وأوضحت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ الاعتراض العوني الذي أبداه الوزير الياس بوصعب تمحور حول سعر الترحيل الإجمالي الذي اعتمد في قرار ترحيل النفايات ويبلغ 191 دولاراً للطن (210 مع إضافة كلفة الكنس)، مبرراً ذلك بالإشارة إلى أنّ معطياته تفيد بأنّ كلفة ترحيل الطن ستبلغ 238 دولاراً، أما الاعتراض الكتائبي الذي عبّر عنه الوزيران سجعان قزي وآلان حكيم فجاء على خلفية موقف حزبهما الرافض لاستدراج عروض من قبل رئيس الحكومة ووزير واحد من دون باقي أعضاء مجلس الوزراء. وأشارت المصادر إلى أنّه عندما حاول قزي الإيحاء بأنّ الخطة تفتقر إلى الشفافية ربطاً بالتكتم الذي رافق الإعداد لها، رفض رئيس الحكومة هذا الاتهام وسأله: شو قصدك أنا مش شفاف؟، موضحاً أنّ سياسة التكتم مردها إلى الحرص على إنجاح الحل المرحلي لإنهاء الأزمة.
وإذ أكدت أنّ الشركتين الهولندية والبريطانية المتعاقد معهما لترحيل النفايات لا يوجد فيهما شركاء لبنانيون، لاحظت المصادر الحكومية أنّ معظم مجلس الوزراء تحوّل بالأمس إلى ما يشبه مجلس خبراء ماليين وبيئيين أثناء مناقشة الملف، ونقلت أنه حين انتهى النقاش تمهيداً لإقرار الخطة حاول بوصعب تعطيل اتخاذ القرار بداعي اعتراض مكوّنين (التيار الوطني والكتائب)، غير أنّ المفارقة تجلت في مسارعة وزير «حزب الله» محمد فنيش إلى التأكيد على ضرورة تجاوز هذه الآلية راهناً وإقرار الخطة نظراً لكون الوضع طارئ واستثنائي.
وعن آلية دفع الأموال للشركتين، أوضحت المصادر أنه تم الاتفاق على تحويلها بعد يومين من تاريخ إبحار بواخر الترحيل من مرفأ بيروت. وأشارت إلى أنه حين سأل أحد الوزراء عن ضمانة عدم إقدام أي من الشركتين على رمي النفايات في عرض البحر بدل ترحيلها إلى بلد آخر، كان الجواب بأنّ الاتفاق يقضي بأنه بعد التأكد من وصول شحنة النفايات إلى مرفأ البلد المعني سيتم التأكيد على ذلك من خلال سفارة لبنان في هذا البلد.
ورداً على سؤال، لفتت المصادر إلى أنّ الشركتين التزمتا التكتم حيال الوجهة التي تنوي ترحيل النفايات إليها خارج لبنان حتى تاريخ توقيع العقد بصيغته النهائية معهما حرصاً على عدم دخول شركات منافسة على الخط وإقدامها على التوجه إلى البلد عينه المنوي ترحيل النفايات إليه بهدف تقويض الاتفاقات المبرمة مع المسؤولين فيه والسعي إلى عقد استثمارات بديلة معهم.
الحوار
وكانت طاولة الحوار الوطني قد استأنفت جلساتها أمس في عين التينة بحضور أركانها الذين عاد منهم رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل وغاب عنها عمداً رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون للجلسة الثانية على التوالي منذ شيوع نبأ تسوية ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
واستهلت الجولة الثانية عشرة من الحوار بالوقوف دقيقة صمت حداداً غداة اغتيال عميد الأسرى المحررين سمير القنطار في ريف دمشق، ثم انطلق النقاش في بند تفعيل العمل الحكومي وضرورة معالجة أزمة النفايات، ونقلت مصادر المتحاورين لـ«المستقبل» أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري شدد في كلمته الاستهلالية بعد استذكار مآثر القنطار النضالية، على وجوب انكباب الجهود نحو تفعيل عمل مجلس الوزراء باعتبار أنّ مسألة قانون الانتخاب الجديد تتم مناقشتها في اللجنة النيابية المعنية حيث يتم البحث حالياً بشكل أساس في المشروع المقدّم من كتلة «التحرير والتنمية» والمشروع المختلط المقدم من كتل «المستقبل» و«القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي». وحين استفسر النائب طلال ارسلان عن كيفية الاتفاق على مشروع قانون داخل لجنة لا يتمثل فيها، أوضح بري أنّ اللجنة تصدر توصيات بينما موضوع الإقرار يعود إلى الهيئة العامة في المجلس.
