض قيوداً على جميع الذين سافروا إلى كل من " إيران والسودان والعراق وسوريا" خلال 5 سنوات الماضية حتى أتباع البلدان المتعاقدة مع أميركا بإلغاء التأشيراتVisa Waiver Program، كما يُلزم أتباع تلك البلدان بطلب التأشيرة إذا كانوا من الأصل أتباع البلدان الأربعة المذكورة.
إقرار هذا القانون دفع الإيرانيين بجميع أطيافهم إلى القناعة بأن أميركا تريد ضرب السياحة الإيرانية التي تشهد نموّاً بعد إقرار الإتفاق النووي، حيث إن هذا القانون يمنع فعلاً الأوربيين من السفر إلى إيران. وقال الوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن الرسائل التي تبعثها الولايات المتحدة، متناقضة وفي الأغلب هي رسائل سلبية، وإنه تحدث مع الوزير كيري قبيل إقرار هذا القانون، وقال له إن هذا القانون يتناقض المخطط الشامل للعمل المشترك، مضيفاً بأن القانون الجديد يمثل رسالة سيئة للغاية مفادها أن أميركا متعودة على انتهاج السياسات العدائية تجاه إيران بأي شكل ممكن.
استخدم المحافظون الإيرانيون إقرار القانون الجديد كمادة إعلامية دسمة للتذكير بأنهم حذّروا الحكومة دوماً من الثقة بالأميركيين وأن الأميركيين لا ينوون خيراً لإيران حتى بعد قبولها والتزامها جميع القيود الدولية في برنامجها النووي.
وكتب عبد الله رمضان زاده الناطق باسم حكومة الرئيس محمد خاتمي الإصلاحية على حسابه في الفايسبوك بأنه يشعر الآن بأن الحق كان مع القلقين ( أي المحافظين) الذين يعتبرون أميركا الشيطان الأكبر. ما زاد الشكوك في نوايا الأميركيين من إقرار هذا القانون هو فرض القيود على إيران والإيرانيين بحجة مكافحة الإرهاب، بينما لم يتورط أي إيراني في أية عملية ارهابية انتحارية منذ 11 أيلول حتى مجزرة جمعة باريس مروراً، وبينما يشكّل أتباع المملكة السعودية وجممهورية باكستان الإسلامية أحد أهم مكونات الجماعات الإرهابية، يخلو القانون الجديد من ذكر اسمهما.
فهل يُعقل فرض العقوبات على الإيرانيين في قضايا الإرهاب ليس لديهم أي صلة بها وإعفاء السعوديين وهم أكثر المتورطين في العمليات الارهابية، وحتى النظام السعودي بات متخوفاً من ارتفاع عدد الإرهابيين من مواطنيه منذ 11 أيلول حتى الآن.
ويقول بهمن كلباسي مراسل لقناة بي بي سي بأنه طرح هذا السوال مع نواب في الكنغرس ولكن جميعهم تملصوا من الإجابة عليه. ولكن من جهة أخرى جاءت إشارة إيجابية ومطمئنة من قبل وزير خارجية أميركا الذي طمأن محمد جواد ظريف بأن الحكومة الأميركية ستطبق القانون الجديد بشكل لا يضرّ بالمصالح الإيرانية وذلك خلال رسالة مباشرة موجهة إلى نظيره الإيراني.
وأكد جان كيري في تلك الرسالة : إنني أثق بأن التغييرات في قانون التأشيرات لن تشكل عائقا دون تنفيذ تعهداتنا وفق المخطط الجامع المشترك ولن تؤثر على مصالخ إيران الاقتصادية وأن الحكومة الأميركية تملك ألياتا لهذا الضمان، من بينها إصدار التأشيرات التجارية لعشر سنين مع دخول مكرر، والتسريع في إصدار التأشيرات التجارية، كما تملك الحكومة صلاحية تجميد العمل بهذا القانون.
هذه الرسالة كانت كفيلة بتهدئة الإيرانيين كما يظهر من خلال تصريحات عباس عراقجي مدير ملف تنفيذ الاتفاق النووي في وزارة الخارجية الإيرانية.
صرج عراقجي بأن رسالة الوزير كيري تمثل ضماناً متيناً لعدم نقض المخطط الجامع المشترك من قبل أميركا وفي رأينا هذا الضمان كاف.
كما أكد عراقجي بأن الدول الأوربية التي يمثلها ثلاث مندوبين لدى اللجنة المختصة بتنفيذ المخطط الجامع المشترك تعارض قانون فرض القيود على التأشيرات الأميركي إذ إنه ناقض لحقوق مواطنيها.
تتهم إيران اللوبي الصهيوني بي الولايات المتحدة بالسعي من أحل عرقلة تنفيذ الاتفاق النووي واستمرار التوتر في العلاقات الإيرانية الأميركية، والحقيقة هي أن اللوبي الصهيوني ليس وحيداً في تلك المحاولات بل يسانده المحافظون المتشددون في إيران يرون بأن تطبيع العلاقات بين إيران وأميركا سيكون نهاية لسلطتهم الأيديولوجية.