وفي سياق النقاش الذي دار بشأن التفعيل الحكومي، أعرب بري عن أمله في أن يطال هذا التفعيل أكثر من مجرد حل أزمة النفايات، الأمر الذي سارع الجميل إلى التعقيب عليه بالتساؤل عن الأسباب التي تحول دون تفعيل عمل مجلس الوزراء مطالباً «أصحاب الشأن» بإيضاح مسوّغات تعطيل المجلس. عندها ردّ الوزير جبران باسيل الذي شارك في حوار الأمس بالوكالة عن عون مكرراً اللازمة نفسها في ما يتعلق بضرورة تقيّد آلية العمل الحكومي بشرط الموافقة العونية المسبقة على جدول الأعمال والبنود المدرجة عليه قبل انعقاد الجلسات، كما أعاد إثارة مسألة التعيينات العسكرية والأمنية التي اعتبر أنّ مجلس الوزراء ارتكب مخالفة فيها بعد عدم تعيينه قائداً جديداً للجيش ومجلساً عسكرياً في وقت اتخذ قرار تعيين مدير عام المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، مجدداً المطالبة برفض أي قرار في حال اعتراض مكوّنين في الحكومة.
وعلى الأثر بادر كل من رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب إلى إبداء الاعتراض على المس بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء من منطلق التشديد على كون تحديد جدول الأعمال هو من صلاحياته حصراً، كما تحفّظا على قدرة مكوَنين على تعطيل أي قرار مما يقود إلى تعديل الدستور.
وخلال الجلسة طلب بري وقتاً مستقطعاً عمد خلاله إلى عقد سلسلة خلوات مع كل من الرئيسين سلام والسنيورة ثم مع باسيل قبل أن يعود الجميع إلى الطاولة لاستئناف الحوار، بحيث اكتفى رئيس المجلس بالقول: «إن شاء الله وضع الحكومة يكون أحسن».
الجولة التي لم يتخللها أي حديث أو نقاش في التسوية الرئاسية وسط التزام فرنجية سياسة الصيام عن الكلام، أثار في ختامها السنيورة مسألة الإرهاب والنزوح مشدداً على ضرورة التزام تحييد لبنان عن الحرب السورية التي لولا التدخل فيها لما ارتد الإرهاب إلى الداخل اللبناني. حينها حاول رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الرد، فتلقف بري الموضوع متدخلاً على طريقته بالقول للسنيورة: «يا فؤاد عندك هالمغّيطة كل مرة بتحطيللي ياها». ثم رفع الجلسة إلى 11 كانون الثاني المقبل.
نصرالله: في الوقت والزمان المناسبين
أما في مستجدات قضية اغتيال عميد الأسرى سمير القنطار في ريف دمشق، فأطل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله مساءً في خطاب متلفز ليعيد تكرار «الموقف نفسه بالحرف» الذي كان قد أطلقه في ذكرى قتلى الحزب في القنيطرة السورية مطلع العام الجاري، مجدداً في هذا السياق معادلة تهديد الإسرائيليين رداً على عملية اغتيال القنطار بالانتقام «كيفما كان وأينما كان».
وحمّل نصرالله إسرائيل المسؤولية «يقيناً» بالوقوف وراء الاغتيال، مؤكداً أنّ القنطار كان قيادياً في «حزب الله» وبالتالي فإن الحزب «سيمارس حق الرد في الزمان والمكان المناسبين وبالطريقة التي يراها مناسبة» على اغتياله.